الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: « كلمة الله » كيف أنقذ المسيح عيسى ابن مريم أهل الأرض؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- لماذا كانت قيامة المسيح عليه السلام واجبة؟.. وماذا قال الباباوات الثلاثة عن العيد؟

- من "أحد السعف" إلى "الجمعة العظيمة" و"سبت النور".. ما الذى يفعله الأقباط فى الأيام المقدسة؟كواليس خاصة ومعلومات جديدة عن خلوة قداسة البابا تواضروس فى "أسبوع الآلام" 

صدق سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عن أهل مصر " لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة ".. حقا وصدقا وما ينطق عن الهوى.. فها نحن نستقبل "عيد القيامة المجيد" ونحن فى العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.. إنها إشارة جديدة على أن هذا البلد محفوظ بعناية الله.. مهما حاول المتآمرون هدمه بضرب وحدته الوطنية.. التى هى أعز ما يملك.

ومع عيد القيامة يختتم المسيحيون المصريون أقداس أيامهم "أسبوع الآلام"، الذى يبدأ بـ"أحد السعف"، الذى يمثل ذكرى دخول السيد المسيح القدس راكبا حماره، حيث استقبله أهلها رافعين سعف النخيل، ويليه "اثنين البصخة"، و"ثلاثاء البصخة"، و"أربعاء البصخة" أو "أربعاء أيوب"، و"خميس العهد" ذكرى العشاء الأخير، و"الجمعة العظيمة" التى توافق ذكرى موت المسيح وفقا للمعتقدات المسيحية، و"سبت النور"، ثم الأحد عيد القيامة.. اليوم المقدس حيث يستذكر المسيحيون قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته كما هو مسطور فى العهد الجديد، وفيه ينتهى الصوم الكبير الذى يستمر عادة أربعين يوماً؛ كما ينتهى أسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة المستمر فى السنة الطقسية أربعين يوماً حتى عيد العنصرة.

وقد أعادتنى هذه المناسبة العطرة إلى أوراقى القديمة؛ حيث أعدت قراءة عظتين تاريخيتين للقديس البابا كيرلس والراحل العظيم البابا شنودة "بابا المصريين" حول عيد القيامة.. ولقد هزتنى الكلمات.. وحركت المعانى مشاعرى.. وتخيلت سيدى المسيح فبكيت!

فهذا البابا كيرلس يلخص ما وراء القيامة وهى "قضية الفداء" أو "الخلاص"، التى - كما يراها - محور الإيمان المسيحى ونقطة الارتكاز فى الديانة وبدونها لا نفهم السبب الذى من أجله تجسد ابن الله لأن مسيح الله قد جاء من السماء خصيصاً لهذه المهمة التى لم يكن ممكنا لغيره أن يقوم بها.

يفصل البابا كيرلس ما أجمله: فالخطيئة التى أخطأها آدم كانت عظيمة بهذا القدر حتى إن نبياً أو قديساً أو رسولاً لم يكن فى مقدوره أن يكفر وفاء للعدل الإلهى الذى حكم بالموت على آدم. ونحن نعلم أن الخطأ تقاس فداحته بمقام الذى أسىء إليه لا بمقام الذى أساء. وهكذا يقتضى العدل أن يكون وفاؤه فى شخص غير محدود ليرد حق الله غير المحدود الذى أسىء إليه بمعصية آدم. لذلك لم يكن فى سلطان ملاك أو قديس أن يقوم بعمل الكفارة وتغطية الخطأ الجسيم الذى وقع فيه الإنسان الأول لأن المخلوق المحدود لا يكفر عن خطأ غير محدود.

نعم؛ الله كلى العدالة كما أنه كلى الرحمة لكن لا معنى للظن أن التوبة من جانب الإنسان كافية لترضية العدل الإلهى. 

إن الله يغفر ولكن ليس من دون شرط والذى يزعم غير هذا مخطئ كل الخطأ. وكأن الخطيئة أمر هين وكأن الله يساء إليه دائما وهو يغفر دائما من غير قيد!

ولو كان الله يغفر من دون ترضية كافية لما رسم فى شريعة العهد القديم أن يقدم الناس ذبائح عن خطاياهم. ولم تكن الذبائح الدموية كافية فى ذاتها للترضية لكنها بينة على الطاعة للشريعة. ولم يتم بتلك الذبائح غفران حقيقى؛ لأن الغفران الحقيقى كان مؤجلاً إلى أن يأتى الوسيط الحقيقى وهو المسيح الفادى الذى ليس بغيره الخلاص (أع 4: 12). وهو الذى جمع فى شخصه وطبيعته إنسانية آدم ولاهوت ابن الله. وجمع المسىء والمساء إليه معا وصالح الإنسان مع الله بأن قدم فى ناسوته الترضية التى يتطلبها العدل الإلهى حتى يغفر للإنسان ذنبه الذى عصى به وصية الله.

وإذن لقد جاء المسيح من السماء من أجل أن يصلب فتتم بصلبه الترضية المطلوبة ويعفى العدل الإلهى وتغفر الخطيئة الأولى التى أخطأها أبونا آدم الأول. 

قال السيد المسيح "الكاس التى أعطانى الآب ألا أشربها" (يو 18: 11) وهو يعنى كأس الصليب. وقال مرة أخرى "أيها الآب نجنى من هذه الساعة ولكن لأجل هذا آتيت إلى هذه الساعة" (يو 12: 27). وكان دائماً يقول "ينبغى لابن البشر أن يتألم كثيراً ويرذل من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ويقوم بعد ثلاثة أيام" (مر 8: 31, لو 9: 22).

والسؤال الثانى: هل كانت القيامة ضرورية؟ ثم كيف يمكن أن تقوم كل تلك الأجساد التى امتصتها الأرض، وتحولت إلى تراب، أو أكلها الدود، أو احترق بعضها.. كيف يقيم الله كل هذه الأجساد التى تعد بملايين الملايين، من شتى العصور والبلاد، ويأتى بأرواحها من حيث شاء لها أن تقيم، ويجعلها تتعرف على أجسادها وتتحد بها، وتقوم من الموت حية.

هذه الحيرة والأسئلة الغامضة ينهى البابا شنودة الجدل حولها بكل بساطة فيقول: إن كان العقل عاجزاً أمام فهم القيامة وكيف تكون، فإن الإيمان بالله وقدرته قادر على استيعاب ذلك.. فنحن نؤمن بأن الله قادر على كل شيء ولا حدود لقدرته الإلهية. ومهما كان الأمر صعباً أمام الملحدين أو غير المؤمنين، أو أمام الذين يعتمدون على الفكر والعلم وحدهما، فليس شيء عسيراً أمام. 

"إن غير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله" فعملية قيامة الأجساد، أسهل بكثير جداً من عملية خلقها من قبل.

الله الذى أعطاها نعمة الوجود هو قادر بلا شك على إعادة وجودها، هو الذى خلقها من تراب الأرض وهو قادر أن يعيدها من تراب الأرض مرة أخرى.. بل ما هو أعمق من هذا أن الله خلق الكل من العدم . خلق الأرض وترابها من العدم ثم من تراب الأرض خلق الإنسان.

أيهما أصعب إذن: الخلق من العدم أم إقامة الجسد من التراب؟‍‍

إن الذى يقدر على العمل الأصعب من البديهى أنه يقدر على العمل الأسهل.. والذى منح الوجود يقدر بالحرى على حفظ هذا الوجود.

نسمى القيامة إذن معجزة ليس لأنها صعبة، وإنما لأن عقلنا البشرى القاصر يعجز عن إدراكها وكيف تكون.. ولكن الإيمان دائرته أوسع وأعمق.. يقبل ذلك بسهولة معتمداً على الوحى الإلهى.

أما لماذا الاحتفال بالقيامة؟..فهذا سؤال يتكفل قداسة البابا تواضروس بالإجابة عنه: "نحن نحتفل بعيد القيامة الذى هو عيد الأعياد وفرح الأفراح، وهو أساس إيماننا وأساس حياتنا وبدون القيامة لم توجد الكنيسة المسيحية ولم توجد المسيحية أصلًا، والقيامة ليست عملًا أو حدثًا ماضيًا أو تاريخًا، لكنها حالة مستمرة وتاريخ حاضر على الدوام، وهذا الحضور لعيد القيامة هو الذى يعطى لحياتنا المسيحية ولكنيستنا ولكل العالم المسيحى طعم الإيمان المسيحى والحياة المسيحية، واختلاف مواعيد عيد القيامة بين الشرق والغرب يرجع إلى اختلاف التقويم المستخدم، فالاختلاف فى التقويم وليس فى العقيدة".

كل عام ومصر دائما بخير وسلام.. وعيد قيامة سعيد على جميع شركاء الوطن.

 

 

 

تم نسخ الرابط