إنتشرت بشكل مُخيف ظاهرة العنف بين الأطفال وأصحت بمثابة خطر داهم على المجتمع حيث تنمو وتزداد مع مرور الوقت والزمن وخاصة فى الأوانة الأخيرة، وتظهر الميولة العدوانية للاطفال داخل المدارس واماكن التجمعات وحتي في الشوارع مع زملائهم وأقرانهم والتي قد تنهتي بارتكاب جرائم بشعة مثل القتل والسرقة والاغتصاب فضلًا عن التعدى على بعضهم بالأسلحة البيضاء والذي أصبح شيء مألوف بين الأطفال والشباب بكل أسف فمنذ عدة شهور إستنجد بي أحد الأصدقاء لأنشر قضيته حيث تعدي زميل إبنه في الصف الثاني الإعدادي بإحدي مدارس مدينة زفتي بمحافظة الغربية، تعدي عليه بآلة حادة كادت أن تُفقد نجله عينه وذلك عقب مشادة كلامية بينهم داخل المدرسة، وأجري الطفل عدة عمليات ليُنقذ عينه من الضياع، ومنذ عدة أيام كانت واقعة أخري بتعدي مراهق بالصف الثاني الثانوي علي زميله بشومة ليفقد الأخير فكه كاملًا في خلاف علي أولوية المرور، ومطلع اللإسبوع الجاري صديق نجلي الأصغر وإبن أحد أعز الأصدقاء وهم بالصف الثاني الإعدادي يتعدي عليه أحد الأطفال بـ"الموس" مصيبًا أياه بجرح قطعي في اليد إحتاجت عملية جراحية.
وكل هذه الحوادث ماهي إلا غيض من فيض من عنف منتشر بين الأطفال والشباب، لا أجد سبب لإنتشارها بهذا الشكل المُحزن إلا تلك الأفكار والمشاهد المسمومة التي تدخل بيوتنا يوميًا عن طريق ما يُطلق عليه كذبًا دراما الواقع والواقع من صُناع تلك الأعمال برئ، عنف الأطفال ناتج عن مشاهدة أفلام وبرامج تدعو إلى العنف بل وتجعل من صناع تلك الأعمال الهابطة الرخيصة أبطال يتخذها عديمي الرباية قدوة ومثل، فتخرج علينا تلك النماذج التي هي فى المقام الأول نماذج بلطجية فقدوا التربية السلمية وتربوا عبر الشاشات والنت ومواقع الخراب الإجتماعي الذين يتفننون في تربية مجرمين صغار تربوا على أساس خاطئ لتصويرهم الجرائم والعنف كأنها أمور عادية، جعلتها تُنمي ثقافة ردئية تجعل الاشياء المجرمة والمحرمة عادية مع غياب الوازع الدينى عن الأسرة بالإضافة إلي الجوانب الإقتصادية والإجتماعية، وهاهي النتيجة شباب في عمر الزهور وأطفال يافعين ليس لديهم اي طموح سوي تقليد بطل من ابطال هذة الأعمال الهابطة التي أسموها بأفلام الواقعية بل ومحاكات افعاله حتي لو كانت غريبة عليه وعلي بيئته اي انه يتمرد علي بيئته مقابل تقليد بطل عمل درامي كل مقوماته انه وجد كاتب سبوبة ومنتج سبوبة لينتج عمل درامي أيضًا ضمن أعمال السبوبة ليحقق دخل مرتفع وليخرب به في النهاية عقول فلذات أكبادنا ويُصدر كنا ننتظر منهم ان يكونوا أفضل منا وأن يكونوا معينًا لمصرنا الغالية نحو التقدم، لنُصاب بهذة النوعية من الشباب والتى تنتشر فى أغلب شوارعنا فى كل محافظات مصر نسأل الله لنا ولهم الهداية.
إن أفلام ومسلسلات وبرامج السبوبة المنتشرة والمتكررة هي فساد العقول ودمار الأسر عندما سمحنا في البداية بتوصيف وتشخيص هؤلاء الأشخاص للأحياء الشعبية علي انها منبع للمخدرات والرذيلة وان شباب هذه المناطق لا يراعي حرمة الجيرة ولا العيش والملح وان نسائها مستباحين وان جميع بناتها يبحثن عن من سينقلها إلي الحياة الرغدة أيًّا كان الثمن وحتي ولو كان الثمن كل شئ واي شئ، رغم أن هذة الأحياء منابع الرجولة والوفاء والأمثلة الحية على التكاتف الإجتماعى والتعاون المجتمعى وحب الغير والمشاركة فى حمل الهموم والأحزان قبل الأفراح مع الجيران، سمحنا لأعمال أفسدت أغلي ما نملك وأفقدتهم كل معاني الإنسانية التي ننشدها في سبيل تقليد مُفسد بيحث عن تحقيق ثروات حتي لو علي حساب عماد هذه الأمة ووقودها من شباب ونشء.
وتلعب الأسرة والمدرسة الدور الأهم في الوقاية من انتشار مظاهر العنف من خلال عملية التنشئة الاجتماعية السليمة وزيادة الوعي لدى الطفل بأساليب التعامل مع الآخرين وتنمية دافع المحبة للغير وعدم الخوف منه والعطف والحنان على من هم أقل عمرًا من الأطفال ونبذ وتحقير ما يمكن أن يراه الطفل من مظاهر عنيفة ليتم تكوين اتجاه لديه رافضٍ للعنف مع الغير وعملية ضبط مستمرة للمدرسة تقضي من خلالها بقوانين صارمة تجاه أية ممارسات عنفية بين طلابها، مع تطبيق قاعدة سد الذرائع وغلق الأبواب المؤدية إلى المحرمات أو المُفسدة والتي أصبحت واجبة النفاذ بل ومنع الأطفال من مشاهدة وتقليد تلك الأعمال الهدامة أصبح واجب وفرض علينا جميعًا قبل فوات الآوان، والقوانين موجودة بالفعل ولكنها غير مفعلة ولا أدري ما المانع من تفعليها وتفعيل الرقابة على الطفل فى البيئة والمدرسة وتفعيل دور الإخصائى وتغليظ العقوبات على الجرائم ضد الاطفال للقضاء على ظواهر السلوك العدوانى الصادر من وإلي الأطفال، ومن المهم الإحاطة بالطفل من جميع الجوانب النفسية منها والجسدية والأخلاقية ليتم تكوينه بالشكل الأمثل ليكون أساسًا لشخصية المستقبل التي بدورها تعكس ما تكتسبه من ثقافة اجتماعية تعرضت لها على غيرها.
وتوعية الأسر المصرية في سبل وأساليب متابعة اولادها واحياء القيم والمبادئ لهم وتعليمهم الدين والوطنية وإحياء دولة القانون وتنفيذه ونبذ فكرة الانتقام باليد ومعاقبة الأصدقاء وتغليظ عقوبة السب وخاصة سب الدين وسب الأمهات والآباء، والربط بين تعاليم الدين وتحريم ايذاء الناس بكل أشكال وأنواع الإيذاء البدني والنفسي والمعنوي، مع منح الشرطة القوة القانونية اللازمة لتأدية عملهم تجاه الخارقين للقانون دون خوف علي ان يُتابع العمل من قبل القيادات ويجازي المخطئ ويثاب الناجح المتفاني في عمله.
كما يجب أن يعود المسجد ليلعب دورًا مهمًا في تنمية الحس الاجتماعي ومحبة الآخرين من خلال التوجيه الديني وملء وقت الفراغ لدى الطفل والمراهق بما يعود بالفائدة المباشرة على سلوكياته ومعارفه واتجاهاته من قضايا مجتمعه الصحيح منها والخاطئ، ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا عادت الدعوة ليتولاها أهلها وهم رجال وعماء الأزهر على ان تتفرغ وزارة وهيئة للأوقاف لوظيفتها المعروفة والمنطقية، وهي استثمار ثروة الوقف المصري ما بين خيري وأهلي يتم إغتصابه من معدومي الضمائر، لنُعيد لخطبة الجمعة هيبتها ورسالتها ولنجعل النزول لخطبة الجمعة ليس فقط لتنفيذ أمر من أوامر المولى عز وجل فقط ولكن ليكون استثمارًا لتلك النعمة الكبرى التي وهبها الله إلينا ولم نحسن استثمارها ولا تتيسر لغيرنا وهي خطبة الجمعة.
الطفل أمانة مهما حرصنا على المحافظة عليها نجد أنفسنا مقصرين علينا الإحاطة بهذه الأمانة بشكل أمثل واول حفاظنا عليها هو منع إنتشار العنف بينهم، فأطفالنا أمانة نسأل الله أن يعيننا علي تأديتها كما يحب ويرضي.