الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

حسام فوزي جبر يكتب قانون الغابة وواقعة طريق السويس

الشورى

طفت علي الساحة في الإسبوع الماضي واقعة جديدة من وقائع التهور والاستهتار المبالغ فيه حين إنتشر مقطع فيديو مرعب أظهر شاب أرعن يقود سيارة على طريق السويس بطريقة غريبة كادت تؤدي لوقوع كارثة -لولا ستر الله عز وجل- مقطع من الرعب والخوف أنهاه صدم تلك السيارة الطائشة من قبل سيارة نقل ثقيل ذات علي سبيل العقاب بسبب قيام قائدها بعمل حركات أشبه بـ "البهلوانية" على طريق هام كطريق السويس ينتشر عليه السيارات العاملة في عدة مجالات وأناس يهتمون بعملهم يسعون علي رزقهم لا مكان فيه لهذا الهزار البايخ الذي كاد أن يُحدث كارثة لا سمح الله لا لشيء إلا لشاب ليس لديه أدني آداب الطريق بل والآداب العامة وهو نتاج طبيعي لتلك الرد الأخلاقية التي نعيشها ونحتاج ثورة سريعة عليها بل ونحتاج لنُطالب الجميع فيه بضبط النفس والتعامل من موقع مسؤوليته هو وتحمل الجزء المنوط به في حياته وداخل المجتمع.

وهذا المقطع الفوضوي المتداول أظهر أن هناك مطاردة لتلك السيارة التي يقودها الشاب من قبل سيارة شرطة ونجحت بالفعل في ضبطه  التحفظ عليه ومتابعة التحقيقات وإن كنت لا أستطيع أن أعي أو أتخيل ماذا كان يفعل هذا الأرعن سوي أنه قام بتعطيل حركة المرور معرضًا سلامته والآخرين للخطر وأظهرت التحقيقات ظهور علامات تناوله مواد كحولية كما عُثر بالسيارة التي يقودها على مخدرات وأدوات تخدير وتم إتخاذ الإجراءات القانونية نحو الموضوع كما هو العادة قانونًا في مثل هذه الأحداث وبرغم أن الشرطة المصرية ألقت القبض على الشاب إلا أن المقطع تسبب في سخرية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الطريقة التي تعامل بها معه قائد تريلا من الحجم الكبير حتى يقوم بتأديبه على طريقته الخاصة قبل إلقاء القبض حيث عاقبه علي القيادة بشكل مستهتر ومحاولاته السخيفة بتعطيل المرور وعدم السماح للسيارات بالمرور بأن قام بدفعه للأمام بشكل يبدو كوميديًا برغم خطورته الداهمة على أرض الواقع وقد أثارت هذه المشاهد سخرية وسخط الكثيرون وكذلك إنقسمت الآراء ما بين مُشجع مؤيد لما قام به سائق النقل موجهًا الشكر له وآخرين كانوا يريدون أن يتسيد القانون حتي وإن كان الموقف يدعوا للخروج عن النص ومُثير للغضب إلا أن ضبط النفس وتقديم هذا الأرعن للقانون دون فرض أسلوب البلطجة أو قانون الغابة بهذا الشكل حتي وإن كان سائق النقل قد ساعد العدالة في إيقاف هذا الأرعن كان الأولي إلا أنه أصدر حكمًا بصدمه وربما قد يتسبب في وفاته وتدميره لمجرد أنه خرج عن شعوره ولأنه في مصدر قوة بسيارته القوية المرتفعة هكذا يسود قانون الغابة القوي يصدر حكمه وينفذه دون هواده وعلي الجميع الإنصياع.

ووجهة نظري التي أعلم انها لن توافق قطاع كبير من مؤيدي تصرف سائق النقل الثقيل أن مثل هذا التصرف ليس به شيء من الإقدام والشجاعة فسائق النقل ضامن عدم تعرضه أو سيارته لأي أذي مُحتمل ولكنه أراد أن يفرض قوته علي هذا الأرعن -الذي نطالب بتوقيع أقصي وأقسي عقوبة عليه- ولكن تصرف سائق النقل يؤدي بنا لقانون الغابة لأنه مبدأ يُشجع المجنى عليه أن ينتقم لنفسه وبدوره يثأر لضحاياه هذا الثأر المدنى أشبه بخصخصة القضاء والعقاب الفوري وهوأقسى أشكال قانون الغابة ويعد إهمالًا لدور الدولة فهل هذا ما نريده لوطننا العزيز؟ هل هذا هو ما نسير نحوه؟ وكيف يمكن مواجهة ذلك الخطرفي عالم الغاب؟ حيث لا يوجد قانون سوى قانون القوة وتحت هذا القانون تموت كائنات وتتسيد كائنات ويظل القوي محور الحياة في الغابة الطيور الصغيرة تتعرض أعشاشها لغزوات من الطيور الجارحة والحيوانات الأليفة تعاني عسف الحيوانات المفترسة وهكذا تظل الغابة بلا حق ولا عدل ويضيع الجمال تصرف سائق النقل كان ظاهره الرحمة وباطنه العذاب كان يمكنه أن يُوقف السيارة بتجاوزها وإيقافها أو إنتظار ما يستطيع أن تقوم به الجهات المنوطة وهم متواجدين في قلب الحدث وإيقاف هذا المتهور كان مجرد وقت وتقديمه للمحاكمة لا شفاعة فيه ولكن دون بلطجة أو تشجيع لقانون الغابة الذي نرفضه جميعًا ولا نرضاه مهما كان حجم الخطا فنحن في دولة القانون.

وكما نعلم جميعًا أن القوانين الأولى في هذه الحياة هي القوانين السماوية التي هدفت لحماية الإنسان وحفظ كرامته وكرمته علي سائر المخلوقات وميز الله الإنسان بعقله وأرست الأديان المختلفة تقنين العلاقة بين الإنسان وبين بني جنسه سواء داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمع والمجتمعات الأخرى حيث علاقات تصاهر وقربي ومصالح إقتصادية وإجتماعية وأمنية وعسكرية ثم ظهرت القوانين الأرضية التي عكف البشر علي وضعها ولكنها جميعًا -العادل منها- مستوحاه من قانون السماء وحكمة الله الحكيم الذي ليس كمثله شيء فهذا قوله تعالي "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"، وإيضًا "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، أي أن العدل لا علاقة له بمن أجرم أو أساء ولابد من العدل والعدالة حتي ولو كنا متاكدين وشهود عيان علي الجرم فإحكام العقل واجب وإعمال القانون أهم وأشمل من تطبيق قانون الغابة بهذا الشكل.

ودعوني أعترف لحضراتكم في مقالي هذا أنني للوهلة الأولي كنت من مشجعي سائق النقل الثقيل حيث بدي الوضع كارثي من شاب عديم المسؤولية وتمنيت أن يتوقف فورًا خوفًا علي من هم علي الطريق وربما عليه هو نفسه فرُحت أبحث وأنتظر من سيوقف هذا المستهتر فورًا وإذا بسائق النقل يوقفه بهذه الطريقة المرعبة ولكن ما أن تريثت قليلًا وجدت أن بتشجيع مثل هذا التصرف يصبح الأمر خطيرًا خاصة عندما يتعلق بالعدالة الجنائية التى تقوم على مبدأ أن من يرتكب جريمة تقوم الدولة بالقبض عليه والتحقيق معه ومحاكمته وإصدار الأحكام ثم تنفيذها وتوقيع العقوبات المتساوية فى الحالات المتساوية دون تحيز وجدت أننا بتشجيعنا لمثل هذا التصرف ما هو إلا تفويض وتأييد معناه أنه إذا اعتدى أى شخص على آخر فإنه عليه أخذ حقه بيده وعليه فيسود قانون الغابة وسنري الشوارع وقد تحولت لبحور دماء وجدت أن تأييد مثل هذا التصرف أنما هو إذن بالإستمرار في تأييد أعمال البلطجة المُصدرة إلبنا من أشباه النجوم والمسخ المُقدم لشبابنا من دراما السبوبة والأفلام والمسلسلات الهابطة التي تُروج لقانون الغابة والبلطجة نعم ما فعله سائق السيارة المستهتر يستحق العقاب الرادع بغض النظر عن جنسيته أو لونه أو عقيدته أو انتمائه السياسى أو مكانته الاجتماعية والمقصود هنا العقاب القانونى القضائى الذى يصدر عن محكمة مختصة بعد ثبوت التهمة وليس العقاب الذى يوقعه الأفراد فيما يطلق عليه قانون الغابة.

تم نسخ الرابط