الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

فى الأيام الماضية تصدر اسم حبيبة طارق، المعروفة بـ"فتاة الفستان"، تريند مواقع التواصل الاجتماعى، تلك الفتاة التى قالت على حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" إنها تعرضت للتنمر فى جامعة طنطا أثناء الامتحانات، عن طريق موظفتين من موظفات الجامعة بعدما قالت لها إحداهما: "إنتى نسيتى البنطلون ولا إيه؟"، وذكرت الشابة اليافعة أن هذه الجملة وضعتها فى موقف محرج أمام زميلاتها وزملائها. وبالفعل تعاطف معها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وتحول الموضوع الذى يبدو ربما يكون عاديًا ومتكررا وغير مقصود إلى "ترند"، ومجال خصب للنافخين فى النار والصائدين فى الماء العكر، ممن بدأوا يكيلون التهم للموظفتين تارة وللشابة نفسها تارة أخرى، وأصبح الموضوع كعادة كل "ترندات" مواقع الخراب الاجتماعى بلا أى طعم أو لون أو معنى ورغم ذلك نجد أنفسنا فى صراعات وصلت أن نتحدث عن الدين، مصر التى أهم ما يميزها لحمتها واتحادها وانصهار مسلميها وأقباطها، موضوع كهذا من أجل "الترند"، يريد بعض تجار الخراب أن يذهبوا بنا إلى أن صورة المتنمرة كانت على هيئة الملابس الإسلامية والضحية متبرجة وكأننا فى مجتمع غير مجتمعنا الذى نعيش فيه منذ نعومة أظافرنا، نعم تجار "الترندات" والمستفيدين والإعلام المضلل تفنن فى إظهار الموضوع بشكل يؤجج نارًا لن تتأجج فى مصر فلا وجود ولن يكون لها وجود فنحن فى وطن لا يعرف الفرق بين قبطى ومسلم فالدين لله والوطن للجميع، ولهذا أحب أن أوجه أنظار حضراتكم أن الموضوع لا علاقة له بالدين من بعيد أو قريب، ولن يكون أبدًا. دعونا نتناول الأمر بقليل من الاعتدال والعقل والمنطق وبموضوعية اعتدنا مع حضراتكم عليها، دعونا نذكر أنفسنا بالمثل المصرى القديم "كل اللى يعجبك وإلبس اللى يعجب الناس"، والمثل لا يعنى الإجبار ولكن كل ما يعنيه أن لكل مقام مقال، ودعونا نختلف مع المثل ولا نتفق معه فعلًا خليها "كل اللى يعجبك وإلبس اللى يعجبك"، فليس من حق أحد أن يجبرك على ارتداء شيء لا تحبه والعكس عليك أن تلتزم بزى مناسب للمكان الذى ستذهب إليه، وابنتنا حبيبة طارق البالغة من العمر 19 عامًا، ترتدى فستانًا من فساتين الزمن الجميل لا ننكره عليها ولا نمتلك أن نحجر عليها وعلى أهلها فى طريقة لبسها حتى وإن اختلفت معها، عندما كانت ذاهبة إلى الامتحان ودخلت إلى لجنتها وانتهت من أداء الامتحان خرجت لاستلام بطاقها التى سلمتها عندما دخلت اللجنة، وعندما خرجت وجدت سيدتين من سكان الدلتا المصرية الأصيلة، تعملان فى جامعة طنطا إحداهما منتقبة والأخرى ترتدى خمارًا، وهو حق أصيل لهما كما هو حق أصيل لحبيبة فى الملبس الذى ترتديه، عاتباها بسبب ارتدائها فستانًا قصيرًا بعض الشيء،إحداهما قالت لها: "البسى بنطلون على الفستان"، وأضافت الأخرى: "الهواء قد يرفع الفستان لذلك عليها ارتداء بنطلون أسفله، هو انت منين يا حبيبتى؟ ولما أجابتها من الإسكندرية قالت هم بتوع الإسكندرية كده"، حوار مصرى متكرر بين سيدتين من قلب الدلتا تنكران هذا الزى وفتاة فى عمر الزهور تنصحان وإن كان بطريقة خطأ، فحبيبة والكثيرون ينكرون الزى الذى ترتديه السيدتان، بل وتعالت الأصوات من جديد بمنع هذا الزى من الجامعات، فإن كان ما حدث ضد حبيبة تنمرا فمن يطالب بمنع هذا الزى متنمر أيضًا، أم أن الأمر لم يتعد مجرد نصيحة من سيدتين فى عمر والدة حبيبة -وإن كانتا خطأ- فالأمر ليس بالأزمة التى تم إثارتها وتصديرها وعلى حبيبة وأبناء جيلها ما هو أهم.  وللحق أقول إننا جميعًا من الفلاحين أو الصعيد أو المدن الكبرى أو الساحلية علينا أن نراجع أنفسنا فى زى أبنائنا قبل بناتنا، فهل تقبل أن يدخل ابنك ببنطلون ممزق الجامعة أو شورت أو ما شابه؟ والإجابة لا بالطبع، ولو أخذنا ما قالته المراقبة لابنتنا فى جامعة طنطا على هيئة نصيحة لا تنمر، أليس من الوارد بالفعل خلال حركتها أو جلوسها بفستانها -الذى أكرر أنه حق أصيل لها ارتداؤه- أن يرتفع فيكشف عما هو أكثر من ركبتها الذى يصل إليه الفستان بالكاد وهى واقفة؟ أليس من الممكن أن تكون السيدتان قد رأيتا ما يدفعهما لنصيحة شابة فى عمر ابنتهما، أو ربما رأتا نظرات خبيثة من شباب طائش موجود فى نفس المكان أو حتى أمام الكليات، ووجهتا هذه النصيحة خوفًا على ابنتهما من موقف أصعب؟ لماذا لم نُقدم حسن النية -وإن كان التعبير خاطئا والأسلوب سيئا- وإن كان الأمر بلا إنترنت ولا ترند ولا بحث عن شو وشهرة من بعض مدعى الإعلام ومصدرى المشاكل هل كان المضوع سيصل لأن يُسمى بـ"فتاة الفستان"، ويصبح "ترند" على مواقع التواصل؟ وهل لو كان الأمر لشاب اعترض مراقب أو موظف على لبسه أو مظهره أو زيه سيكون نفس الأمر أم أن الأمر مجرد صيد فى الماء العكر ومحاولة لخلق أزمة بلا أزمة، مشكلة بلا مشكلة، فماذا لو ذهبت الطالبة إلى الصديق العزيز والأخ الأكبر المربى الفاضل الدكتور ممدوح المصرى، عميد الكلية فى الامتحان التالى، وقصت عليه الواقعة؟ أعتقد أنها وقتها كانت ستحصل على حقها لو ثبت أن لها حقا، وطالما حدث ما هو أكبر من ذلك، أو مثلًا توجهت لمكتب رئيس الجامعة الصديق المحترم الأستاذ الدكتور محمود ذكى، رئيس جامعة طنطا، ألن تحصل على حقها حال ثبوته؟ أؤكد لحضراتكم أنها كانت ستحصل عليه كاملًا ودون أى تقصير فجامعة طنطا تُدار بشكل مؤسسى يدعو للفخر ولا مجال للتهاون وهذه شهادة للتاريخ فى حق من يدير هذه الجامعة، الحل ليس فى "ترند" فيس بوك وتويتر، ولذلك خرج بيان جامعة طنطا متزنا عاقلا مؤكدًا أنه لن يتحرك إلا بشكوى أو بلاغ رسمى لا بكلام مُرسل، وهو ما تم بالفعل فور تقديم والد ابنتنا حبيبة بشكوى للجامعة.

وكم كنت أتمنى أن يشكل رئيس الجامعة لجنة قانونية من شيوخ القانون وأساتذته بالجامعة، للتحقيق فى الواقعة فجامعة طنطا محراب للعلم طالما تخرج على يد أساتذتها رجال القانون ورجال فى كل المجالات العلمية والنظرية، ويستطيع أساتذتها بالعقل والحكمة وقبلهما الحيادية المُطلقة أن يبحثوا الشكوى ويُدان من يُدان ويُعاقب من يُعاقب، ولكن فضَل رئيس الجامعة، أن يبتعد وتبعد الجامعة برمتها عن الأمر لأن الجميع ينتمى للجامعة الشاكى والمشكو فى حقهم، فأحال الشكوى للنيابة العامة للبحث والتحقيق وإدانة المدان، وإنصاف المظلوم ورفع الظلم عنه، وطالما الأمر وصل للنيابة ومن بعدها القضاء -حال عدم حدوث تنازل من الشاكى- فنحن نثق فى القضاء المصرى الشامخ ونثق أن العدالة ستأخذ مجراها وسنعرف عقب نهاية التحقيقات وقرارات النيابة ومن بعدها المحكمة الموقرة الحقيقة، وسيبقى الأمر الذى ستحسمه النيابة هل كان الأمر تنمرا أم مجرد نصيحة؟  

تم نسخ الرابط