المبادرة تؤكد حرص القيادة السياسية على الاهتمام بالشباب وتنمية قدراتهم
على الرغم من كثرة المبادرات التنموية التى يتم الإعلان عنها من حين لآخر فإن هناك مبادرات لا يمكن إغفال أهميتها أو التوقف أمامها بأى حال من الأحوال.. وبالطبع فإنه من بين تلك المبادرات التى تم إطلاقها مؤخراً تأتى مبادرة "بداية ديجيتال" التى شهدت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج منذ أيام الاحتفال ببدء تدريب أول مجموعة ضمن هذه المبادرة التى أطلقتها وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمى بمصر، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى.
وقد استوقفنى فى هذا الأمر مسألة فى غاية الأهمية هى أن أول مجموعة من المتدربين فى تلك المبادرة تم اختيارهم بدقة وعناية فائقة من 18 محافظة يمثلون محافظات الجمهورية، ليس هذا فحسب بل إن أعمارهم تتراوح ما بين 18 وحتى 45 سنة، وهو ما يضع أيدينا على أهمية هذه المبادرة التى تستهدف الشريحة العمرية المؤهلة والقادرة بالفعل على تحقيق التنمية المنشودة فى مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.
والحق يقال فإن المبادرة وهى على هذا النحو من التميز تعكس وبشكل لافت للنظر حرص القيادة السياسية على الاهتمام بالشباب وتنمية قدراتهم وتحفيز طاقاتهم، باعتبارهم جزءا أصيلا من بناء الوطن، فضلاً عن أنها تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أهمية هذا النوع من الشراكة بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص وذلك من أجل تحقيق وتنفيذ إستراتيجية الدولة للتنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 وذلك فى تقديرى يرجع إلى أن مبادرة "بداية ديجيتال" هى أيضا منصة تعمل على الحد من مخاطر الهجرة غير الشرعية وتجاوز تداعيات انتشار جائحة كورونا فى جميع أنحاء العالم، وذلك عن طريق توفير التدريب المهنى وخدمات التوظيف الإلكترونى للشباب المصرى والمصريين العائدين من الخارج، خاصة ممن فقدوا وظائفهم مؤخرًا بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19)، فضلا عن تطوير مهاراتهم وربطهم بالخدمات التى تقدمها الحكومة المصرية وبرنامج الأغذية العالمى والقطاع الخاص.
هذا الأمر يدفعنى للقول بأنه قد بات من المؤكد أن مبادرة "بداية ديجيتال" من شأنها تحقيق نتائج جيدة فى المساعدة على إيجاد فرص عمل، وذلك بتأهيل الشباب على العمل الرقمى، وفقا لحاجة سوق العمل إلى جانب القيام بدعم الشباب، خاصة أن الحزم التدريبية ستوفر تعريفا متكاملا لأساسيات العمل الرقمى للمشاركين، وذلك من أجل تقديم العون للمشاركين لإيجاد فرصة مناسبة للعمل بجانب اختيار أفضل المشروعات المقدمة ودعمها وتقديم جوائز للفائزين بأعلى التقييمات .
وهنا يجب التأكيد على جانب مهم فى مبادرة "بداية ديجيتال"هو أنها تعد أحد أهم مجهودات وزارة الهجرة ضمن المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة " التى تم إطلاقها خصيصاً للحد من الهجرة غير الشرعية وأيضاً المبادرة الرائدة والرائعة التى تحمل اسم "نورت بلدك" التى تستهدف فى المقام الأول دعم المصريين العائدين من الخارج والمساهمة فى توفير البدائل الإيجابية لهم داخل وطنهم وذلك فى إطار خطوات الدولة الحثيثة للحد من التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا بأفكار وأساليب جديدة ومبتكرة، فضلاً عن ذلك فإنها تسهم وبشكل كبير فى إعداد شباب قادر على الالتحاق بسوق العمل المحلى أو الخارجى بطريقة شرعية وبشكل يفجر الطاقات الإبداعية الكامنة لدى الشباب ، كما تسعى المبادرة أيضاً لتوفير خدمات التوظيف الإلكترونى لهم بالتعاون مع الشركاء من القطاع الخاص، بالإضافة إلى إمكانية تقديم طلبات للحصول على القروض المتوفرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من المشاريع لتحسين الدخل والظروف المعيشية، بالأخص الفئة العمرية من 18 سنة وحتى 45 سنة، ويتم ذلك عن طريق توفير التدريب المهنى فضلا عن تطوير مهاراتهم وربطهم بالخدمات التى تقدمها الحكومة المصرية وبرنامج الأغذية العالمى والقطاع الخاص.
والأمر الذى يدعو للشعور بالتفاؤل أن هذا التدريب الذى يتم من خلال المبادرة يتضمن محاضرات فى مهارات العرض والبيع واللغة الإنجليزية ومهارات التواصل، بالإضافة إلى محاضرات فى ريادة الأعمال والتوظيف، يقدمها عدد من خبراء التسويق وريادة الأعمال، لتدريب المشاركين على متطلبات سوق العمل.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن تلك الأهداف التى تسعى المبادرة من أجل تحقيقها تعيد إلى الأذهان مسألة مهمة هى مشروع التحول الرقمى الذى تضعه الدولة فى أولوية اهتماماتها فالدولة الآن تضع نصب عينيها تحقيق نقلة نوعية فى مجالات الحوكمة والتعامل وفق منظومة إلكترونية شديدة التطور ..كما أن الحكومة ماضية بقوة فى طريقها نحو التحول الرقمى خاصة فيما يتعلق بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستكمال مسيرة تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمى، وتهيئة البنية التكنولوجية والمعلوماتية تمهيداً للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وميكنة الوثائق الحكومية.
كما أننا نلمس وبشكل لافت للنظر أن القيادة السياسية حريصة على بناء القدرات الرقمية للدولة من خلال المنظومة الآلية الموحدة للتحول الرقمى، الذى يُعد أحد روافد النمو الاقتصادى، ويُسهم بشكل فعَّال فى بناء اقتصاديات تنافسية ومتنوعة، وإقامة مجتمعات حديثة داعمة للمعرفة والابتكار وجاذبة للاستثمارات، وتحقيق التكامل بين قواعد البيانات لتقديم خدمات مميكنة للمواطنين؛ بما يتسق مع إستراتيجية «مصر 2030».. وهو ما يدفعنى للقول إن أزمة فيروس «كورونا» المستجد عكست بكل وضوح حكمة القيادة السياسية فى إرساء دعائم التحول الرقمى خاصة أننا كما رأينا أن أهم وأبرز الإجراءات الوقائية يتمثل فى ضرورة التباعد الاجتماعى وهو ما يعظم ويعزز دور المعاملات الرقمية عن بعد .
والأمر الذى يضع أيدينا على أهمية هذا الموضوع أننا لدينا بالفعل إستراتيجية رقمية وطنية يتم تنفيذها من خلال برامج وخطط دقيقة تستند إلى استخدام أحدث التقنيات فى تطوير البنية التحتية التى تعد صميم هذه الإستراتيجية وذلك بالطبع لن يتم إلا من خلال التوسع فى نشر التغطية للشبكة وزيادة سرعة خدمات الإنترنت وزيادة عدد المواقع التى يتم تغطيتها بشبكات الألياف الضوئية وقد تم البدء بتنفيذ هذه الإستراتيجية فى المدارس مع العمل بالتوازى على زيادة نسبة الاتصال بالإنترنت سواء عبر الكابلات أو المحمول والقمر الصناعى بالإضافة إلى وجود مسألة فى غاية الأهمية تتمثل فى ضرورة رفع ثقافة المواطن التكنولوجية واستحداث منبر لنشر ثقافة الأمن المعلوماتى والتعامل السليم مع التكنولوجيا واستغلال الطاقات والكفاءات الشبابية فى المجال التكنولوجى بشكل أكبر وأعم والتركيز على التعليم واعتماده على التكنولوجيا أكثر من اعتماده على الكتب.
خلاصة القول: نحن نسير الآن بخطى واثقة نحو عالم الرقمنة واقتحام المستقبل بأفكار جديدة ومستحدثة وخارج الصندوق أيضاً.