◄متجدد دائما وأغانيه تحرض على البهجة وحب الحياة وجمهوره يضم مختلف الأجيال
◄وصل بالأغنية المصرية للعالمية ونجح فى “تحديث الطرب المصرى”
◄مواكب لأى تطور.. وينتقى كلمات أغانيه بعناية ودقة فائقة
قد يرى البعض أن الاحتفال بعيد ميلاد النجم عمرو دياب مناسبة عادية مثلها مثل أي احتفال من هذا النوع، بينما أراه احتفالًا ليس لشخص عمرو دياب وحسب، بل هو احتفال بتلك النقلة النوعية التي شهدتها الأغنية المصرية على يديه، فمنذ أول ظهور له وهو يضع نصب عينيه هدف محدد وهو التميز والتفرد وعدم الانسياق وراء أي شيء يبعده عن البقاء في القمة، فأصبح هو (قاهر الزمن) حيث كان وما زال وسيظل يقف على أرض صلبة وبمثابة حائط الصد الأول لتلك المحاولات المستميتة التي تستهدف تهميش الأغنية المصرية ومحوها من الوجود، ولكن بفضل ما يقدمه بشكل دائم من غناء وطرب أصيل ستظل الأغنية المصرية قوية وشامخة في عنان السماء. لذا فقد تحول "قاهر الزمن" بالفعل الى حالة خاصة جدًا من الفن الجميل ، فأغنياته تمتع الكبار والصغار على حد سواء كما لم يتوقف نبع إبداعه عند جيل معين، بل نراه دائمًا وهو يفيض إبداعًا يتجدد ويتطور ليصبح هذا الإبداع الجميل صالحًا لكل زمان وممتعًا لكل الأجيال. ومن خلال متابعتى لمسيرة عمرو دياب الفنية فإن عمرو دياب يمثل جانبًا مهمًا من جوانب الفن المصرى وأحد الأعمدة الرئيسية فى دنيا الغناء والطرب الحقيقى وذلك لأننى أتحدث عن الفنان الحقيقى الذى أعرفه وأعى جيدًا مدى وطنيته وحبه وإخلاصه لمصر وأتفهم بالطبع قيمة وأهمية دوره الرائد فى التصدى لحملات تهميش المطربين المصريين خلال سنوات سابقة كانت خلالها الريادة المصرية فى مرمى السهام من أكثر من اتجاه، وهذا الدور الوطنى الذى قام به ليس جديداً على عمرو دياب فهو من المطربين القلائل الذين يحترمون أذواق جمهورهم المتفاوتة بل يسعى جاهداً لإرضاء هذا الجمهور الذى هو فى حقيقة الأمر يمثل مختلف الأجيال وهو ما دفعه إلى الحرص على تقديم ألوان وأشكال مختلفة من الأغنيات فحقق شهرة كبيرة ليس فى مصر فقط بل فى العالم أيضاً وهو ما لمسته بنفسى فى أكثر من دولة أوروبية كنت أزورها فقد كنت أستمع هناك إلى أغانى عمرو دياب فى أماكن عديدة وخاصة تلك الأماكن التى يتواجد فيها مواطنون عرب وفى رأيى فإن تلك الجماهيرية الكبيرة لعمرو دياب خارج مصر لم تأت من فراغ وإنما لأن عمرو دياب كان قد اختار لنفسه نهجًا خاصًا منذ بداياته وسار على هذا النحو من الإتقان إلى أن وصل فيما بعد إلى ما هو عليه الآن، دون أن يحاول تغيير مساراته حتى فى ظل أسوأ وأحلك الأوقات خاصة تلك التى شهدت هزات عنيفة للوسط الفنى بشكل عام ولمجال الموسيقى والغناء على وجه الخصوص.
ومن يتابع مشوار عمرو دياب يعى جيداً أن قيمة عمرو دياب الحقيقية تتجلى فى أنه يعرف جيداً مواطن القوة والثراء فى الأغنية المصرية وبالتالى فهو يمتلك القدرة على كيفية الوصول إليها بكل بساطة وسهولة وينتقى أجمل ما فيها ليحتفظ دائما بشبابها من أجل أن تصل إلى الناس طازجة دافئة بدون شوائب وهذا سر قدرة أغانيه على الصمود والوقوف فى وجه العديد والعديد من موجات الأغانى الهابطة التى حملت معانى وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، ليس هذا فحسب بل إنه نجح أيضاً وببراعة فى الوصول إلى أعلى حالات الأغنية المصرية شكلا ومضمونا، فكان همه الأول والأخير هو تحديث الطرب المصرى سواء من ناحية الموسيقى أو اختيار الكلمات الراقية التى تعبر عن شباب مصر فى تطوير دائم ولهذا فهو يفاجئنا دائماً بكلمات أغانيه التى تصل لكل المحبين الذين يشعرون أنه يعبر عنهم ويجسد على أرض الواقع ما يعيشونه بالفعل من قصص حب، ليس هذا فحسب بل إنه يمتلك القدرة أيضاً على أن يجعلنا نعيش معه فى حالة حب دائم خاصة أن أغانيه تمثل بشكل حقيقى العشق والوداع والفراق، لدرجة أننا يمكننا أن نعتبره "ساحرا" لا يتوقف عند نجاح أو يرضى بأى تألق، بل إنه كالشهب الملتهب المنير لا تطفئه رياح بل تزيده قوة وصمودا وتحديا، فهو ببساطة شديدة حريص دائماً على النجاح وعلى احترام جمهوره، وبالتالى فهو يجنى باستمرار حب هذا الجمهور له.
ويحلو لى دائماً أن اصف عمرو دياب بـ "قاهر الزمن" فهو بالفعل يستحق هذا اللقب وعن جداره لأنه وبكل تأكيد استطاع أن يقهر الزمن ويصبح فى حالة شباب دائم وحيوية مستمرة، وكلما جلست معه يمنحنى طاقة ايجابية رهيبة فهو مصدر حقيقى للالهام والتألق، لذلك ظل راسخا بأقدامه الثابتة فوق قمة الغناء المصرى، ليظل عمرو دياب أسطورة تتفجر حولها الشموس، فهو يمتلك القدرة على كيفية الوصول الي المستمع بكل بساطة وسهولة وينتقى أجمل الكلمات واروع الالحان ليحتفظ دائما فى مكان الصدارة والوقوف فى وجه العديد والعديد من موجات الاغانى الهابطة، فمنذ بداية شواره الطويل الذى كان قد بدأه فى حقبة الثمانينيات بألبومات: "يا طريق، غنى من قلبك، هلا هلا، خالصين، شوقنا، ميال«، أما نقطة التحول الحقيقية فى مسيرته الغنائية، والتى من خلالها استطاع أن يضع أقدامه على أعتاب خريطة النجوم العالميين، وجاءت حقبة التسعينيات وتألق بـإصدار ألبومات غنائية تضمنت: "ماتخافيش، حبيبى، آيس كريم فى جليم، أيامنا، يا عمرنا، ذكريات، ويلومونى، راجعين، نور العين، عودونى، قمرين" وظل عمرو دياب ينتقل من مرحلة إلى أخرى بسلاسة ونجومية وتألق وأعتقد أن سر هذا التألق للهضبة أنه مازال يسعى لتقديم أنواع جديدة من الموسيقى، ليبقى القائد الفنى العملاق الذى يتبعه كل من يريد التميز فى هذا المجال.
وهنا وفى يوم مولد قاهر الزمن لابد وأن أسجل موقفًا صريحاً وواضحاً هو أننى حينما أكتب عن عمرو دياب، فإننى لا أكتب عن مجرد "مطرب" أمتعنا بصوته العذب، وكلماته الحساسة التى يختارها بعناية وبدقة فائقة، ولا عن مطرب ينتقى ألحانه بشكل احترافى ومتجدد باستمرار، لكننى أكتب هنا عن حالة خاصة جدًا، وموهبة فنية لم يقتصر دورها على تقديم الأعمال الغنائية المهمة التى ترجمت إلى عدد كبير من لغات العالم.