◄السلالة المتحورة تؤثر على الشباب والصغار.. وأعراضها جديدة ومتنوعة
◄الفيروس لديه القدرة على التحور وإنتاج سلالات جديدة تتفاوت فى درجة خطورتها من مريض لآخر
◄مطلوب من المواطن وبشكل عاجل عدم التهاون مع أزمة انتشار "كورونا" على هذا النحو المخيف
لم يتوقف الحديث عن فيروس كورونا المستجد منذ أوائل العام الماضى وحتى الآن حتى أصبح القاسم المشترك فى الأحداث اليومية فى كل مكان على وجه الأرض، سواء كانت هذه الأحاديث تتعلق بمعدلات الإصابة والوفيات أو أحاديث تتناول أحدث ما توصل إليه العلماء من لقاحات وأدوية قادرة على القضاء عليه أو على الأقل وقف هذا الفيروس عند حده ومنعه من الانتشار أكثر مما أصبح عليه الآن.
واللافت للنظر أنه وسط هذا الاهتمام الكبير من جانب العلماء فى مختلف أنحاء العالم فإن الفيروس وعلى الرغم من أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال رؤيته بالعين المجردة فإنه قد أصبح يمتلك القدرة على التحور وإنتاج سلالات جديدة تتفاوت فى درجة خطورتها من مريض لآخر بل ومن بلد لآخر وهو ما يضع أيدينا على مسألة فى منتهى الأهمية تتعلق بظهور سلالة جديدة فى الهند تحصد الآن الآلاف من المواطنين وهذا النوع الجديد من فيروس كورونا المعروف إعلامياً باسم "كورونا الهندى"، وهى سلالة تنتشر بشكل كبير ومفزع بين ملايين الأشخاص، مما يسبب حالة من الذعر خوفًا من انتشارها فى الدول الأخرى.
وسبب حالة الهلع التى تجتاح العالم يرجع إلى تصريحات صادمة أدلى بها رئيس معهد عموم الهند للعلوم الطبية الدكتور رانديب جوليريا فى مقابلة تليفزيونية أشار فيها إلى أن السلالات الجديدة من الفيروس التاجى التى ظهرت فى الهند من المحتمل أن تكون أكثر عدوى وخطورة من السلالة الأصلية.
ولم يكتف رئيس معهد عموم الهند للعلوم الطبية عند هذا الحد بل أكد أيضاً ضرورة توخى الحذر أثناء التعامل مع سلالة فيروس كورونا الهندية ، بغض النظر عما إذا كانت أكثر فتكًا أم لا، وأضاف أن سبب ارتفاع معدل الإصابة لديهم يعود إلى قدرتها على التهرب من الأجسام المضادة ، والمعروفة باسم "آلية الهروب المناعى".
وتكمن خطورة هذه التصريحات كونها تعنى أنه حتى بعد تلقى اللقاح، لا يزال من الممكن أن يصاب المرء بمتغيرات فيروس كورونا بسبب السلالات الجديدة، وإن كان ذلك يتم بكفاءة أقل، ومع ذلك يجب الحرص على توخى الحذر وتوقع أن سلالات جديدة من الفيروس قد تظهر بشكل أكثر فتكًا حول العالم على الرغم من أن الطفرات فى الفيروسات شائعة وتعد أمرا طبيعياً ولكن معظمها غير مهم ولا يسبب أى تغيير فى قدرته على نقل أو التسبب فى عدوى خطيرة، لكن بعض الطفرات، مثل تلك الموجودة فى الهند، يمكن أن تجعل الفيروس أكثر عدوى وفى بعض الحالات أكثر فتكًا.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن فيروس كورونا ذا الطفرة المزدوجة هو مزيج من طفرتين ، E484Q و L452R ، مما يجعله أكثر عدوى ويمكّنه من الهروب من الأجسام المضادة، وهو ما يفسر بشكل واضح هذا الارتفاع الحالى فى عدد حالات فيروس كورونا فى الهند فهذه الطفرة المزدوجة لا تؤثر فقط على الفئات الأكثر ضعفاً ، بل تؤثر على الشباب أيضًا وهو ما لم يكن سائداً من قبل منذ بدء ظهور فيروس كورونا المستجد مطلع العام الماضى.
وبالنظر إلى طفرات فيروس كورونا الجديدة نكتشف أن لديها القدرة على الهروب من الأجسام المضادة وهى أكثر عدوى من السلالة الأصلية ، بصرف النظر عن الفئات الأكثر ضعفًا من الناس ، حيث تم رصد زيادة فى دخول المستشفى بين الأفراد الأصغر سنًا أيضًا.
وإذا عدنا إلى بدايات ظهور فيروس كورونا الجديد، كان الناس يعانون من نطاقات مختلفة ومتنوعة من الأعراض، على الرغم من أن القائمة استمرت فى الزيادة والتوسع، إلا أن الأعراض الأكثر شيوعًا تظل كما هى فى مثل هذه الأوقات من الفوضى والصراع، ومن المهم ملاحظة الأعراض الأكثر كلاسيكية لفيروس كورونا، وذلك لاكتشاف الفيروس فى مرحلة مبكرة. وحتى نكون على دراية تامة بما يجب أن نفعله للتصدى لكوفيد ١٩ علينا أن نضع فى الاعتبار تلك الأعراض الأكثر شيوعًا لفيروس كورونا المستجد وهى: حمة وسعال جاف والتهاب الحلق وسيلان الأنف وانسدادها وألم فى الصدر وضيق فى التنفس.
ومن خلال ما سبق الإشارة إليه بشأن هذه السلالة الجديدة من كورونا يتبادر إلى الذهن مسألة فى منتهى الأهمية هى أنه قد أصبح لزاماً علينا أن نتعايش مع الوضع الراهن ونعيد ترتيب أوراقنا مجدداً على ضوء المعطيات الحالية للأزمة فقد أصبح التعايش مع الفيروس هو الإجراء الأكثر عقلانية.. وهنا تكمن المشكلة الأخرى وهى أن التعايش مع أى أزمة مهما كان حجمها ومهما كان شكلها فإنه يتطلب وعيا بطبيعة الأزمة وبكيفية التعامل معها على النحو السليم.. فثقافة الوعى تختلف تمام الاختلاف من مواطن لآخر حيث ينظر كل شخص للمسألة بنظرة مختلفة ومتفاوتة، لذا فنحن فى أشد الحاجة إلى تكثيف مسألة ثقافة الوعى وأن تضطلع كل جهة بالدور المنوط بها فى هذا الاتجاه حتى نتمكن بالفعل من خلق حالة من الوعى والإدراك التام بخطورة الموقف وهو ما سوف يعيننا بكل تأكيد على التعايش مع الأزمة وبالتالى سيكون له عظيم الأثر فى الخروج منها بأقل خسائر ممكنة وأيضا تقليل الآثار السلبية التى تترتب على هذا الفيروس اللعين.
وهنا يتجلى بوضوح أن الشعب مطلوب منه وبشكل عاجل عدم التهاون مع أزمة انتشار فيروس كورونا على هذا النحو المخيف، فمن الضرورى جداً أن يكون الشعب على درجة كبيرة من الوعى مقاربة لمدى وعى الحكومة بهذه الأزمة، وأن يساند الحكومة فى قراراتها التى تستهدف مواجهة هذا الفيروس ومنع انتشاره بكافة الطرق والوسائل العلمية فعلى المواطنين إدراك حجم خطورة كورونا خاصة أن هناك دولا كبرى انهارت بسبب التهاون فى التعامل مع هذا الفيروس فنحن أمام عدو خطير غير مرئى يشكل أزمة أمام العالم أجمع، ويقتضى منا الانتباه.
وبالطبع فإن الإعلام عليه دور كبير فى توعية المواطنين بخطورة هذا الفيروس، وتقديم الطرق الصحيحة لمواجهته والوقاية منه، وعرض التجارب الناجحة لبعض دول العالم فى التصدى لهذا الوباء وتحجيمه وتقليل فرص الإصابة به وعلينا أن نكون على يقين من أن القرارات التى اتخذتها الحكومة بشأن مواجهة هذا الفيروس وتقليل نسب الإصابة به تؤكد أن الدولة لا تستهين فى تعاملها مع الأزمة وبالتالى يأتى دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى وهو ما يمكن أن يغير من سلوكيات الناس ويرفع من درجة وعيهم تجاه هذه الأزمة. وختامًا، بقى أن نشير إلى أن أعراض "كورونا الهندى" تشمل: الإسهال، وآلام البطن، والطفح الجلدي، والتهاب الملتحمة، وحالة الارتباك وضباب الدماغ (تشوش التفكير)، كما يصاحب المرض أعراض فيروس كورونا المعتادة مثل الحمى والتعب والسعال، وهنا نعتمد على تصريحات الدكتورة سوراديبتا تشاندرا، وهى طبيبة استشارية في مركز هيلفيتيا الطبي في دلهي، حيث قالت: "نحن نرى مرضى يعانون من الإسهال، وآلام البطن، والطفح الجلدي، والتهاب الملتحمة، وحالة الارتباك، وضباب الدماغ، وتغير لون أصابع اليدين والقدمين إلى اللون الأزرق، ونزيف من الأنف والحلق بعيدا عن الأعراض المعتادة مثل التهاب الحلق، وآلام الجسم، والحمى، وفقدان الشم والذوق"، مشيرة إلى أنه من المحتمل وجود متغيرات ثنائية وثلاثية الطفرة من "كوفيد-19" تم اكتشافها لأول مرة في الهند، ويبدو أن الطفرة نفسها تسبب أعراضا لم يسبق رؤيتها من قبل، لكن ما يمنحنا شيئًا من الأمل أن مدير المعهد الوطني لعلم الجينوم الطبي الحيوي في الهند، أكد أن السلالات ثنائية وثلاثية الطفرة، التي تم اكتشافها لأول مرة في الهند، هي النوع نفسه من فيروس كورونا، وأن اللقاحات التي تعطى حاليا في البلاد فعالة في هذه المتغيرات.