توقفت كثيرًا وطويلًا أمام تعبير عبقرى قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة الاحتفال بمرور 40 عامًا على تحرير سيناء: "إن من أراد السلام فعليه بامتلاك القوة اللازمة القادرة على الحفاظ عليه". وفى اعتقادى أنها ليست عبارة عادية ولكنها تمثل إستراتيجية وطن وعقيدة دولة ورؤية قيادة؛ فأى سلام يراد له الاستمرار والخلود لابد أن يستند ويرتكز على قوة تحميه وتصونه وتحفظه، لذلك جاءت مقولات "السلام لابد من قوة تحميه.. وامتلاك القوة والقدرة والردع يمنع تفكير الأعداء فى المساس بالحقوق والخطوط الحمراء والأرض والسيادة أو العدوان ويجهض التفكير فى استخدام القوة لأن العدو يعلم أن هناك من سيكبده خسائر فادحة".
تعلمنا أن الاجتهاد فى امتلاك قوة الردع يمنع الحرب والعدوان فى ظل عالم لا يعترف إلا بالقوة والأقوياء، فقد أدركت مصر مبكرًا هذا المبدأ لذلك عكفت على بناء القوة والقدرة وأحدثت توازنًا فى القوة بالمنطقة بعد أن تعرضت لثغرات وفجوة عميقة لكن أصبحت مصر فى عهد الرئيس السيسى هى القوة الأولى فى المنطقة وإفريقيا وأحد أهم القوى العسكرية فى العالم خاصة بعد القرار التاريخى والوطنى فى تطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح فى العالم، وهو ما أعاد المشروعات الشيطانية والأطماع والأوهام إلى أدراجها من جديد لتظل تبحث عن الفرصة المواتية فى لحظات ضعف الأوطان لا قدر الله. الشيء العبقرى أن الرئيس السيسى لم يختصر أو يختزل امتلاك القوة والقدرة على القوة العسكرية التى تفوقت فيها مصر بفضل وجود جيش وطنى عظيم قوى وصلب ولكنه نجح فى بناء القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة فى كل مكونات ومقومات الدولة خاصة القوة الاقتصادية. فى اعتقادى أن قوة الدولة المصرية وقدرتها الفائقة المسالمة لا المستسلمة هى التى حافظت على حقوقها وسيادتها وأراضيها وأمنها القومى، فمن ينسى "الخط الأحمر" (سرت- الجفرة) فى ليبيا ودحر الإرهاب فى سيناء وإجبار أعداء مصر على إنهاء مؤامرة الربيع العربى وضمان حقوقنا فى الجنوب وحماية ثرواتنا وحقوقنا فى شرق المتوسط هذه هى القوة والقدرة التى بناها الرئيس السيسى. القوة الكاملة والمتكاملة والشاملة والمؤثرة التى أشار إليها الرئيس السيسى إلى جانب القوة العسكرية تعنى قوة الاقتصاد وهو ما نجح الرئيس السيسى فى إنجازه من خلال اقتصاد وطنى واعد استند على أكبر عملية إصلاح فى 2016 فى تاريخ مصر.
وهو الأمر الذى حصده الاقتصاد المصرى وجعله اقتصادًا واعدًا قادرًا على امتصاص الصدمات ومقاومة الأزمات وقادرًا على تحقيق معدلات للنمو، جاذبًا للاستثمار يعتمد على تنوع وتعدد موارده ومصادره، يقوم على ركيزتين مهمتين الزراعة والصناعة وتوفير احتياجات المصريين. أيضًا هى قوة الوعى المصرى من خلال أكبر عملية بناء حقيقى للوعى والفهم الصحيح، أدركت خطورة المؤامرة الإخوانية المدفوعة من قوى خارجية وهذا الوعى نجح فى اطلاع المصريين على كافة تفاصيل المشروعات والسيناريوهات الشيطانية والخبيثة والتعرف على خيانة وعمالة الإخوان التى تاجرت بالدين واستخدمته لخداع المصريين والتدليس على الناس، رغم أن جماعة الإخوان المجرمين هذا التنظيم الإرهابى ليس له علاقة بالدين أو الإسلام من قريب أو بعيد، وأى فعل أو سلوك محرم إلا واقترفته أياديهم الملوثة بالدماء والقتل والتفجير وألسنتهم الملوثة بالكذب والخداع والتدليس وخيانة الأوطان والتآمر عليها والعمل على إحداث الفتنة والوقيعة بين الناس وشق الصف، لذلك هل بعد كل هذا الإخوان لهم علاقة بالدين؟ وهل هناك أحد مازال يصدق هذه الخزعبلات؟ أيضًا هناك قوة الاصطفاف والتماسك والوحدة واللحمة المصرية وأن هذا الشعب على قلب رجل واحد، وهو ما مكّن مصر من التصدى لكل المؤامرات وحملات الخداع والإرهاب والكذب والشائعات والتشكيك ومحاولات تركيع وإسقاط مصر، وأيضًا خاض المصريون معركة التنمية والبناء وتحملوا تداعيات الإصلاح الاقتصادى عن طيب خاطر ووعى لحتمية ذلك. أيضًا هناك قوة مهمة هى قوة الوحدة الوطنية والمواطنة والتسامح والتعايش والوسطية والاعتدال والحفاظ على الهوية المصرية ذات العمق الحضارى وكذلك ترسيخ مكونات ومقومات الشخصية المصرية واستعادة مفردات القوى الناعمة المصرية، مثل الدراما التى عادت للتوهج والقوة والإعلام الذى مازال الأفضل، ويصطف فى خندق الوطن. كذلك هناك قوة الدبلوماسية المصرية، من خلال الدبلوماسية الرئاسية التى نجحت خلال السنوات الماضية فى بناء علاقات دولية وشبكة من الأصدقاء والأشقاء والشركاء، حيث تقوم السياسة المصرية الدولية على الاحترام المتبادل بين الدول واحترام الإرادة الشعبية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وتعزيز سبل التعاون والشراكة لتحقيق المصالح المشتركة وتبادل الموارد واستغلالها والتنسيق والتشاور لحل الأزمات الإقليمية والدولية، والحلول السياسية والتفاوضية وتغليب لغة الحوار بدلاً من الحروب والصراعات والنزاعات. لذلك أصبحت مصر تتمتع بمصداقية وثقة عالمية من دول المجتمع الدولى فهى دولة قوية وقادرة لكنها لا تعتدى على أحد ولا تطمع فى أحد، مسالمة وليست مستسلمة، قادرة لكنها فى الوقت ذاته تريد السلام. السيسى نجح فى بناء معادلة قوة شاملة ومتكاملة ومؤثرة تتكون من القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والاجتماعية، القوى الناعمة ومكوناتها المختلفة التى منحت الدولة المصرية بريقًا وتوهجًا.
إن أعظم إنجاز للرئيس السيسى هو تأسيس دولة بالمعنى الحقيقى للدولة تملك قوتها وقدرتها وقرارها وقوة الردع والقدرة على تلبية احتياجات وتطلعات المصريين وضمان عدم تكرار لحظات الخطر التى تعرضت لها مصر مثل أحداث الخراب العربى، لتكون مصر على الدوام دولة صلبة ضد السقوط أو الانهيار طالما أنها تمتلك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة وكذلك قوة الفهم والوعى والاصطفاف والقوة الناعمة والعلاقات المبنية على الندية. هى القوة والقدرة المصرية التى تضمن حقوقنا المشروعة وسيادتنا وحماية أراضينا وأمننا القومى، القوة والقدرة التى لا تفكر فى الاعتداء أو العدوان على أحد، القوة التى تستطيع أن تحمى المستقبل وتوفر الحياة الكريمة لكل المصريين على مدار الأجيال. حقًا سيادة الرئيس، إن من أراد السلام فعليه بامتلاك القوة اللازمة والقادرة للحفاظ عليه. تلك هى رؤية وخطة وإستراتيجية مصر لامتلاك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة.