ماذا أعطى الإسلام المرأة من حقوق؟ وماذا قرر لها من مزايا؟ وماذا منحها من تكريم، سواء فى مجال العبادات أو المعاملات؟ وكيف قدم الأم على الأب فى الرعاية؟.. إن المتأمل فيما جاء به القرآن والسنة لرفع شأن المرأة وإعطائها المكانة اللائقة بها لا يملك إلا أن يقول: المرأة المسلمة لها منزلة رفيعة فى الإسلام لا يمكن أن تصل إليها نساء العالم أجمع.. ونظرا لأن الحقوق التى قررها الإسلام للمرأة كثيرة ومتعددة فإننا سنكتفى بالإشارة إلى بعضها، لنبين مدى ما أحاط الإسلام المرأة بأغلى وأثمن ألوان الرعاية والعناية والتكريم والاعتزاز. إن الله سبحانه وتعالى أشار فى القرآن الكريم إلى أنه خلق لنا أزواجا من أنفسنا، أى أن المرأة من نفس الرجل، فقال جل شأنه: (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ).
ويقول سبحانه وتعالى فى آية أخرى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ). ويقول كذلك: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً). ثم إن الله سبحانه وتعالى جعل إيمان النساء كإيمان الرجال لا فرق بينهما، أى سوى بين الرجال والنساء فى العقيدة، فقال جل شأنه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ). ومادامت المرأة متساوية مع الرجل فى الإيمان فإنها تأخذ مثل جزائه ومصداق ذلك قوله جل شأنه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ".). وقوله أيضا: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ). وتكريما من الإسلام للمرأة ساواها بالرجل فى البيعة فأنزل الله تعالى آية بيعة النساء يوم فتح مكة وهى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ). وكان صلى الله عليه وسلم يقول لهن فى المبايعة: " بايعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ في نسوةٍ فلقَّننا فيما استطعتُنَّ وأطعتُنَّ قلتُ اللهُ ورسولُهُ أرحمُ بنا من أنفُسنا قلتُ يا رسولَ اللهِ بايِعنا قال إني لا أصافحُ النساءَ إنما قولي لامرأةٍ قولي لمئةِ امرأةٍ ". أما تعليم المرأة فقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم حقا لها ومن وصاياه فى هذا الشأن: " أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ ، فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ ". وكانت أم المؤمنين حفصة تعلمت القراءة والكتابة، فأمر الرسول الشفاء العدوية بأن تعلمها حسن الخط. ومن الحقوق التى قررها الإسلام للمرأة: حق الميراث ولم يكن لها من قبل ذلك النصيب فى الميراث، فجاءت الآية الكريمة تقرر لها هذا الحق: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا).
وأيضا من الحقوق التى جاء بها الإسلام للمرأة: حق اختيار الزوج، فلا يحق لأهل الفتاة أن يجبروها على التزوج من رجل لا ترضاه ومعنى هذا لا إكراه فى الزواج. وكان أهل الفتاة يزوجونها دون أن ترى زوجها أو حتى تعلم اسمه، كما أن الإسلام جعل المهر حقا خالصا للفتاة، إن شاءت أنفقت منه على جهازها، وإن شاءت لا تنفق. وصيانة للمرأة واحتراما لشخصيتها أبطل الإسلام أنواعا من الزواج كانت تحط من شأن المرأة وتهينها.