الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

قادنى حظى العثر فى الأسبوع الماضى عندما استضافنى أخى الأكبر المهندس حازم جبر فى إحدى الكافيهات بجمهورية زفتى مسقط رأسى، وذلك حين شاهدت إحدى السقطات الفنية التى يشاهدها ويعيشها متابعو مسلسلات الدمار الشامل فى رمضان هذا العام حيث شاهدت مشهدا وقحا فى مسلسل يُسمى "ملوك الجدعنة" وهم أبعد ما يكونون عن كل أنواع الجدعنة.. مشهد كل ما فيه أن أحد البلطجية يعاير بلطجيا آخر بأسلوب متدنٍ وصريخ وصوت عالٍ ينكره ويكرهه الجميع بالرذيلة الموجودة حالًا فى منزله ويصطحب أهالى الحارة أو الشارع أو ما شابه إلى المنزل المزعوم فيجد رجلا فى حضن امرأة فى الحرام وكأنه أمر عادى ومستباح بل ومشهد ليس بقصير أو مختصر بالعكس فهو مشهد ممطوط مُطول فيه إهانة جديدة للشعب المصرى من الغلابة ودعوة من جديد للبلطجة وفرض النفوذ، والتحجج بما يُسمى دراما الواقع والواقع بريء من هذه الدناءة والدناسة والتبجح والفحش، وهو ما جعلنى أن أطلب من أخى فورًا مغادرة المكان.

لعلى من سعداء الحظ الذين نجحوا -بفضل الله- حين طالبت نفسى وحضراتكم من خلال مقالات سابقة مثل "أتى رمضان" فى مطلع الشهر الكريم بأن نقاطع الأعمال الدرامية والبرامج المبتذلة ووفقنى الله لذلك وقاطعت كل الأعمال، إلا أننى توقفت أمام هذا المشهد وما يشبهه والذى لا يليق أن يدخل أى منزل مصرى ولا يصح أن يخرج عنا نحن المصريين تجسيد لهذه الأفعال وكأنها مُسلم بها فى مجتمعنا الذى يرفض الخطأ ويلفظ القبيح ويدافع عن الخير والعفة والطُهر، ووجدته ما هو إلا امتداد طبيعى لذاك الردح والتلقيح المسمى أغانى مهرجانات ولكن مع اختلاف المسمى، وبدافع الفضول بدأت أبحث وراء تلك النوعية القذرة -من وجهة نظرى فلا مسمى آخر لها عندى- من الدراما التى بكل أسف تتنافس الفضائيات فى شرائها لتُصدر ثقافتها لأولادنا ثم نعود ونلومهم على جرائمهم ونحن من أتينا بمن يعلمهم فن القبح وفعل المُحرمات والعيب حتى فى منازلهم، وما أن بدأت البحث حتى وجدت أن أغلب الشعب المصرى الأصيل يرفض هذه الأعمال ويهاجم صُناعها بل ويتهمونهم بإفساد الذوق العام والسعى نحو مكسب مادى والتضحية بكل غالٍ ونفيس من قيم وأخلاق ودين مقابل المال، بل وسقط من نظرى ممثلون كنت أعتقد أنهم امتداد لعظماء الفن بل أرى أنهم سحقوا تاريخهم القريب والبعيد إن كان لهم. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل ووصل الاستهتار والبلطجة الفكرية والترويع المعنوى أن يتم تصوير مشهد -شاهدته على وسائل التواصل الاجتماعى- للحد وتكفين طفلة فى فضيحة من فضائح هذا العمل الذى لا أعلم كيف سكتت عنه وعن غيره الأجهزة الرقابية، ذلك أنه حتى حرمة الموت لم تسلم منهم فكيف يتم مد طفلة على ما يشبه خشبة غُسل الأموات؟!، وكيف يتم لحدها وتكفينها؟!، كيف تجرأتم وكيف تحملت قلوبكم وضع طفلة فى مشهد كهذا؟! والسؤال: كيف وافق أهل الطفلة على مشهد كهذا؟! وأين المجلس القومى للطفولة؟ أيضًا ضمن ما شاهدت رأيت تعليقا لأصدقاء على مسلسل لجملة تقولها سيدة لعشيقها -ضمن مسلسل لا أعلم اسمه ولله الحمد- "انت اللى مصبرنى على جوزى" أى أخلاق هذه وأى رسالة بل بئس الرسالة التى تريدون توصيلها وإن كانت هذه هى الحرية الفكرية فنحن كمصريين نكفر بها ولا نريدها لنا ولا لأولادنا وأحفادنا من بعدنا، كما قلت وقال غيرى من قبل هؤلاء لا يريدون ولا يرون رمضان شهر العبادة ولكنهم يرونه ويريدونه شهر الاسترزاق وشهر الهدم وشهر الانحطاط والحط من كل ماهو عظيم فى هذا البلد وأولهم ابن البلد المصرى الأصيل الذى يفدى بنات حارته بنفسه ولا يمسهن مكروه لا يفرض بلطجته عليهن ببساطة هو شهر يستغله أمثال هؤلاء من أشباه النجوم فى تشويه مصرنا الغالية وتغييب شباب المصريين، ونحن نرد بكل قوة لسنا هؤلاء ممن يجيد شخصياتهم هؤلاء المسخ. استوقفنى منذ بداية رمضان أسماء مسلسلات وصور أبطالها خاصة تلك الصورة لنفس المسلسل حيث نشرها الكثيرون، وهى صورة اثنان من البلطجية على أنهم جدعان وأولاد بلد، وأخرى لممثل كنا نعتقد أنه سيروى عطشنا من أفلام الأكشن لكنه يواصل السقوط فى أعمال درامية لا معنى لها وراح يصيح ويصيح ويفرض بلطجته هو الآخر وكأن المنافسة أصبحت الأكثر بلطجة وتغيير لصوته إلى الأخشن وكأن تعبيرات الوجه بالشر أصبحت هى الشر والصوت العالى هو الرعب فبعد ما فرحنا بالسقا من قبل جاء ليقدم عدة أعمال متتالية كأحد مؤدى أدوار السبوبة ليس إلا وفى أعمال تفتقر لأى نوع من الفن، وسؤالى لهؤلاء ممن يحملون راية الفن أو ممن كنا نعتقد أنهم سيحملون راية الفن خلف العظماء هل مصر تستحق منكم ذلك وهل هذه مصر التى تتمنونها؟! وهل هذا هو شعب مصر الذى تصدرون صورته للخارج؟! حقًا سحقًا لما تقدمون من فن إذا جاز لنا وصفه بالفن، فمن الواضح وضوح الشمس أنه ليس لكم من رسالة أو هدف إلا هدم هذا الشعب، ومواصلة رحلة تغييبه، أو أنكم تسيرون خلف أموال منتجى السبوبة الذين لا يهمهم سوى تحقيق المال ولا يهمهم ولا يعلمون أن لكل عمل فنى رسالة.

بكل أسف مسلسلات هابطة وبرامج تافهة، إلا ما رحم ربى، فى وقت تركنا فيه النماذج المشرفة، من مُعلم ورجل دين وطبيب خبير وعالِم محترم، نكرة لا يعلمهم أحد رغم أنهم الأحق بتصدر المشهد ودفعهم للأمام ليكونوا قدوة للشباب وبالتالى عندما تِسأل شبابنا ومستقبلنا عن قدوته فستجده لا قدوة له إلا ممثل مرتزق أو رقاص أو مطرب سبوبة، جريمة مكتملة الأركان فى حق أطفالنا وشبابنا حين سمحنا أن نُصدر لهم تلك النوعيات من الأعمال الفنية ومن يؤدونها كقدوة لهم،  نعم فكما شاهدنا خلال السنوات الماضية من قلد كل أعمال البلطجة والبلطجية سنشاهد من يُقلد أبطال تلك الأعمال فى القريب العاجل لتزيد البلطجة فى الشوارع ويزيد الخطف والاغتصاب تقليدًا لأشباه النجوم الذين يجسدون تلك الشخصيات ويتفننون فى تعليم الأطفال والشباب كيف يصبحون مثلهم ولكن فى الواقع، أبدًا ما ينبغى أن يكون الفن بهذا الشكل، علينا مقاطعة هذه الأعمال والتقدم للأجهزة الرقابية فورًا، بل وأنا أعتبر هذا المقال بلاغًا لمعالى المحترم محامى الشعب المستشار الخلوق حمادة الصاوى النائب العام، لإيقاف هذه الأعمال فورًا رفقًا بهذا الوطن ورفقًا بشعبه وناسه. ودعونى أذكر هؤلاء ممن كنا ننتظر منهم فنًا لا بلطجة أن الجدعنة لم تكن أبدًا بلطجة، الجدعنة رجولة مصرية أصيلة، كرجالنا فى كافة ربوع مصر فى الصعيد والدلتا وشتى بقاع المحروسة، وأطلبهم ومنتجيهم ومخرجيهم أن يذهبوا ليتعلموا من رجال الصعيد والريف والحضر فى مصر، معنى الجدعنة والرجولة لعلهم يعودوا من طريق الضياع الذى يسيرون عليه بلا هدف ولا رسالة إلا الهدم. فإن جاز التعبير فهذه هى دراما هدم الأوطان.  

تم نسخ الرابط