الأحد 29 سبتمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

د. ياسمين الكاشف تكتب: "حياة كريمة".. تجسيد حقيقى لاتجاه الدولة نحو بناء الإنسان المصرى 

د. ياسمين الكاشف
د. ياسمين الكاشف

◄المبادرة نجحت فى تطوير قرى الريف فى مختلف مجالات الحياة 

 

◄برنامج شامل ‏ومتكامل يفى بمتطلبات المواطن البسيط فى الريف

 

◄600 مليار جنيه لتطوير 4500 قرية يعيش بها نصف سكان مصر

 

لم يكن يخطر على بال أحد فى يوم من الأيام أن تحظى القرية المصرية بكل هذا الاهتمام أو أن تأخذ حيزاً فى خطط وبرامج الدولة التنموية على هذا النحو الذى نراه الآن، والحق يقال فإن هذا الاهتمام بتطوير القرية المصرية لم يأت من فراغ وليس مشروعا تنمويا هبط علينا من السماء، لأنه جاء بمبادرة رئاسية أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى تحت مسمى "حياة كريمة"، فمنذ تولى سيادته مقاليد الحكم وهو يعمل فى جميع الاتجاهات وعلى كافة الأصعدة من أجل بناء دولة قوية متكاملة فى كل المجالات، وبالطبع فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال تحقيق تنمية حقيقية دون أن يسبقها بناء الإنسان الذى يمثل بالطبع الغاية والوسيلة والهدف فى نفس الوقت.

سمعنا منذ عام ٢٠١٧ عن اهتمام السيد الرئيس بقضية بناء الإنسان بل وجه كافة مؤسسات الدولة للعمل فى هذا الإطار لذا فإنه كان منطقياً أن يتم إطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" استمراراً لتوجه القيادة السياسية من أجل بناء الإنسان المصرى، وتستهدف المبادرة الرئاسية حياة كريمة تحقيق عدة أهداف أساسية أهمها على الإطلاق العمل على تحسين الجوانب الحياتية بالريف المصرى وذلك بكل تأكيد يتم من خلال برنامج شامل ‏ومتكامل يفى بمتطلبات المواطن البسيط وقادر على تلبية احتياجات الريفيين وعلى وجه الخصوص فى مجالات البنية الأساسية والخدمات والتنمية الاقتصادية ‏والحماية الاجتماعية، وأيضا تطوير واستحداث مكونات مختلف القطاعات بما يتواكب مع متطلبات العصر وما ينجم عن الاستخدامات المتنوعة والمتعددة لوسائل التكنولوجيا الحديثة.

 

وقد استوقفتنى من قبل تصريحات مهمة للدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، بشأن هذه المبادرة الرئاسية فهذه التصريحات الصحفية للدكتورة النشطة تضع أيدينا على العديد من الملامح التى تتعلق بمبادرة حياة كريمة فعلى حد قولها أنها تأتى ضمن  جهودِ الدولةِ المصرية لضمانِ حقوقِ الإنسان بمفهومها الشامل كونها تمثل مبادرة تنموية هامة، خاصة فى إطار توسع الدولة فى اتباع إجراءات الحماية الاجتماعية وهو أمر يلمسه الجميع فقد أكد عليه سيادة الرئيس مراراً وتكراراً فى أكثر من مناسبة، لذا فإنه نتيجة لما حققته المرحلة الأولى من المشروع القومى لتنمية الريف المصرى "حياة كريمة" من تأثير إيجابى على جودة حياة المواطنين، فإنه تم مؤخرا إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة وذلك فى إطار المشروع القومى لتنميةِ الريف المصرى، والذى من المقرر له أن يمتد لثلاثة أعوام حيث يستهدف جميع قرى الريف المصرى والتى يبلغ عددها 4500 قرية تقريباً يعيش بها نصف سكان مصر بما يوازى 50 مليون مواطن تقريباً .. فهذه القرى سيتم من خلال مبادرة حياة كريمة تحويلُها إلى تجمعات ريفية مستدامة بمعنى أنها سوف تتوافر بها كافة الاحتياجات التنموية خلال ثلاث سنوات وهو مشروع قومى عملاق حيث من المقرر أن يتم تنفيذه بتكلفة إجمالية قد تصل إلى 600 مليار جنيه، وهذا بالطبع من شأنه أن يسهم وبشكل لافت للنظر فى تعزيز جهود الدولة التى تستهدف فى المقام الأول توطين أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، وهذا الأمر ليس بعيداً عن التحقيق فهذه المبادرة وبكل تأكيد  تعد أحد الركائز الأساسية التى تعتمد عليها رؤية مصر 2030. 

 

وتشمل الخدمات التى تقدمها المبادرة: بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، ومد وصلات مياه وصرف صحى، وتجهيز عرائس وتوفير فرص عمل، وتدريب وتشغيل من خلال مشروعات متناهية الصغر، وتقديم سلات غذائية للأسر الفقيرة، وتوفير البطاطين والمفروشات لمواجهة برد الشتاء، وإطلاق قوافل طبية للخدمات الصحية، وتنمية الطفولة، ومشروعات لجمع القمامة وإعادة تدويرها.   أما مرتكزات المبادرة فتشمل: تضافر جهود الدولة مع خبرة مؤسسات المجتمع المدنى ودعم المجتمعات المحلية فى إحداث التحسن النوعى فى معيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد سواء، وأهمية تعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، وتوزيع مكاسب التنمية بشكل عادل، وتوفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى المعيشة لأسرهم ولمجتمعاتهم المحلية.   وتقوم المبادرة على مجموعة من المبادئ الأساسية هى: الشفافية فى تداول المعلومات، والثقة المتبادلة بين الحكومة والمجتمع المدنى والمجتمع المحلى، والتوازن بين تقديم التدخلات الخدمية والتدخلات التنموية والإنتاجية، والنزاهة فى أداء الخدمة لمستحقيها، والالتزام والتعهد لكل شريك للقيام بدوره وفق منهجية العمل ومعايير الخدمات، وحث روح التطوع ومشاركة المجتمع المحلى.   وتشمل الفئات المستهدفة: الأسر الأفقر فى القرى المستهدفة، والأيتام والنساء المعيلات والأطفال، والشباب العاطل عن العمل، والأشخاص ذوى الأعاقة.   وتنقسم تدخلات المبادرة إلى تدخلات خدمية مباشرة تشمل: إصلاح بنية تحتية (سكن كريم): بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، ومد وصلات مياه ووصلات صرف صحى .. إلخ.. تدريب وتشغيل: مشروعات متناهية الصغر وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية فى القرى.. تجهيز منازل: زواج اليتيمات بما يشمل تجهيز منازل الزوجية وعقد أفراح جماعية.. تنمية طفولة: إنشاء حضانات منزلية لترشيد وقت الأمهات فى الدور الإنتاجى وكسوة أطفال.  

أما التدخلات الخدمية غير المباشرة فتشمل: تدخلات صحية: كشوفات طبية وعمليات جراحية وتوفير علاج.. إلخ.. أجهزة تعويضية: سماعات ونظارات وكراسى متحركة وعكازات.. إلخ.. سلات غذائية: توزيع مواد غذائية مُدَّعمة وسلات طعام للأسر الفقيرة.. إلخ.. تدخلات بيئية: جمع مخلفات القمامة مع بحث سبل تدويرها.. إلخ.

ولأن الظروف تغيرت ومناخ العمل العام اختلف من النقيض للنقيض فإن المبادرة منذ أن أطلقها السيد الرئيس والعمل بها يجرى على قدم وساق حيث توجد هناك متابعة دقيقة فقد اختفت الظواهر السلبية التى كانت متفشية فى العصور السابقة  حيث اختلفت تماما النظرة المجتمعية لمثل هذه المبادرات وهو ما ترتب عليه تحقيق الكثير والكثير من العناصر الإيجابية التى تجسد مؤشرات نجاح "حياة كريمة" وأبرز المكتسبات من تفعيلها وهى تتمثل فى خفض معدلات الفقر وتوفير الخدمات فى القرى التى تغطيها المبادرة وهذا الأمر لم يكن تحقيقه صعباً ولا مستحيلاً خاصة فى ظل هذا التجاوب الكبير من جانب أهل القرى سعيا نحو تطوير مجتمعاتهم بشتى الطرق، لذا فقد ساهمت المبادرة وبشكل غير مسبوق فى تعزيز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء الوطنية أو الأممية مما ترتب عليه إدراج الأمم المتحدة مبادرة "حياة كريمة" ضمن أفضل الممارسات الدولية وهذا فى حقيقة الأمر بمثل إنجازا دوليا كبيرا وشهادة دولية تؤكد أن مصر تنهض وبقوة فى مجالات التنمية المستدامة.

فضلاً عن ذلك فقد تمكنت المبادرة حتى الآن من تحقيق تأثير إيجابى على جودة حياة المواطنين وهو أمر ليس إنشائياً بل إنه حقيقة مؤكدة وأصبحت تنعكس بوضوح على سلوكيات المواطن فى الريف ومدى تجاوبه مع القضايا المحلية التى تمس حياته على وجه الخصوص بعد أن ظل لعقود طويلة مهمشاً وبالتالى فقد كان سلبيا فى تعامله مع ما يجرى حوله من أحداث.

وهناك مسألة فى منتهى الأهمية كشفت عنها مبادرة حياة كريمة وهى تعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات وتوجيه استثمارات الدولة بشكل أكثر فاعلية فكل محافظة لها ما يميزها عن غيرها من المحافظات الأخرى وهو ما جعل الدولة تكثف من نشاطاتها فى تلك المزايا وبالتالى أصبح العائد مضموناً ومضاعفاً بعد أن كانت تلك المزايا مهدرة من قبل وغير مستغلة بالشكل الأمثل، أما أهم ما أسفرت عنه مبادرة حياة كريمة حتى الآن فهو تحقيق المفهوم الشامل لحقوق الإنسان وهو ما نلمسه بشكل خاص فى هذه الطفرة الهائلة المتمثلة فى النهوض بحياة المواطن بصفة عامة.

تم نسخ الرابط