محمد فودة يكتب: لعنة "الترند" تطارد النجوم
◄المبالغة فى صناعة "الترند" مرض مزمن ينهش فى جسد المشاهير
◄كتائب السوشيال ميديا تغرق العالم الافتراضى بذبابها الإلكترونى
◄"قبلات" حسن يوسف تثير جدلاً واسعاً.. و"تسريبات" نجلاء فتحى ضد عادل إمام تشعل "السوشيال ميديا"
◄وفاء عامر فنانة مجتهدة فهل أجرمت حينما شبهت مسيرتها الفنية بمسيرة محمد صلاح؟
سيظل الوسط الفنى من أهم وأبرز المجالات المثيرة للجدل، على الدوام، ليس هذا فقط بل إنه سيظل أيضًا بمثابة أرض خصبة لمحور أحداث الجماهير فى مصر والوطن العربى، فبينما أكتب الآن لأرصد أهم الأحداث التى شهدها الوسط الفنى فى أسبوع، فإننى أتوقف طويلاً أمام بعض الأحداث المهمة التى شغلت الوسط الفنى بشكل لافت للنظر، والتى بنيت جميعها حول البحث عن الترند من قبل بعض الأطراف بعيدا عن النجوم أنفسهم، وإن كنت أرفض تماما تدخل السوشيال ميديا السافر فى حياة المشاهير على هذا النحو، فهذه الطريقة لا يجب أن يتم تجاوزها مهما كانت الظروف ومهما كانت الدوافع هذا ليس له معنى سوى أنه نوع من محاولات ركوب الترند على حساب الخوض فى حياة هذا أو ذاك، وهو ما يرفضه الواقع، ولعل أكثر فئة من فئات المجتمع أصبحت فى مرمى نيران السوشيال ميديا وتحت سيطرة الترند هى فئة النجوم والمشاهير، وسط حالة كبيرة من الانفلات حيث تحول رواد مواقع التواصل الاجتماعى إلى قضاة يحاكمون الناس ويصدرون ضدهم أحكاماً وكأنهم حماة الفضيلة أو أنهم رسل العدالة فى الأرض.
ولعل أبرز الأحداث التى صنعها الترند تتمثل فيما ذكرته الفنانة نجلاء فتحى فى حق زميلها النجم الكبير عادل إمام، فى تسريب صوتى قديم منسوب لها يرجع تاريخه لما بعد أحداث 25 يناير، وبمجرد إعادة تدويره أحدث جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعى، نظراً لما تضمنه من نقد للنجم عادل إمام، وتوقيت إعادة نشره فى ظل اختفاء نجلاء فتحى عن الأنظار منذ سنوات، وتزايد شائعات مرض عادل إمام منذ أشهر، وتضمن التسجيل الصوتى المنسوب للفنانة نجلاء فتحى اتهامات مباشرة لعادل إمام بأنه "منافق وناشر للفساد"، و"أن الشعب هو من صنع عادل إمام"، وقالت فيه : "يا عادل إمام اللى عملك هو الشعب.. اللى دفع فيك تذكرة ووصلك للملايين هو الشعب"، ووصفت نجلاء فتحى فى هذا التسريب أعمال إمام بأنها "فساد لمحبة الفساد.. يعنى طلّع الفاسد بالآخر هو الرابح"، وقالت: "40 سنة وإنت بتشرّب الناس اللى إنت عايزه، اللى الدولة عايزاه"، كما تحدثت نجلاء فتحى أيضا عن "محاربة" عادل إمام للجماعات الإسلامية فى الماضى والحاضر، وعن علاقته بنظام الرئيس الراحل حسنى مبارك، مع اعتراضها على ما كان يقوم به عادل إمام على الرغم من محبة الشعب المصرى له، ومع كامل احترامى لوجهة نظر الفنانة الكبيرة ووجهة نظر أى شخص، لكنى هنا ضد منطق التسريب، وإذا كانت الفنانة نجلاء فتحى قد قالت هذا الكلام فى أعقاب أحداث متوترة والبلاد كانت فى وضع خاص جدا وقتها، فما الداعى لتداول هذا الكلام مرة أخرى خاصة أن الفنانة متوارية عن الأنظار ولم تتحدث لأى وسيلة إعلامية منذ سنوات، وكذلك الزعيم، فالمسؤولية من وجهة نظرى تقع كاملة على هؤلاء الذين يتداولون التسريب من رواد السوشيال ميديا للانتقاص من قدر قامتين كبيرتين هما الزعيم عادل إمام والنجمة نجلاء فتحى، وللحق فإن عادل إمام استطاع أن يبنى تاريخه بنفسه متحدياً الصعاب والعقبات ليصبح بحق "الزعيم" بل إن عادل إمام أصبح أحد أهم وأبرز أيقونات الفن الرائعة وواحداً من الذين ساهموا فى رفع اسم مصر ليس فى مصر فحسب بل فى العالم الخارجى أيضاً، لذا فإن فنه سيظل خالداً ومحفوراً فى وجدان عشاق فنه فى الأمة العربية بالكامل التى أسعدها بفنه الراقى وأعماله الخالدة سواء فى السينما أو التلفزيون أو المسرح، فعبر مشواره الطويل قدم لنا فناً جميلاً ملأ به حياتنا بهجة، ولن أكون مبالغاً حينما أقول إن هذا الاسم الكبير وتلك المكانة المرموقة لم تأت من فراغ، وإنما ذلك تجسيد لقصة كفاح وصبر ومعاناة.. وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد، فبنظرة متأنية إلى مشواره الفنى الطويل يمكننا أن نلمس بوضوح أن الطريق أمامه لم يكن مفروشاً بالورود، بل كان مليئاً بالأشواك والعراقيل والصعوبات، التى أفرزتها تلك الظروف القاسية والصعبة التى عاشها وارتبطت به منذ بداياته الأولى، والحق يقال فإن عادل إمام وعلى الرغم من ابتعاده الآن بعض الشيء عن الساحة الفنية ولم يعد متواجداً بكثرة كما عودنا دائما فإن أعماله التى قدمها من قبل لا تزال تعيش فى وجدان محبيه وعشاق فنه وهنا تكمن قيمة وأهمية فنان كبير مثل عادل إمام حيث يعد وبكل تأكيد أحد أهم وأبرز مقومات قوتنا الناعمة ومصدر ريادتنا فى مجالات الفنون بالمنطقة العربية بالكامل .
ولم تتوقف حالة الجدل فى السوشيال ميديا فيما يخص الوسط الفنى عند التسريب المنسوب للنجمة نجلاء فتحى ضد عادل إمام، بل قامت الدنيا على كلام الفنان الكبير حسن يوسف عندما تحدث عن القبلات فى الأفلام القديمة ووصف تلك القبلات بقوله: "ما كانش ليها طعم وكنا بنتمضمض بعدها فما تعتبرش حرام"، وبمجرد الحديث عنها تصدر "الترند" بشكل غريب بين سخرية رواد السوشيال ميديا من حديثه، ما دفعه للخروج والكلام عن أن تصريحاته عن قبلات أفلامه تم تحريفها من سياقها، وأنه لم يصرح بحرمانية أو إباحة هذه القبلات، وأنه كان يمزح فقط بقوله: "القبلات لا يوجد لها لا لون ولا طعم ولا رائحة مثل المياه"، وأرجع حسن يوسف تصريحاته عن القبلات إلى أنها لا تحمل أى أحاسيس بقوله: "كيف فى موقع التصوير الذى يضم عشرات العاملين من مخرج وفنيين وممثلين أن تحمل القبلة أى مشاعر؟"، لكن تصريحات حسن يوسف عن حرمانية القبلات أشعلت مواقع التواصل الاجتماعى، وتداول رواد السوشيال ميديا تصريحاته كنوع من السخرية من قبلات الأفلام القديمة، ورغم توضيح الفنان الكبير للبث الذى حدث فإن كتائب السوشيال ميديا لم ترحمه وانهالت عليه بذبابها الإلكترونى تنال منه ومن تاريخه الطويل. ولأن السوشيال ميديا مرتع للقيل والقال والسخرية من هذا وذاك، فقد تعرضت الفنانة وفاء عامر لمحاكمة رواد السوشيال ميديا على حديث لها من القلب أدلت به على شاشة التلفزيون المصرى، حينما قالت إن ما واجهته من صعوبات فى مسيرتها الفنية يشبه قصة كفاح نجم كرة القدم العالمى محمد صلاح، وذكرت نصا :"مشوارى فيه الكثير من قصة كفاح محمد صلاح، فهو يذهب لأحد الأندية الكبيرة، وقالوا عليه لا يصلح، وأنا كذلك رشحت لأحد الأعمال الكبيرة، ولم أقدم الدور، وقالوا لى مش هتشتغلى"، وللحق فإن وفاء لم تقصد أبدا تعظيم نفسها بهذا التشبيه حتى يذهب رواد التواصل الاجتماعى لمحاكمتها وكأنها أخطأت فى شىء له قدسيته وليس بشرا سويا، وفاء قصدت رحلتها من الصفر حتى أصبحت فنانة يشار لها بالبنان، وأن هذا لم يأت من فراغ بل نتيجة منطقية لرحلة كفاح وجهد ولا أحد ينكر أن وفاء فنانة متألقة لها طلة واضحة، وذات بصمة راسخة، ولهذا حتى لو ظهرت فى مشهد واحد، فإنها تترك انطباعًا واضحًا، فهى تنطلق من عمل لآخر بنجاحات أكبر واستطاعت أن توظف إمكانياتها الفنية جيدا، وفى رمضان الماضى قدمت 3 مسلسلات نالت استحسان الجمهور وهى "جزيرة غمام" من إخراج حسين المنباوى وتأليف عبد الرحيم كمال، و"راجعين يا هوى" من إخراج محمد سلامة، سيناريو وحوار المؤلف محمد سليمان عبدالمالك عن قصة الراحل أسامة أنور عكاشة، بطولة خالد النبوى، و"بيت الشدة" مع أحمد وفيق إخراج وسام المدنى.
وللحق فإن المبالغة المفرطة فى صناعة "الترند" أصبحت مرضا مزمنا ينهش فى جسد المشاهير وحياتهم، وهذا يأتى عكس مجريات الأمور، فإن أثر "الترند" يصنع مردودا سلبيا وليس إيجابيا، والنتيجة هى غرق الناس فى مجتمع افتراضى مواز يصنعه "الترند" بكل أسف.