أفلام.. لن تفهمها علي الانترنت
استغفر الله العظيم ..اية السفالة دي.. اعتذر عن ترجمة هذه العبارة لأنها خادشة للحياء.. سوف أضربك فوق …. !! هذه العبارات الغريبة قد تجدها علي لسان براد بيت أو نيكولاس كيدج وسلمي حايك وقطعا مستحيل أن يقول براد بيت اية السفالة دي أو أن تقول جوليا روبرتس استغفر الله العظيم لكنها العبارات التي يقرر مترجم الأفلام الأجنبية استخدامها لإعتبارات أخلاقية أو ضعف في الترجمة أو استخفاف بعقول الغلابة الذين يتابعون ترجمة حضرته ولا يفرقون بين آراءه الشخصية في الفيلم وبين ما يقوله أبطال الفيلم لدرجة أنني فوجئت بأحد المترجمين يكتب في بداية أحد الأفلام قائلا: هذا الفيلم يحتوي علي بعض المشاهد الساخنة وللأسف البطل سوف يموت في النهاية! هكذا قرر المترجم “الخنيق” وضع لمساته السحرية علي عمل تكلف ملايين الدولارات وكان من المفترض أن يقيمه المشاهد سواء بالسلب أو الإيجاب حسب رؤيته الشخصية لكن الأخ الذي يبدو أنه خريج إحدي المعاهد المضروبة التي تعلم فيها كيفية إدخال تعديلات علي برامج الكمبيوتر ورص العبارات المترجمة للعربية قرر أن الفيلم لا يرقي لمستوي المشاهدة ولابد من حرق القصة قبل بدايتها بعبارتين من صنع خياله المريض! عبارتين قرر من خلالها محو تاريخ كامل من الإجتهاد والعمل والتكنولوجيا بدأت بوضع بعض العبارات البسيطة وقت السينما الصامته حيث تابع منتجو تلك الأفلام أن بعض التفاصيل تضيع من الجمهور ولا يستطيعون فهمها ولهذا بدأوا فى وضع عبارات صغيرة داخل الفيلم ليظهر فى نهاية الثلاثينات بعض عبارات توضيحية تحت عدد من المشاهد لتوضيحها مثلما يحدث في بعض أفلام السينما الصامتة وأشهرها أفلام شارلي شابلن مثلا. من بعد هذه الفترة الصعبة خرجت السينما من حدود الصمت إلي الحوار والمؤثرات الصوتية التي تطورت مع الأيام ليصبح المشاهد العربي في حاجة لمعرفة ما يحدث علي لسان الأبطال وفهم الأحداث التي تدور على الشاشة أمامه وهنا ظهرت الحاجة الملحة لوجود شخص يشرح أحداث الأفلام الأجنبية ويتحدث بلسان أبطالها لكن باللغة العربية وبالفعل ظهرت فكرة “المترجم” الفوري الذي كانت تستعين به بعض دور العرض ليشرح للمشاهدين المشاهد الحوارية الصعبة وكأنهم تلاميذ أمام مدرس اللغة الإنجليزية في الفصل .. وطبعا لم تنجح هذه المحاولات البسيطة إلى أن ظهر اسم العملاق أنيس عبيد الذي قاد مرحلة بداية الترجمة الإحترافية.. أنيس عبيد سافر لدراسة الهندسة في فرنسا وهناك وجد إعلانا في الجامعة عن دورات تدربية لكيفية دمج الترجمة المكتوبة على شريط السينما وبدأ في تنفيذ الترجمة على أول فيلم طويل وهو فيلم «روميو وجولييت» الذي نجح نجاحًا ساحقا وقتها وأصبحت الترجمة هي أساس الفيلم الأجنبي. توفي أنيس عبيد وظهر الإنترنت ليتفنن “الهاكرز” والمبرمجين في تحميل معظم الأفلام العالمية لدرجة أنك أصبحت تشاهد أهم الأفلام التي تحصد جوائز الأوسكار بعد عرضها في هوليوود مباشرة بينما معاليك تجلس لتشرب الشاي بالحليب أمام الكمبيوتر الشخصي وعندما تصطدم بأن الفيلم لا يحمل معه الترجمة باللغة العربية كل ما عليك هو أن تكتب علي أحد محركات البحث “ترجمة فيلم كذا بالعربية” لتجد مئات الإجتهادات الشخصية التي يشارك بها اساتذة الترجمة الإلكترونية عبر الإنترنت وهم الذين يتحول أعظم الأفلام العالمية إلي درس ركيك في قواعد اللغة والنحو والصرف والآراء الشخصية التي قد تتسبب بنوبات ضحك مستمرة بينما أنت تشاهد فيلم درامي سودوي قاتم! الأزمة الحقيقية هى أن معظمنا يلجأ لهذه المساهمات في ترجمة الأفلام ولا أحد يحاول فرض رقابة أو وضع مسئولية علي ما يحدث من تشوية وإفساد للحوار بل والسيناريو في تلك الأفلام المترجمة لأن الحال مثل كل ما يحدث خلال الإنترنت من عبث واستهتار وحقوق ضائعة ولهذا لا أخجل من الإعتراف بأن مشكلة الترجمة لن يكون لها حل بعد الآن لكني في نفس الوقت أرجو كل مجتهد أن يراعي ضميره ويراعي الصناعة التي تتكلف مليارات الدولارات غير الفكر والإبداع والمجهود الذي يضيع بسبب وجهة نظر المترجم أو تحفظاته الشخصية أو ربما لأن المدام “خانقة “ عليه في البيت!