الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

أُسدل الستار على أشهر قضايا الابتزاز الإلكترونى قضية ضحية الابتزاز الإلكترونى "بسنت خالد"، والتى قادتنى طبيعة العمل لتغطيتها ومعرفة كافة تفاصيلها حتى هذه النهاية التى أثلجت صدور أهالى الضحية ولكن ظلت كلمة والدتها فى أذنى حتى الآن ولا أعتقد أنى فى يوم من الأيام سأنساها عندما قالت لى: "حتى وإن ارتاحت ابنتى فى قبرها فقد حرقوا قلبى عليها وإن تم إعدامهم فلن تعود ابنتى"، كلمات موجعة عصرت وآلمت قلوب كل من تابع القضية من قرب، بسنت ليست القضية الأولى فقبلها عدة قضايا وبكل أمانة لم تقصر الأجهزة الأمنية أو الجهات القضائية فتم ضبط المتهمين وتم الحكم عليهم بأحكام رادعة كى يكونوا عبرة لمن يعتبر وإن كنت أتمنى أن تزيد عقوبة المبتز إلى أقصى أنواع الأحكام لننهى هذه الآفة التى قد تدمر المجتمع. بسنت لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فى ظل هذا التردى الأخلاقى الذى طالما تحدثنا عنه فى عدة مقالات سابقة، ولكنى هنا أهمس فى أذن كل بنات حواء إن أخطأت ووثقت فيمن لا يستحق الثقة ووقعت ضحية نزوة ما فهرولى إلى من كانوا الأولى بثقتك من الأساس إلى من يهمهم أمرك وعمرك وسمعتك وسعادتك فهم الأولى من البداية للنهاية بثقتك وإن أخطات هم أولى الناس وأصحاب الحق الأصيل فى عقابك وحل المشكلة من جذورها.. لا تخطئى مرة بالفعل ومرة بحرمانهم حتى من الحل وسلبهم أبسط حقوقهم فى أن يدافعوا عنك ضد من استدرجك ثم حاول ابتزازك، وها هو القانون أثبت لك أنك ولو أخطأت فالحق معك فى العودة والتوبة فلا ترضخى ولا تستسلمى لرغبات أولئك النوع السافل من شياطين الإنس الذين يستدرجون الضحايا لعالم أنت أشرف من أن تكونى فيه فى الدنيا وفى الآخرة وأهلك لا يستحقون منك خيانتهم فى الدنيا وحرقة قلبهم فى الآخرة. وتعد جريمة الابتزاز الإلكترونى من الجرائم المستحدثة بفعل التقدم الكبير فى تكنولوجيا المعلومات،ووسائل الخراب الاجتماعى الحديثة والتى تعاملنا معها فى مجتمعاتنا العربية دون أى وعى يُذكر، تلك الوسائل التى جعلت من العالم قرية صغيرة وبالفعل سهل الكثير من أمور الحياة، ولا يخفى ما لهذا التطور من فوائد فى النواحى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية إلا أنه لم يخل من مواطن خلل وفساد فقد سهلت لظهور نوع من المجرمين من أصحاب النفوس المريضة يستخدمون هذه التقنيات لتنفيذ جرائمهم بواسطتها، الابتزاز الإلكترونى هو الابتزاز الذى يتم باستخدام الإمكانيات التكنولوجية الحديثة ضد ضحايا أغلبهم من النساء ويقع فيها الرجال ويكون أغلبها الابتزاز ماديًا وجنسيًا، فوسائل التواصل الاجتماعى (الخراب الاجتماعى) كسرت كل الحواجز الاجتماعية والجغرافية والشخصية بل وتسللت إلى غرف النوم وإلى دقائق الحياة الشخصية، وانبهر كثيرون بتلك التكنولوجيا ونمت الرغبة فى تحصيل أكبر قدر من الإعجاب والشهرة ومعها انهدمت جدران الخصوصية ومع ذلك الجموح ظهرت القدرة على التصيد والتشهير والابتزاز، وبدلا من أن يعزز التطور التكنولوجى قيم التواصل فإنها كانت مدخلًا للحصول على المعلومات بل وأحيانًا اختراق أجهزة "الموبايل والكمبيوتر" والقرصنة على محتوياتها، واستغلالها للضغط على الضحايا للانصياع للرغبات الآثمة، والمبتز فى كل الأحوال لص فاسد سواء سرق المحتوى الذى سيبتز به أو حصل عليه تحت ستار علاقة مع الضحية أيًا كان نوعها.

والابتزاز الإلكترونى المنتشر فى مجتمعاتنا العربية هو عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة بكافة صورها لصالح المبتزين، وتتزايد عمليات الابتزاز الإلكترونى فى ظل تكاثر عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى والتسارع المشهود فى أعداد برامج المحادثات المختلفة واندفاع الشباب والفتيات غير المحسوب تجاه هذه البرامج التى قد تتسبب فى إزهاق روح بعد أن تتعرض لابتزاز إلكترونى وتهديد بفضيحة على الملأ ويضيق عليها كل السبل فتتجه الضحية لإزهاق روحها خوفًا من مواجهة المجتمع بفعل فاضح أو ما شابه، وتتدرج عملية الابتزاز فتبدأ عن طريق إقامة علاقة صداقة مع الشخص المستهدف حتى ينال الثقة منه ثم يتم الانتقال إلى مرحلة التواصل عن طريق برامج تسمح بإرسال صور ومقاطع فيديو ليقوم بعد ذلك المبتز باستدراج الضحية بعد حصوله على محتوى مسيء وفاضح ثم يقوم بتهديده وابتزازه بطلب تحويل مبالغ مالية أو إسناد أوامر مخلة بالشرف والأعراف والتقاليد مستغلًا بذلك استسلام الضحية وجهله بالأساليب المتبعة للتعامل مع مثل هذه الحالات وكيفية إيقاف هذا المبتز عديم الشرف والضمير عند حده فورًا، رغم أن القانون كفل هذا بكل قوة بل والأحكام التى صدرت مؤخرًا فى عدة محافظات داخل مصرنا الغالية على يد قضاة مصر الشرفاء ضد هؤلاء من شياطين الإنس كفيلة بردعهم وإن كنت أنادى مرة أخرى بتغليظ العقوبات لأن هذه الأمور تُفسد المجتمع وتكدر السلم العام وتغليظ العقوبة يضمن انحصارها قبل حدوث حالات مشابهة لقضايا أدمت قلوبنا. وكالعادة عندما نتحدث مع حضراتكم نُرجع كل شيء للدين الذى لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا وتحدث عنها فنجد موقف الدين شديد الوضوح فى مقاومة الابتزاز الإلكترونى، إذ يعتبر نوعًا من الرغبة فى إشاعة الفاحشة، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، فقد توعده الله بعذاب فى الدنيا والآخرة ووعد الله حق لا محالة، وكذلك نهى النبى الكريم عن تتبع عورات الناس بقوله " يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ"، ودعونا نذكر مرة أخرى بأهمية دور الأسرة فى احتواء الفتيات خاصة مرحلة المراهقة حيث تمر الفتاة بمشاعر وتغيرات فسيولوجية تجذبها نحو الجنس الآخر ولهذا يكون على الأسرة وخاصة الأم دور كبير فى استيعاب ما تمر به الفتاة فى هذه المرحلة العمرية ودعم الالتزام الدينى فى حماية الفتيات من أى خطر وضرورة الاستفادة من الثورة التكنولوجية بشكل إيجابى من خلال الاستخدام الأمثل لها فى اكتساب المعلومات وتطوير الذات.

ويجب على الكل الكبار والصغار وخاصة الفتيات والسيدات الحرص فى التعامل مع كل الأشخاص وعدم منح الثقة إلا للأهل فقط وخاصة خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وعدم نشر صور أو أى مقاطع شخصية قد يتم استخدامها والتأكد من هوية الأصدقاء على العامة حتى لا تتعرض لأى ابتزاز، وأن تتذكر الفتاة أو السيدة أنه مع وضع منشور أو إرسال صورة أو مقطع عبر الإنترنت فإن الماضى لا يموت ولا ينتهى ومنذ اللحظة التى يقرر فيها خروج هذا المحتوى على الإنترنت قد لا تستطيع إلغاءه أو شطبه حتى وإن رغبت بل تذكرِ أن الماضى قد يرسم معالم مستقبلك القادم، والأهم أنه حين التعرض لأى ابتزاز المسارعة والمصارحة إلى ومع الأهل واتخاذ كافة الوسائل القانونية نحو "مقاومة الابتزاز الإلكترونى".  

تم نسخ الرابط