الثلاثاء 02 يوليو 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

هل أصبح التحفيل على منصات التواصل الاجتماعى الباب الخلفى للتعصب الأعمى؟

ما إن ينهزم فريقا الأهلى أو الزمالك فى مباراة لكرة القدم، سواء على المستوى المحلى أو القارى أو الدولى، إلا وينتشر فى وسائل الاتصال الاجتماعى ما يسمى بالتحفيل، حيث يبدأ أنصار الفريق المنافس فى كتابة تعليقات وصور وفيديوهات سخرية من الفريق المهزوم، وكانت موضة التحفيل هذه فى بدايتها لطيفة ونرى فيها خفة ظل المصريين، وكيف يخلقون النكتة سخرية من منافسهم الرياضى، ثم تطور الأمر من التحفيل إلى التجريح والاستهزاء وأحيانا السب والشتم.

وقد يصل الأمر إلى الخوض فى الأعراض، وأصبح التعصب لأحد الفريقين سمة الجماهير، وإذا كان هذا التعصب مذمومًا والخروج عن الآداب والشتائم مرفوضا من جماهير السوشيال ميديا، فما نراه فى الإعلام الرياضى شيء يندى له الجبين، فبعض مقدمى البرامج الرياضية الذين يبحثون عن زيادة المشاهدة، بغض النظر عن مدى ما يقدمونه، يشعلون النار فى الوسط الرياضى خصوصا بين جماهير الأهلى والزمالك، كما أنهم يستضيفون لاعبين سابقين ينتمون لأحد القطبين يعلنون كراهيتهم للفريق الآخر، وتمنياتهم لخصمهم الرياضى بالهزيمة من أى فريق آخر حتى ولو كان غير مصرى، ويقللون من شأن أى إنجاز يحققه الطرف الآخر، ويسخرون من لاعبى خصمهم ويحطون من شأنهم، كل هذا التطرف الرياضى من شأنه أن يزيد الجماهير المتعصبة تعصبا. وهنا يأتى الدور المهم للمجلس الأعلى للإعلام ولجنته الرياضية بتنقية الأجواء الرياضية من هذا الشحن؛ لأننى أعتقد أنه لو كانت مباريات كرة القدم تقام بجماهير، لربما شاهدنا أحداثًا مأساوية جديدة كمأساة استادى بورسعيد والدفاع الجوى.

فمع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعى، وجد المتعصبون بين جماهير كرة القدم منصة واسعة لممارسة ما بات يعرف بـ"التحفيل"، بهدف الاستهزاء بالخصم، أو الاحتفال بطريقة ساخرة، ومهينة أحيانا. وتطورت هذه الظاهرة مؤخرا، خاصة فى الأعوام العشرة الأخيرة، لتأخذ منحنى تصاعديا، بسبب ظهور منصات التواصل الاجتماعى، التى سهلت عملية "التنمر الرياضى". ولعل مواجهة "كلاسيكو مصر" بين الأهلى والزمالك، كانت خير مثال على هذه الظاهرة، حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالمناوشات الإلكترونية بين جماهير الزمالك والأهلى، بعد انتصار الأول فى مباراة كأس السوبر.

وعادة ما يلجأ المستخدمون فى عالم "التحفيل" إلى الصور الساخرة، والعبارات المهينة للخصم، بينما يحاول جمهور الخصم الرد باستخدام "أسلحة" أخرى، مثل التاريخ أو المواجهات السابقة. والشحن الجماهيرى فى لقاء الكلاسيكو المصرى اندلع قبل المباراة، وخاصة مع انتقال نجم الزمالك السابق، محمود كهربا، لصفوف الغريم، الأمر الذى دفع وسائل الإعلام لترقب مواجهات مشحونة بين كهربا وزملائه السابقين. وفور انطلاق المباراة، بدأت جماهير الزمالك باستفزاز كهربا فى الملعب، الأمر الذى أدى لاستفزاز اللاعبين، مما أدى لدخولهم فى مواجهات عنيفة بعد اللقاء، وبالتالى انتقال "العدوى" للجماهير على وسائل التواصل الاجتماعى. ومنصات السوشيال ميديا هى الفارق الرئيسى بين عداوة الجماهير فى الماضى والحاضر، حيث اتسع نطاق العداوة ليشمل المشجعين حول العالم، بدلا من حصرهم عبر المشجعين داخل الملعب، وفى المقاهى. وشجعت وسائل التواصل على مشاركة الآراء الرياضية، ورفع مستوى المنافسة، ولكنها دعمت التنمر ودفعت إلى الهجوم المنفلت أحيانا. و"التحفيل" لم يقتصر على مواجهات الديربى العربية، مثل مباراة الأهلى والزمالك، بل امتد ليشمل مباريات عالمية كبيرة، أبرزها مواجهة "كلاسيكو" بين ريال مدريد وبرشلونة، والتى وصل فيها تعصب الجماهير لأبعد الحدود. ومن اللقطات التى قد تكون معبرة عن واقع العداوة الكبيرة بين الناديين، فى الدول العربية، تلك اللقطة التى شهدت جنازة "وهمية" من جماهير برشلونة، حاملين نعشا عليه شعار ريال مدريد، وسط العاصمة العراقية بغداد، قبل أعوام. الهجوم المتبادل بين جماهير ريال مدريد وبرشلونة امتد لوسائل التواصل الاجتماعى، وأصبحت المناوشات بينهما لقطة طبيعية فى موسم كرة القدم الطويل. ووصل الأمر لتخصيص صفحات مختصة على مواقع مثل "فيسبوك"، لمهاجمة الفريق الخصم، والسخرية من لاعبيهم ونتائجهم.

هذه الصفحات تختص عادة باللقطات المضحكة للاعبى الفريق الخصم، أو صور "الميمز" التى تسخر من حال المشجعين. ووفقا لصحيفة "جارديان"، فإن من المرجح أن يعرض المتنمرون أو "المحفلون" خصائص شخصية ضارة، أى السمات التى تضعف قدرة الفرد على بناء العلاقات والعمل بطريقة حضارية أو مؤيدة للمجتمع. ويتمتع المتنمرون بإيذاء الآخرين وتخويفهم، لدرجة أن مؤلفى هذه الدراسة خلصوا إلى أن المتصيدين هم "ساديون يوميا"، وأن التنمر يجب اعتباره سادية على الإنترنت. هذه الظاهرة، معروفة جيدا لعلماء النفس، وقد تبين أنها ظهرت فى العديد من مجالات العلاقات الشخصية، وتظهر فى حالات مثل الألعاب الإلكترونية، والشغب الرياضى.

ومن النقاط المهمة التى نشرتها الصحيفة، هى الأهمية الشخصية التى يغذيها التحفيل. وبحسب الجارديان، فإن التحفيل هو نشاط يعزز الثقة بالنفس، من خلال جذب انتباه القراء، وإزعاج الناس، وإثارة مناقشات ساخنة، وحتى الحصول على موافقة من الآخرين، وعبره يمكن أن يشعر المتنمرون بأهمية، وربما أكثر بكثير مما هى عليه فى حياتهم الحقيقية. ومن المستبعد أن تتلاشى ظاهرة التحفيل قريبا، فقد أصبحت جزءا أساسيا من عالم الرياضة، وأغنت تجربة المشجع، وجعلته جزءا من الكيان الذى يشجعه. ولكن يتعين على كل من يعلق على وسائل التواصل الاجتماعى، عليه أن يفكر مرات قبل "النشر"، فالتحفيل قد يصل لمرحلة الإهانة الشخصية، وقد يتطور لأن يصبح تنمرا متكاملا.  

تم نسخ الرابط