محمد فودة يكتب فى ذكرى ميلاد “قاهرة المستحيل”: د. سعاد كفافى.. الأحلام الرائعة لا تسقط بالتقادم
◄الراحلة د. سعاد كفافى حققت نقلة نوعية فى التعليم الخاص فاستحقت الاحترام والتقدير
◄ خالد الطوخى رئيس مجلس الأمناء يسير على خُطى والدته الراحلة ويحول الجامعة إلى أكبر صرح تعليمى خاص
◄مبادئ وأفكار المرأة الحديدية سعاد كفافى تمنح جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا "صك" التميز والتفرد
◄تنمية البيئة المحيطة فى صدارة الأنشطة المتنوعة للمسئولية الاجتماعية لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
◄إنشاء فرع للجامعة بالأقصر يعكس الالتزام بإستراتيجية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة
يفنى الجسد ولكن تظل السيرة أطول من العمر، هكذا أرى شخصية الدكتورة الراحلة سعاد كفافى، والتى مرت ذكرى ميلادها الخميس الماضى، تلك السيدة "قاهرة المستحيل" التى لم يتم إطلاق هذا اللقب عليها من قبيل الصدفة وإنما هو توصيف دقيق يجسد بوضوح قيمتها ومكانتها العلمية والإنسانية كونها واحدة من رواد التعليم الخاص فى مصر، فمنذ أكثر من ربع قرن فكرت فى إنشاء جامعة بمدينة السادس من أكتوبر، وقتها كان هذا المكان صحراء جرداء ومجرد البوح بمثل هذه الفكرة يعد نوعا من شطحات الخيال، فالفكرة أصلًا غير واردة من جانب الرجال فما بالنا وهى فكرة نابعة من سيدة جامعية كل ما تمتلكه هو ذكاؤها الفطرى وحلمها الذى سيطر على تفكيرها وآمنت به وصدقته وقررت تحدى الظروف من أجل تحقيقه، حيث فوجئت آنذاك بصعوبات كثيرة وعراقيل من كافة الاتجاهات ولكنها لم تيأس ولم تستسلم للظروف الصعبة فقررت تحدى الصعاب وخاضت التجربة بكل شجاعة وبكل عزيمة وإصرار على تحقيق النجاح حيث لم يكن فى قاموس حياتها شيء اسمه المستحيل.
وبالفعل أصبحت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا كيانًا حقيقيًا وتحول الحلم إلى حقيقة ويومًا بعد الآخر يكبر المشروع ويزداد تميزًا فى هذا المجال، ولم تتوقف عجلة التحديث والتطوير حتى بعد رحيل الدكتورة سعاد كفافى، حيث تولى دفة القيادة ابنها الصديق والأخ العزيز خالد الطوخى، رئيس مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والحق يقال إنه وعلى الرغم من أن شهادتى مجروحة فى خالد الطوخى فإننى -ويعلم الله- ما أكتب غير الصدق فقد استطاع أن يسير وبكل ثقة على خطى والدته الراحلة متمسكًا بمبادئها وأفكارها الإنسانية النبيلة ولم يكن التزامه بتلك المبادئ من قبيل الشعارات الرنانة بل إنه رجل أقوال وأفعال فعلى سبيل المثال نجده يحرص وبشكل دائم على أن تظل المصروفات الدراسية غير مبالغ فيها كما يحدث فى الجامعات الأخرى، فقد كانت الراحلة سعاد كفافى تؤكد على هذا الأمر بأن المصروفات ينبغى أن تكون فى مقدور الأسرة البسيطة فيكفى معاناة الأسرة فى متطلبات المعيشة.
وأذكر أنه أخبرنى ذات يوم أن والدته قبيل رحيلها بوقت قصير أوصت بأن تظل المصروفات الدراسية معقولة وفى متناول الجميع، الطوخى لم يتوقف عند هذا الأمر بل إنه ظل دائمًا "خير خلف لخير سلف" فنجده وقد كرس كل وقته وجهده فى الانفتاح على العالم الخارجى لتصبح الجامعة فى مصاف الجامعات الدولية الكبرى من خلال توقيع العديد من بروتوكولات التعاون التعليمى مع كبرى الجامعات فى العديد من الدول الأوروبية وهى مسألة فى منتهى الأهمية، لأنها تنعكس بشكل إيجابى على طلاب الجامعة الذين يتم تخرجهم فى الجامعة وهم مؤهلون لاقتحام أسواق العمل داخل وخارج مصر وهم يمتلكون مقومات النجاح خاصة أن الجامعة تمنحهم أثناء سنوات الدراسة فرصة التفاعل مع العالم الخارجى والاستفادة من التطور الهائل فى وسائل التدريس فى الخارج وخاصة تلك التى تعتمد فى الأساس على التدريب والتأهيل والجانب العملى بعيدًا عن مدرجات الجامعة.
ولم تتوقف جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا عند هذا الحد بل امتدت لتخرج إلى الأقاليم فنجد هناك فرعا للجامعة بمحافظة الأقصر وهو التوجه الذى تبناه خالد الطوخى مستلهمًا فيه "جينات التحدى" التى ورثها عن الراحلة سعاد كفافى، فجاء فرع الجامعة بالأقصر ليعكس حرص الجامعة على المساهمة فى خطة مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، فالجامعة دائمًا وأبدًا فى قلب الأحداث الوطنية والمناسبات المهمة وهو ما يؤكد التزام الجامعة بمبادئ المسئولية الاجتماعية خاصة أن الراحلة أرست العديد من المبادئ الإنسانية النبيلة، وهو ما دفع خالد الطوخى إلى التوجيه بتنفيذ العديد من القوافل الطبية التى ينظمها مستشفى سعاد كفافى الجامعى لتجوب الأقاليم والمناطق الشعبية والمناطق الحدودية لتقديم خدمات طبية مجانية للمرضى غير القادرين على تكلفة العلاج بالمستشفيات العامة أو الخاصة.
وهنا أود إلقاء الضوء على أن ما يتحلى به خالد الطوخى، رئيس مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، من صفات إنسانية نبيلة وحرصه الدائم على المشاركة فى الأنشطة الإنسانية والمسئولية الاجتماعية لم يأت من فراغ وإنما هى "الجينات الإنسانية" التى ورثها عن والدته التربوية التى سيظل التاريخ يذكرها بكل خير فى مجال التعليم الخاص.
والحق يقال فقد كانت الدكتورة سعاد كفافى، نموذجًا للسيدة المصرية الطموح التى اكتسبت سمعة طيبة على مدى سنوات حياتها الناجحة وهو ما كان له دور كبير وأساسى فى احترام المجتمع لها بمنحها العديد من الصفات والألقاب المشرفة ومنها "السيدة الحديدية" و"رائدة التعليم الخاص فى مصر"، كما تميزت الدكتورة الراحلة سعاد كفافى بسمات ثقافية غير مسبوقة، ويرجع الفضل فى ذلك إلى مؤهلاتها المتميزة علاوة على الدقة المتناهية فيما يتعلق بأعمالها الأكاديمية والإدارية وغيرها.
ومن يدقق فى مسيرة الدكتورة سعاد كفافى يتأكد وبما لا يدع مجالًا للشك أنها اكتسبت سمعة عظيمة على امتداد سنوات حياتها الناجحة فقد ولدت الدكتورة سعاد كفافى عام 1928 وتوفيت عام 2004، تاركة خلفها تاريخا مشرفا من العمل الدءوب فى المجال التربوى فهى تعد واحدة من الرواد فى تاريخ التعليم الخاص فى مصر، كما أنها حققت شهرة كبيرة باعتبارها خبيرة متميزة يشار إليها بالبنان.
وبينما أكتب الآن عن الراحلة الرائدة الدكتورة سعاد كفافى "قاهرة المستحيل" فإننى أود التأكيد على مسألة فى منتهى الأهمية هى أن الأحلام لا تسقط بالتقادم ليس هذا فحسب بل إن الإيمان بالحلم يصيغ الحاضر ويصنع المستقبل. هكذا كانت "قاهرة المستحيل" صاحبة حلم كبير وعظيم وامتلكت عزيمة قوية ساعدتها فى تحقيق حلمها الذى أصبح الآن صرحا تعليميا عالميا بكل ما تحمله الكلمة من معنى بفضل فكر راقٍ ورؤى مستقبلية آمن بها وصدقها وعمل على تحقيقها ابنها خالد الطوخى فكان بالفعل وكما سبق أن كتبت عنه "خير خلف لخير سلف" .