الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

هل انتهت سياسة "ملء الفراغ" التى تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بهزيمة ألمانيا عام 1945؟.. لقد جاء انسحاب أمريكا من العراق وأفغانستان دليلاً واضحاً على أن واشنطن لم تعد فى حاجة إلى الشرق الأوسط، وهى بذلك أعطت قبلة الحياة إلى الجماعات الإرهابية فى المنطقة، ولذا استولت حركة طالبان على أفغانستان خلال ساعات عقب رحيل القوات الأمريكية فيما يشبه أفلام هوليوود السينمائية.

ولذا على العالم الآن خصوصاً دول الشرق الأوسط أن تتحضر للموجة الثالثة من العنف العالمى الذى تقوده حركة طالبان التى تمتلك العديد من مصانع الإرهابيين خصوصاً فى قندهار وكابول وتورا بورا، وهى التى سبق لها أن أطلقت الموجة الأولى عبر تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى فى التسعينيات والموجة الثانية بميلاد تنظيم الدولة "داعش" فى سوريا والعراق قبل سنوات وهو الذى نشأ على الأفكار الإخوانية والقطبية التكفيرية التى تبناها سيد قطب قبل إعدامه فى الستينيات فأطلق التنظيم عملياته الإرهابية والذئاب المنفردة التى هددت العالم كله وقتلت الأبرياء وباتت دول الشرق الأوسط جاهزة لاستقبال التنين الصينى والدب الروسى لبسط نفوذهما فى المنطقة بديلاً للولايات المتحدة الأمريكية التى تغادر الشرق الأوسط من أجل التفرغ لحربها الاقتصادية مع الصين.

ما الذى حدث فى أفغانستان وكيف اتخذ بايدن قراراً بمغادرة الجنود الأمريكيين لهذه الدولة بعد 20 عاماً تخللها تدريب الجيش الأفغانى على قتال طالبان؟  لقد شيدت واشنطن سياسة ملء الفراغ عقب الحرب العالمية الثانية ومغادرة الاستعمار التقليدى بقيادة إنجلترا وفرنسا لقارتى إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وتركتها فريسة لمن يسيطر عليها فى ظل تقارب الكثير منها مع الاتحاد السوفيتى، ولم يعجب ذلك الولايات المتحدة التى قررت أن تبدأ بأوروبا وتبنى مشروع مارشال لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذى وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكى أثناء الحرب العالمية الثانية ووزير الخارجية الأمريكى منذ يناير 1947 والذى ينص على إنفاق 12.9925 مليار دولار أمريكى لإعادة إعمار وتشغيل الاقتصاد والمصانع الأوربية حتى لا تسقط فى يد الشيوعية كما كان ذلك واضحاً من الخطط السوفيتية آنذاك، وجاء تبنى واشنطن لسياسة "ملء الفراغ" أو سد الفراغ للوقوف فى وجه الزحف الشيوعى السوفيتى ولم يكن أمام الرئيس الأمريكى دوايت ديفيد أيزنهاور، الذى شغل منصب الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة من عام 1953 حتى 1961 سوى الإعلان عن هذه السياسة التى أطلق عليها فيما بعد " مبدأ إيزنهاور" وقد تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد انسحاب القوى الاستعمارية التقليدية وتسعى إلى بسط السيطرة الأمريكية على المناطق التى زال منها الاستعمار الأوروبى فى إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، بهدف حماية المصالح الاقتصادية للدول الرأسمالية أمام الزحف الشيوعى، فقد وظفتها الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة مصالحها ووجه الرئيس إيزنهاور خطاباً إلى الكونجرس عام 1957حول الوضع فى الشرق الأوسط مطالباً بالسماح له بتقديم الدعم لأى دولة تطلب المساعدة الأمريكية عسكرياً ومالياً واقتصادياً بزعم الوقوف فى وجه الهيمنة السوفيتية بعد بدء الحرب العالمية الباردة.

وما بين الرفض والترحيب، تتوزع المواقف الأوروبية حيال أزمة اللاجئين الأفغان التى انفجرت ويتوقع أن تستفحل فى المستقبل القريب، خاصة بعد سيطرة طالبان على كل أفغانستان. وتدفق آلاف الأفغان الفارين إلى مطار كابول فى محاولة للفرار من حكم طالبان، ووصل الحال بالعشرات أن تعلق العشرات بطائرة نقل عسكرية أمريكية عملاقة، سقط عدد منهم من السماء بعد تحليق الطائرة. واتفق خبيران، فى حديث لموقع" سكاى نيوز عربية"، على أن تلك المشاهد تنذر بكارثة تربك العالم بخصوص اللاجئين الأفغان. وبدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على غير حالة الترحيب التى كانت عليها وقت استقبال اللاجئين السوريين عام 2015؛ إذ رأت أنه من الأفضل استقبال الأفغان فى الدول المجاورة لأفغانستان. ودعت المجتمع الدولى لزيادة المساعدات لهذه الدول لمنع الفارين من السفر لأوروبا، وفق ما نقله موقع إذاعة "دويتش فيله" عن مشاركين فى اجتماع لهيئة رئاسة حزبها المسيحى الديمقراطى. كما أطلق الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، مبادرة لمنع "موجات هجرة واسعة تغذى التهريب على أنواعه" من أفغانستان، ومساعدة دول الجوار على استقبال اللاجئين. وفى وقت سابق، أعلنت الخارجية الأمريكية معايير لقبول اللاجئين، للحد من تدفقهم، منها أن يتجه الأفغان إلى دولة ثالثة قبل التقدم لطلب اللجوء إلى الولايات المتحدة. غير أن ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة رحبت بالأفغان ممن تعاونوا مع قواتهم فى أفغانستان، ومن وصفوهم بالمدافعين عن حقوق الإنسان. وفى النمسا، أعلن وزير الداخلية، كارل نيهمر، أن بلاده ستقترح على مجلس وزراء الداخلية فى الاتحاد الأوروبى، الأربعاء، إنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين فى الدول المجاورة لأفغانستان. فى المقابل، طالب المفوض الاقتصادى بالاتحاد الأوروبى، باولو جينتيلونى، أوروبا بإنشاء "ممرات إنسانية لاستقبال اللاجئين الفارين من أفغانستان" لتجنب التدفقات غير المنضبطة. إننى أؤكد أن الجميع يستشعر خطورة تدفق الأفغان والإرهابيين، وهو ما يدعم تنظيم داعش فى سوريا والعراق ومنطقة الساحل والصحراء.

 

تم نسخ الرابط