الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

دائمًا ما ينادى الجميع ويحث على حسن تربية الشباب وتنشئتهم على الأخلاق التى نتمناها وعلى الأسس التربوية الدينية -أيًا كان الدين السماوى- والأخلاقية والإنسانية بوجه عام وطالما تحدثنا حول أهمية تربية أبنائنا بعيدًا عن شاشات الدراما الهدامة وعن مواقع الخراب الاجتماعى التى تدعو للفرقة وإحداث خلل فى النشء المصرى الصاعد والشباب الذى نبنى عليه الآمال وبل وتصدر هذه الأعمال الهدامة التجارية البحتة نماذج نبغضها جميعًا من بلطجية وخارجين على القانون يصنع منها مؤلف ومخرج العمل أبطالًا قابلة للتقليد فُيصاب مجتمعنا فى أهم ما يملك وهو شبابه الصاعد الذى سيحمل أمانة هذه الأمة ويمر بها إلى بر الأمان.

فعقب استمرار تدنى مستوى الأعمال الدرامية والغنائية وهى البعيدة كل البعد عن مجتمعنا المصرى والغريبة عليه وتلك الأفعال التى يروج لها ممثلون سطحيون أو كما أحب تسميتهم شبه ممثلين يجتذبون الشباب غير المثقف فغاب عنه الوعى وغابت الرقابة الأسرية، لتتحول أخلاق أولادنا إلى هذا الانحدار المخزى فأصبح هزار الأصحاب والأصدقاء بالسباب للأم والأب والدين وكأنه الشيء الطبيعى بين الأصدقاء بل ويُقاس به مدى قرب الأصدقاء بقدر ما يُسمح له من سباب تراجع مستوى الاحترام والأدب بين الشباب ودخلت علينا مصطلحات جديدة أبعد ما تكون عنا.. أصبحت العادات والتقاليد التى نشأنا عليها أفكارًا قديمة وربما رجعية وأحيانًا يطالبوننا بالتوقف عن نقدهم بحجة أنه تطور طبيعى وهو فى الحقيقة تدهور أخلاقى وسلوكى وليس تطورا على الإطلاق. بل وأصبحت وسطية الدين هى الاختلاط دون مراعاة لسن وجنس ونوع وتربية واختلط الحابل بالنابل وأصبحنا غير متواصلين ولا مسيطرين. نعم لقد فشلنا فى تربية أبناء وطننا ومدينتنا وقريتنا عندما تركنا من أطلقنا عليهم لقب فنانين يربونهم بدلًا منا حين تركنا فلذات أكبادنا أمام الشاشات المختلفة ليتلقوا عادات وتقاليد وأعرافًا لم تكن أبدًا منا ولا بيننا حتى وصلنا إلى ما نجده فى شباب هذه الأيام من استهانة بكل وأى شيء وهذا هو جل تقصيرنا نحن فى غرس ما غرسه فينا آباؤنا حين ربونا أن التعامل مع الناس إن لم يكن بالحسنى فلا داعى له وأن الحلال باقٍ وأن المحرمات من كل الأنواع مُهلكة فى الدنيا والآخرة. نعم نحن من قصرنا فى حق أولادنا وشبابنا وآن الأوان أن نتدخل من أجل إنقاذهم وإنقاذ أنفسنا من أن نعيش فى مجتمع لا يُوقر فيه الكبير والبقاء فيه للأقوياء، هؤلاء الشباب والنشء هم نتاجنا نحن كما كنا نحن نتاج آبائنا فأن تسمح لابنك أو بنتك بهذا الانحدار الأخلاقى بحجة أنه الجيل الجديد أو أن الكل أصبح بهذه الأخلاق حجج غير مقبولة لا دينيًا ولا أخلاقيًا وأراها جريمة فى حق الوطن لن تغفرها لنا الأجيال القادمة.  فتدنى مستوى أخلاقيات الشباب والنشء جاء نتيجة عدة عوامل أبرزها فهم عدة مفاهيم بتفسيرات خاطئة فمثلًا تم تفسير الحرية على أنها تصرف على حسب (الراحة والمزاج) وما يتوافق معى دون النظر للآخرين فى حين أنه لابد أن تنتهى حريتى عند حرية الآخرين ولابد أن تكون حريصًا على حريتهم أكثر من حرصك على حريتك لتكون أنت والمحيطون من المنعمين بالحرية إن كانت الحرية نعيمًا، وما رأيناه منذ ثورة يناير -إحدى أعظم ثورات التاريخ والتى يعترف بها الدستور المصرى- من انفلات أخلاقى سمح حتى للأطفال بالتلفظ بألفاظ يُعاقب عليها القانون وألفاظ خادشة للحياء وكأن الأمر طبيعى وكأن السب والقذف والشتائم بين الأصحاب دليل على توطيد العلاقة وقوتها لذلك علينا التدخل جميعًا وفورًا على كافة المستويات  الأسرة والمسجد والكنيسة والمدرسة والنادى ومنظمات المجتمع المدنى، نتحد جميعًا لنربى أولادنا من جديد على حسن التعامل والتصرف ونبذ كل ما يتعارض مع الآداب العامة والأخلاق وغرس الوطنية وعشق تراب هذا البلد والإيمان بقدرات الفرد والمجتمع من أجل أن نعود سريعًا إلى الطريق الصحيح قبل طريق اللاعودة الذى نسير عليه.

نحن ننتظر أسلوبًا جديدًا فى التوعية والتعليم والتثقيف تتضافر فيه كل الجهود مع منع الأغانى الهابطة والأعمال المبتذلة بالاستعانة بكبار الفنانين والعلماء والمثقفين من أجل خلق أجيال جديدة قادرة على النهوض بمصرنا الغالية.. أجيال تهتم بالثقافة وتُقدر دور الكبير وتهتم بمخارج ألفاظها وتحافظ على الآداب العامة وتتجنب خدش الحياء وتعامل الكل باحترام وتقدس العمل، أجيال تُقدر وجود السيدات والآنسات والعائلات إلى جوارهم فى الأماكن والمرافق العامة فتحافظ عليهم وتتجنب أن تُخرج لفظًا يخدش حياء أيًا منهم.. أجيال صاعدة تشعر وأنت إلى جوارهم بالأمان وبحسن الخلق وحسن الجوار وتضمن منهم ولهم الولاء والانتماء، أجيال نزرع فيها ما زرعه فينا آباؤنا وأجدادنا مدعوم بالثورة العلمية والتكنولوجية لنعود للصدارة خارجيًا ويعود المجتمع المؤدب الخلوق ذاك المجتمع المصرى الذى بدأ يفقد ملامحه وأصبح مستعدا لتلقى أى شيء غريب وغير مقبول لأننا لم نُحسن الزرع والتنشئة من البداية. وهناك أمم ممن علمناهم فى السابق قد سبقونا بمراحل فعلى سبيل المثال فى اليابان -ذلك الشعب الذى يُضرب به المثل فى الآداب العامة- يهتم اليابانيون بتعليم النشء قبل دخولهم رياض الأطفال حيث جعلوا الكثير من الكتب التعليمية الموجهة للأطفال فى عمر ما قبل المدرسة متاحة لجميع الآباء وبأسعار زهيدة مع غرس ثقافة التعليم المنزلى قبل المرحلة المدرسية فى وعى العائلات اليابانية بالإضافة إلى بث البرامج التلفزيونية التعليمية الخاصة بهذه الفئة العمرية والتى تنصب على تعليم الآداب والسلوك الاجتماعى المنضبط، والتعليم المنظم إلى جانب المهارات الأساسية فى كيفية تعلم قراءة الحروف والأرقام وبعض الأغنيات التعليمية والاهتمام الشديد بالرياضة مع منع الطفل من مشاهدة أى أفلام أو محتويات غير مناسبة. ونحن دينيًا وتاريخيًا لدينا ما ليس لغيرنا فنحن أقدم شعوب الأرض وأول دولة فى التاريخ حضارة السبعة آلاف سنة ودعونى أذكركم ونفسى بقول الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى ۚيَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ثلاثة أوامر: العدل، والإحسان، وإيتاء ذى القُرْبى. وثلاثة نَواهٍ: عن الفحشاء والمنكر والبغى، آية جمعتْ كل الفضائل التى يمكن أن تكون مجتمعا فمجتمع فيه هذه الصفات هو مجتمع سعيد آمِنٌ يسوده الحب والإيمان والإحسان يسعى للتطور والتقدم مع تطبيق هذه الصفات والالتزام بهذه التعليمات واجتناب هذه النواهى سيكون مجتمعا جديرا بالصدارة بين أمم الأرض كلها، فلو غرسنا فى أبنائنا هذه الفضائل والصفات فلن يؤثر فينا أى مؤثر خارجى كان أو داخلى وسنمنع سموم أعداء الوطن من الداخل والخارج أن تصل لأبنائنا الذين هم أسمى وأهم وأفضل ما نملك. إن تربية النشء والشباب وتوعيتهم أخلاقيًا ودينيًا وسلوكيًا وغرس القيم الأخلاقية والدينية فيهم واجب دينى ووطنى مع ضرورة إشعارهم أن البلد ملك لهم وأنهم عناصر فعالة مع إكسابهم خبرات العمل وفن التعامل سيكون -بعد توفيق الله- مفتاح وطريق العودة بالشباب للطريق الصحيح فـ أولادنا مسؤوليتنا الأولى والأهم.

تم نسخ الرابط