الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

تحتفل مصر هذه الأيام بذكرى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عام 1973 وهى حرب الكرامة التى أعادت الإنسان العربى إلى مكانته على الساحة الإنسانية بعد أن اعتقد البعض أنه لن تقوم قائمة له مرة أخرى لتعبر القوات المصرية على صيحة الله أكبر لتدك حصون خط بارليف الذى انهارت معه نظرية الأمن الإسرائيلى حيث أنفق الإسرائيليون 300 مليون دولار لإنشاء سلسلة من الحصون والطرق والمنشآت الخلفية أطلق عليها اسم خط بارليف.

ولقد امتدت هذه الدفاعات أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقى للقناة من بورفؤاد شمالًا إلى رأس مسلة على خليج السويس، وبعمق 30- 35كم شرقًا، وغطت هذه الدفاعات مسطحًا قدره حوالى 5,000 كم² واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات. وتكونت المنطقة المحصنة من عدة خطوط مزودة بمناطق إدارية وتجمعات قوات مدرعة ومواقع مدفعية، وصواريخ هوك مضادة للطائرات، ومدفعية مضادة للطائرات وخطوط أنابيب مياه، وشبكة طرق طولها 750كم. وتمركزت مناطق تجمع المدرعات على مسافات من 5 – 30كم شرق القناة، كما جهز 240 موقعا للمدفعية بعيدة ومتوسطة المدى. وطبقًا لما قاله موشيه ديان كانت القناة فى حد ذاتها واحدة من أحسن الخنادق المضادة للدبابات المتاحة وفوق الجوانب المقواة للقناة أنشأ الإسرائيليون ساترًا ترابيًا ضخمًا امتد على طول مواجهة الضفة الشرقية للقناة بدءًا من جنوب القنطرة، وكان ارتفاع هذا الساتر يراوح بين 10م، 25م، واستخدم كوسيلة لإخفاء التحركات الإسرائيلية، وصُمّم ليمنع العبور بالمركبات البرمائية بفضل ميله الحاد.

حشدت مصر 300,000 جندى فى القوات البرية والجوية والبحرية، وتألفت التشكيلات الأساسية للقوات البرية الجيشان الثانى والثالث وقطاع بورسعيد تابع للجيش الثانى وقيادة البحر الأحمر العسكرية، وتألفت القوات البرية المصرية من 10 ألوية مدرعة و8 ألوية ميكانيكية و19 لواء مشاة و3 ألوية مظليين وكانت خطة الهجوم المصرية تعتمد على دفع الجيشين الثانى والثالث لاقتحام خط بارليف فى 5 نقاط واحتلال رؤس كبارى بعمق من 10- 12كم المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوى. وفى تمام الساعة 14:00 من يوم العاشر من رمضان الموافق لـ6 أكتوبر 1973 نفذت القوات الجوية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس، وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية، وقد استهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة. وكان مقررًا أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية بعد النجاح الذى حققته الضربة الأولى، وإجمالى ما خسرته الطائرات المصرية فى الضربة هو 5 طائرات. فى نفس التوقيت وحسب الاتفاق المسبق قام الجيش السورى بهجوم شامل فى هضبة الجولان وشنت الطائرات السورية هجومًا كبيرًا على المواقع والتحصينات الإسرائيلية فى عمق الجولان وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية الإسرائيلية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد وحقق الجيش السورى نجاحًا كبيرًا وحسب الخطة المعدة بحيث انكشفت أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التى تقدمت عدة كيلو مترات فى اليوم الأول من الحرب مما أربك وشتت الجيش الإسرائيلى الذى كان يتلقى الضربات فى كل مكان من الجولان. وكان أن تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء فى مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذى يقضى بوقف جميع الأعمال الحربية بدءًا من يوم22 أكتوبر. وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارًا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولى قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار. أما سوريا فلم تقبل بوقف إطلاق النار وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم الاستنزاف، هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية وزيادة الضغط على إسرائيل لإعادة باقى مرتفعات الجولان، وبعد الانتصارات التى حققها الجيش السورى وبعد خروج مصر من المعركة واستمرت هذه الحرب مدة 82 يومًا. فى نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا وإسرائيل، أخلت إسرائيل بموجبه مدينة القنطرة وأجزاء من الأراضى التى احتلتها عام 1967. إن نصر أكتوبر هو نقطة مضيئة ناصعة فى تاريخ الشعب المصرى والعسكرية المصرية بعد هزيمة 67 التى أحدثت شرخًا كبيرًا فى نفوس الكثيرين داخل مصر وخارجها.

لم ينتصر الجيش المصرى عسكريًا فقط فى حرب أكتوبر 73، ولم يرد الكرامة للشعب المصرى وللشعوب العربية بعبور قناة السويس وتحرير جزء من أرض سيناء، إنما انتصر أيضًا حين استعاد تقاليده كجيش وطنى محترف حارب دفاعًا عن الوطن بشرف ونزاهة، وقدم الشهداء الذين روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الطاهرة .  

تم نسخ الرابط