عاجل.. محمد فودة يكتب عن "أيقونة" الدراما الرمضانية: "الاختيار 3".. المدفعية الثقيلة فى معركة الدراما ضد الإرهاب والتطرف
◄المسلسل يفضح أكاذيب الإخوان ويسقط أقنعة الجماعة بالصوت والصورة
◄تسريبات قادة التنظيم الإرهابى تدعم السياق الدرامى وتكشف للمشاهدين كيف كانت عملية إنقاذ مصر مهمة وطنية
◄ياسر جلال "موهبة متفردة".. قدم شخصية الرئيس السيسى على المستويين الإنسانى والسياسى باحترافية فائقة
◄كريم عبد العزيز وأحمد السقا قدما شخصية الضباط ببراعة.. وصبرى فواز نجح فى تجسيد شخصية "المعزول".. وخالد الصاوى أبهر الجميع بشخصية "الشاطر"
سيظل مسلسل "الاختيار" بأجزائه الثلاثة أهم ملحمة درامية فى تاريخ الدراما العربية عبر سنواتها الأخيرة، فالمسلسل بأجزائه الثلاثة يعتبر قطعة فنية شديدة الروعة يفوح منها عبق الوطنية والارتباط بقواتنا المسلحة ورجال الشرطة المصرية الذين كانوا ومازالوا صمام الأمان للدولة المصرية، فموضوع المسلسل جاء فى التوقيت المناسب خاصة فى ظل هذا النجاح الساحق الذى حققه الجزآن الأول والثانى وهو ما خلق حالة من الشعور بالانتماء وروحا جديدة سرت بين جموع الشعب المصرى تمثلت فى هذا الاصطفاف والالتفاف الواضح حول قواتنا المسلحة الباسلة فى حربها ضد الإرهاب، فبعد أن ألقى الجزء الأول الضوء على تضحيات قواتنا المسلحة الباسلة، وقدم الجزء الثانى الجانب المضيء فى العمل الوطنى المشرف والمتمثل فى بطولات أبناء جهاز الشرطة المصرية جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة فى مواجهة العناصر الإرهابية والتكفيرية التى كانت تخطط لخراب هذا البلد، جاء الجزء الثالث ليكمل الملحمة بالحديث عن أخطر الساعات فى تاريخ مصر والقرار المصيرى الذى أنقذ البلد من الجماعة الإرهابية المتطرفة.
وإذا كان الجزآن الأول والثانى من ملحمة "الاختيار" قد اكتسحا نسب المشاهدة وحققا نجاحا منقطع النظير، فإن الجزء الثالث يعد بمثابة درة التاج فى الدراما الرمضانية هذا العام فقد حقق نجاحا كاسحا أيضا، حيث إنه يكشف للشعب المصرى ما كان يحاك من مؤامرات ضد الدولة المصرية سواء فى الداخل أو الخارج، إذ يتناول أخطر 96 ساعة فى تاريخ مصر الحديث تعود إلى عام 2013، وكواليس تلك الفترة، حتى ثورة 30 يونيو والتى خرج فيها الشعب إلى جميع ميادين مصر ليعبروا عن رفضهم حكم جماعة الإخوان، فالعمل بلا شك يكشف للأجيال القادمة حجم التضحية التى قدمتها القوات المسلحة ورجال الشرطة فى حماية الوطن من السقوط فى الهاوية، ووضح نوايا وأفعال جماعة الشر والإرهاب التى أرادت وأد الهوية المصرية وتطويع الوطن إلى مخططات وأفكار بعيدة عن ديننا الإسلامى الحنيف وبعيدة عن معتقداته وثوابتنا الوطنية السليمة التى بنى عليها الوطن أركانه منذ آلاف السنين.
وإحقاقا للحق فإن الجزء الثالث من المسلسل استطاع وبجدارة منذ عرض الحلقة الأولى أن يكشف ويفضح ألاعيب عصابة الإخوان، ورغبتهم فى السيطرة على مصر، ووثق المسلسل بمقاطع حية بالفيديو اعترافات قيادات الإخوان بالصوت والصورة على أنفسهم والتى كشفت نواياهم الخبيثة، وحجم المؤامرة التى كانت تقوم بها جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتطرفة التى كانت تدعمها، حيث إن التسجيلات الخاصة بالإخوان، التى يتم عرضها فى نهاية كل حلقة من المسلسل بالصوت والصورة، أكدت مدى خطورة الإخوان، ومخططاتهم ودمويتهم، وأن بطولات أبناء القوات المسلحة والشرطة ودماءهم التى سالت وروت شجرة الأمان والحرية لننعم بالاستقرار والازدهار ستظل خالدة.
وتشهد الحلقات يوميا إثارة شديدة فيما يخص التسريبات لجماعة الإخوان، إذ شهدت الحلقات مفاجآت وأحداثا مدوية وخطيرة تم الكشف عنها لأول مرة، وأحدثت تفاعلًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعى بعد الكشف عن لقطات خاصة يظهر فيها محمد مرسى ملوحًا بخراب محتمل فى حال عدم فوزه ممثلًا عن الإخوان بمقعد الرئاسة، فى حضور المشير طنطاوى واللواء عبدالفتاح السيسى الذى كان مديراً للمخابرات الحربية فى ذلك الوقت، كما شهدت الحلقات تسريبا لعبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الأسبق على منصب رئيس الجمهورية، وخلال التسريب قال عبد المنعم أبو الفتوح: كنت أرى فى حازم صلاح أبو إسماعيل الإنسان المتدين، لكن وصوله للسلطة كارثة، أنا قلتله يا سيادة اللواء إنت لو وصلت للسلطة يابنى فى مصر كارثة، إيه اللى بتعمله دا؟" وأضاف أبو الفتوح: مصر تستحمل الهباب اللى انت بتعمله؟ اى دا بتعمل إيه؟ لكن للأسف كان ليه مناصرين ومؤيدين، وجت من عند ربنا ولا كنت أعرف إن أمه أمريكية ولا خالته إيه ولا أى حاجة، وأيضا تسريبا للقاء يجمع اللواء عبد الفتاح السيسى، مدير المخابرات، وقيادات فى جماعة الإخوان من بينهم خيرت الشاطر، نائب المرشد فى جماعة الإخوان، ومحمد مرسى مرشح الجماعة لمنصب رئيس الجمهورية آنذاك، وخلال التسريب قال الرئيس السيسى فى حديثه لقيادات الإخوان: "لازم المعادلة الموجودة للرأى العام تتغير، فى ناس كتير معجبة إنها بتتكلم.. محدش طلع قال إن ما نراه هو محاولة لعرقلة الانتخابات فى مصر عشان متحققش الاستقرار.. لا أنا راجل بنظر نظرة سياسية، وفى فصيل ممكن يقود البلد فى يوم من الأيام.. أنا مش بدافع عن حاجة وإحنا ربنا سبحانه وتعالى هيحاسبنا على الكلام اللى بنقوله ده.. إذا كانت الدولة بتقع مننا وبنحجم عن إننا نتكلم أو ناخد موقف عشان ده ميأثرش على مكانتنا أو دورنا السياسى يبقى مننا لله".
وتزداد أحداث "الاختيار 3" سخونة حلقة تلو الأخرى، بكشف المستور عن جماعة الإخوان وتخطيطاتها، حيث رصد جهاز المخابرات المصرية ضمن بث حلقات الاختيار تتبع حركة العنصر الأجنبى يامن عدنان داخل البلاد، واجتماعات يامن مع عناصر الجماعة، والتقى يامن، بخيرت الشاطر وقال الشاطر: سوف نبدأ بطلابنا فى كليات الحقوق والتربية الرياضية وسوف نرسلهم للتدريب 6 أشهر، وكما قلت فى الأول سيقومون بحماية مقراتنا، وبعد فترة سنقوم بالإعلان عن جيشنا الخاص، عندما يكبر عدده، ليرد يامن: وبالنسبة للتسليح، فيرد الشاطر: لا تقلق الأسلحة متوفرة وستأتينا إمدادات أخرى قريبًا، ؟؟؟وأرسل أحد رجال المخابرات المصرية، صورا لـ "يامن" خلال اجتماعه مع خيرت الشاطر وعصام حداد، ليعرضها يامن عليهما ويتركهما ويرحل، كما ذكرتنا الحلقات بالكشف عن أحداث العصيان المدنى التى اجتاحت محافظات الجمهورية، اعتراضًا على حكم جماعة الإخوان، وذلك انطلاقًا من محافظات القناة وتحديدًا بورسعيد، وأعاد المسلسل إلى الأذهان مأساة حادث رفح واستشهاد 16 جنديا فى رفح، فيما يعطى خيرت الشاطر "خالد الصاوى" تعليمات للجنة الإعلامية بأن تنعى العساكر الذين استشهدوا وتطالب بمحاسبة أعلى القيادات العسكرية، ويتلقى المشير طنطاوى "أحمد بدير" خبر استشهاد 16 جنديا فى رفح بحزن شديد، ويؤكد أن "أى أحد له دخل فى موت ولادى لازم يتحاسب"، فيما يظهر الضابط مصطفى خليفة "أحمد السقا" فى رفح للتحرى حول حادث رفح ويتحدث مع أهالى سيناء، ويتم عرض مشاهد من جنازة شهداء مع مشاركة وفود رسمية وشعبية كبيرة لتوديع الشهداء، واللافت هو سؤال الناس عن غياب "مرسى" عن الجنازة.
وبرع نجوم مسلسل الاختيار فى تجسيد الملحمة على هذا النحو من الروعة والجمال وعلى رأسهم الفنان ياسر جلال الذى أثبت أنه يمتلك موهبة قوية حيث استطاع بقدراته التمثيلية الفائقة أن يتسرب داخل قلوب المشاهدين ليقدم جانباً مهما سواء وطنيا أو إنسانيا فى تكوين شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأعتبره يغرد منفردًا خارج السرب بتجسيده شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسى على هذا النحو من الروعة والجمال، فقد تفوق فى هذا المسلسل على نفسه قبل أن يتفوق على الآخرين، ودرس الشخصية جيدا وعمل عليها، حتى ظهر للجمهور بهذا الشكل وبتلك الإمكانات التمثيلية المدهشة والتى تستند من وجهة نظرى إلى غزارة فى الموهبة، ولفت ياسر جلال الانتباه بهذا التمكن المدروس، وأيضا النجمان كريم عبد العزيز وأحمد السقا اللذان نجحا فى تصوير حياة ضباط الجيش والشرطة للمشاهدين سواء فى العمل أو فى المنزل وكيف يتحملان الكثير من أجل الوطن، والفنان الكبير عبدالعزيز مخيون الذى قدم دور مرشد الإخوان محمد بديع بكل براعة وإتقان فهو فنان كبير ومخضرم يعرف كيف يمسك بتفاصيل الشخصية، والفنان خالد الصاوى الذى برع فى تجسيد شخصية "خيرت الشاطر" بنفس انفعالاته وغضبه وتجهمه، والفنان صبرى فواز الذى لعب شخصية المعزول محمد مرسى بإتقان شديد، فنرى أن منظومة العمل الدرامى مكتملة أركانها، والمسلسل جاء مفعماً بالأحاسيس الفياضة التى تبعث الشعور بالفخر بقواتنا المسلحة وبرجال المخابرات المصرية الصقور وأيضا رجال الشرطة كما ظهر التصوير على مستوى عالٍ من التميز وهو ما نلمسه فى جمال الصورة والقدرة الفائقة على معايشة الأحداث فى أماكن التصوير بما يعكس بوضوح السخاء فى الإنتاج، ليخرج العمل على هذا النحو من الكمال، ويؤكد أننا بالفعل أمام ملحمة وطنية بمعنى الكلمة عزفها باقتدار المخرج المتميز بيتر ميمى .