القوات المسلحة لبت نداء ملايين المصريين وأعادت تصحيح المسار وبناء الوطن
٨ سنوات كاملة تمر على ثورة 30 يونيو، «طوق النجاة» الذى أنقذ البلاد من حكم جماعة الإخوان، التى فككت مفاصل الدولة، وضربت بأمنها القومى عرض الحائط. جاءت «ثورة ٣٠ يونيو» لتبنى وطنًا، وتصحح مسارًا وتفتح آفاق الحلم والأمل أمام ملايين المصريين، الذين هتفوا ضد «سماسرة الأوطان» وسارقى الأحلام، ليستردوا «مصر الحرة». 8 سنوات نجحت خلالها الدولة فى استعادة الأمن وبناء الاقتصاد فى معركة حياة أو موت فى حب مصر على جميع الجبهات. كان النظام الإخوانى تعمد إقصاء الكفاءات، وعدم الاستعانة بالخبرات الاقتصادية والسياسية والشخصيات التى لها خبرات طويلة مشهود لها دولياً ومحلياً فى إدارة الأزمات التى واجهت الدولة فى إطار ما عرف بـ«أخونة الدولة»، برغم أن "مرسى" كان قد أكد أن البلاد ستحتفظ بطابعها الوطنى دون أن تصطبغ بصبغة فصيل سياسى معين، و(أخونة) الدولة المصرية مستحيلة، ولا يستطيع فصيل واحد قيادتها بمفرده. لكن بعد حوالى 8 شهور فقط على وصول رجل الجماعة إلى سدة الحكم عين خلالها بالأمر المباشر 8 وزراء و5 محافظين و8 فى مؤسسة الرئاسة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لأن رجال جماعته نجحوا فى اختراق مفاصل 20 وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء إضافة إلى تعيين 5 نواب محافظين، 12 رئيس حى ومركز، و13 مستشارا للمحافظين.
وقد استهدفت خطة الأخونة جميع المناصب من قمة السلطة متمثلة فى رئاسة الجمهورية التى عمل داخلها 8 إخوان فى مناصب مختلفة بدءا من محمد مرسى نفسه عضو مكتب الإرشاد، رئيس حزب الحرية والعدالة، مرورا بالمتحدث الرسمى، ومساعد الرئيس، ومكتب الرئيس وانتهاء بمستشاريه.
على الرغم من أن تطبيق اللامركزية كان من مطالب الثورة الرئيسية عبر المطالبة بانتخاب المحافظين وتغيير القوانين واللوائح الخاصة بالمحليات لإتاحة فرصة أوسع للمواطنين للمشاركة فى إدارة بيئاتهم المحلية، إلا أن جماعة الإخوان بمجرد وصولها للحكم، سارعت لنشر كوادرها فى المناصب التنفيذية فى المحافظات المختلفة، وفوضت كوادرها ممن تولوا مناصب نائب المحافظ بالإدارة الفعلية لشؤون المحافظات التى عينوا فيها بقرارات صادرة عن الرئاسة مباشرة، حيث خضعت 19 محافظة لسيطرة الإخوان، من خلال تعيين 5 محافظين إخوان، و5 نواب محافظين ينتمون إلى حزب الحرية والعدالة، بالإضافة إلى حوالى 13 مستشارا للمحافظين.
ولم يقتصر وجود الكوادر الإخوانية على مناصب المحافظين ونوابهم، فالتحق 13 منهم فى مناصب مستشارى المحافظين، واحتل 12 عضوًا بالجماعة مناصب رؤساء مدن وأحياء موزعة على سوهاج والمنيا وكفر الشيخ والفيوم، بالإضافة لمناصب محلية تتصل بإدارة المستشفيات وقطاعات المياه والصرف الصحى والكهرباء والإعلام والتعليم وهى فى معظمها تتصل بقرارات المحافظين.
أما فيما يتعلق بـ«حكومة المقطم» فى وزارة هشام قنديل رئيس الوزراء حينئذ، والذى سرعان ما اتجه لضم ثمانية وزراء ينتمون إلى جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، ولم يتوقف تواجد أعضاء جماعة الإخوان فى الحكومة على المناصب السياسية بل امتد للمراكز الإدارية والاستشارية عبر اختيار مستشارين ووكلاء للوزارات ينتمون لحزب الحرية والعدالة، ولم يتوقف وجود هؤلاء على الوزارات التى ترأسها وزراء ينتمون للجماعة، بل امتدت عملية نشر المستشارين ووكلاء الوزارات من أبناء الجماعة إلى الوزارات التى لا يحسب رؤوسها ضمن الجماعة أو حزبها.
كما استحوذ الإخوان على مجلس الشورى والنقابات المهنية وفروعها فى المحافظات، إلى جانب مؤسسات مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والمجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى لرعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة والمجلس الأعلى للصحافة .
وبعد 10 أشهر فقط من رئاسة مرسى، تأسست «حركة تمرد»، تعبيرًا عن حالة الرفض الشعبى لحكم الإخوان، مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وحددت يوم 30 يونيو موعدا لانتهاء المهلة للاستجابة لهذا المطلب ودعت الموقعين للتظاهر بعد انتهاء المهلة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، وتجاهل «المعزول» المطالب الشعبية ووصفها بالمطالب العبثية. وفى 23 يونيو.. أصدر الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، آنذاك، بيانا أعلن فيه أن القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع والاقتتال الجارى والفتنة الطائفية وانهيار مؤسسات الدولة، ودعا إلى إيجاد صيغة للتفاهم وتوافق المصالح خلال أسبوع من هذا التاريخ. وفى أول يوليو، أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا ذكرت فيه أنه من المحتمل أن يتلقى الشعب ردا على حركته وعلى ندائه، داعية كل طرف أن يتحمل قدرا من المسؤولية، وأمهلت 48 ساعة للجميع لتلبية مطالب الشعب. وفى 3 يوليو، ألقى «السيسى» بيانا أعلن فيه خارطة طريق سياسية للبلاد، اتفق عليها المجتمعون، تتضمن تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وسرعة إصدار قانون انتخابات مجلس النواب، وإنهاء رئاسة الإخوان لحكم مصر. وانطلقت مسيرة الشعب نحو البناء على كافة الأصعدة تحت قيادة وطنية واعية، وفى حماية جيش وشرطة بذلوا أرواحهم من أجل الحفاظ على مقدرات مصر بمحاصرة الإرهاب ووقف انتشاره وملاحقته أينما كان. حمى الله مصر شعبها وجيشها وشرطتها من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.