السبت 23 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
خالد الطوخى
خالد الطوخى

تكليف رئاسى بمد مظلة المشروع ليشمل جميع المواطنين خلال 10 سنوات بدلاً من 15عامًا

وسط هذا الكم الهائل من الأخبار المزعجة بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، أسعدتنى كثيراً وأثلجت صدرى تلك التصريحات المهمة التى أدلى بها مؤخراً الدكتور محمد معيط، وزير المالية، والتى أشار فيها إلى أن هناك تكليفًا رئاسيًا للحكومة بضغط الجدول الزمنى المقرر لتنفيذ نظام التأمين الصحى الشامل بمصر بحيث يتم تطبيقه فى جميع أنحاء الجمهورية خلال 10 سنوات بدلاً من 15عامًا، وذلك حتى تمتد مظلته لكل المصريين، وينتفعوا بما يوفره من خدمات متميزة للرعاية الصحية، لجميع أفراد الأسرة.

كما نوه الدكتور معيط إلى أنه من المقرر خلال العام الحالى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى باقى محافظات المرحلة الأولى التى تضم «الأقصر، وأسوان والإسماعيلية والسويس، وجنوب سيناء» بمراعاة تطبيق أحدث النظم المميكنة فى تقديم الخدمات الطبية للتيسير على المنتفعين وتعزيز الحوكمة وذلك لضمان استدامة الجودة بما يتسق مع إستراتيجية الدولة للانتقال التدريجى إلى «مصر الرقمية» التى تجلت أهميتها مع تفشى فيروس كورونا المستجد بما يفرضه من مقتضيات وقائية أهمها بل أبرزها على الإطلاق الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعى وما تتطلبه من التعامل عن بعد فى جميع مجالات الحياة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى.

والحق يقال فإن قطاع الخدمات الصحية فى مصر ظل على مدى سنوات طويلة مضت يعانى من مشكلات عدة أهمها بل أبرزها على الإطلاق الإهمال وضعف الموازنة العامة للصحة مما ترتب عنه  تدهور حاد فى مستوى ما يحصل عليه المواطن من رعاية طبية بل جعل تلك الأزمة تبدو وكأنها بلا أمل أو أنها مستعصية على الحل.

وعلى الرغم من ذلك فقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة ظهور العديد من الإجراءات الجادة والقرارات الجريئة التى من شأنها وضع حد لتلك الأزمات المتعلقة بتدهور الخدمات الصحية التى تقدمها الدولة للمواطنين، ولهذا السبب فإننى أعتبر ظهور منظومة التأمين الصحى الشامل فى هذا التوقيت بالذات يعد بمثابة إنجاز حقيقى وغير مسبوق بل إنه خطوة فى منتهى الأهمية خاصة أن القانون الخاص بالتأمين الصحى الشامل ظل محل بحث ودراسة  استمرت حوالى 20 عاما ولكنه ولم ير النور إلا بعد قيام الرئيس السيسى بالتوجيه بضرورة الانتهاء منه وسط هذا الكم الهائل من المشكلات المتعلقة بالمنظومة الصحية مستنداً فى تلك الخطوة إلى رؤيته المستقبلية التى لا يحيد عنها فى يوم من الأيام إلى جانب سعيه  الدءوب من أجل الارتقاء بالمنظومة الصحية المقدمة للمواطنين وعلى وجه الخصوص طبقة محدودى الدخل.

لذا فإننى توقفت طويلاً أمام تلك الأخبار المبهجة المتعلقة بالتوسع فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل وأشعر أن هذه الخطوة  بمثابة بقعة بيضاء وسط حالة ضبابية ظلت تخيم على القطاع الصحى بشكل عام لسنوات وسنوات، فكلنا يعلم أن منظومة الصحة ظلت لسنوات كثيرة تحتاج إلى إعادة نظر وإعادة بناء خاصة بعد أن استشرى الفساد فى منظومة الخدمات الصحية التى تعرضت للكثير من الإهمال على مدى العقود الماضية بما فى ذلك المستشفيات الحكومية.

وحتى نكون منصفين ونحكم على الأشياء بعقلانية ونضع الأمور فى حجمها الطبيعى فإنه يتعين علينا العودة إلى الوراء لعدة سنوات لنرى أن الغالبية العظمى من المستشفيات الحكومية تتشابه فى سيرها على نفس الوتيرة من الفوضى والإهمال والتسيب الذى كان يتحمل تبعاته دائما المريض حينما يدفعه حظه العاثر لأن يذهب إلى مستشفى حكومى فيجد نفسه مجبراً على أن يجوب أرجاء المستشفى تائها دون أن يجد أحداً يرشده أو يأخذ بيده وربما يمضى الوقت به دون أن يعثر على أحد يساعده وحتى إن عثر المريض على مبتغاه فعليه أن يقف فى طابور طويل انتظاراً لوصول الطبيب الذى ما إن يأتى حتى يسرع فى كتابة روشتاته دون أن يفحص أيا من هؤلاء المرضى المغلوبين على أمرهم وفى أقل من ساعة تجد طابور المرضى قد اختفى لأن الطبيب لابد أن يسارع فى الانصراف ليلحق بمستشفى آخر أو الذهاب إلى عيادته الخاصة.. ثم تبدأ مرحلة جديدة من معاناة المرضى وهى طلب العلاج فيعود المريض إلى طابور أكثر طولا يقف فيه لعدة ساعات وما إن يصل إلى شباك صرف الأدوية حتى يفاجأ بأن هذا الدواء غير موجود بالصيدلية فيلعن حظه العاثر ويعود من حيث أتى.. هكذا كان حال المستشفيات الحكومية فهل من المعقول أن يتم القضاء على تلك الصورة المأساوية بين يوم وليلة؟.. أليست هذه المسألة فى حاجة إلى تطوير شامل لمنظومة العلاج من خلال التأمين الصحى الشامل وأيضاً اتخاذ بعض الإجراءات التى تتسق مع الواقع لإيجاد صيغة مناسبة ترضى كافة أطراف المعادلة الصعبة وهى تقديم خدمة جيدة للمرضى والعمل على توفير المتطلبات الأساسية للطبيب حتى يعمل فى أجواء صحية دون إجحاف أو انتقاص من حقوقه المشروعة والعادلة.

لذا فإن هذا الوضع المتردى كافٍ لأن نضع أيدينا على الكثير من الجوانب المضيئة التى يحملها مشروع التأمين الصحى الشامل بعد إقرار القانون الخاص به، حيث سيتم تزويد كل المستشفيات باحتياجاتها وتجهيزها وفقا للأكواد العالمية ووفقا لآلية العمل فى منظومة التأمين الصحى الشامل فإن الوحدات الصحية ستصبح الخط الأول لاستقبال المرضى وإحالتهم بعد ذلك لمستشفيات ذات خدمة ثنائية وثلاثية طبقا لحاجة كل مريض على أن تتم ميكنة كل الوحدات وتوفير تخصصات النساء والولادة والأطفال والباطنة والجراحة والعظام وقسمين للمعمل والأشعة حيث سيتم تطبيق منظومة الميكنة على كل وحدات الرعاية الصحية الأولية وربطها بشبكة معلوماتية مع المستشفيات.

لذا فإنه يمكننى القول إننا نعيش الآن لحظة فارقة فى تطوير القطاع الطبى فى مصر، وهو ما يستوجب تقديم التحية لكل من ساهم ولو بقدر ضئيل فى تلك الطفرة التى تجرى الآن فى مجال الخدمات الطبية التى تقدمها الدولة للمواطنين وخاصة محدودى الدخل تحت مظلة التأمين الصحى الشامل خاصة أن حزمة الخدمات الطبية التى توفرها الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل للمنتفعين أصبحت تشمل الآن  2300 خدمة طبية تغطى كافة احتياجات المرضى بين تدخل جراحى وتحاليل وأشعة وعلاج أورام وزراعة أعضاء وأجهزة تعويضية ومعينات بصرية وسمعية، وعلاج أسنان، وأغذية علاجية، وتكميلية وغيرها.

كما أن الفترة المقبلة ستشهد تغطيات جديدة فى هذه الحزمة، وفقًا لأحدث سبل العلاج والأدوية المعتمدة عالميًا، إلى جانب إدراج أمراض هشاشة العظام وبعض الأمراض النفسية والتأهيل والتخاطب والشيخوخة والنمو فى القائمة المعتمدة للأمراض المزمنة المعفاة من نسب المساهمات المقررة عند تلقى خدمات الأشعة والتصوير الطبى والتحاليل وصرف الأدوية.

كما أنه ليس هناك سقف للإنفاق على تقديم الخدمات الطبية للمرضى، فى المنظومة الجديدة بل إنها تتيح السفر بالخارج لمن يتعذر علاجه بمصر، وتتحمل الخزانة العامة للدولة اشتراكات غير القادرين والفئات الأكثر احتياجًا.

 

تم نسخ الرابط