◄فريق متكامل من الوزراء والمسئولين فى مواجهة الأزمات
◄المؤتمر الصحفى العالمى الذى نظمته الحكومة حول الأزمة العالمية يعكس الأداء الاحترافى
◄الدولة ليس لديها ما تخفيه وتنتهج سياسة الوضوح والمكاشفة
◄الحوار المفتوح مع الصحفيين وممثلى وسائل الإعلام العالمية نقلة نوعية فى مخاطبة المواطنين
◄رئيس الوزراء قدم إجابات واضحة عن كل ما يشغل الرأى العام فى مصر وخارجها
◄فريق مجلس الوزراء يعمل على خطط واضحة ومحددة والنتائج ملموسة للجميع
تابعت كما تابع الملايين من المصريين المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ليعلن خلاله خطة الحكومة المصرية لمواجهة والتعامل مع الأزمة الاقتصادية، وهو المؤتمر الذى جاء تنفيذا لتكليف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسى.
ولفت انتباهى بشدة فى هذا المؤتمر حالة التناغم الكبيرة بين أعضاء الحكومة، فبعد أن انتهى رئيس الوزراء من عرض رؤية الحكومة للأزمة الأسباب والتداعيات وأشكال المواجهة، دخل هو والوزراء فى حوار مفتوح تماما مع الصحفيين، فقد حرص رئيس الوزراء على الاستماع لمداخلات الصحفيين والإعلاميين الحاضرين والتعقيب عليها مع وزراء المجموعة الاقتصادية ونائب وزير المالية للسياسات المالية، والرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
تلقى رئيس الوزراء والسادة الوزراء والنواب الحاضرون للمؤتمر نحو 100 سؤال غطت كل جوانب الاقتصاد والإدارة فى مصر، حيث تم فتح الباب بكل حرية لطرح ما يدور فى أذهان الصحفيين وممثلى وسائل الإعلام بحرية تامة.
وفى مستهل تعقيبه على مداخلات الصحفيين والإعلاميين، أكد رئيس الوزراء أنه فى ضوء التحرك الذى أطلقه البنك الأمريكى الفيدرالى برفع سعر الفائدة، ومدى تأثيره، فإن هذا القرار يخص السياسة النقدية قائلا: البنك المركزى المصرى من خلال لجنة السياسة النقدية هما بالتأكيد من يخططان ويقرران فى ضوء الأوضاع كيف يمكن التحرك فى هذا الموضوع.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أنه بالنسبة لحساباتنا كحكومة للتعامل مع التضخم، فقد وضعنا مدى معينا فى موازنة العام القادم، حتى يمكن أن نقرر كيف سنتحرك أخذا فى الاعتبار هذا الأمر، وهذا أيضا جزء من الرد عن سؤال أحدكم " كيف ستخططون خلال المرحلة المقبلة؟"، مشيرا فى هذا الإطار إلى أن الحكومة وضعت لنفسها هامشا حتى تستطيع أن تناور فى إطار التوقعات المتعلقة بهذا الموضوع.
وردا على سؤال أحد الصحفيين حول منع الهند تصدير القمح، قال الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن الهند أصدرت قرار منع تصدير القمح خارج الاتفاقات الحكومية والتعاقدات التى تمت، وبالتالى فهذا القرار لا يسرى على الحكومات، ومن بينها الحكومة المصرية.
كما أشار وزير التموين إلى أن القواعد المنظمة لشراء القمح كانت تتم وفقا لقانون المناقصات والمزايدات، حيث كان يتم طرح مناقصة عالمية لهذا الغرض، ونظرا للظروف الحالية، تم العرض على مجلس الوزراء حيث وافق على منح هيئة السلع التموينية السلطة لعقد اتفاقيات مباشرة مع موردين مباشرين أو مع الحكومات، مضيفا أنه جارٍ الفترة الحالية عقد مناقشات مع الحكومة الهندية والأسترالية والفرنسية وكازاخستان وغيرها، والجميع الآن يتساءل: بما أن مصر هى أكبر مستورد للقمح حول العالم، فكيف يتوقف الاستيراد الآن؟! وردا على هذا قال الوزير : لماذا نستورد ولدينا الآن موسم محلى لحصاد القمح، فلدينا احتياطى يكفينا لآخر العام؟
وعقب وزير الزراعة أيضا على ذلك بقوله: وفقا للإجراءات الاستباقية التى تتخذها الدولة المصرية، كان هناك توجيه من رئيس الوزراء بالبحث عن شركاء جدد وتنويع الشركاء التجاريين، ونحن بالفعل تحركنا ناحية استيراد القمح من الهند، وذلك خلال فترة سريعة للغاية، وتم اعتماد الهند كمنشأ، والآن نحن لدينا 22 منشأ معتمدا لاستيراد القمح.
وأشار إلى أنه وفى أثناء حديثه يتم تحميل شحنة قمح من الهند بإجمالى حوالى 60 ألف طن، بالتالى فإن مصر مستثناة من هذا القرار ، وأوضح الوزير أن الدولة المصرية تعمل على محاور متعددة لرفع نسبة الاكتفاء.
وفيما يتعلق بزيادة الرقعة الزراعية، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن المحدد الأساسى فى مشروعات زيادة الرقعة الزراعية هو الموارد المائية، لذلك فإن ما تقوم به الدولة من مشروعات لمعالجة المياه، وتحلية المياه، وتبطين الترع، وتطبيق أساليب الرى الحديث، تهدف إلى الاستفادة من كل قطرة مياه فى مصر، مضيفاً أن مصر لديها حقوق تاريخية واضحة فى نهر النيل، ونحن لا نقف أمام أى تنمية تحدث فى أى دولة من دول حوض النيل، ولكن على العكس من ذلك، هناك مشروعات كثيرة تتم فى هذه الدول تقوم الشركات المصرية بتنفيذها، ولكن لن نقبل أى ضرر يمكن أن يحدث بمواردنا من المياه، ونتمسك بالحفاظ على حقوقنا فى مياه نهر النيل ونتعامل وفقاً لهذه الأسس فى الموضوع بالهدوء والحكمة مع أشقائنا فى الدول الإفريقية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الرقعة المعمورة للمشروعات القومية تنفذ حالياً ومع اكتمالها سنصل إلى نسبة 14% من مساحة مصر، موضحاً أن مساحة المدن الجديدة أقل بكثير مقارنةً بالمساحات الزراعية واستصلاح الأراضى المستهدف إضافتها.
وانتقل رئيس الوزراء إلى التعقيب على تساؤل آخر لأحد الصحفيين حول خطة الحكومة للنهوض بقطاع الصناعة، قائلا: قمنا بعرض رؤية كاملة عن كيفية التحرك فى مجال الصناعة، والمستهدفات الخاصة، وكآلية متابعة لتنفيذ هذه الخطة، سنقوم كل 3 شهور بإعلان نتائج متابعتنا لهذه الأرقام والمستهدفات، ونحن فى الحكومة سنتابع بصورة أسبوعية وشهرية الموقف التنفيذى.
وفيما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولى، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أنه كما أكدنا سابقا فإن الحكومة لم تتوقف عن التفاوض مع الصندوق، موضحا أن البرنامج المصرى للتعاون مع صندوق النقد، يعد من أنجح البرامج فى التعامل مع الصندوق، بشهادة المؤسسة الدولية، ثم جاء بعد ذلك الجزء المكمل من البرنامج ، بعد أزمة كورونا، الذى انتهى فى يونيو 2021 ، وبدأنا بعدها التفاوض مع الصندوق على برنامج جديد للدعم الفنى فقط، لأنه لم يكن هناك احتياج للشق المالى، لكن مع الضغوط الكبيرة التى حدثت بسبب موجة التضخم ومع الأزمة الروسية – الأوكرانية، بدأنا التفاوض على أن يكون هناك مكون تمويلى أيضا ضمن البرنامج.
وأضاف رئيس الوزراء: يوجد تفاوض قائم من خلال وزارة المالية والبنك المركزى، ونتحرك فيه بخطوات جيدة للغاية، ولدينا مدى زمنى يتمثل فى بضعة أشهر وسيكون البرنامج قيد التنفيذ خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن تبدأ الزيارات الرسمية للتوافق على البرنامج بصورته التفصيلية. وبالنسبة لسؤال أحد الصحفيين حول ملف تصدير الغاز، قال الدكتور مصطفى مدبولى: وفقا لخطة منتدى غاز شرق المتوسط، تكون مصر هى المركز، لافتا إلى أن مصر اليوم تصدر جزءا من إنتاجها من الغاز، وفى نفس الوقت تستقبل الغاز من الدول المجاورة حيث يتم إدخال قيمة مضافة عليه من خلال عملية الإسالة، وإعادة ضخ الغاز فى الشبكات للتصدير.
وعقب الدكتور مصطفى مدبولى أيضا على سؤال حول كمية الأموال الساخنة التى خرجت من مصر خلال الفترة الماضية، قائلا : إنه وفقا للأرقام الرسمية، يُقدر حجم الأموال الساخنة التى خرجت من مصر بـ 20 مليار دولار منذ بداية العام، بسبب تداعيات الأزمة وما قبل الأزمة، لافتا إلى أنه فى المقابل نجحت الحكومة فى جذب حزمة من الاستثمارات والودائع من الدول العربية، قائلا: هنا أؤكد أن جزءا من هذه الحزمة ليس بالقليل كان استثمارات فى حدود ما يقرب من 12 مليار دولار، واليوم نقاشاتنا مع أشقائنا فى الخليج أن جزءا أكبر من الودائع سيحول إلى استثمارات مباشرة فى الفترة المقبلة، حتى لا يكون زيادة على الدين الخارجى.
كما علق الدكتور مصطفى مدبولى على مسألة زيادة الأسعار، قائلا: الأسعار فى العالم كله تزيد بل تتضاعف، وفى هذا الصدد نحن مبدأنا كدولة هو كيفية استيعاب جزء من هذه الزيادات من خلال الاحتياطيات التى رصدناها لهذا الأمر، مضيفا أنه من خلال جهازى حماية المنافسة والمستهلك والمحافظات، نستطيع تفعيل عملية المراقبة على الأسواق، بحيث لا يكون هناك أى نوع من المغالاة فى أى زيادات.
وفيما يتعلق بأولويات المشروعات القومية، أكد رئيس الوزراء أن مشروع "حياة كريمة" هو أولوية قصوى ونحن مستمرون فيه بقوة، لكن ربما تواجهنا عقبة توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام لهذه المشروعات، وهى جزء من مشكلة اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد العالمية، مشددا على أهمية هذه المشروعات القومية وقدرتها على توفير العديد من فرص العمل، وبالتالى فنحن مستمرون فى الإنفاق على المشروعات القومية طبقا للموازنة، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن خطة الترشيد موجودة ومعلنة، وسنستمر فيها من خلال بنود عديدة خلال المرحلة المقبلة إن شاء الله.
وأكد رئيس الوزراء فى رسالة للمستثمرين المحليين والأجانب أن مصر منفتحة تماماً على العالم، وأننا نعمل من خلال الإجراءات الترويجية والتيسيرات على زيادة حجم الاستثمار الخارجى المباشر فى الفترة القادمة، مشيراً إلى أن هدف الوحدة التى تم إنشاؤها تحت إشرافه المباشر، عقد اجتماعات دورية للعمل على حل أى مشكلات أو أى معوقات من الممكن أن تواجه المستثمرين فى أى جهة فى الدولة.
وأكد رئيس الوزراء احترام الدولة للمستثمر الأجنبى الراغب فى الخروج باستثماراته فى مصر، والعمل على تأمين استثمار أجنبى مباشر، وسنظل نعمل على تنفيذ ذلك، قائلاً :" من حق أى مستثمر أجنبى الخروج بأمواله فى أى وقت، "موضحاً أن ذلك كان ضمن أولويات عمل الحكومة خلال الفترة القليلة الماضية، بالرغم من التحديات التى واجهتنا خلال تلك الفترة من توفير السلع الإستراتيجية.
وشدد رئيس الوزراء على أن المشروعات السارية والجارى تنفيذها لا يمكن أن تتوقف لأنها ستشكل خسارة على الدولة، وإنما يتم إعادة ترتيب الأولويات بالنسبة للمشروعات الجديدة فى إطار مواردنا من العملة الصعبة بحيث يتم تأمين توفير المكون الأجنبى لأى مشروع يتم تنفيذه.
وخلال تعقيبها على مداخلات الإعلاميين، أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لما أعلن عنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بشأن انخفاض معدل البطالة خلال الربع الأول من العام إلى 7.2 %، وهو ما يُعد أحد المؤشرات الإيجابية، ويأتى استكمالا لما عرضه رئيس الوزراء من مؤشرات، مؤكدة أن استدامة النمو قضية مهمة وأساسية، وهو ما نعمل عليه، كما نعمل كمؤسسات دولة على ربط معدلات النمو بمعدلات التشغيل، وهو ما يعكس توجيه استثمارات الدولة إلى المكان الصحيح، وهو توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين.
وفيما يتعلق ببرنامج الطروحات، أشارت وزيرة التخطيط إلى أنه تم الاتفاق على إنشاء صندوق فرعى من صندوق مصر السيادى، تكون مهمته الإسراع بعملية الطروحات، ووضعها فى إطار مؤسسى، وذلك من خلال الاستفادة من الشراكات القائمة مع عدد من الصناديق السيادية الإقليمية والدولية، موضحة فى الوقت نفسه أن لدينا عددا كبيرا من الأصول المقترح طرحها، يعتبر جزء منها أصولا عقارية، وأخرى فى مجال الخدمات المالية، وكذا مجال تكنولوجيا المعلومات، وغيرها من المجالات الحيوية.
وتابعت الوزيرة إنه لأول مرة فى تاريخ الحكومات المصرية، يصدر قرار تاريخى من المجلس القومى للأجور بتحديد حد أدنى للأجور فى القطاع الخاص، وهو ما يأتى فى إطار التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية التى نواجهها، مشيرة كذلك إلى أن الحفاظ على العمال والكيانات الاقتصادية هو هدف مهم جداً أيضاً، مؤكدة أنه يتم باستمرار مراجعة الحد الأدنى الذى وصل إلى 2400 جنيه، على أن تتم زيادته خلال الفترة المقبلة.
من جانبها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، إلى أنه فيما يتعلق بالتمويل فإن هناك بدائل عديدة مختصة بالتمويل التنموى منخفض التكلفة، لافتة إلى أن هناك مشروعات ممولة من المؤسسات التمويلية، وأن مصر لديها علاقات وطيدة مع هذه المؤسسات، كما أن رئيس الوزراء يحرص دائماً على أن تلبى تمويلات شركاء التنمية متطلبات نقل التكنولوجيا والخبرات.
من جانبها، أشارت السيدة نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، إلى أنه فيما يتعلق بتوفير الأراضى الصناعية، فإنه من ضمن طلبات المستثمرين المحليين والأجانب أن يتم توفير الأراضى بنظام حق الانتفاع أو امتلاك الأراضى، على أن يتضمن ذلك فترات تقسيط وسداد وأن تكون قيمتها متوافقة مع ما تم صرفه على هذه الأراضى للمرافق، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء أصدر قرارا لتشكيل لجنة معنية بتخصيص الأراضى الصناعية برئاسة رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية وعضوية رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومساعد وزير الإسكان ومساعد وزير التنمية المحلية وتختص بوضع القواعد والإجراءات الخاصة بتخصيص الأراضى الصناعية على مستوى الجمهورية، ومنحهم كافة الصلاحيات اللازمة لتيسير عملية التخصيص مع ضمان جدية المشروعات التى ستقام على هذه الأراضى، مشيرةً إلى أن اللجنة تعقد اجتماعاتها بصفة دورية كل أسبوعين بهدف البت فى كل الطلبات المقدمة من المستثمرين، والتى كانت تعتبر من أهم العوائق التى كانت تقابل المستثمر خاصة فى مجال الصناعة.
وأشار السيد أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، إلى أن المستهدف للعام المالى القادم يتمثل فى خفض عجز الموازنة إلى 6.1% من الناتج المحلى الإجمالى، وخفض الدين إلى نحو 84% من الناتج المحلى الإجمالى كأول خطوة فى المرحلة التى تستهدف خفض الدين إلى 75% من الناتج المحلى مع نهاية يونيو 2026، لافتاً إلى أن كل ذلك يتم تحقيقه وفقاً للإجراءات التى تتخذها الحكومة والتى تم عرضها .
من ناحيته، أشار المستشار محمد عبد الوهاب، إلى أن جهود الترويج للاستثمار تتضمن العمل على حل وإزالة أية معوقات تواجه المستثمرين، وفيما يتعلق بتوافر الأراضى الصناعية، أشار "عبد الوهاب" إلى التوجيه الصادر من السيد رئيس مجلس الوزراء بأن تكون هناك لجنة موحدة بهيئة التنمية الصناعية، تمثل بها الهيئة العامة للاستثمار، بحيث يتم من خلال هذه اللجنة الموافقة على طلبات تخصيص الأراضى الصناعية.
عندما ندقق النظر ونعيد قراءة الحالة التى بدا عليها الوزراء والمسئولون فى الحكومة، سنتأكد أن هذا المؤتمر لم يضع أمامنا الحقيقة كاملة عن الوضع على الأرض فقط، لكنها كشفت لنا أيضا احترافية الحكومة وقدرتها على التعامل مع الأزمة بكفاءة عالية.