محمود الشويخ يكتب : " المؤامرة الكبرى ".. كيف استغل أبي أحمد قرارات جو بايدن لإشعال أزمة سد النهضة ؟
- خطة الحبشى والعجوز لإشعال أزمة سد النهضة.
- ما سر قرار بايدن بعودة المساعدات لإثيوبيا بعد أن أوقفها ترامب؟
- كيف استغل أبى أحمد صفقة الرئيس الأمريكى لابتزاز مصر والسودان؟
- هل تتجاوز أديس أبابا "الخط الأحمر" وتبدأ المرحلة الثانية من خطة ملء السد دون اتفاق؟
- ولماذا دشنت الخارجية الإثيوبية حملة لتضليل الوسطاء الدوليين؟
- متى تعلن مصر نفاد صبرها الإستراتيجى.. وما هى السيناريوهات البديلة؟
يوما بعد الآخر يثبت لى رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد أن صبرنا تجاه ما يفعله ضد بلادنا قد نفد وحان وقت حسم قضية سد النهضة فلم أكن ضاربا للودع أو منجما عندما كتبت فى أحد مقالاتى منذ تولى أبى أحمد منصب رئيس وزراء إثيوبيا أنه سيكون أخطر على مصر من سابقيه معتمدا على تحليل سيرته الذاتية وقصة صعوده السياسى بطرق غير مشروعة مستغلا صفاته المخابراتية وعلاقاته مع النخب الحاكمة ودغدغته لمشاعر الشعب الإثيوبى الذى بطبعه يعشق عقيدة التملك .
عندما جاء هذا الملعون إلى مصر واستقبله الرئيس السيسى وجعله يقسم بالله أن سد النهضة لن يضر مصر توقع الجميع أن تكون تلك اللحظة بداية لعلاقة جديدة تسير بالمفاوضات إلى حل يرضى الجميع لكنى لم أكن من هؤلاء وكتبت وقتها أن هذا الرجل "الغامض " سوف يرهقنا ويستهلك الوقت فى المفاوضات بينما يستمر فى بناء سد النهضة.
وبالفعل أثبتت الأحداث صدق وجهة نظرى لأننى تيقنت أن هذا الحبشى الملعون لا يريد حل القضية وكل ما يهمه هو إضاعة الوقت لفرض الأمر الواقع على مصر والسودان مستغلا أن البلدين ما زالا يفضلان خيار السلام والتنمية .
والحقيقة أن أبى أحمد يراهن على استهلاك الوقت للخلاص من أزماته الداخلية لكنه رهان خائب فعندما ينفد الصبر وقتها لن ينفع الندم أو الاعتذار أو العودة إلى جلسة المفاوضات فلقد تحملت مصر الكثير من خيانات أبى أحمد وإثيوبيا ولجأت إلى المنظمات الدولية واستطاعت أن تثبت للعالم ضعف الموقف الإثيوبى ومع ذلك يصر أبى أحمد على موقفه وهذا ليس مستغربا فسد النهضة كما قلت هو مصدر بقائه فى السلطة .
لقد أكدت الأيام الماضية بما لا يدع مجالا للشك أن " الغرور " ركب أبى أحمد وأنه تعدى الخط الأحمر حيث أعلن عن عزم بلاده المضى قدماً فى إجراءات الملء الثانى لخزان السد فى الموعد المحدد له يوليو المقبل، دون موافقة مسبقة من الخرطوم أو القاهرة، أو الانتظار لما ستسفر عنه "المفاوضات المتعثرة" بين الأطراف الثلاثة، والتى تعزو كل دولة "فشل جولاتها" للطرف الآخر.
إن " الملعون الحبشى " اعتقد أن موقف الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن برفع العقوبات التى وقعها سلفه دونالد ترامب عن إثيوبيا مؤشر بالحماية الأمريكية له لذلك تغيرت لغته وتمادى فى غيه لكنه سوف يفاجأ فى الأيام القادمة بقرارات مصرية وسودانية تلجمه وتكسر أنفه فمصر لا تظهر غضبها إلا عندما يتعدى الطرف الآخر الخط الأحمر .
وفى سبتمبر الماضى أعلنت إدارة الرئيس ترامب تعليق مساعدات بقيمة 272 مليون دولار مخصصة لإثيوبيا التى اتُّهمت بـ«التعنت»، بينما مُنيت محادثات رعتها واشنطن مطلع العام الماضى فى الشأن نفسه بـ«الفشل»، ورفضت أديس أبابا التوقيع على نص اتفاق تمخض عن هذه المحادثات.
والحقيقة أننى لست مستغربا من قرار بايدن الذى قرر عدم ربط التعليق المؤقت لبعض مساعدات إثيوبيا بالسياسة الأمريكية بخصوص سد النهضة فكل المؤشرات تؤكد أن بايدن هو دوبلير للرئيس الأمريكى السابق أوباما الذى كان له موقف ضد مصر فى أغلب القضايا ولا ننسى أنه من أجلس الإخوان على عرش مصر ودعمهم بكل قوة لكن الشعب المصرى رد له الصاع وطردهم من الحكم .
إننى أتفق مع السفير نبيل فهمى، وزير الخارجية الأسبق حيث أكد أنه لا يتوقع اتخاذ إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، مواقف رحبة ومؤيدة للموقف المصرى السليم بموضوع سد النهضة على المدى القصير، موضحًا أنها ستركز فى الستة أشهر الأولى على المواقف الانتخابية.. موضحًا أن "بايدن برجماتى لا يصرف رصيده حبًا أو كراهية وإنما يتعامل مع الواقع والمصلحة".
لم يكن فهمى وحده الذى كشف مؤامرة بايدن فهناك أيضا الصديق الدكتور هانى رسلان مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الذى أكد أن الموقف الأمريكى فيه نوع من التراخى، ولم يستبعد أن يكون هناك توجه أمريكى فى المستقبل أن الاتفاق أميل للطرف الإثيوبى عن الطرفين المصرى والسودانى.
وقال رسلان: إن الموقف الأمريكى فيه قدر كبير من التراخى» مؤكدا أن واشنطن تسعى أن تقدم نفسها كوسيط محايد، لكى لا تنفر الإثيوبيين. وأشار رسلان، إلى أن هذا المدخل يعبر عن تقدير خاطئ وأردف: إثيوبيا متعنتة وتضع الأمور على حافة الهاوية محذرا من خطورة الموقف الأمريكى مشيراً إلى أنه سيحدث نوعا من عدم الاستقرار فى المستقبل إما عاجل أو أجل.
ودلل رسلان على رأيه أن أشار إلى أنه "فى المباحثات التى رعتها أمريكا سابقاً اتفق الأطراف الثلاثة على 90% من النقاط، وهناك 10% تم صياغتها بواسطة واشنطن والبنك الدولى، ورغم ذلك انسحبت إثيوبيا من الاتفاق لأسباب واهية، وضربت بالمفاوضات عرض الحائط". ولم يستبعد رسلان أن تكون هناك نوايا أمريكية بالتوصل لاتفاق يرضى إثيوبيا فى المقام الأول، قائلاً: "لا نعرف ربما تكون لدى الإدارة الأمريكية سيناريو أن الاتفاق يكون أميل لصالح إثيوبيا على حساب الطرفين".
واتفق معه فى الرأى الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، قائلاً:إن الولايات المتحدة كانت داعمة إثيوبيا منذ البداية فى ملف سد النهضة.
وأضاف علام أن أمريكا هى من صنعت مخطط السدود فى إثيوبيا منذ 1964، وبالتالى الموقف الأمريكى ليس بجديد وتابع قائلاً: وبالتالى «لا يحك ظهرك إلا ظفرك»، مقللا من الدور الأمريكى فى المفاوضات.
انتهى كلام الخبراء الذى أكد صدق وجهة نظرى فى خيانة أبى أحمد واستغلاله لتغير الموقف الأمريكى فى المراوغة وإطالة التفاوض غير المجدى حتى يكون قد انتهى من الملء الثانى للسد وهو ما يجبرنى على مطالبة الرئيس السيسى بحسم هذا الملف بشكل نهائى حتى يحبط ألاعيب الجانب الإثيوبى .
لقد تحملت مصر كل خطايا الجانب الإثيوبى ورغم ذلك ما زالت متمسكة بالمفاوضات لأن الرئيس السيسى يؤمن بأن الحرب لا تحسم الصراعات رغم قدرة مصر على نسف السد وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل رحيله بأيام قليلة الذى فاجأ العالم بموقفه من قضية سد النهضة وكشف خيانة إثيوبيا للاتفاق الذى تم فى واشنطن .
لقد قادت مصر منذ سنوات حملة دولية بهدف الضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق «قانونى مُلزم» ينظم عمليتى ملء وتشغيل السد الذى تنظر إليه بصفته «مسألة وجودية»، وصلت إلى حد تقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولى فى مايو الماضى لبحث النزاع، بصفته مهدداً للأمن والسلم الدوليين لكنها لم تؤدِ إلى تحريك الموقف، رغم دخول أطراف دولية فاعلة، مثل الولايات المتحدة والبنك الدولى والاتحاد الإفريقى.
إننى على يقين أن الرئيس السيسى يتبع سياسة النفس الطويل فى التعامل مع تعنت إثيوبيا ورئيس وزرائها أبى أحمد الذى يصر كما قلت فى مقال سابق لى على ألاعيب الصغار فى مفاوضات سد النهضة فكلما اقتربنا من توقيع اتفاق ملزم يهرب كما "الجبناء " ويطلق تصريحات عنترية لا تتفق مع قدراته المتواضعة لكن هدفها الأساسى استفزاز مصر بهدف إجبارها على الانسحاب من المفاوضات حتى يصور نفسه ضحية وهى لعبة مكشوفة لا تنطلى إلا على من هم على شاكلته من أشباه السياسيين الذين يعتقدون أن مناطحة الدول الكبرى تخلق لهم شعبية داخل بلادهم وتغطى على فشله الذريع فى الحكم .
لقد حذر الخبراء إثيوبيا من المماطلة وتعنتها فى خطواتها الأحادية ومن بينها عملية الملء قد يؤديان إلى عواقب وخيمة، لأن قضية المياه بالنسبة إلى مصر والسودان قضية مصيرية، وعليه فإن أى تعدٍ على حقوقهما يهدد السلم والأمن فى المنطقة.
إن مطالبتى بسرعة حسم الملف بقرار رادع لم تكن من فراغ لكنى وجدت نفسى مجبرا على ذلك عندما أعلنت الخارجية الإثيوبية عن تدشين حملة دبلوماسية واسعة بالتزامن مع موقف بايدن إلى «خلق وعى» بين المجتمع العالمى حول ما تعده واقع «سد النهضة» على نهر النيل الذى يثير توترات مع مصر والسودان.
ووفق وزارة الخارجية الإثيوبية، فإن أديس أبابا تعول على دور حاسم للسفراء المعينين حديثاً فى «خلق الوعى بين المجتمع العالمى حول واقع سد النهضة، ومواجهة المعلومات المضللة. وتشير المعلومات فى هذا الشأن إلى تدريب 7 سفراء معينين حديثاً و5 من قادة البعثات خلال الأسبوعين الماضيين على قضايا مختلفة، بينها نزاع سد النهضة.
وقال المدير العام لتنمية الموارد البشرية بوزارة الخارجية الإثيوبية إن خلق الوعى حول الاستخدام العادل لسد النهضة هو من بين مسؤوليات السفراء وقادة البعثات المعينين حديثا.
وأضاف المدير العام أن بعض الجهات الفاعلة تنشر معلومات مضللة حول واقع سد النهضة الإثيوبى الكبير. وتسعى الخارجية الإثيوبية، وفق بيانها، إلى استبدال الخطاب الصحيح بهذه الخطابات الخاطئة حول ملء السد.
لقد تعمدت أن أنقل نص تصريحات مسئولى الحملة حتى أكشف لكم أننا نتعامل مع خصم مراوغ يريد أن يصور نفسه كضحية للوقيعة بين مصر والوسطاء الدوليين لكنه لا يدرك أن صبر مصر الدبلوماسى لو نفد فسوف يلقى حسابا عسيرا فالقيادة السياسية التى انتصرت فى كل معاركها قادرة على حسم الملف لكنها ما زالت متمسكة بحبال الصبر ولا تريد أن تدخل فى صراع عسكرى مع الجانب الإثيوبى .