أية عزت تكتب : « أحفاد قابيل » .. خلف خطوط القتل.. فيروس أخطر من "كورونا"
- لابد من قانون يُجبر المقبلين على الزواج على الخضوع لاختبارات نفسية للتأكد من مدى أهليتهم
- يجب أن يُجرى كل شريكين بحثًا اجتماعيًا قبل الزواج للاطمئنان على متوسط مستوى الدخل وهل يطابق الحد الأدنى من مستوى المعيشة أم لا؟
لم ننتهى بعد من جائحة كوفيد-١٩، حتى يظهر لنا فيروسٌ وحشى آخر، يفتك بنواة الخلية المصرية، يصيب العصب فتنهار البيوتُ رمادًا، يضرب بالقيم المجتمعية والعادات والتقاليد ومن قبلها الأحكام الدينية عرض الحائط، فأصبح الحل لأى خلاف زوجى هو القتل.
وانتهى زمن الاختلاف والنقاش وحتى أن يغضب أحدهم على الآخر (فنحنُ فى عصر السرعة لا وقت للغضب). وإن استحالت الحياة، أن يُطبق أبغض الحلال عند الله ويفترقا بإحسان ولا ينسيا الفضل بينهما لهو ضربٌ من الخيال الآن؛ فإما أن تبقى القضية فى محاكم الأسرة سنين عجاف وإما أن تنتهى قصة الزواج بوحشية كما نرى ونسمع.
عدة حوادث لسيدات يقتلن أزواجهن فى عدد من محافظات مصرية متفرقة، فى نفس التوقيت. الأمر ليس بالجديد، الذى يجعل المجتمع يقف عاجزًا عن الاستيعاب هو تفشى الحالة لتتحول إلى ظاهرة تخرج من جحرها وكأنها الدببة فى موسم الشتاء! فما الذى يدفع زوجة لقتل زوجها؟ وهو فعل يُنافى طبيعة الأنوثة عموماً القابعة داخل كل سيدة، خاصةً السيدة المصرية؛ المعروفة بصبرها الطويل وتحملها كافة أعباء الحياة مع الرجل كتفاً بكتف، قليلة الشكوى، حكيمة الرأى.
التحقيقات جارية والنيابة تقوم بكافة الإجراءات، نثق بأن القانون سيأخذ مجراه فى حل تلك الألغاز والقضاء العادل سيضع عقابًا رادعًا لهن.
وإن كانت مفاتيح بعض الألغاز ظهرت جلية فى التصريحات الأولية للأهالى وشهود العيان، حيثُ كالعادة يتصدر الفقر والعنف والجهل المشهد.
على ابن أبى طالب قال: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته". وأنا أقول: لو كان الفقر رجلاً، فالرفاهية أنثى، لو كان الجهل رجلاً، فالمعرفة أنثى، لو كان العنف رجلاً، فالمودة والرحمة أنثى. لنعدم تلك الأسباب واحدًا تلو الآخر، ولتحيا الأنثى بريئة نقية مُحبة مُضحية ودودة.
أيها المجتمع، لنجعل القانون والقضاء يقوم بعمله، ولنقوم نحن بعملنا ونبحث الأسباب النفسية والاجتماعية التى تسببت فى تفشى مثل هذه الحوادث، لنضع قانوناً مجتمعياً يُجبر المقبلين على الزواج للخضوع لاختبارات نفسية للتأكد من مدى أهليتهم، ليُجرى كل شريكين بحثًا اجتماعيًا قبل الزواج للاطمئنان على متوسط مستوى الدخل وهل يطابق الحد الأدنى من مستوى المعيشة أم لا. إن غاب الوعى، لنحدد لكل أسرة حسب إمكانياتها عدد أطفال محدد؛ حتى لا نظلم جيلاً كاملاً آخر. لتكن قوانين المجتمع رادعة، كفانا استهوانًا بمشكلات تتحول لكوارث وبراكين وتجاويف أرضية تبتلعنا.
أنا لا أدافع عن مرأة قتلت زوجها، كما لا أدافع عن رجل عنف زوجته، ولا أغفر لامرأة تركت زوجها يذهب للعمل دون فطور، كما لا أغفر لرجل لا يُقبل يد زوجته بعد وجبة تكلف إعدادها ساعات فى المطبخ.
نحن فى مواجهة فيروس فتاك لا يرحم، واللقاح الوحيد الذى يستطيع التصدى له هو نزع أسباب تواجده وانتشاره من جذورها.