محمود الشويخ يكتب: ٣ يوليو.. أيام الثورة والمجد
- عملية إنقاذ مصر من أنياب الجماعة الإرهابية.
- كيف نجح السيسى فى القضاء على "الإخوان" بالضربة القاضية؟.. وتفاصيل الساعات الحاسمة قبل "بيان الإنقاذ".
- ماذا فعل خيرت الشاطر لتفكيك القوات المسلحة والأجهزة الأمنية المختلفة؟.. وأسرار خطة "مواجهة الشيطان".
- ما لم ينشر عن الأيام السوداء لحكم محمد مرسى.. وكواليس علاقته بالتنظيمات التكفيرية.
كانت الأيام ثقيلة بأكثر مما هو محتمل!.. فى اللحظة التى أعلنت فيها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢ فوز محمد مرسى عيسى العياط مندوب جماعة الإخوان الإرهابية كاد قلبى يتوقف عن النبض.. أو هكذا كان يريد إذا صدقت القول معكم!
من يعرفون هذه الجماعة كانوا يدركون المصير الأسود المقبلين عليه.. كانوا يخشون على مصر من خطط هذا التنظيم "المحتل".. و"المحتل" هنا ليست خطأ مطبعيا.. بل أقصد ما أقوله بالضبط.. لقد كان هؤلاء الأشرار من قادة وعناصر الجماعة، فردا فردا، محتلين.. أرادوا أن يمسكوا بمصر ولا يتركوها أبدا ولو لخمسمائة سنة قادمة كما قال مرسى يوما للفريق أول عبدالفتاح السيسى وقت أن كان قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربى.
وبينما كان المخدعون سواء كانوا من "عاصرى الليمون" أو "الجهلة"، ولتسامحونى فى التعبير، يتحدثون عن الإخوان "شركاء الثورة"، ويقصدون هنا ما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١، كنت أعرف _ ومعى كثيرون - ما يخفيه هؤلاء من شر وحقد ومرض.
وقد أفصحوا عن هذا الشر مبكرا جدا.. فلقد أعلنوا فى البداية أنهم لن يترشحوا على كل مقاعد البرلمان، سواء مجلس الشعب أو مجلس الشورى، ثم إذا بهم يخلفون ما وعدوا به.
تقدم الإخوان ومعهم السلفيون ونافسوا على كل مقاعد البرلمان.. وبالفعل وبفضل قدرتهم على الحشد واستغلال الدين وغياب الوعى بدرجة كبيرة بعد أحداث يناير وكونهم الفصيل الوحيد المنظم بعد انهيار الحزب الوطنى - كانوا أن فازوا بالأغلبية البرلمانية.. واختفى هنا شعارهم الخداع "مشاركة لا مغالبة".
هذا الشعار الذى حاولوا أن يخدعوا الشعب والقوى السياسية به ثم إذا بهم يلتهمون كل شيء دون أن يشركوا معهم أحدا.
وحين جاء موعد الانتخابات الرئاسية لعبوا نفس اللعبة أيضا.. قالوا: لن نرشح أحدا.. سندعم مرشح التوافق الوطنى ولو لم يكن إسلاميا.
ثم إذا بهم يدفعون بمرشحين؛ الأول أساسى وهو "إله الشر" عن الإخوان المدعو خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة الإرهابية الذى كان قد خرج لتوه من السجن حيث كان محبوسا على ذمة قضية ميليشيات الأزهر وقضايا أخرى.. أما المرشح الثانى "الاستبن" فكان محمد مرسى الذى كان وقتها رئيسا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة.
خرج خيرت الشاطر من السباق لاعتبارات قانونية واستكمل محمد مرسى المعركة تجاه مرشحين آخرين.
ثم وفى غفلة من الزمن والتاريخ دخل إلى قصر الرئاسة.. صعد "الاستبن" إلى حكم مصر فى يوم أسود من صفحات التاريخ.
وأيضا استبشر البعض ولا أعرف على أى أساس!
ومنذ اليوم الأول تبين أن هذا رئيس للأهل والعشيرة وليس للمصريين.
حاول الإخوان التهام الدولة بالكامل مبكرا.. وقتها كان جهاز الشرطة يعانى من تبعات مؤامرة يناير.. وكانت المؤسسة الوحيدة التى لا تزال صلبة هى القوات المسلحة.
ومن هنا أدرك الإخوان أهمية السيطرة عليها.. ثم وقعت مذبحة رفح الأولى - فى ظروف غامضة وقتها ثم تبين بعدها أنها حدثت بترتيب إخوانى - واستغلت الجماعة الحادث وتخلصت من المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومعه قادة آخرون.
وقتها اعتقد الإخوان أن الأمور قد دانت لهم؛ فالشرطة ليست فى أحسن حالاتها.. والقوات المسلحة - هكذا اعتقدوا أو أقنعوا أنفسهم - باتت تحت إمرتهم.. ولم يبق شيء خارج سيطرة الجماعة إلا القليل.
وهذا القليل بدأ يتحقق بالإعلان الدستورى الدكتاتورى الذى أصدره الإخوان باسم محمد مرسى الذى قال يومها للمصريين "أنا ربكم الأعلى".
أعاد مرسى مجلسى الشعب والشورى المنحلين بحكم قضائى.. وعزل النائب العام وأتى بآخر "ملاكى".. وحصن قراراته ضد الطعن عليها أمام القضاء.
وكان هذا -والحمد لله- المسمار الأول فى نعش الجماعة.. خرج الشعب إلى الشوارع أمام الاتحادية وفى كل ميادين مصر.. وفى نفس اللحظة ظهر "الحارس" الذى أرسله الله لإنقاذ مصر.
وكان هذا "الحارس" اسمه عبدالفتاح السيسى.
ومن أخطاء إلى أخطاء ومن كوارث إلى كوارث كان يمضى مرسى.. وتمضى الشهور والغضب يتصاعد.. والجيش يراقب ويتابع ويحاول الإصلاح والتوفيق بين الفرقاء من الإخوان والمعارضة.
لكن فى كل مرة حاول فيها الجيش الإصلاح كان الإخوان وفى المقدمة منهم خيرت الشاطر يرفضون.. حدث هذا فى دعوة الحوار الوطنى من القائد العام بعد الإعلان الدستورى.. وهذا أيضا فى مناسبات عديدة كان فيها وزير الدفاع "الناصح الأمين" لكن أحدا لم يستمع إليه.. حتى توقف فى مارس ٢٠١٣ عن تقديم النصائح بعد أن أدرك أنها بلا قيمة عند الإخوان.
وكان الإخوان فى هذه الشهور يخططون مرة تلو الأخرى للتخلص منه بعد أن تبين لهم أنه ليس هذا الرجل الذى تمنوه.. فتدينه لم يكن مثلهم كما توقعوا.. وصلاته لوجه الله فقط وليس لوجه الجماعة مثلهم.. لذا كان طبيعيا أن يرفض عرض رئيسهم للتأخون وقال له كلمته المشهورة "أنا مش إخوان ومش هبقى إخوان.. ومش سلفى ومش هبقى سلفى.. أنا مسلم بس".
حاول خيرت الشاطر كثيرا أن يتخلص منه.. لكن يد الله كانت مع الفريق أول السيسى دائما وفى كل خطوة.
مضت الشهور والأخطاء الإخوانية لا تتوقف وكانت الدولة المصرية على وشك الانهيار.. وهنا كان لابد أن يتدخل الجيش لمنع الكارثة.
فى ٢٣ يونيو ٢٠١٣، بدأ التحرك الأول؛ حين منح السيسى الجميع أسبوعا للوصول إلى توافق يمنع انهيار الدولة.. مؤكدا أن الجيش المصرى "لن يظل صامتا أمام انزلاق البلاد فى صراع تصعب السيطرة عليه".
يومها قال وزير الدفاع إن القوات المسلحة "تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى"، مشددا على أن "القوات المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام، وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم".
ثم ألقى الكرة فى الملعب بقوله: "القوات المسلحة تدعو الجميع دون أى مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا من الوقت أسبوع (قبل انطلاق مظاهرات 30 يونيو) يمكن أن يتحقق خلاله الكثير، وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضرة ومستقبله".
لكن الإخوان كانوا قد قرروا المواجهة.. ثم نزلت الملايين إلى الشوارع فى ٣٠ يونيو.. وهنا كان التحرك الثانى من القوات المسلحة فى ١ يوليو ٢٠١٣؛ حين أصدرت القوات المسلحة بياناً حددت فيه 48 ساعة مهلة أخيرة لتلبية مطالب الشعب، وتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن.
وحذر البيان أن القوات المسلحة سوف تأخذ مسؤولياتها بانقضاء المهلة المحددة، وسوف يكون لزاماً عليها، استناداً لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراماً لمطالب شعب مصر، أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب.
كما أكد أن الجيش لن يكون طرفاً فى دائرة السياسة أو الحكم ولا يرضى أن يخرج عن دوره المرسوم له فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب، مشيرا إلى أن القوات المسلحة سبق أن أعطت القوى السياسية مهلة أسبوعا لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل.
وأشاد البيان بمظاهرات الشعب المصرى، وأكد أنه من المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدراً من المسؤولية فى هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن.
لكن الإخوان مضوا فى طريقهم.. حتى جاء اليوم المحتوم.. وقرر القائد أن يحمل روحه على كفيه لوجه مصر.. وكان بيان ٣ يوليو الذى حقق مطالب الشعب كاملة.
إننى أحيى هذا القائد الوطنى العظيم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وأحيى أيضا القائمين على صناعة الجزء الثالث من مسلسل الاختيار فقد أعادوا إلىّ أيام عظيمة من تاريخنا.. أيام قرر فيها المصريون أنهم لن يتركوا بلدهم لهؤلاء الأشرار.
ودائما وأبدا تحيا مصر.