◄مطالبات بأن يضم فى تشكيله خبراء وممثلى المجتمع المدنى
◄ إضافة 13 اختصاصًا جديدًا أبرزها وضع إستراتيجية متكاملة للطاقة
◄تعظيم كفاءة وفعالية العملية التخطيطية من خلال المشاركة والانفتاح على المجتمع
بينما تخطو مصر خطوات واسعة فى مجال الطاقة نلمس بشكل لافت للنظر السعى الدءوب نحو تطوير وتحديث آليات العمل فى مجال الطاقة وإدارة هذا الملف المهم الذى سوف ينقل الدولة خلال الفترة المقبلة إلى منطقة جديدة تمامًا، لذا فقد استوقفنى كثيرًا حرص مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، على مناقشة تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة ومكتب لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار عن اقتراح مقدم من تنسيقية شباب الأحزاب بشأن إعادة تنظيم المجلس الأعلى للطاقة.
والحق يقال إن اقتراح تنسيقية شباب الأحزاب بضرورة إعادة تنظيم المجلس الأعلى للطاقة وتعديل اختصاصاته بما يكفل تفعيله أمر ضرورى ويجب التعامل معه بشكل جاد حتى يكون هذا الكيان متخصصا فى وضع إستراتيجية الطاقة وضمان أن سياسات الطاقة لها أثر إيجابى على دافعى الضرائب المصرية، وأن يضم فى تشكيله الخبراء وممثلى المنتجين والمستهلكين، حيث إن المجلس الأعلى للطاقة تحول لمجلس مجموعة وزارية مختصة بالطاقة مع غياب ممثلى القطاعات المختلفة الفاعلة والمتأثرة بسياسات وإستراتيجيات الطاقة مضيفًا المجلس يتشكل من الوزراء المعنيين فقط دون تمثيل للمجتمع المدنى أو الخاص أو الخبراء المستقلين.
وقد أفاد التقرير بأنه توجد ثلاثة كيانات رئيسية مختصة بسياسات تسعير الطاقة وهى جهاز تنظيم سوق الغاز، مرفق تنظيم الكهرباء، لجنة وزارية مشكلة بالقرار رقم1884، وقبل جائحة كورونا كان هناك انخفاض شديد فى أسعار الطاقة العالمية، ورد للحكومة ووزارة التخطيط شكاوى عديدة من قبل القطاع الخاص والمصنعين فى الصناعات المختلفة نتيجة ارتفاع سعر الطاقة داخليًا فى مصر مقارنة بالوضع العالمى، وهو ما كان يضع الصناعات فى مصر فى وضع تنافسى يؤدى إلى زيادة الواردات ونقص الصادرات الأمر الذى يؤثر على التنافسية، وذلك لأن جزءا هاما جدًا من تكلفة الإنتاج فى الصناعة يتمثل فى الطاقة، ولذلك كان هناك توجه نحو وجود متابعة مستمرة ومراجعة دورية لأسعار الكهرباء وربطها بالأسعار العالمية وذلك لمواجهة التقلبات السوقية حتى يكون هناك تنافسية بين الصناعات المصرية ونظيرتها فى دول العالم المختلفة.
كما كان هناك تباين شديد فى وقت معين بين أسعار الطاقة بالقطاعات المختلفة، ولكن هذا التباين لم يعد موجودا الآن، بل فى الفترة الأخيرة أسعار الطاقة عالميًا ارتفعت ارتفاعا شديدا بخلاف مصر، والنتيجة أن الوضع التنافسى الخاص بتكلفة الإنتاج نتيجة أسعار الطاقة فى وضع جيد.
وأشار مسؤولو وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فى تقرير إلى وجود مجالس عليا قائمة لا تنعقد لمدة سنتين أو أكثر نتيجة للعدد، وأن هناك رؤية فى هذا الاتجاه بعدم وجود عدد كبير فى تشكيل المجالس لأنه كلما زاد العدد الخاص بالتشكيل فإن احتمالية انعقاد المجلس تنخفض، وكذلك لابد من وجود ذوى الخبرة ضمن هذا التشكيل.
أما القطاع الخاص فتتم الاستعانة به فى اللجان المختلفة، كما يجب النظر إلى الإستراتيجيات ومدى توافقها مع رؤية مصر 2030، وذكروا أن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة واجه العديد من التحديات خلال الفترة الماضية، من أهمها نقص الوقود وانخفاض محطات التوليد وشبكات النقل المتاحة وارتفاع الدعم المقدم للطاقة وضعف السياسات والتشريعات الداعمة لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار وغياب الآليات التمويلية المناسبة.
وقالوا إنه بفضل الدعم الفعال الذى توليه القيادة السياسية لقضايا الطاقة واعتبارها أمنا قوميا، فقد نجح القطاع فى اتخاذ العديد من الإجراءات والسياسات للتغلب على تلك التحديات من بينها تدعيم الشبكة الكهربائية.. ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والربط الكهربائى والتطوير المؤسسى لقطاع الكهرباء وتطوير سوق الكهرباء وتطوير التشريعات، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات الكهرباء وخاصة مشروعات الطاقة المتجددة.
ومن أهم ثمار تلك السياسات القضاء نهائيًا على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى وتحقيق احتياطى آمن من الطاقة الكهربائية وتأهيل الشركات والعمالة المصرية لتنفيذ مشروعات عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية وإتاحة الفرصة لها للعمل بالخارج وتحسين ترتيب مصر فى مؤشر الحصول على الكهرباء من المركز (145) فى عام 2015 إلى المركز (۷۷) طبقًا لتقرير البنك الدولى الصادر لعام 2020.
وأوضحوا أن المجلس الأعلى للطاقة يمثل لجنة وزارية تشكل من الوزراء المسئولين عن قطاعات الإمداد بالطاقة وهى الكهرباء والبترول وقطاعات الطلب عليها (الإسكان، النقل، التجارة والصناعة)، وقطاعات التمويل (المالية) والتخطيط والتعاون الدولى وكذلك السياسة الخارجية والدفاع والأمن القومى (الدفاع، الخارجية، المخابرات العامة).
ويعتبر المجلس الأعلى للطاقة هو المسئول عن الموافقة على إستراتيجية الطاقة وخطتها العامة والسياسات والآليات اللازمة للحفاظ على الطاقة والاستخدام الأمثل لها، كما تتناول الخطة الإنتاج والاستهلاك بما يتماشى مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
وذكر مسئولو التخطيط أن للمجلس دورا فاعلا فى التخطيط لقطاع الطاقة بالتنسيق مع الوزارات المعنية وعلى سبيل المثال وليس الحصر الإستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة فى مصر حتى عام 2030، التى تم الموافقة عليها من قبل المجلس فى عام 2016، وقد تم إعداد تلك الإستراتيجية بالتعاون بين الوزارات المعنية مع الاتحاد الأوربى بهدف إصلاح قطاع الطاقة فى مصر والتغلب على التحديات التى تواجهه، وتحتوى تلك الإستراتيجية على عدد من السيناريوهات لتخطيط الطاقة ومن مهام المجلس الأعلى للطاقة أيضًا كما ذكر المسئولون استعراض الخطة الوطنية لتحسين كفاءة الطاقة الكهربائية ۲۰۱۸- ۲۰۲0 واستعراض الطلبات الواردة من الشركات مثل الحديد والصلب والأسمدة والصناعات الكيماوية بشأن الموافقة على التوسع بزيادة الطاقة الإنتاجية وإضافة نشاط جدید وتوفير أو زيادة الطاقة السنوية المطلوبة من غاز طبيعى وكهرباء ودمج عقدى .. توريد الطاقة فى عقد واحد.. إلخ.
ويتم التنسيق بين الوزراء أعضاء المجلس الأعلى للطاقة لاتخاذ اللازم نحو دراسة تلك الموضوعات من النواحى "الفنية، الصناعية، البيئية، التمويلية، التنموية" والإفادة بالرأى تمهيدًا للعرض على المجلس واتخاذ القرار بشأن تلك الموضوعات للموافقة عليها أو رفضها.
فيما أشار مسئول وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى أن إستراتيجية الطاقة متكاملة مع إستراتيجية مصر 2030 وجزء أساسى منها وأن المجلس الأعلى للطاقة مشكل من وزراء فقط، بينما هناك أجهزة أخرى تضم فى تشكيلها ممثلين عن المنتجين والمستهلكين مثل مرفق تنظيم الكهرباء، وأضاف بالنسبة للطاقات الجديدة والمتجددة وتأثيرها على التعريفة فى المستقبل هناك مراجعة لهذه الإستراتيجية سنويًا، وتتغير هذه الإستراتيجية بناء على المتغيرات الموجودة. وقال: لن يكون هناك استخدام فحم بحلول عام 2030، وأن تعريفة الطاقة سوف تتأثر بوجود النيتروجين الأخضر، وسوف تتضمن الإستراتيجية كل ذلك.
وأوضح مسئول وزارة البترول والثروة المعدنية أن هناك إستراتيجية للطاقة موجودة بالفعل ويتم تحديثها باستمرار، وحاليًا يتم مراجعة هذه الإستراتيجية بين الوزارات المعنية مع دراسة إدراج الهيدروجين وأن جهاز تنظيم سوق الغاز به ممثلون من قطاعات البترول المختلفة، ورئيس اتحاد الصناعات ورئيس جهاز حماية المنافسة واثنان ممثلان عن المستهلكين وذوى الخبرات.. مضيفًا: هذا الجهاز لا يهدف إلى تسعير الغاز، وإنما لتنظيم سوق الغاز وضمان وجود سوق حرة ووضع منهجية تسعير، حيث إن التسعير مرتبط بتكلفة الإنتاج وتوجه الدولة للدعم.
وأضاف المجلس الأعلى للطاقة هو جهاز إستراتيجى يقر السياسات وليس جهازا تنفیذيا يضع سياسات التسعير وغيرها.
وأكدت اللجنة فى تقريرها أن الطاقة المحرك والركيزة الأساسية لازدهار ونمو المجتمعات والاقتصادات المختلفة، نظرًا لما تواجهه دول من تحديات تتعلق بالزيادة السكانية والتطلع لتحقيق مستويات معيشية أفضل يترتب عليها التوسع فى الأنشطة الاقتصادية التى تتطلب مزيدًا من الطاقة، هذا إلى جانب التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية التى تؤثر على العالم أجمع، وتلعب فيها الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استخدام الطاقة الأحفورية دورة رئيسية.
وأشارت إلى أهمية التخطيط الإستراتيجى السليم للطاقة حسب رؤية شاملة ومتكاملة لمصادر الطاقة المختلفة، تضع نصب أعينها الاستغلال الأمثل للموارد بما يحقق الاستدامة ويحفظ حق الأجيال الحالية والمستقبلية فى مصادر الطاقة.
ولتحقيق ما سبق فإن اللجنة ترى ضرورة إعادة تنظيم المجلس الأعلى للطاقة وتعديل اختصاصاته خصوصًا أن تشكيل المجلس الحالى يلاحظ فيه غياب ممثلى القطاعات المختلفة الفاعلة والمتأثرة، بسياسات وإستراتيجيات الطاقة, إذ أن المجلس يتشكل من الوزراء المعنيين فقط دون تمثيل للمجتمع المدنى أو القطاع الخاص، بجانب غياب آلية التسعير عن اختصاصات المجلس وترکها للجان فنية تشكل من الوزارات المعنية وهو ما يحرم المجلس من أحد أهم أدوات السياسات التى تمكنه من تحقيق أهداف إستراتيجيات الطاقة المختلفة كالحد من الطلب أو تعزيز التنافسية أو تحفيز مزيج معين من الطاقة، وبجانب ذلك فإن التسعير بالشكل القائم يحدث بمعزل عن المستفيدين وهو ما يؤثر سلبًا على القطاعات المتأثرة كما هو الحال حاليًا.
وأكدت اللجنة أهمية وجود ممثلين للقطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة من المجتمع المدنى والقطاع الخاص مثل اتحاد الصناعات والغرف التجارية وهو ما يعزز نهج التشاركية الذى انتهجته الحكومة المصرية، ويتماشى مع منظومة التخطيط الموحد الذى تسعى الدولة المصرية فيها إلى تعظيم كفاءة وفعالية العملية التخطيطية من خلال المشاركة والانفتاح على المجتمع.
واقترحت اللجنة تعديل تشكيل المجلس الأعلى للطاقة واختصاصاته ليكون من رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة ووزير البترول والثروة المعدنية ووزير المالية ووزير التجارة والصناعة ووزير البيئة ورئيس جهاز المخابرات العامة وثلاثة من الخبراء المستقلين.
وحددت اللجنة اختصاصاته فى 13 اختصاصا وهى وضع إستراتيجية متكاملة طويلة الأمد للطاقة سواء على مستوى الاستهلاك أو الإنتاج والتحديث الدورى لإستراتيجية الطاقة ووضع إستراتيجية تسعير الطاقة بحيث تشمل مراجعة الضرائب المختلفة المفروضة على الطاقة وسياسات الدعم للصناعات المختلفة وتطبيق إجراءات تخفيض الطلب وتعزيز الفاعلية فى استهلاك الطاقة وتقييم استهلاك الطاقة وتطوير عملية وضع خرائط كثافة استهلاك الطاقة والعمل على تنويع مصادر الطاقة ودعم عملية التحول لمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة والحد من التلوث البيئى وخفض الانبعاثات الكربونية ووضع تصور مستقبلى لاحتياجات الطاقة وتعزيز التنسيق بين الهيئات والقطاعات المختلفة المختصة بالطاقة والعمل على دمج القطاع الخاص فى وضع سياسات وإستراتيجيات إنتاج واستهلاك الطاقة وتحديد أنظمة الدفاع والحماية لمصادر الطاقة ومراجعة الضرائب المختلفة المفروضة على الطاقة وسياسات الدعم للصناعات.