◄دراسة مهمة تكشف دور الدولة فى دعم وتطوير الصناعة
◄إنشاء أكبر مصنع غزل بالمحلة.. وتوقيع عقود تدشين مصانع بالبحيرة ودمياط
◄إدخال التكنولوجيا الحديثة فى صناعة الغزل والنسيج لتواكب المواصفات العالمية
◄الاهتمام بزراعة القطن وإدخال التكنولوجيا والتحسينات ليكون على مستوى عالٍ من الجودة
◄تطوير البنية التحتية للمصانع وتوفير تدريب وتأهيل للعمال ورفع كفاءة الماكينات القديمة
◄دمج تسع شركات حليج وتجارة أقطان فى شركة واحدة.. ودمج 22 شركة غزل ونسيج وصباغة وتجهيز فى ثمانى شركات كبرى
فى محاولة جادة وحقيقية تستهدف فى المقام الأول النهوض بالاقتصاد القومى سعت الدولة على مدار الأعوام الماضية لتوفير مزيج اقتصادى يقوم على تعزيز قطاعى الصناعة والخدمات؛ إذ أسهم تمتع مصر بوفرة القطن المصرى المعروف عالميًا بجودته العالية فى تغذية صناعة الغزل والنسيج.. تلك الصناعة المهمة التى تعد مكونًا رئيسياً للاقتصاد الوطنى، بل وسمح أيضاً بأن تتميز مصر كإحدى الدول الرائدة فى تلك الصناعة على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا.
من هذا المنطلق فإننى أتناول دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات تتعلق بقضية النهوض بصناعة الغزل والنسيج أعدتها الباحثة أسماء فهمى، أكدت فيها -وبما لا يدع مجالاً للشك- أنه بالرغم من القيمة التى تتمتع بها فى هذه الصناعة فإن هذه الصناعة يواجهها عدد من التحديات دفعت الدولة إلى بذل الجهود ضمن إستراتيجيتها الهادفة إلى تطوير القطاع، وعلى وجه الخصوص أطلقت مصر مجلس الصناعات النسيجية، وتخطط لإنشاء مجمع للغزل والنسيج فى مدينة السادات بالشراكة مع الصين لتصبح أكبر مدينة لصناعة المنسوجات.
وفى نفس السياق تولى الدولة اهتمامًا كبيرًا بتحسين الآلية التى تقوم عليها صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة فى مصر لتطابق المعايير الدولية، وبما يسمح بتلبية احتياجات السوق المحلية وتعزيز جودة المنتجات المصرية للتصدير للأسواق العالمية.
والحق يقال فإن مصر تمتلك صناعة نسيج وملابس كبيرة جدًا تعتمد بشكل أساسى على ألياف القطن وحدها أو ممزوجة بألياف طبيعية أو صناعية أخرى، وبحسب توقعات وزارة الزراعة الأمريكية لسنة 2022/2023، فإن الكمية المنتجة سترتفع لتصل إلى 420 ألف بالة، مقارنة بما كانت عليه عند 280 ألف بالة عام 2021/2022 و215 ألف بالة فى عام 2020/2021.
وذكرت الوزارة أن المساحة المحصودة من القطن ستصل إلى 130 ألف هكتار عام 2022/2023، مقارنة بما كانت عليه 85 ألف هكتار فى عام 2020/2021؛ ويرجع السبب وراء زيادة التوقعات إلى ارتفاع الطلب على القطن وبالتبعية زيادة الأسعار مما حفز المزارعين على مواصلة زراعة القطن.
وتتمتع مصر بقطن عالى الجودة؛ إذ توفر حوالى 17% من القطن طويل التيلة العالمى وهو ما يمثل حوالى نصف إنتاج أكبر مصدرين فى العالم الولايات المتحدة، والصين، ويبلغ الاستهلاك المحلى للقطن طويل التيلة فى مصر حوالى 18% من الإنتاج، وهو يفوق الاستهلاك المحلى فى الهند والصين الموردين المحليين.
وأشارت الدراسة إلى أن قطاع الغزل والنسيج يعد ثانى أكبر قطاع بعد قطاع الزراعة، ويلعب دورًا رئيسًا فى تشكيل الاقتصاد المصرى.
ويستحوذ قطاع الغزل والنسيج على 20% من حجم العمالة فى مصر ، وبالرغم من تراجع العمالة فى الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، فإن إجمالى العمالة بالقطاع يمنحها ثانى أعلى نسبة من العمالة الصناعية فى البلاد.
وبالرغم من أن القطاع يواجه تحديات إنتاجية بوصفه يسهم فى 3.7% فقط من القيمة المضافة للصناعات التحويلية المحلية، فإنه لا تزال مصر تمثل محورًا قاريًا مهمًا بوصفها ثانى أكبر مُصنِّع للملابس فى إفريقيا بعد المغرب وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وكذلك يسهم القطاع بحوالى 3% من الناتج المحلى الإجمالى، وتستحوذ صادرات القطاع على 12% من إجمالى الصادرات المصرية.
وسجًل إجمالى الصادرات المصرية من الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمفروشــات المنزليــة 3.67 مليار دولار خلال عام 2019، وجاءت مصر فى المرتبة العشــرين فى قائمــة الدول المصــدرة للملابس الجاهزة والمنسوجات للولايات المتحدة الأمريكية بإجمالى صادرات بلغ 1.15 مليار دولار خلال عام 2019 وذلك وفقًا لوزارة التجارة والصناعة.
وفيما يتعلق بإنتاجية محصول القطن: فقد قامت مصر منذ عام 2017 بتكثيف جهودها فيما يتعلق بتحسين ورفع إنتاجية المحصول ليصبح متنوعًا وبجودة عالية؛ فنفذت خطة من 19 بندًا تضمنت توفير بذور عالية الجودة لزيادة الغلة والجودة من حيث الطول والقوة والصلابة، مما انعكس على ارتفاع إنتاجية المحصول كما وضحته الأشكال السابقة ، واشتملت الخطة على تعزيز والنهوض بصناعات الغزل والنسيج المحلية.
وبحسب معهد القطن المصرى التابع لمركز البحوث الزراعية، أُدخلت تعديلات على التركيبة الوراثية لبذرة القطن ضمن خطة للتوسع فى زراعته على مدار السنوات القادمة، والتى على إثرها أُنتجت سلالة حديثة من القطن، بجانب إنتاج التقاوى المسجلة للحفاظ على القطن المصرى، فضلًا عن ميكنة منظومة تجارة الأقطان لتحسين الأداء.
وبالنسبة لما يتعلق بصناعة الغزل والنسيج فقد قامت مصر بإدخال التكنولوجيا الحديثة فى صناعة الغزل والنسيج لتواكب المواصفات العالمية، وأنشئت مجمعات صناعية متكاملة (المجمع الصناعى الأول بغزل المحلة، 4 مصانع جديدة فى شركة دمياط، ومجمعات صناعية فى محافظة البحيرة)، لتشمل جميع حلقــات الصناعة وإيجاد قاعدة قويــة للصناعات المغذية للقطاع.
وبحسب وزارة التجارة والصناعة فقد جلبت مصر أحــدث الماكينات والمعدات من كبرى الشركات العالمية وتطوير البنية التحتية للمصانع، وتم توفير تدريب وتأهيل للعمال، ورفع كفاءة الماكينات القديمة، بجانب تطوير المغازل، وتحسين أساليب البيع والتسويق، وتقوم مصر كذلك بجهود لإنشاء أكبر مصنع للغزل على مستوى العالم بمدينة المحلة والمزمع افتتاحه فى عام 2023 وبمساحة 62 ألف متر مربع.
وبحسب خريطة مشروعات مصر، تعمل الدولة من خلال مشاريع تطوير شركات الغزل والنسيج والملابس على زيادة الطاقة الإنتاجية للمحالج لنحو 4 ملايين قنطار قطن سنويًا بدلًا من 1.5 مليون قنطار هى الطاقة الإنتاجية الحالية.
وفى مصانع الغزل، تستهدف الطاقة الإنتاجية 188 ألف طن سنويًا بدلًا من 37 ألف طن سنويًا يتم إنتاجها حاليًا.
وبالنسبة لمصانع النسيج، فإنه من المستهدف أن تنتج 198 مليون متر سنويًا مقارنة بـ 50 مليون متر سنويًا هى الطاقة الإنتاجية الحالية.
وتضمنت خطة تطوير القطاع دمج تسع شركات حليج وتجارة أقطان فى شركة واحدة، ودمج 22 شركة غزل ونسيج وصباغة وتجهيز فى ثمانى شركات كبرى، وتحديد ثلاثة مراكز رئيسة متكاملة تضم كافة مراحل الصناعة، وثلاثة مراكز للتصدير، وتخصص الشركات الباقية فى مرحلة تصنيع معينة (غزل، نسيج، صباغة وتجهيز) أو منتجات تستهدف فئة معينة.. وتم الانتهاء من 90% من أكبر مصنع غزل فى العالم بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، وتم توقيع عقود تدشين عدد من المصانع فى منطقة البيضا بالبحيرة وفى دمياط، وتتضمن الخطة استغلال أرض شركة كفر الدوار فى مشروعات إسكان اجتماعى ومتنوع، مع نقل المصانع بكفر الدوار لأرض شركة صباغى البيضا.
وبالتالى نجد أنه بتركيز الدول المصرية جهودها لتطوير قطاع الغزل والنسيج من خلال حصر المعوقات التى تواجه الصناعة ووضع إستراتيجية لتطوير القطاع، بجانب الاهتمام بالمزارعين وتقديم الدعم لهم، فضلًا عن الاهتمام بزراعة القطن وإدخال التكنولوجيا والتحسينات ليكون على مستوى عالٍ من الجودة والتوسع فى المساحات المزروعة والإنتاجية؛ سيسهم ذلك فى تحسين مؤشرات القطاع وتوفير فرص عمل وبالتالى زيادة مساهمة صناعة الغزل والنسيج فى الناتج المحلى الإجمالى وفى إجمالى الصناعة ككل، بالإضافة إلى دخول مصر بصادراتها من الغزل والنسيج كمنافس قوى فى الأسواق العالمية.