محمود الشويخ يكتب: حكيم "جلاسجو" ماذا قال كبار العالم عن الرئيس السيسى؟
- ما سر حضور الرئيس القمة الدولية للمناخ؟.. ولماذا اصطف الجميع لمصافحته والحديث معه؟
- كيف نجح فى خطف الأنظار بالمملكة المتحدة؟.. ورسالة التحذير القوية حول سد النهضة الإثيوبى .
- كواليس التحالف الجديد مع بريطانيا أمنيا وعسكريا.. وهل تطرد إنجلترا الإخوان من أراضيها؟
زعيم عظيم.. وقائد محنك.. هذا هو الرئيس عبدالفتاح السيسى.. الذى وقف العالم احتراما له فى قمة المناخ التى عقدت بمدينة جلاسجو الأسكتلندية فى الأول والثانى من نوفمبر الجارى.
وقف الرئيس السيسى متحدثا أمام قادة العالم الكبار بصوت البلدان النامية والمستضعفين وضحايا توحش الدول الكبرى.. تحدث بصدق وشجاعة.. بقوة وعزيمة.. تحدث بآمال الجميع فى علاج الآثار الكارثية لتغير المناخ.. لم يهادن أو يصمت.. فهذه ليست عادته أبدا.
ولقد قدمت هذه القمة، المهمة فى توقيتها المهمة فى ملفاتها، دليلا جديدا على ثقل مصر الإقليمى والدولى.. فها هم قادة العالم يصطفون لمصافحة الرئيس، واحدا تلو الآخر، يستمعون إلى رؤيته لأحوال إقليم مضطرب.. ولم َلا؟.. فهو حكيم هذا الإقليم ورجله القوى.
أما عن القمة؛ فقد جاءت مشاركة الرئيس بها تلبيةً لدعوة رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، الذى تتولى بلاده الرئاسة الحالية للقمة، وذلك فى ضوء الدور الهام الذى تقوم به مصر على المستويين الإقليمى والدولى فى إطار مفاوضات تغير المناخ.
وركزت أعمال القمة على الموضوعات التى تهم الدول النامية بشكلٍ عام والإفريقية على وجه الخصوص، خاصة ما يتعلق بتعزيز الجهود لدفع عمل المناخ الدولى، فضلاً عن التأكيد على ضرورة التزام الدول الصناعية بتعهداتها فى إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ، وكذلك التأكيد على تطلع مصر لاستضافة الدورة القادمة لقمة تغير المناخ خلال العام القادم ٢٠٢٢.
وشارك الرئيس فى الشق رفيع المستوى، حيث ألقى كلمة تناولت الموقف المصرى وركائزه تجاه قضايا تغير المناخ، باعتبار مصر تمثل دول القارة الإفريقية وبصدد استضافة المؤتمر القادم للتغيرات المناخية "cop27" العام المقبل.
وأكد الرئيس أن العمل على مواجهة تغيرات المناخ يعد أمرًا حتميًا لا يحتمل التأجيل، مشددًا على أن مصر تدرك حجم التحديات التى تواجه الدول النامية التى تحتاج إلى دعم مادى لمساعدتها على مواجهة تداعيات تغير المناخ.
وقال إننا نشعر بالقلق إزاء الفجوة بين التمويل المتاح وحجم التحديات الفعلية، مؤكدًا ضرورة وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها بتوفير 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية على مواجهة التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية.
وأضاف أن قارة إفريقيا تواجه التداعيات الأكثر سلبية لظاهرة التغيرات المناخية رغم عدم مسؤوليتها عنها، مشيرًا إلى أن مصر بادرت باتخاذ خطوات جادة لتطبيق نموذج مستدام للتكيف مع التداعيات الناجمة عن تغيرات المناخ، من بينها زيادة عدد المشروعات الخضراء وتنفيذ مشروعات لترشيد استهلاك المياه وتبطين الترع.
وأشار إلى أن مصر تعمل على التحول إلى النقل النظيف وفق إجراءات عديدة وإنشاء المزيد من المدن الذكية، وأكد دعم مصر للرئاسة البريطانية لقمة الأمم المتحدة للتغيرات المناخية "كوب 26"، مبديًا تطلع مصر لاستضافة الدورة القادمة لقمة المناخ.
وشكل برنامج زيارة الرئيس إلى بريطانيا عقد مباحثات مع رئيس الوزراء البريطانى، بجانب مجموعة من اللقاءات خلال القمة مع عدد من رؤساء الدول والحكومات، وذلك للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائى وكذلك التشاور وتبادل وجهات النظر والرؤى بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وفى التفاصيل؛ التقى الرئيس مع رئيس الوزراء البريطانى؛ حيث شهد اللقاء إجراء مباحثات ثنائية معمقة بين الجانبين حيث رحب فى مستهلها رئيس الوزراء البريطانى بزيارة الرئيس لجلاسجو، مثمّناً الروابط الحالية الوثيقة بين مصر وبريطانيا، وقوة الدفع المتنامية التى تشهدها العلاقات بين البلدين مؤخراً، ومؤكداً أن مصر تعد أحد أهم شركاء بريطانيا بالشرق الأوسط، ومعربا عن التطلع لتعميق العلاقات مع مصر فى مختلف المجالات.
كما أعرب السيد جونسون عن تقديره وتهنئته للرئيس على الإنجازات والجهود التنموية الطموح التى تقوم بها مصر.. مؤكداً دعم بريطانيا لتلك الجهود تحت قيادة الرئيس.
وأعرب الرئيس من جانبه عن تقديره لتطور العلاقات الثنائية مؤخراً بين مصر وبريطانيا فى كافة المجالات، مؤكداً تطلع مصر لتعظيم التعاون الثنائى خلال الفترة المقبلة وتعزيز التنسيق السياسى وتبادل الرؤى بشأن مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك.
وخلال اللقاء تم التوافق على فتح آفاق تعاون جديدة وإضافية بين البلدين وكذلك تعزيز انخراط بريطانيا فى أولويات خطط التنمية المصرية ودعم التعاون الثنائى فى مختلف المجالات خاصة الاستثمارية والأمنية، والاستخباراتية والعسكرية، فضلاً عن قطاعات السياحة والصحة والتعليم.
كما تم أيضاً مناقشة آخر مستجدات أوضاع المناخ العالمية، حيث أعرب الرئيس عن التقدير للجهد الذى بذلته بريطانيا لضمان عقد قمة المناخ العالمية برغم كافة الصعوبات بالنظر لتأثير جائحة كورونا على الاجتماعات الدولية، مؤكداً دعم مصر للرئاسة البريطانية للمؤتمر وثقتها فى خروجه بنتائج متوازنة تصب فى مصلحة كافة الأطراف، فضلاً عن تطلع مصر لاستضافة الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف فى 2022 عقب انتهاء الرئاسة البريطانية.
الرئيس التقى أيضا مع مارك روته، رئيس وزراء هولندا، الذى أعرب عن تقديره للجهود المصرية للوصول إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات التى يمر بها محيطها الإقليمى المضطرب بما يسهم فى عودة الاستقرار والأمن لدوله.
وتناول اللقاء بحث سبل دفع العلاقات بين البلدين فى المجالات ذات الاهتمام المشترك، خاصة التبادل التجارى والسياحة والهجرة، بالإضافة إلى التعاون القائم فى مجال إدارة المياه، فضلاً عن الاستفادة من الخبرات الهولندية فى المشروعات المرتبطة بأنظمة الرى والزراعة، وكذا فى مجال إدارة الموانئ وتعزيز التعاون القائم بين قناة السويس وميناء روتردام، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون الثلاثى بين مصر وهولندا فى إفريقيا، فى ضوء الاهتمام المشترك للجانبين بدعم التنمية فى القارة، بالإضافة إلى مناقشة إمكانية توطين الاستثمارات الهولندية فى مصر فى ظل المناخ المشجع للاستثمار وكونها بوابة للتصدير للقارة الإفريقية.
كما شهد اللقاء التباحث بشأن آخر المستجدات على صعيد عدد من الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث أشار رئيس وزراء هولندا إلى حرص بلاده على تعزيز التعاون مع مصر لصون السلم والأمن الإقليميين فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
والتقى الرئيس أيضًا مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدى، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أعرب الزعيمان عن رضاهما عن المستوى المتميز الذى وصلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، سواء على مستوى التنسيق والتشاور السياسى، أو على مستوى التعاون الاقتصادى الذى يشهد فى الفترة الأخيرة طفرة غير مسبوقة فى تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتقدم الرئيس الكونغولى بالشكر للرئيس على دعم مصر المتواصل لبلاده فى هذه المرحلة الهامة من تاريخها، بما يمثل نموذجاً للتعاون والتنسيق والدعم المتبادل بين الدول الإفريقية.
من جانبه، أشاد الرئيس بالجهود التى قامت بها الكونغو الديمقراطية خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى من أجل تحقيق التطلعات التنموية للقارة الإفريقية والترويج لقضاياها ومواقفها فى المحافل الدولية، فضلاً عن مساعيها المقدرة لتسوية أزمة سد النهضة، مؤكداً الموقف المصرى الراسخ من هذه القضية، ورؤيتها القائمة على الانخراط بشكل نشط فى المفاوضات الرامية للتوصل لاتفاق ملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل السد، وذلك تحت مظلة الاتحاد الإفريقى بما يتسق مع البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن الدولى فى هذا الشأن.
وخلال لقائه مع المستشار النمساوى، ألكسندر شالنبرج، أكد الرئيس السيسى أن تسوية أزمات المنطقة تتم بتحقيق الاستقرار وباستعادة أركان الدولة الوطنية، وبدعم مؤسسات الدول، وبتعزيز قدرة جيوشها الوطنية وحكوماتها المركزية، وهو الأمر الذى من شأنه تقويض نشاط الجماعات والتنظيمات المتطرفة التى تعبث بمقدرات الشعوب.
وهنأ الرئيس المستشار النمساوى على توليه منصبه مؤخراً، مؤكداً حرص مصر على الاستمرار فى تعزيز أوجه التعاون الثنائى مع النمسا فى شتى المجالات، خاصةً التجارية والاقتصادية والسياحية، وذلك فى إطار علاقات التعاون والصداقة التاريخية بين مصر والنمسا، والتى انعكست فى تعدد الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة.
من جانبه، أكد المستشار النمساوى تشرفه بلقاء الرئيس، مؤكداً حرص بلاده على استمرار تعزيز علاقاتها مع مصر التى تمثل ركيزة محورية لاستقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فضلاً عن تطلعها لمواصلة التنسيق والتشاور مع مصر لتطوير مظاهر التعاون الثنائى بين البلدين الصديقين بما يساهم فى تحقيق مصالحهما المشتركة.
وشهد اللقاء استعراض سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصةً على الصعيد الاقتصادى والتجارى فى ظل الجهود المصرية لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة فى ضوء البنية التحتية الحديثة ومتكاملة الأركان التى باتت تتمتع بها مصر.
كما جرى التباحث حول عدد من الملفات ذات الصلة بالقضايا الإقليمية والأزمات التى تعانى منها عدة دول بالمنطقة، حيث أكد الرئيس أن المبدأ الراسخ لتسوية أزمات المنطقة هو تحقيق الاستقرار باستعادة مفهوم وأركان الدولة الوطنية وبدعم مؤسسات الدول، وتعزيز قدرة جيوشها الوطنية، وحكوماتها المركزية، وهو الأمر الذى من شأنه تقويض نشاط الجماعات والتنظيمات المتطرفة التى تعبث بمقدرات الشعوب.
من جانبه، ثمَّن المستشار النمساوى جهود مصر المقدرة فى مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وكذا مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وتطوير الخطاب الدينى، الأمر الذى يرسخ من الدور الإقليمى الفعال والمؤثر لمصر تحت قيادة الرئيس السيسى فى نشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر واحترام حرية المعتقد.
كما تم تبادل وجهات النظر بشأن أهم تطورات القضية الفلسطينية، وسبل إحياء عملية السلام على أساس المرجعيات الدولية، فضلاً عن الجهود المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع لصالح المواطنين الفلسطينيين.
كما تم استعراض التطورات المتعلقة بسد النهضة حيث شدد الرئيس السيسى على ما توليه مصر من أولوية قصوى تجاه حقوقها التاريخية فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية وجودية تستوجب قيام المجتمع الدولى ببذل كافة الجهود الممكنة من أجل التوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد على نحو يحفظ الأمن المائى لمصر، خاصةً فى ضوء ما تضمنه البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن الدولى بشأن السد.
هذه بعض من جوانب الزيارة المهمة للرئيس.. تؤكد مجددا قدر مصر الجديدة ومكانتها.. مصر القوية التى يطلب العالم صداقتها.