محمود الشويخ يكتب : « الحليف الوفى » كيف أصبح محمد بن زايد رئيسا للإمارات؟
- "عدو الإرهاب".. لماذا يشعر الإخوان بالرعب منه؟.. وتفاصيل حربه الكبرى على أفكار الجماعة الإرهابية
- "الصديق الحقيقى".. سر الصداقة الخاصة بين السيسى وبن زايد.. وماذا قال له الرئيس فى عزاء الشيخ خليفة؟
- ماذا قدم لمصر فى أصعب اللحظات بعد ثورة ٣٠ يونيو؟.. وكواليس انتخابه بالإجماع من المجلس الأعلى للاتحاد
المشهد كان معبرا بلا شك.. الرئيس عبدالفتاح السيسى يقف بجانب الشيخ محمد بن زايد يأخذان العزاء معا فى المغفور له- بإذن الله -الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل.
خلف هذا المشهد الكثير من الأسرار عن رجلين جمعت الأقدار بينهما فى مهمة لإنقاذ المنطقة من فوضى ما كان لها أن تتوقف لولا رعاية الله وقوة جنوده على الأرض.
وقفا معا فى كل السنوات الماضية ضد المؤامرات والمكائد واستطاعا- بعون الله ودعمه-أن يحبطاها.
الرئيس السيسى أنقذ مصر فى أصعب الأوقات من الإرهاب وأهله.. لكن العالم كان يقف متحفزا ومتآمرا ضد هذا الرجل الذى جاء ملبيا لنداء الشعب.. وهذه حالة احتجاج معها لدعم كل أخ وصديق.
وكان الشيخ محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى آنذاك، نعم الأخ والصديق؛ فقد قرر، من اللحظة الأولى، أن يقف مع مصر وقائدها ضد العالم.. مهما كانت الظروف والتحديات.
وليس خافيا على أحد ما قدمته الإمارات ومعظم الدول الخليجية من دعم لمصر.. بتعبير الرئيس السيسى فى حفل إفطار الأسرة المصرية "لولا وقفة الأشقاء العرب لما قامت لمصر قائمة حتى الآن".
لقد كان الشيخ محمد فى مقدمة الصفوف فى الحرب على أهل الإرهاب وفى القلب منهم جماعة الإخوان.. لم يهادن أو يقف فى منتصف الطريق.
بل كان فى خط المواجهة الأمامى مع الجماعة.. يواجه وبقوة.. دون أن يخشى أى شيء.. يعلن للعالم أن الإمارات لا تقبل الإخوان.. فهم - وغيرهم مما يسمون أنفسهم بالإسلاميين - أناس لا يمكن الوثوق بهم أبدا.
ولأنه يعلم طبيعة هؤلاء الأشرار فقد أصبح - كما قال دبلوماسى أوروبى كبير - أكثر شخص على وجه الأرض يكره جماعة الإخوان.
ولهذا كان طبيعيا أن يشعر الإخوان بالرعب بعد انتخابه رئيسا للإمارات.
وقد أزعجهم هذا الانتقال السلس والسريع للسلطة فى الإمارات.. وقد كانوا يمنون النفس بسيناريوهات شيطانية.
ففى اليوم التالى لوفاة الشيخ خليفة؛ انتخب المجلس الأعلى للاتحاد فى الإمارات العربية المتحدة بالإجماع، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة، بعد أن عقد المجلس اجتماعاً فى قصر "المشرف" بأبوظبى، برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، وبحضور كلٍ من: الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، حاكم الشارقة، والشيخ حميد بن راشد النعيمى، حاكم عجمان، والشيخ حمد بن محمد الشرقى، حاكم الفجيرة، والشيخ سعود بن راشد المعلا، حاكم أم القيوين، والشيخ سعود بن صقر القاسمى، حاكم رأس الخيمة.
حدث هذا فى إطار حرص الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد على الوفاء بما أرساه الراحل من قيم أصيلة ومبادئ استمدها من المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتى رسخت مكانة الإمارات على المستويين الإقليمى والعالمى، وعززت إنجازاتها الوطنية المختلفة.
أما لماذا اختاروا الشيخ محمد بالإجماع؟
فالإجابة عند أعضاء المجلس الذين عبروا عن ثقتهم التامة فى أن شعب الإمارات سيبقى كما أراده "زايد" والمؤسسون دوما، حارساً أميناً للاتحاد ومكتسباته على جميع المستويات.
وهذا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يؤكد أن الدولة تبدأ مرحلة جديدة فى تاريخها، مع انتخاب الشيخ محمد بن زايد رئيسا للبلاد. وقال: "تبدأ دولة الإمارات مرحلة جديدة فى تاريخها مع هذا القائد الذى عرفه شعبه منذ سنين طويلة.. عرفه قائدا فى ميادين البطولة والرجولة. وعرفه حاميا لحمى الاتحاد. وبانيا لحصنه الحصين قواتنا المسلحة، وعرفه مؤسسا لمئوية تنموية رسخت مكانة دولته بين الأمم والشعوب، وعرفه قائدا عالميا بنى علاقات إستراتيجية راسخة وقوية لدولته مع شرق العالم وغربه".
بن راشد يضيف أيضا أن "شعب الإمارات أحب الشيخ محمد بن زايد منذ سنوات طويلة. أحبوه لكرمه، وأحبوه لطيب نفسه، وحنوه على شعبه، لقد رأوه يداوى مريضهم، ويغيث ملهوفهم ويدعم أبناءهم، ويواسى شهداءهم، ويفكر ويخطط لمستقبل أجيالهم، لقد رأوه يزورهم فى بيوتهم، وشاهدوه يحفزهم فى ميادين عملهم، ورأوه يستقبلهم فى مجلسه العامر، وشهدوا معه وشاهدوا إطلاق مشاريع تنموية، وتطوير صناعات جديدة، وبناء قطاعات اقتصادية وطنية، وإطلاق شركات عالمية رائدة عبر سنوات طويلة من خدمته لوطنه وشعبه".
لهذا كان طبيعيا أن يقول الشيخ محمد بن راشد: "اليوم يبايعه الشعب.. ويعاهده على السمع والطاعة. وينتظم خلفه ليقوده فى مسيرة تاريخية جديدة فى دولة الإمارات، تستبشر فيها الأجيال القادمة بالرئيس الثالث لدولة الإمارات العربية المتحدة ويستبشر فيها العالم بدولة تمثل نموذجا عاليا مستقبليا يحمل الخير والأخوة للبشرية كل البشرية".
والثقة فى الشيخ ليس داخلية فقط؛ فالرئيس عبدالفتاح السيسى يهنئ الشيخ محمد على ثقة شعب الإمارات فى توليه مقاليد الحكم رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، معرباً عن أطيب التمنيات بالتوفيق لأخيه فى مواصلة مسيرة التطور والازدهار للشقيقة الإمارات، واستكمال السياسات الرشيدة التى حققها المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، امتداداً لمسيرة الازدهار التى أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
أما الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فقد عبر عن قناعته بأن نشاطه فى منصب رئيس الدولة سيسهم فى مواصلة تطوير علاقات الصداقة والتعاون متبادل المنفعة فى الاتجاهات كافة بين روسيا والإمارات. وأيضا أعرب عن أمله فى مواصلة الحوار البناء والعمل المشترك على المسائل الملحة المطروحة على الأجندة الثنائية والدولية مع نظيره الإماراتى الجديد، متمنيًا له النجاح وموفور الصحة والرفاهية.
ولم يختلف الرئيس الأمريكى، جو بايدن، الذى قال: "أهنئ صديقى القديم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على انتخابه رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة… وكما أخبرت صاحب السمو فإن الولايات المتحدة عازمة على تكريم ذكرى الرئيس الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان من خلال الاستمرار فى تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين بلدينا خلال الأشهر والسنوات المقبلة".
بايدن لم يكتف بذلك بل أكد أن "الإمارات العربية المتحدة شريك أساسى للولايات المتحدة. ولطالما كان الشيخ محمد، الذى التقيت به عدة مرات كنائب للرئيس عندما كان ولى عهد أبوظبى، فى طليعة بناء هذه الشراكة. إننى أتطلع إلى العمل مع صاحب السمو للبناء من هذا الأساس غير العادى لزيادة تعزيز الروابط بين بلادنا وشعوبنا".
والمتتبع لمسيرة الشيخ محمد يجد أن ما وصل إليه ليس من فراغ؛ فقد ولد محمد فى مدينة العين يوم 11 مارس عام 1961، وهو الابن الثالث للوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأتم سنواته الدراسية بين مدينتى العين وأبوظبى.
وفى عام 1979، تخرج فى أكاديمية "ساندهيرست" العسكرية الملكية فى المملكة المتحدة، حيث تلقى تدريبًا على سلاح المدرعات والطيران العامودى والطيران التكتيكى والقوات المظلية، ثم انضم إلى دورة الضباط التدريبية فى إمارة الشارقة.
ثم شغل العديد من المناصب فى القوات المسلحة الإماراتية، وتدرج من ضابط فى الحرس الأميرى، إلى ضابط فى قوات النخبة، إلى طيار فى القوات الجوية، ثم ترقّى فى عدة مناصب عليا، حيث تولى منصبى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى، ونائب رئيس أركان القوات المسلحة، وذلك قبل أن يصبح رئيسًا لأركان القوات المسلحة فى العام 1993، ثم تقلد رتبة الفريق فى العام التالى.
أيضا عمل مستشارًا للشؤون الأمنية لدى والده الشيخ زايد، ووقع عليه الاختيار ليكون وليًا للعهد لإمارة أبوظبى فى نوفمبر 2004، كما تولى فى ديسمبر من العام نفسه رئاسة المجلس التنفيذى للإمارة.
ومن أبرز وأهم المبادرات الدولية التى أطلقها، رعايته لوثيقة"الأخوة الإنسانية" التى جرى توقيعها فى الإمارات فى فبراير 2019، وهى بيان مشترك وقعه البابا فرانسيس من الكنيسة الكاثوليكية والشيخ أحمد الطيب الإمام الأكبر للأزهر، لتكون دليلًا على تعزيز "ثقافة الاحترام المتبادل".
كما تدخل شخصيًا لتخفيف حدة التوتر فى عدد من أماكن العالم، كان من أبرزها وساطته لنزع فتيل أطول نزاع فى إفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا فى يوليو 2018.
إننا أمام قائد فذ، ذى عقل إستراتيجى، ونظرة ثاقبة، ورؤية شاملة، نستبشر معه بكل الخير للإمارات والمنطقة العربية.