الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: « طوق النجاة » .." الجمهورية الجديدة ".. من الانهيار إلى الإعجاز الكامل

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- كيف أعاد الرئيس بناء مصر من جديد بعد "سنوات الضياع"؟.. وما سر المشروعات القومية الكبرى؟ 

- ماذا فعل السيسى لمواجهة "عصابات الإخوان"؟.. وهل انتهت الجماعة الإرهابية على الأرض؟ 

- الصدق والإنجاز والإخلاص سر النجاح .. ولا عزاء لصناع الفوضى والمحرضين والممولين من الخارج .

يقولون إن زمن المعجزات قد انتهى.. لكنهم يحتاجون، فقط، لرؤية ما يحدث فى مصر الآن كى يبدلوا آراءهم!.. وهل هناك توصيف آخر لما يحدث؟!

لقد تبدل الحال بالكامل خلال سبع سنوات.. "مصر التى كانت" غير "مصر التى أصبحت".. دولة جديدة تتأسس على الأرض لا تشبه تلك القديمة إلا فى الاسم فقط!

إنها بحق "جمهورية جديدة" تخاصم كل ما ساد "الجمهورية القديمة" من فشل وفساد وإهمال وتخلف أوصلها إلى الضياع الكامل فى أحداث ٢٤ يناير قبل أن تسترد عافيتها بعزم الرجال، "رجال الظل"، الذين وقفوا حائط صد أمام سيناريوهات نشاهدها على امتداد المنطقة.

هذه "الجمهورية الجديدة" تبنى قواعد المجد على كل شبر من أرض مصر، بجهود قائد عظيم اسمه عبدالفتاح السيسى.

هل نستعيد المشهد سويا؟

كانت مصر بعد أحداث ٢٥ يناير مفككة بالكامل.. الفوضى تعم كل شيء.. ورائحة التآمر تفوح فى كل الأرجاء.. ومن هنا كان طبيعيا أن يصل إلى قصر الرئاسة إخوانى بدرجة جاسوس!

حدث هذا فى سنوات التيه التى تلت ٢٥ يناير.. قبل أن ينهض الشعب ويضرب المؤامرة فى ثورة ٣٠ يونيو متمسكا بدولته الوطنية وهويته المصرية أمام "غربان الإرهاب".

وكان له ما أراد.. فكما قال شاعر تونس العظيم أبوالقاسم الشابى "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".

أنهت مصر "سرطان الإخوان" قبل أن ينتشر فى "جسد الوطن"، واستمرت فى اقتلاع هذا "الورم الخبيث" بالحرب المقدسة على الإرهاب أمنيا وفكريا.

لكنها، وهى تخوض هذه المعركة الواجبة، كان لا بد لها أن تسير بالتوازى فى "معركة البناء".. ولم يكن هناك أهل لهذه المهمة إلا رجل واحد فقط.

خرج هذا البطل من صفوف القوات المسلحة المصرية متقدما للترشح لرئاسة الجمهورية، واختاره الشعب لهذه المهمة بأغلبية ساحقة.

ومنذ اليوم الأول له فى حكم مصر بدأ العمل على الجبهتين.. جبهة الإرهاب وجبهة البناء.. وكان يمكن أن يرتكن إلى شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ولم يكن ليلومه أحد.. لكنه، وكما عهدناه دائما، كان قائدا وطنيا مخلصا على قدر الثقة، لا هم له إلا بناء هذا الوطن.

أعاد الرئيس السيسى الروح إلى الدولة المصرية مرة أخرى.. كانت العملية صعبة ومستعصية على أى جرَّاح.. لكنه قادر على تحدى كل الصعاب طالما كان الشعب معه.

وقد جبر المصريون خاطره دائما.. وكانوا إلى جواره فى كل المحطات الصعبة والفارقة حتى وصلنا إلى بر الأمان.. أو إن شئت الدقة "بر الجمهورية الجديدة".

هذه "الجمهورية المصرية القائمة بثباتٍ ورسوخ على مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التى تمتلك القدرات الشاملة: عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا وتعلى مفهـوم المواطنة وقبول الآخر وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية وتتطلع لتنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع المصرى قائمة على ترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية.  

كما تسعى لبناء الإنسان المصرى بناءً متكاملًا صحيًا وعقليًا وثقافيًا، إيمانًا بأن الإنسان المصرى هو كنز هذا الوطن وأيقونة انتصاره ومجده.

فمصر القوية، الحديثة، المدنية، الديمقراطية هى التى تليق بالمصريين وتعبر عن إرادتهم وتناسب تطلعاتهم وتمثل تضحياتهم".

ولقد توقفت أمام تحليل مهم للدكتور عبدالمنعم سعيد، عضو مجلس الشورى والخبير الإستراتيجى الكبير، حول "الجمهورية الجديدة" يستحق أن نقرأه جميعا، فهذا رجل لا ينطق من فراغ بل عن علم ودراسة.

يبدأ الدكتور عبدالمنعم سعيد مقاله، الذى نشره مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء قائلا:

فى شهر يوليو ٢٠١٤ نشرت مقالًا فى دورية Middle East Brief الصادرة عن مركز "كراون" لدراسات الشرق الأوسط بجامعة "برانديز" بالولايات المتحدة الأمريكية؛ وكان العنوان "فك شفرة عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر الثالثة أو Deciphering Abdel Fattah El-Sisi: President of Egypt Third Republic كان التقدير وقتها أن الجمهورية الأولى جاءت فى ١٨ يونيو ١٩٥٣، عندما أنهى مجلس قيادة الثورة المصرية النظام الملكى وأقام الجمهورية الأولى، وجاءت الجمهورية الثانية مع تولِّى الرئيس "محمد مرسى" الرئاسة، فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢، ومعه بدأ حكم الإخوان المسلمين الذى انتهى مع نشوب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وإصدار دستور ٢٠١٤، وإجراء الانتخابات الرئاسية التى أدت إلى تولِّى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٤.

ويضيف: والواضح من هذا الترتيب أن الجمهورية الأولى قامت على عهد الضباط الأحرار وثورتهم فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، أما الجمهورية الثانية فآلت إلى حكم جماعة الإخوان المسلمين، أما الثالثة فاستندت إلى ثورة جديدة لم تكن رافضة فقط لحكم الإخوان، وإنما غير مستعدة لعودة الدولة المصرية إلى سابق عهدها قبل قيام ثورة يناير ٢٠١١، ومع تحليل الخريطة المفهومية أو Cognitive Map لرئيس الجمهورية الثالثة كان لها ثلاثة مفاتيح، أولها: أن يقوم المصريون بالعمل، والعمل الشاق، من أجل إصلاح مصر وتقدمها ووضعها فى المكانة التى تستحقها فى العالم، وثانيها: تغيير خريطة مصر أو الجغرافيا المصرية القائمة على التركيز الشديد فى وادى النيل إلى الانتشار فى المساحة المصرية، فينتقل المصريون من النهر إلى البحر، حيث شطآن البحرين الأبيض والأحمر والخليجان المحيطان بسيناء، السويس والعقبة، وثالثها: التنمية الكثيفة والسريعة والعميقة والقائمة على القانون والدستور.  

يقول الدكتور عبدالمنعم: فى نهاية المرحلة الفرعونية من التاريخ المصرى تعجّب كهنة الديانة الأوزيرية من سلوك الهلينيين (أهل اليونان الآن) الذين وفدوا إلى مصر ينهلون من علمها القديم وفنونها المبهرة، ولخّص كاهن قضيته مع الوافدين الجدد بالقول "إنهم كالأطفال يسألون أسئلة كثيرة"؟! كانت الحضارة المصرية قد كفّت عن التساؤل حول الحياة وما يجرى فيها، فى مرحلة باتت فيها الدنيا أكثر تعقيدًا مما كان عليه الحال قبل ثلاثة آلاف عام، عندما مرّت مصر بعهود قوة انتهت إلى ضعف وتهافت.

كان الجيش المصرى قد خاض آخر معاركه فى عام ١٨٦ قبل الميلاد، بينما بدأت تهل على الإنسانية حضارة أخرى كان نجمها العسكرى الساطع الإسكندر الأكبر؛ بينما كانت نجومها فى الفلسفة والفكر من سقراط إلى أفلاطون إلى أرسطو إلى أبيقور، وعشرات غيرهم يطرحون على الكون أسئلة لم يجرِ طرحها من قبل، وربما لم يكن هناك مكان فى العالم يمكن للعسكريين والفلاسفة أن يلتقوا فيه إلا فى الإسكندرية التى أسّسها الأوائل من البطالمة ورثة الإسكندر؛ ولكن سيرتها التاريخية باتت مع المكتبة والبحث العلمى أيقونة تاريخية.  

ويضيف: مع نهاية الحقبة الفرعونية من تاريخ مصر، تداولت على الإقليم المصرى إمبراطوريات وممالك، حتى بلغت مبلغها مع الاحتلال العثمانى الذى استمر فيها خمسة قرون تقريبًا، حتى جاءت الحملة الفرنسية على مصر لكى تبدأ مصر مسيرة الحداثة، قرنان وعشرون عامًا انقضت منذ ذهب نابليون إلى باريس تاركًا مصر، وخلالهما جرت محاولات للتجديد فى التفكير والتغيير فى الواقع، بدأت انطلاقها مع تولِّى "محمد على" ولاية مصر، وبينما كان ممكنًا استعارة تكنولوجيات الحضارة الغربية من سكك حديدية إلى التلغراف وحتى الكمبيوتر والذكاء الاصطناعى؛ ولكن كان الفضول العلمى والاستكشاف والشغف بالمجهول مستعصيًا على التفكير، محاولات "على عبد الرازق"، و"طه حسين"، و"حسين فوزى"، وغيرهم سرعان ما شحبت، وبقى معنا أفكار "حسن البنا" و"سيد قطب"، وحتى بعد رفضهما، ظل التفكير التآمرى والعداء للفضول والاستكشاف ذائعًا ومؤثرًا فى الفكر المصرى الفلسفى والسياسى، محاولات "عبد الناصر" فى القومية العربية، و"السادات" فى الوطنية المصرية، و"مبارك" فى اليقظة الاقتصادية خاصة فى أعوامه الأخيرة؛ تكسّرت كلها على موازين القوى فى عالم المعرفة والفضول والتساؤل وطرح الأسئلة الأولية، الرئيس "السيسى" ربما كان بين الحكام أول من طرح وبشجاعة "ضرورة تجديد الفكر الدينى"، وكان ذلك داخل الأزهر قبل سنوات، واستمر فى هذه الدعوة حتى الآن، كان ذلك قبل التطورات المهمة التى جرت فى الأزهر مع توقيع وثيقة "الإخوة الإنسانية"، ولكن المبادرات التى أرساها الرئيس كانت أبعد مدى، وأشد تأثيرًا.   

ويذكر أنه رغم مرور سبع سنوات على تولِّى الرئيس "السيسى" للسلطة، فإنه ظل يشير باستمرار إلى عملية عميقة للانتقال المصرى من حالته التى جعلته بعيدًا عن صفوف الدول المتقدمة إلى أن يكون فى المقدمة منها، وفى رؤية مصر ٢٠٣٠ جرى النصّ على أنه مع حلول عام ٢٠٣٠ فإن مصر ينبغى عليها أن تكون واقعة بين الثلاثين دولة الأولى فى العالم، ومؤخرًا أعلن الرئيس "السيسى" أن مصر مع افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة سوف تشهد مولد "جمهورية ثانية"؛ وتزامن ذلك مع ما جاء من اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولى يترتب عليه قيام مصر بمجموعة من الإصلاحات "الهيكلية"، بعد أن نجحت مصر فى الاتفاق الأول الذى قام على إصلاحات "مالية ونقدية"، أضف إلى ذلك إشارات وعلامات أخرى على أنه بعد التغييرات الكثيرة التى جرت فى مصر وعلى أرض الواقع من بنية أساسية شملت مجالات كثيرة، فإن الأوان جاء لتجديد الفكر المصرى كله دينيًّا ومدنيًّا؛ لكى يتجاوز الفكر المحافظ السائد.  

ويوضح: الانتقال من الجمهورية الأولى للثانية يقوم على مبدأ فى الفكر "الديالكتيكى" مفاده أن التغيرات "الكمية" عند تصاعدها إلى مراحل أعلى تصبح تغيرات "نوعية" تمثِّل مرحلة مختلفة جذريًّا عن المرحلة السابقة، وخلال السنوات السبع السابقة شهدت مصر تغييرات كبيرة فى بنيتها الأساسية، وفى فتح ملفات تنموية طال انتظار فتحها، كما دخلت مصر فى مجالات كبيرة من التعليم إلى الصحة إلى إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، وكان أهم ملامحها أولًا: تغيير الخريطة أو الجغرافيا التنموية المصرية من التمحور حول نهر النيل الذى اعتمدت مصر عليه لآلاف السنين، إلى البحار الواسعة، ماءً وضفافًا المحيطة بالدولة، وثانيًا: اختراق الأراضى المصرية من سيناء إلى الصحراء الغربية، وهو ما يجرى من إقامة لمدن جديدة، وإقامة الأنفاق والطرق؛ لتأكيد ارتباط البلاد ببعضها البعض، وثالثًا: "إدارة الثروة وليس إدارة الفقر"؛ فقد درجت الدولة المصرية خلال العقود الماضية على سياسات اقتصادية تمنع التراكم الرأسمالى، وتركز على محاولة حماية الفقراء، بينما عملت الجمهورية الأولى على تنمية "الثروة"، وتعظيم مزايا مصر التنافسية إزاء العالم الخارجى فى السلع والبضائع والخدمات والتكنولوجيا، ورابعًا: السعى نحو زيادة الصادرات، فتكون التنمية من أجل التصدير، جنبًا إلى جنب مع سياسة الإحلال محل الواردات، وخامسًا: التركيز على "السوفت وير" الذى يكفل التشغيل والفاعلية لكل ما سبق، من خلال مراجعة التشريعات، وتحسين السياسات الخاصة بالصحة والتعليم والثقافة، وإحاطة ذلك كله بإستراتيجية لرقمنة الدولة تكفل تحسين أدائها، ودخولها إلى العالم المعاصر، وسادسًا: التأكيد أن عناصر القوة المصرية ليست "صلبة" فقط من القوة العسكرية إلى القوة الاقتصادية، ولكنها ناعمة أيضًا متمثلة فى تاريخها، وجغرافيتها، وفكرها، وإعلامها، وفنونها، وأدبها، ومتاحفها، كل هذه الذى لا يماثلها وجود فى دول المنطقة الأخرى، تحتاج إلى التحفيز والدعم والاستخدام السياسى والاقتصادى.  

ويواصل: ربما لم تكن هناك مصادفة إعلان الرئيس "السيسى" أن افتتاح العاصمة الإدارية سوف يكون موعد ميلاد الجمهورية الثانية؛ حيث سيكون الموعد نوعًا من إشهار التحول النوعى للتراكمات الكمية السابقة، ليس فقط فى مجال توسيع المعمور المصرى، وإنما فى التحديث الكامل للبنية الأساسية التى باتت قادرة على تحمُّل ما سوف يأتى من تحديثات كيفية، وإذا كان البرنامج الجديد للإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصرى، وفقًا للاتفاق مع صندوق النقد الدولى، يشمل التشريعات والمحفزات لتوسيع دور القطاع الخاص فى الاقتصاد القومى، وزيادة كفاءة الاقتصاد بوجه عام، فإن الجمهورية الثانية لابد لها وأن تشمل تغيرات نوعية؛ أولها: إعادة توزيع السكان بالانتقال إلى المدن الجديدة، وسيناء، والوادى الجديد، والساحل الشمالى، وهو ما سوف يخلق خريطة جغرافية وديمغرافية جديدة لمصر، لم تعرفها خلال الألفيات السابقة من عمرها، وثانيها: أنه طبقًا لذلك فإن تغييرًا نوعيًّا فى البناء الإدارى للدولة والقائم على ٢٧ محافظة لابد وأن يشكِّل استجابة جديدة ليس فقط فى العدد، وإنما فى طبيعة العلاقة القائمة بين المركز فى العاصمة والأطراف، وثالثها: تفعيل المادة ٢٤٨ من الدستور الخاصة بتطوير النظام السياسى وتوسيع النطاق الديمقراطى للدولة، ورابعها: الاستجابة للتطورات التكنولوجية العالمية الجديدة، فلم يعد ممكنًا أن تتخلف مصر عن الثورات الصناعية والتكنولوجية الكبرى فى عالمها كما حدث من قبل. 

إننا أمام عهد جديد بحق.. ولنا كل الحق فى أن نفخر بما نصنعه على الأرض.

 

 

تم نسخ الرابط