القرار يكشف حقيقة المتآمرين علينا ويؤكد محاولات تحريض الشعب على الفوضى والخراب
تنسيقية شباب الأحزاب تعكس قدرة الجيل الجديد على مواجهة الهجمات الخارجية
يجب أن نستعد من الآن لموجة هجوم جديدة.. والحذر مطلوب من الجمعيات الحقوقية التى تتعمد تشويه صورتنا
"تمخض الجبل فولد فأراً ".. هذا المثل ينطبق تماماً على هذا القرار الصادم الذى صدق عليه البرلمان الأوروبى عدة أيام يدين فيه ملف حقوق الإنسان فى مصر، فهذا القرار الذى تم الترويج له عبر المنصات المعادية لمصر ليس له أى معنى سوى أنه مجرد حلقة جديدة من مسلسل تجاوزات الاتحاد الأوروبى ، والمؤسف فى هذا الأمر أن سلوك البرلمان الأوروبى معنا ليس جديدا بالمرة، فالذين صوتوا على القرار ليسوا بعيدين عن مناطق التأثير التى يسعى أصحابها إلى الإضرار الواضح والصريح بمصر، ثم إن هذه ليست المرة الأولى التى يصدر مثل هذا القرار المغرض ضدنا.
لقد ضرب البرلمان الأوروبى عرض الحائط بكل الحقائق التى نراها هنا على الأرض، أنكرها وتجاهلها تماما، واختار أن يجعل من نفسه مطية، عندما اعتمد على تقارير قدمها له أفراد نعرف اتجاهاتهم وتوجهاتهم جيدا، واستند إلى ما كتبته جمعيات حقوقية لها أهدافها التى نعرفها جميعا ولا يمكن أن تخفى علينا، وهؤلاء جميعا بالنسبة لنا لا يفارقون خانة العملاء الذين باعوا أنفسهم وقبضوا الثمن، وهو ثمن بخس لا يمكن أن تقارن قيمته أبدا بالجريمة التى يرتكبونها فى حق وطنهم الذى هو براء منهم.
ما يجعلنى أعتبر ما فعله البرلمان الأوروبى جريمة محكمة ومكتملة الأركان ضد مصر، أن هناك عناصر بعينها استغلت ما قيل، وبدأت التحريض ضد مصر، ورأينا ما فعله المقاول الفاشل والهارب وفى أعقابه جرائم عديدة ترتبط بالتهرب الضريبى وغسيل الأموال، فقد أعلن أنه يتوجه للمصريين حتى يدفعهم للنزول متضامنين مع البرلمان الأوروبى والكونجرس الأمريكى لأنهم كما يقولون يدافعون عن حريتنا، ولابد أن يدافع المصريون عن حريتهم أيضاً.
المؤامرة واضحة إذن، ولا تحتاج منا إلى مجهود لنقف على أطرافها أو المشتركين فيها، وهى حيلة لا يمكن أن تنطلى على أحد أو ينخدع بها أحد، فقد دأب خصوم الدولة على الصيد فى الماء العكر والتربص فى أوقات بعينها، فقد تم تسخين الأجواء من حول مصر بقرار البرلمان الأوروبى، وبعد ذلك دخلت المنصات المعادية تروج، ثم بدأت أسماء بعينها النزول إلى ساحة التهليل والتهويل.
الخطة معادة ومكررة ونراها أمامنا بكل تفاصيلها، ولذلك لا يمكننا أن نستسلم لها أو نتفاعل مع ما يقولونه من ادعاءات باطلة، وعلى الجميع من مواطنينا ألا يستسلموا لأى دعوات، لأن التجربة أثبتت أنها دعوات مغرضة يسعى أصحابها إلى زرع الفتن ونشر الفوضى فى كل ربوع مصر، ولابد أن يثبت المصريون أنهم على درجة كبيرة من الوعى، ذلك الوعى الذى سيهزم وبقوة كل دعوات الخراب.
لقد كشف المصريون على اختلاف توجهاتهم زيف ما فعله البرلمان الأوروبى، فقد وقع أعضاء هذا البرلمان فى شر أعمالهم، لأنهم عمدوا إلى الاشتباك مع القضية المصرية دون أن تكون لديهم الأدوات المناسبة لهذا الاشتباك ولا المعلومات الكافية التى تجعلهم على قدر المواجهة الصعبة التى وجدوا أنفسهم فيها، فقد ركنوا إلى المعلومات الناقصة والمغلوطة والمبتورة والمشوهة التى حصلوا عليها من مصادر مغرضة، ونصبوا من أنفسهم أوصياء على مصر يطالبونها بتنفيذ ما يعتقدون أنه صحيح، رغم أنه أبعد ما يكون عن الصواب تماما.
لقد انساق أعضاء البرلمان الأوروبى خلف الدعايات المغرضة التى قدمها لهم أفراد وجمعيات موتورة تعمل لتنفيذ أجندة الجماعة الإرهابية، ودون تمحيص أو تدقيق أو مراجعة انطلق هؤلاء الأعضاء يتحدثون عن مصر وينالون منها، معتقدين أنهم بذلك يدافعون عن حقوق الإنسان، وواثقين من أن الشعب المصرى يمكن أن ينخدع بما يرددونه عن أنهم يعملون من أجل هذا الشعب، وكأنه شعب مغيب لا يعرف على وجه الدقة ما الذى يراد به، أو أنه مجرد شعب تابع لا يعرف ما الذى حققه هو على الأرض، وهو كثير ومشرف.
لقد انتفضت مصر بالمعنى الحقيقى للانتفاضة الوطنية الحقة، وعزف هذا الشعب سيمفونية رائعة فى الدفاع عن نفسه وعن مكتسباته التى يعرف جيدا أنه بذل من أجل تحقيقها الكثير من المال والجهد والدماء التى قدمها شهداؤه راضين مرضيين، لا لشيء إلا من أجل الحفاظ على هذا الوطن وعلى مقدراته، ومن أجل أن يظل قراره مستقلا، لا يفرض أحد عليه رأيا أو قرارا لا يكون فى صالحه أبداً.
كانت الضربة الأولى فى الرد على أكاذيب وإفك وباطل البرلمان الأوروبى من مجلس النواب المصرى ثم جاء بعده مباشرة مجلس الشيوخ، فى حالة من التضامن، فإذا كان البرلمان الأوروبى الذى يمثل دول الاتحاد الأوروبى يتحدث بهذا التجاوز وهذه الوقاحة عن مصر، فإن البرلمان المصرى بغرفتيه الذى يمثل الشعب المصرى، فهو برلمان منتخب فى انتخابات شفافة ونزيهة، هو الذى يتولى الرد فى إشارة واضحة إلى أن الشعب المصرى هو الذى يرد عبر نوابه المختارين.
وكم كان رائعا تضامن البرلمان العربى الذى أصدر بدوره بيانا واضحا، رفض فيه قرار البرلمان الأوروبى، وأظهر عواره الكامل عندما بين أن البرلمان الأوروبى دأب على توجيه مثل هذه القرارات ضد العديد من الدول العربية، وهو يفعل ذلك دون أى استحقاق، كما أنه يتعامل بتعالٍ شديد مع الدول العربية دون أن ينتبه إلى أن هناك انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان فى الدول الأوروبية التى يمثلها، لكنه لا يلتفت إليها فى إشارة واضحة إلى أننا أمام برلمان لا يكيل بمكيالين فقط، ولكنه برلمان يعانى من فساد فى القياس، وعليه فإن ما يقوله ويذهب إليه مرفوض تماما وليس مقبولا على الإطلاق.
كان لافتا أيضا ما فعلته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عندما انتفضت وأصدرت بيانا قويا وواضحا رفضت من خلاله قرار البرلمان الأوروبى وبينت عوراته العديدة وكشفت زيفه وضلاله واعتماده على تقارير مغرضة أعدتها جهات تعمل بدأب على الإضرار بمصالح مصر لصالح جماعة إرهابية لا تكف عن الكذب على مصر وتشويه كل ما يحدث فيها.
لقد توقفت طويلا أمام البيان الذى صدر عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وذلك لسببين مهمين لا يمكن أن يتجاهلهما أحد.
السبب الأول أن البيان الذى صدر عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين يؤكد أن لدينا فى مصر جيلا جديدا من الشباب قادر على أن يرد ويتصدى بقوة وعلم وحرفية على أى هجمات تستهدف مصر، هذا الجيل تعلم جيدا ويمتلك أدواته ويستطيع أن يرد فى الوقت المناسب وبالمنطق المناسب وبالمنهج المناسب أيضا.
السبب الثانى أن هذا الشباب الذى يجيد استخدام أدوات العصر استطاع أن يسبقنا جميعا، عندما قرر أن يترجم البيان الذى أصدروه إلى خمس لغات، وبدأوا بالفعل التواصل مع مؤسسات الدولة المختلفة حتى يصل صوتهم إلى العالم، فقد انتهى العصر الذى نتحدث فيه مع أنفسنا دون أن يسمعنا أحد، نستطيع الآن أن نواجه العالم فى عقر داره وبلغته التى يفهمها، وساعتها لا يمكن أن يتجاهلنا.
يمكننا الآن أن نتحدث أيضا عن دور مؤسسات الدولة المختلفة فى توصيل الأصوات التى تصدت لقرار البرلمان الأوروبى، وهنا يمكن أن نشير إلى هيئة الاستعلامات التى لابد أن يكون لها دور فى المواجهة، وأعتقد أن الهيئة يجب أن تعقد مؤتمرا صحفيا عالميا تجمع فيه كل مراسلى الصحف الأجنبية فى مصر، وتقوم خلاله بالرد على الأباطيل التى وردت فى توصيات البرلمان الأوروبى، وفى هذا مواجهة من نوع خاص، نستطيع من خلالها أن نقول للعالم إننا لا نخشى شيئا وأنه ليس لدينا شيء يمكن أن نخفيه أو نخاف منه. إن العالم يحيطنا بوجهة نظره هو فى مسألة حقوق الإنسان، ويحاول أن يفرض علينا ما يريده هو متجاهلا أن مصر الآن تملك وجهة نظر خاصة بها استطاعت من خلالها أن توسع من مساحات مفهوم حقوق الإنسان، وهو مفهوم سيجعل العالم ينظر بنظرة مختلفة لما لدينا ولما تم تقديمه للناس، فحقوق الإنسان ليست محصورة فقط فى حرية الرأى والتعبير، ولكن لابد أن نلتفت إلى ما تحقق لشعب كامل فى كل مناحى الحياة، فقد استطعنا أن نغير وجه الحياة فى سنوات قليلة.
ويمكننا هنا أن نضرب مثلا واحدا، لقد ظلت الجمعيات الحقوقية ولعشرات السنين تتحدث عن المناطق العشوائية التى يعيش فيها مواطنون تحت خط الفقر، وكانوا يعقدون الندوات والمؤتمرات التى تتكلف الملايين من أجل إنهاء المشكلة، والغريب أنه رغم كل هذه الملايين فإن هذه المشكلة لم تكن تنته أبدا، بقرار انتهت المشكلة وتحول سكان العشوائيات إلى سكان مناطق آدمية وراقية ومحترمة وآدمية، وأعتقد أن الذين كانوا يتربحون من بقاء هذه المناطق على ما هى عليه لن يسعدهم أبدا أن تتطور، لأن تطورها معناه أن سبوبتهم ستنتهى وهو ما حدث بالفعل.
لقد تجاهل العالم تماما الظروف التى مرت بها مصر خلال السنين الماضية، وهى الظروف التى كان يمكنها أن تقضى علينا تماما، ظروف اقتصادية صعبة ومواجهة حادة مع الإرهاب، ورغم ذلك استطعنا أن ننتصر على الإرهاب وأن نخوض حرب بناء فى كل مكان وكل مجال، وهى صيغة لا يمكن أن يعترف بها الغرب، وبالتالى فهو أعور فى نظرته إلينا ولن يكون منصفا أبدا، ولذلك يجب علينا ألا نعيره اهتماما لأنه لن يكون موضوعيا أو محايدا أبدا معنا.
يجب أن نتعامل مع ما حدث على أنه معركة من سلسلة معارك فرضت علينا، وعلينا أن نثق تماما فى قدراتنا ونعرف أننا قادرون على أن ننتصر، والرهان الدائم والذى لن يخيب أبدا على الشعب المصرى العظيم الذى يثبت للعالم فى كل مرة أنه قادر على أن يحمى أرضه ووطنه ودولته مهما كانت التحديات والصعاب.