محمود الشويخ يكتب: «حديث المصارحة» ماذا قال السيسى فى توشكى وإفطار الأسرة المصرية؟
- لماذا أعلن الرئيس إطلاق الحوار السياسى الآن؟.. وما سر الإفراج عن مجموعة كبيرة من المحبوسين؟
- كيف يخطط "القائد" لمواجهة الأزمة الاقتصادية بعد الحرب الروسية - الأوكرانية؟.. وتفاصيل الحرب المرتقبة على الزيادة السكانية .
- رسالة الرئيس للجميع: "كلنا مع بعض من أجل وطن وليس من أجل نظام" .
تقف مصر الآن على أبواب مرحلة جديدة من تاريخها.. تنتقل بها من عهد إلى عهد.. تحت القيادة الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى.
إنه "عصر الإصلاح السياسى" الذى انطلقت بوادره من توشكى - حيث تفقد الرئيس منطقة توشكى بجنوب الوادى فى محافظة أسوان - ثم أعلن السيسى تفاصيله فى حفل إفطار الأسرة المصرية الأسبوع الجارى.
فى هذا الحفل حضرت "الأسرة المصرية" بحق من الموالاة والمعارضة.. الكل مجتمع على مائدة الوطن.. وكانت هذه بحق خير مناسبة لإطلاق الحوار السياسى.
فبعد أن قطعت مصر خطوات واسعة فى الإصلاح الاقتصادى بات الطريق ممهدا لبدء إصلاح سياسى تحتاج إليه مصر بأكثر من أى وقت مضى.
فالتحديات كبيرة.. وهى - كما قال الرئيس - أكبر من أى رئيس أو حكومة، لكنها ليست أكبر من شعب مصر.
وهذه التحديات اقتصادية بالأساس.. فإذا كان الإصلاح الاقتصادى قد جعل الدولة أكثر قدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، فإن غالبية المواطنين لا يشعرون بتحسن اقتصادى.
وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
ومرجع ذلك ليس تقصيرا من الرئيس أو الحكومة.. بل قنبلة الزيادة السكانية التى تلتهم عوائد التنمية.
بتعبير الرئيس: «حجم النمو الاقتصادى فى مصر لم يكافئ معدلات النمو السكانى، لذلك سعينا إلى تقليص الفجوة بين النمو الاقتصادى للدولة والنمو السكانى، وإذا لم نعمل على ضبط النمو السكانى فلن نشعر بأى تحسن اقتصادى».
وهذا أمر لم يخفه الرئيس فى أى وقت فلم يكن يومًا مجاملًا أو حاجبًا للمعلومة أو للواقع، بل كان صريحًا ومباشرًا.
يشرح السيسى تفاصيل الأزمة الاقتصادية بشكل أوضح، حيث يقول إن الأزمة الاقتصادية بدأت فى أعقاب عام ٢٠١١، حيث فقدت مصر جزءًا كبيرًا من الاحتياطى الأجنبى، فيما تبقى فقط «الاحتياطى العينى»، وكان لا بد من إجراء الانتخابات الرئاسية بعد الأحداث بفترة وجيزة، لكن الأمر امتد لعامين.
وبعد سنوات من الضياع.. كان لابد من إصلاح اقتصادى فـ«الأمر كان يشبه المريض الذى لم تتم معالجته بشكل صحيح، مما أدى إلى اشتداد المرض عليه».
وبالفعل نجح الإصلاح الاقتصادى بفضل جهد المصريين وصلابتهم، مما أدى إلى زيادة النمو الاقتصادى.
لكن الوضع على الأرض لم يتحسن كثيرا؛ نظرا للزيادة السكانية المخيفة.
يقول الرئيس إن «تعداد سكان مصر خلال عام ٢٠١١ كان ٧٧ أو ٨٠ مليون مواطن، واليوم أصبحنا ١٠٤ ملايين مواطن»، مشددًا على أن الأعباء الاقتصادية التى تتكفل الدولة بها مقابل الـ٢٠ مليونًا الإضافية كبيرة.
ثم يتساءل: هل المواطن فى حقبة الستينيات كان يعانى مثل الآن؟
ويتكفل بالإجابة موضحا أن قدرة الدولة المصرية ومواردها فى تلك الحقبة كانت متناسبة نسبيًا مع حجم الدولة، منبهًا إلى أن النمو السكانى حاليًا أصبح أكبر من طاقة العمل التى تقوم بها الدولة.
ومن هنا فقد أكد ضرورة ضبط الزيادة السكانية حتى يشعر المواطن بتحسن فى الموقف الاقتصادى، وقال: «دفعنا فاتورة اقتصادية قاسية عندما بدأنا خطة الإصلاح فى نوفمبر ٢٠١٦، وكانت نتيجتها أننا استطعنا الصمود أمام الأزمات الحالية»، موضحًا أنه «لولا الإصلاح الاقتصادى لكانت الأوضاع أكثر صعوبة، خلال أزمة كورونا».
وأشار إلى أن سلاسل الإمداد والنظم الطبيعية للمنتجات التى تخرج للعالم كله، سواء كانت زراعية أو صناعية أو تكنولوجية، تتأثر بأى خلل يحدث فى دولة واحدة من الدول الكبرى، لافتًا إلى أن صندوق النقد الدولى أكد أن ١٤٣ دولة ستتأثر اقتصاديًا جراء الأزمات، ومؤكدًا أن معدلات النمو الاقتصادى فى مصر كانت إيجابية حتى فى ظل أزمة كورونا.
وأكد أنه بفضل المصريين وصلابتهم، سجلت مصر معدلات نمو إيجابية خلال أزمة كورونا بلغت بين ٣.٢٪ و٣.٨٪، فيما ارتفع النمو مع بداية العام الحالى ٢٠٢٢ إلى ٩٪، و«هذا المعدل جاء مخالفًا لما تعرضت له دول العالم»، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية وبالرغم من هذه الأزمة العالمية تمكنت من توفير جميع السلع الأساسية التى يحتاجها المواطنون.
وعن الاحتياطات الإستراتيجية للسلع، أشار الرئيس إلى أن الدولة حرصت منذ ٢٠١٧ على أن يكون احتياطى السلع الأساسية كافيًا لمدة ٦ أشهر، لذلك رصدت الموارد المالية اللازمة لتحقيق ذلك الهدف ومجابهة أى تحديات وأزمات محتملة بالسوق المصرية.
ولفت إلى تأكيد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، السيد القصير، على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضروات والفاكهة.
وأكد الرئيس- فى حديثه للمصريين- أن الدولة بدأت تعالج جميع القضايا من منظور شامل، عكس ما كان فى السابق، عندما كان يتم التركيز على قضايا دون غيرها، مشيرًا إلى أن سلاسل التوريد والتخزين كانت غير كافية وقاصرة، لافتًا إلى أن الصوامع التى شيدت استوعبت ٣٫٥ مليون طن قمح.
وشدد على أهمية الحفاظ على معدلات الإنتاج وسلاسل التوريد والتخزين بما يتناسب مع معدلات النمو، مشيرًا إلى أن البنية الأساسية للدولة المصرية كانت «شديدة التواضع»، حيث لم يكن المواطن يستطيع أن يتحمل نقص الطاقة والكهرباء أو أسطوانة الغاز وغيرها، لافتًا إلى أنه يعبّر عن رأى عام سائد للدولة «وليس كاقتصادى».
وعن الأزمة الأوكرانية، قال إن تداعيات الأزمة الأوكرانية لها تأثير كبير جدًا على الأوضاع الاقتصادية فى العالم أجمع، بما فى ذلك مصر، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى لمواجهة تلك التداعيات، وأن اهتمامه فى الوقت الحالى ينصب على ضمان عمل كل مصنع فى مصر بالكفاءة المطلوبة.
وأضاف أنه فى حال إغلاق أى مصنع؛ ستكون هناك بطالة، وهو ما لن تسمح به الدولة، مبينًا أنه سيتم التواصل مع الغرف التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين؛ للتأكيد على أن مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية لها الأولوية الكاملة.
وقال إن الاقتصاد المصرى تأثر سلبًا بتداعيات أزمتى كورونا وأوكرانيا، مشددًا على أن النقطة الإيجابية فى هاتين الأزمتين تمثلت فى أن الاقتصاد المصرى تمكن من الصمود واستطاع امتصاص الصدمات وحقق معدل نمو مناسبًا.
وأضاف الرئيس أن مصر من بين ٣ أو ٤ دول فى العالم حققت معدلًا إيجابيًا فى النمو الاقتصادى بلغ ٣.٣٪، مشددًا على أن موقف مصر من الأزمة الأوكرانية يتمثل فى محاولة لعب دور إيجابى لوقف الاقتتال وتشجيع الحل الدبلوماسى بين روسيا وأوكرانيا.
وجدد الرئيس السيسى التأكيد على أن التأثيرات الحادة للأزمة الأوكرانية ليست فقط تأثيرات اقتصادية، لكن أمنية وسياسية أيضًا.
وعن الإرهاب فى سيناء، قال الرئيس إن الإرهاب تمكن من تأسيس بنية قبل عام ٢٠١١ بست سنوات، وهذه المعلومات موثقة ومنشورة على مواقع التواصل الاجتماعى، داعيًا إلى مشاهدة الأفلام التى كانت تُعرض عن سيناء عام ٢٠١٠، والتى جسدت استعراضًا للقوة من جانب الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن سيناء كانت مستهدفة بشكل كبير ومخطط.
وشدد على أن الدولة أرست مبدأ المواطنة وعدم التفرقة بين المصريين على أساس الدين، لافتًا إلى أن الدولة تجاوزت محاولات التفرقة بين المسلم والمسيحى، حيث إن كل ممارسات الدولة، خلال الفترة الماضية، استهدفت التأكيد على أن الجميع متساوون فى الحقوق والواجبات ولا يوجد تمييز بين شخص وآخر.
وأكد ضرورة الحفاظ على الوطن باعتباره المظلة التى تحمى المصريين جميعًا، مشيرًا إلى أن حرية الرأى والاعتقاد مصونة، قائلًا: «لن أختلف معك فى أفكارك.. فكر مثلما شئت واعتنق ما شئت، لكن يجب أن تكون المظلة التى تحمينا جميعًا هى أن نحافظ على بلدنا».
وأعرب الرئيس عن ثقته فى قوة النسيج الوطنى المصرى، والإجراءات التى تتخذها الدولة ولا تزال تنفذها للحفاظ على الوحدة الوطنية، مشددًا على أن كل المصريين بجميع معتقداتهم، سواء مسلمين أو مسيحيين أو غير مؤمنين، لهم مكان وحقوق فى مصر، لأن مصر دولة قانون، ومن يخطئ يُحاسب.
وحول مبادرة «حياة كريمة»، قال إن الدولة مستمرة فى تنفيذ تلك المبادرة التى تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية لـ٦٠ مليون مواطن فى الريف المصرى، مشددًا على تمسكه بتلك المبادرة وتوفير جميع الموارد المالية اللازمة لتنفيذها، واعتبر التخلى عنها يجعل تخطيط الدولة «ناقصًا».
وتابع إن غياب أو تأجيل إقامة خدمات الصرف الصحى عن الأسرة المصرية فى الريف هو أمر غير مقبول، مشيرًا إلى أن تبطين الترع يتكلف ٩٠ مليار جنيه.
وأكد أن مبادرة «حياة كريمة» لها منظور وطنى وأخلاقى ودينى، مشيرًا إلى أنه حرص على تنفيذ مراحل المبادرة الثلاث خلال ثلاث سنوات، لافتًا إلى أهمية عنصر الوقت الذى يشكل تحديًا فى إنجاح المبادرة.
وأضاف أن الدولة واجهت تحديًا عند تنفيذ المبادرة، تمثل فى غياب التخطيط على مدى الـ٤٠ و٥٠ سنة الماضية فى الريف المصرى؛ ما شكل صعوبة أمام المبادرة.
ولفت إلى أن المبادرة تستهدف تزويد الريف بخدمات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى بشكل مستدام، دون توقف.
كان هذا أهم ما قاله السيد الرئيس خلال لقاء الإعلاميين فى توشكى وحفل إفطار الأسرة المصرية.. وهى تصريحات تستحق التوقف أمامها والتحليل الدقيق لها.
نستبشر جميعا بما هو قادم.. ودائما وأبدا.. تحيا مصر.