محمود الشويخ يكتب: " الأرض المحروقة " كيف سقطت الجماعة الإرهابية إلى غير رجعة؟
- أسرار مشروع قانون "الكونجرس" الأمريكى لتصنيف "الإخوان" إرهابية.. وما هى النتائج؟
- هل فشل تحريض الإخوانى الهارب محمد سلطان؟.. وما مصير قيادات التنظيم الهاربة؟
- ماذا قالت أخطر دراسة أوروبية عن التنظيم؟.. وتفاصيل "كماشة" الدول الغربية لحصار التطرف .
ما رأيكم أن نفتتح زاويتنا الأسبوعية ببداية مختلفة؟ نفتح المصحف ونقرأ معا؛ فى سورة الكهف، يقول الحق تبارك وتعالى ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.
لم تفارق هذه الآية رأسى وأنا أتابع الأخبار القادمة من واشنطن وعواصم أوروبية مختلفة حول تحركات جديدة وحاسمة ضد جماعة الإخوان الإرهابية.
من يصدق ما يحدث الآن؟.. ومن كان يتوقع؟.. وما الذى حدث؟.. وكيف تحولت القارة العجوز من بؤرة لانطلاق مؤامرات الإخوان إلى "أرض محروقة" يخطط عناصر الجماعة للهروب منها قبل السقوط الكبير.
أعود لأقول.. الإجابة فى "٣٠ يونيو".. ثورة الشعب المصرى التى فضحت التنظيم الإرهابى وكتبت شهادة وفاته وها هى تشرف على تشييع جنازته.. ولا عزاء لأرامل الإخوان ومحرضيهم وأذكر منهم المحرض الأكبر الهارب محمد صلاح سلطان.
أكتب هذه الكلمات وقد تقدم 15 نائبا من أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب الأمريكيين بمشروع قانون إلى الكونجرس يلزم وزارة الخارجية الأمريكية بتصنيف جماعة "الإخوان" تنظيما إرهابيا.
يتزعم هذا التحرك السيناتور تيد كروز، جمهورى من تكساس، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وعضو الكونجرس ماريو دياز بالارت، جمهورى من فلوريدا، وقد أوضح "كروز" أن مشروع القانون يحث وزارة الخارجية الأمريكية على أن تستخدم سلطتها القانونية لتصنيف "الإخوان" كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، ويتطلب هذا الإجراء من وزارة الخارجية تقديم تقرير إلى الكونجرس حول ما إذا كانت الجماعة تفى بالمعايير القانونية أم لا، وإذا كان الأمر كذلك فستتمكن الولايات المتحدة من اتخاذ إجراءات يمكن أن تخنق التمويل الذى يتلقونه للترويج لأنشطتهم الخبيثة.
وقال "كروز" إنه قد حان الوقت للانضمام إلى حلفاء الولايات المتحدة فى العالم العربى فى الاعتراف رسميًا بحقيقة جماعة الإخوان وأنها منظمة إرهابية، مضيفا: "أنا فخور بإعادة تقديم مشروع القانون هذا لحث إدارة جو بايدن على تصنيفهم على هذا النحو، وتعزيز حرب أمتنا ضد الإرهاب المتطرف، ومن واجبنا تحميل الإخوان المسئولية عن دورهم فى تمويل الإرهاب والترويج له فى جميع أنحاء الشرق الأوسط".
أما السيناتور جيم إينهوفى، عضو مجلس الشيوخ، جمهورى من أوكلاهوما، فقال إنه منذ تأسيس جماعة "الإخوان" فى مصر دأبت الجماعات التابعة لها على الدعاية والتحريض على الكراهية ضد المسيحيين واليهود وغيرهم من المسلمين، بينما كانت تدعم الإرهابيين الراديكاليين المصنفين.
وأضاف: "يجب أن ننادى ونكافح الإرهاب الأجنبى، ويسعدنى أن أنضم إلى زملائى فى إعادة تقديم هذا التشريع الذى يدعو وزارة الخارجية إلى فحص علاقة الإخوان بالمنظمات الإرهابية الأجنبية.. يجب محاسبة المنظمات الإرهابية الإسلامية وتلك التى تشجع على عنفها الوحشى".
فيما أضاف النائب دياز بالارت، عضو مجلس النواب الأمريكى، أنه قدم مرة أخرى قانون تصنيف "الإخوان" على قوائم الإرهاب، إلى جانب النسخة المصاحبة التى قدمها السيناتور تيد كروز، مشيرا إلى أن الجماعة تواصل التحريض على أعمال الإرهاب وتدعم المنظمات الإرهابية الأخرى المسئولة عن أعمال العنف المروعة فى جميع أنحاء العالم.
وشدد على أن تصنيف "الإخوان" منظمة إرهابية أجنبية من شأنه أن يفرض عقوبات صارمة من شأنها أن تحد من قدرتها على زيادة الإيرادات المستخدمة لإحداث الضرر ونشر أيديولوجية مليئة بالكراهية فى جميع أنحاء العالم.
وبالتزامن مع تقديم مشروع القانون بدأت عدة دول أوروبية فى تشديد إجراءات مواجهة تنظيمات الإسلام السياسى، فى خطوات يراها البعض تمهيدا لحظر الجماعة فى عدة دول أوروبية.
وفى هذا الصدد توقفت أمام دراسة أعدها مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، شددت على أن الدول الأوروبية تهدف للحد من نفوذ الجماعة الإرهابية بعد التأكيد من كونها تستغل منظمات ثقافية وخيرية ودينية لنشر أفكارها المتطرفة.
وقالت الدراسة إن الأوروبيين أصبحوا يرون أن منهج وأساليب الجماعة تمثل خطراً على مجتمعاتهم، لذا تتخذ إجراءات لتجميد الكيانات المرتبطة بالجماعة، وإعداد سجل للأفراد والمنظمات المرتبطة بها. هذا إجمال يحتاج إلى تفصيل.
فى الشهر الماضى؛ شارك خبراء من عدة دول أوروبية فى "منتدى فيينا"، الذى استضافته العاصمة النمساوية، بمشاركة وزراء ومسئولين من فرنسا وبلجيكا والدنمارك، لبحث كيفية مواجهة التطرف وجماعات الإسلام السياسى.
واتفق المسئولون من الدول الأربع، خلال المنتدى، على مسار متشدد لمحاربة خطر الجماعة الإرهابية، ما يضع التنظيم تحت ضغط هائل، خاصة بعد سلسلة من الإجراءات الفعالة التى اتخذتها النمسا لحظر التنظيم ووضع قيود مشددة على أنظمته.
وقبل انعقاد المنتدى، أيدت المحكمة الإقليمية بمدينة جراتس، ثانى أكبر مدن النمسا، قرار الادعاء العام الذى يتولى التحقيق فى قضية الإخوان، مؤكدة أن انتقاد جماعات الإسلام السياسى لا يندرج ضمن ظاهرة "الإسلاموفوبيا ولا يعد جريمة لها علاقة بإهانة الأديان.
كما أقر المجلس الوطنى فى النمسا قانوناً لمكافحة الإرهاب والتطرف يستهدف تعزيز جهود الدولة لحظر نشاطات التنظيمات الإرهابية وملاحقة مموليها.
وفى ألمانيا، أصدرت السلطات الأمنية قانوناً يحظر استخدام الرموز والشعارات الدينية التى تمثل التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها "الإخوان" و"داعش"، كما حظرت عدداً من المنظمات التابعة للجماعة بتهمة انتهاك الدستور.
كما أقر البرلمان الألمانى، فى مايو الماضى، تعديلا على قانون مكافحة التطرف والكراهية على شبكة الإنترنت، يسمح بتوسيع صلاحيات الشرطة والقضاء لاتخاذ إجراءات أكثر حسماً ضد أفكار الإسلام السياسى.
أما فرنسا، فاتخذت قبل عدة أشهر إجراءات متشددة ضد الجماعات المتطرفة، عززتها بما يسمى "قانون الانفصالية"، الذى استهدف الحد من نفوذ التنظيمات المرتبطة بـ "الإخوان".
وفى بلجيكا، فقد أكد النائب كون ميتسو، رئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى البرلمان البلجيكى، أن خطر التهديدات الإرهابية النابع بالأساس من الجماعات الإسلاموية المتطرفة، وتنظيم "الإخوان" على وجه التحديد، لم ينته بعد، مؤكدا أن أوروبا عليها أن تواجه عناصر الإسلام السياسى المتغلغلة فى المجتمعات الأوروبية.
وقد تسأل عن السر وراء هذه التحركات المتسارعة.. والإجابة يمكن أن نمسك بها بين سطور دراسة حديثة ،للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.
هذه الدراسة أكدت أن أيديولوجيا "الإخوان" ليست ببعيدة عن أيديولوجيات تنظيمى "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين، إذ يتسم أسلوبها بشكل خاص بالازدواجية والسرية.
وحذر المركز من تنامى الخلايا السرية للجماعة لاستقطاب عناصر جديدة بعد سقوط الأحزاب المرتبطة بها فى العالم العربى واحدا تلو الآخر خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف أنه على الناحية الأخرى، هناك احتمال أن تؤدى الانقسامات والخلافات الأيديولوجية الأخيرة داخل جماعة الإخوان إلى تشكيل مجموعات منفصلة عن التنظيم تسلك جانب العنف بشكل رسمى، متوقعًا أن تتنازل الجماعة مؤقتًا عن السعى إلى السلطة السياسية وتكتفى بزرع أعضائها فى تشكيلات سياسية. وذكر المركز أن عمل تنظيم الإخوان بعد التضييق الأمنى عليه فى معظم الدول العربية قد يلجأ إلى انتشار وتنامى الخلايا السرية له، خاصة تلك التى تعمل على استقطاب وتجنيد المرأة والأطفال.
ودعا العالم العربى إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذا التنظيم المتطرف وعدم التساهل فيما يتعلق بأعضائه وقياداته والموالين له.
وأوضح المركز أن الجماعة الإرهابية لديها القدرة على سرعة التكيف مع الأحداث لجذب الدعم والتأييد، وتتضح ازدواجيتها من خلال أنها تدعى أنها نبذت العنف علنًا منذ عقود وتنتهج رؤية باستخدام الوسائل السلمية، فى حين أنها فى الحقيقة تدعو سرًا إلى العنف والحض على التطرف، فضلًا عن تقديم الدعم المادى والبشرى لتنظيمى داعش والقاعدة.
وأشار إلى أن العديد من جماعات وأحزاب تيار الإسلام السياسى فى الوطن العربى لا تستخدم اسم الإخوان بشكل صريح أو تعلن ارتباطها بها بالرغم من أن جذورها تعود إلى الجماعة بشكل وثيق.
وذكر المركز أن أنشطة الإخوان أصبحت واضحة للأجهزة الاستخبارية، إذ تستهدف المؤسسات الحكومية فى الوطن العربى كالمؤسسات التعليمية والنقابات المهنية وغيرها من المؤسسات التى يمكن أن تنشر القدرة على حشد المظاهرات.
كما تمارس المنصات الإعلامية التابعة للجماعة تزييف وفبركة الأخبار ونشر معلومات مضللة لهدم مؤسسات الدول فى الوطن العربى ونشر الفوضى.
ونوه المركز إلى أن "الإخوان" تستغل أيضًا القضية الفلسطينية كمدخل لكسب التعاطف، وتستثمرها كمدخل للتجييش من خلال مبرر أن تحرير القدس يبدأ بهدم كل الأنظمة العربية وتحويلها لولايات تنظيمية.
وتابع إنه وفقًا لما كشفه قيادى سابق بالإخوان، فإن التنظيم الدولى للجماعة اتبع خطة سرية بهدف إعادة هيكلتها وتنظيم صفوفها داخلياً وخارجياً خلال عام 2020 تسمى الخطة "مرتبة تحرير الأوطان" وتحمل عداءً قاعديًا من الجماعة للقيادات السياسية فى الوطن العربى.
وتعتمد الخطة على 3 مرتكزات: ما يسمى بـ"الجهاد المالى"، و"الإعداد البدنى"، عبر إعداد ما يعرف بالقواعد أو ما يسمونه داخل التنظيم بالصف، من خلال التأهيل البدنى وممارسة الرياضة، إلى جانب الاعتماد على «خلايا المرأة والأسرة والأطفال فى الاستقطاب والتجنيد».
ووفق المركز تتألف كل منظمة من المنظمات التابعة لـ"الإخوان" من مجلس شورى ويتكون كل مجلس من 12 شخصًا يتناوبون على رئاسته، وينقسم الأعضاء بدورهم إلى وحدات صغيرة تتألف من 5 أفراد ليشكلوا بذلك أسرة أو عائلة، وتقوم الأسرة بدورها بتنظيم اجتماعات أسبوعية تتخللها مناقشة الأمور الأيديولوجية.
أما بشأن خلايا المرأة، فأوضح المركز أن تجنيد الفتيات واختيار من يصلح من بينهن للتنظيم كان يتم حتى عام 2009 وتم تغيير اللائحة وتضمنت 5 بنود رئيسية أهمها التركيز على نشر أفكار الإخوان فى محيط النساء بشكل عام، والعمل على صياغة الشخصية النسائية وفق منهج الجماعة، والعمل على الارتقاء التربوى والدعوى بالأخوات، والمساهمة فى استقطاب النساء وتكوين الرموز والداعيات لقيادة العمل النسائى.
كما تشكلت لجان عمل "القسم"، التى تتكون من 5 لجان هى التربية، والبيوت، وطالبات الإعدادى والثانوى، ونشر الدعوة، والزهروات.
أما فيما يتعلق بخلايا الأطفال والشباب، فنقلت الدراسة عن "إريك تريجر"، الباحث الأمريكى فى شؤون الجماعات الإسلامية لدى معهد واشنطن، قوله إن جماعة الإخوان تستهدف الأطفال لتجنيدهم ابتداءً من سن التاسعة لتلقينهم فكرياً وأيديولوجياً، وفى الجامعات يستكشف أعضاء الإخوان المحليون الأعضاء الجُدد فى كل جامعة مصرية تقريباً.
ويبدأ هؤلاء المتعهدون بتجنيد الأعضاء بالتقرب إلى الطلاب الذين يُظهرون أمارات قوية على التقوى، ويقوم بعض أعضاء الإخوان بمقابلة ومصادقة الطلاب الجُدد وإشراكهم فى أنشطة عادية غير سياسية".
واختتم المركز دراسته بالقول إنه "ينبغى على دول الوطن العربى توحيد الصف لمواجهة تهديدات وخطورة الإخوان وأيديولوجيتها وميولها المتطرفة، واتخاذ إجراءات حاسمة ضدها وعدم التساهل فيما يتعلق بأعضائها وقياداتها والموالين لها.".
حقا وصدقا؛ إن الله لا يصلح عمل المفسدين.