محمد فاروق يكتب: توم وجيرى
أبسط وأرخص الحلول التى اكتشفتها مؤخرا بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب.. أن تبتعد عن المنطق لتعيش بسعادة.. اتفرج على فيلم قديم.. صور لنجوم زمان.. مجلة ميكى الأصلية القديمة.. قراءة أخبار الخمسينيات، باختصار العودة إلى زمن اللاهموم وهو ما يعتبره البعض هروباً من المشاكل، وأنا أوافقهم الرأى لكننى أعتبر ذلك الهروب هو الحل المثالى الذى أملكه وأرتاح معه.
وبمناسبة هذا الحل كنت أشاهد منذ يومين فيلما طويلا لـ «توم وجيرى»، تعجبت كثيرا من طول الفيلم، خصوصا أننى تعودت على «توم وجيرى التيك أواى» الذى ينتهى فى أقل من 4 دقائق وأكون فى شدة الحزن وهو ينتهى وأتمنى أن يكون هناك المزيد، لكننى غيرت رأيى تماما عندما شاهدت فيلما تزيد مدته على ساعة كاملة لـ «توم وجيرى».. شعرت أمامه بالزهق ولم تستطع أحداثه الكوميدية السريعة أن تخطفنى من الملل الذى أصابنى مع مدة هذا الفيلم.. وقتها عرفت أن الاستمتاع بالأشياء يأتى غالبا من عدم القدرة على امتلاكها أو من عدم الوصول إلى مرحلة الإشباع معها.
بسبب «توم وجيرى» اكتشفت فلسفة جديدة فى حياتى هى أن عدم الإشباع فى حد ذاته متعة.. وأن الامتلاك لعنة تتحول مع الوقت إلى اعتياد وفتور وربما إلى هجر، تخيلوا لو قارنت بين ما حدث لى بسبب «توم وجيرى» وبين الحياة بشكل عام.. العمل، الزواج، المال، الأصدقاء، الخروج، المصيف، الحب، وكل ما يضفى على حياتنا المتعة التى تتسبب فى السعادة التى نؤكد أنها اختفت تقريبا من الحياة!
عرفت الآن لماذا لا نشعر بهذه السعادة كما كان يشعر بها سكان زمن الأبيض والأسود.. لا نشعر بها لأننا نمتلك أكثر مما يجب.. نشبع رغباتنا حتى نصاب بالملل والاكتئاب.. نأكل حتى ننتفخ شبعا، ونشرب حتى نثمل، ونحب حتى تنضب مشاعرنا، ونثور حتى نأخذ ما يزيد عن حقوقنا وغيرها من الأمور لدرجة أننا تعودنا حتى على الهموم التى تأخذ نصيب الأسد من تفكيرنا وأحاديثنا اليومية.
اتفرجوا بجد على توم وجيرى!