الأسرة القوية المتماسكة الصحية لا تقوم على جمال المرأة أو شعرها الأصفر الناعم المتهدل ولا على قوامها الممشوق ولكن تقوم على أخلاقها وقيمها وصبرها وحكمتها، ولذلك نجحت أمهاتنا فى بناء أسر متماسكة قوية خرجت العلماء والحكماء، وفشلت بنات اليوم حتى فى الحفاظ على أسرهن رغم جمالهن وروعة ثيابهن وبلغت نسبة الطلاق أعلى معدلاتها فى تاريخ مصر الحديث، ولا أحد يستطيع أن يُنكر أن السواد الأعظم من عظماء وعلماء وأدباء وحكماء مصر السابقين ربتهم سيدات أميات بسيطات كان لديهن مخزون عظيم من القيم والحكمة والأخلاق والصبر والجدية، مما لا تملكه الآن خريجات الجامعة اللاتى أثبتن فشلًا ذريعًا فى الحياة الزوجية والصبر على إصلاح الزوج والأولاد، بل راح من يسمون ببنات اليوم بتصدير تلك النماذج التى طالما وسنظل نتحدث عن اعوجاجهم واضمحلال أذواقهم وآدابهم، وهو ما دفع عديد من الكتاب وأصحاب المحتويات والمواقع للنداء أكثر من مرة بإيقاف هذا النزيف الأخلاقى الحادث وتحدثنا أكثر من مرة هنا فى نفس هذا المكان وعبر هذه النافذة الأسبوعية "قلم حر" فى جريدتكم "الشورى" عن إنحدار المستوى الأخلاقى والردة الأخلاقية التى نعيشها مطالبين الجميع بتحمل المسؤولية قبل فوات الأوان وفى كل الأحوال تبقى الأسرة صاحبة اليد الأولى والتأثير المباشر على البدايات والمحافظة على القيم والأخلاق التى نتمناها وننشدها لأولادنا ومن بعدهم وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
ومع عصر السماوات المفتوحة وتلك المواقع التى مازلت أصمم على تسميتها مواقع الخراب الاجتماعى أصبح كل وأى شيء مباحا وعاديا بل وعلينا تقبله وأصبحت الألفاظ التى كنا نهرب من سماعها بل ونتصدى بقوة وحزم لمن يطلقونها ألفاظا دارجة يسمح بها بعض الأهالى ظنًا منهم أنه تماشيًا مع عصر الانفتاح التكنولوجى وإن كان هذا هو الانفتاح فدعونا نعود إلى الانغلاق الفورى لو كان الأدب والأخلاق والتدين فى الانغلاق وهذا التدنى الأخلاقى والأدبى والدينى مرهون بالانفتاح والتفتح، ودعونا لا ننكر أيضًا أن صحافة التريند والصيد فى الماء العكر أحد أهم أسباب انتشار الهيافات والتدنى الأخلاقى حين سُمح لمن وما لا يجب إظهاره أن يكون هدفا ومسعى من أجل التريند وحين سُمح للجميع بالتدخل وإبداء الرأى فيما يخصه ولا يخصه وفيما يعنيه ولا يعنيه بل وتجد هذا وذاك يحاول فرض رأيه متمسكًا به حتى لو كان على خطأ الصغير قبل الكبير يراه، ولكنه الغرور الفكرى الذى أصاب البعض من أصحاب ثقافة محركات البحث الإلكترونى يكتبون الكلمة ويبحثون عبر ضغطة على شبكات الإنترنت ليحصلوا على معلومة فيلقوها علينا ويتمسكوا بها رغم إمكانية ضلالتها وكذبها، أولئك ممن تخيلوا أنهم مفكرون لمجرد أن وجدوا لهم نافذة على مواقع التواصل الاجتماعى يدلون بآراء حتى تخيلوا أنفسهم كتابًا بل ومحللين يتحدثون فى كل المجالات سياسية واجتماعية واقتصاية ورياضية بل أحيانًا طبية وهندسية بنفس المنطق ونفس التشدد وذلك لأن تلقيه للأمر كان من مصدر سطحى وربما لصاحب فكر سطحى أكثر منه لنصل إلى آراء لا يفقهها هو نفسه قبل أن يتحدث بها فأصبح الجميع مفكرين ومحللين ناهيك عن الجموع ممن يلقبون أنفسهم بالصحفيين الذين أصبحوا أكثر من القُرَّاءُ أنفسهم. ولعل الضجة التى صاحبت فيديو عروسة كتب الكتاب أو عروسة كفر الدوار كانت آخر الدلائل وهى التى وجهت كلمة لخطيبها بعد عقد القران وسط فرح الجميع توصيه فيها على أهلها كما ستراعى أهله، مستخدمة تعبير أمى ثم أمى ثم أمى، التى اعتبر البعض أن طريقتها كانت مستفزة فى حين اعتبرها البعض بارة بأمها وبنت جدعة، الفيديو الذى حقق مليون مشاهدة فى أقل من 24 ساعة أصبح حديث الجميع وراح وكالعادة الكل يدلو بدلوه بل والانتشار والتعليقات حملت أغلبها إساءة للعريس والعروس وأسرتيهما ليتضخم التريند كالعادة وتتحدث والدة عروس كفر الدوار عن الواقعة وما حدث معهم جراء التعليقات ويخرج العريس عن صمته ويتحدث الجيران والأهل والأصدقاء والمعارف والأقارب بل والمحللين والمتنبئين بفشل الزيجة وأنهم سيذهبون إلى محكمة الأسرة وأن عفش الزوجة سيُسلم بالشرطة وتارة تجد من يسب العريس وأهله ويتهمه بالسلبية وقلة الحيلة فى حين أن الأمر لم يتخط أنها عروس فرحت بكتب كتابها استمدت قوتها من أهلها وزوجها وأهله واتخذت من مواقع التواصل وسيلة للوصول لتريند ربما محلى فحدثت هذه الضجة لتصل بالتريند إلى خارج حدود مصر فى فيديو أصبح أحد أكثر المقاطع انتشارًا وهو موضوع لا يتعدى كونها ربما فشلت فى اختيار بعض الكلمات ولكنها تتحدث عن احترامها وحبها وفرحتها بزوجها طالبة منه ما ستقدمه هى لأهله محاولة إيصال رسالة لأغلى الناس لديها أمها وفى النهاية موضوع عائلى داخلى لا علاقة لنا به ولكن حظها أنها تريند جديد.
وخلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضى وعقب خسارة محمد صلاح لمباراة فريقه فى نهائى كأس الأبطال الأوروبى وخسارة الأهلى بطولة دورى الأبطال الإفريقى شهدت مواقع الخراب الاجتماعى تراشقا غير مبرر وشماتة فى صلاح والأهلى ورموزه وراح الجميع يصب سواد قلبه على أفضل من أنجبت مصر فى تاريخ كرة القدم وصاحب أفضل الإنجازات فى التاريخ حتى الآن وكأنه ليس ابننا وخرج من ظهورنا فى موقف لا أستطيع تفسيره، وراح مناصرو الفرق المنافسة محليًا للأهلى خاصة الزمالك فى الدخول فى وصلات الشماتة والسب لرموز الأهلى بعد وصلات من الاتهامات التى سبقت اللقاء جعلت الجميع يشعر أن الأهلى يتبع كيانا تخصص فى السرقات والرشاوى لا فريق يمثل مصر ويحمل طموح أبنائها وصاحب أفضل تاريخ كروى بين الأندية يُنسب لمصر، جعلت جميع المنافسين من خارج مصر يصبون سواد قلوبهم فى اتهام الأهلى المصرى ورموزه الوطنيين بل واختتم الأسبوع الماضى بتلك اللافتة التى علقها رئيس نادٍ شهير يقصد بها النيل من فخر الإدارة الرياضية المصرية الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد، والعجيب فى تصفيق البعض له موافقة على تصرفه داعمين له لنصل مطلع الأسبوع الجارى لمكالمة مُسربة بين رئيس نفس النادى ورئيس رابطة الأندية فى مكالمة لا تصح ولا تجوز لا يصح أن تكون، ناهيك عن بذاءات رئيس هذا النادى الذى طالما هاجم رموزا مصرية دون أى عقاب، شخصية تسيء لنفسه ولناديه ولوطنه ولن يتغير بل وله مناصرون ومقلدون. إلى متى سيتم ترك الحبل على الغارب لكل من "هب ودب" ليشوه رموز مصر وقاماتها فى شتى المجالات؟ فى محاولة لسرقة وتزييف التاريخ وصنع رموز وهمية لا وجود لها فى الواقع، مصرنا الغالية تحتاج إلى تقديم نماذج مضيئة للشخصيات المصرية المؤثرة سواء فى الماضى أو الحاضر تكون بمثابة مثل أعلى وقدوة للشباب فى شتى المجالات، ليكون لدينا المئات من الرموز المضيئة فى سماء العالم نستغلها ونتقدم إلى الأمام لا نهدرها ونتراجع للخلف ومصرنا المدنية الحديثة فى حاجة إلى كل فعل وطنى مسئول يدعم الوطن ويحافظ على استقراره ونهضته ويدفع به إلى الأمام ويقيننا وثقة فى الله أن مصر قادرة.