الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة الكثير من أولئك المتنطعين الذين نصبوا من أنفسهم قاضيًا وجلادًا وراحوا يكيلون التهم ويحكمون على من ليس على هواهم وينعتونه ويصفونه بما ليس فيه لا لشيء إلا لعدم اتفاقه معهم فى أعمالهم حتى وإن كانت أعمالا خبيثة غير مشروعة بل وتجد نفس الأشخاص وبنفس المعطيات والدوافع والأساليب القذرة يمجدون ويسبحون بحمد من يتفق معهم أو يسير فى اتجاه مصالحهم، يعيثون فى الأرض فسادًا متخذين من مواقع التواصل وغيرها ستارًا يختبئون خلفه يقلبون الحقيقة كذبا والكذب حقيقة.. يحاولون كسب تعاطف وموافقة العامة على موضوعات وأفكار واتجاهات أبعد ما تكون عن الحقيقة وتجدهم ضد كل مبادئ مجتمعاتنا رغبة فقط فى كسب مكانة والوقوف بين الناس كأصحاب فكر أو قلم حتى ولو بالخداع والكذب والبناء على جثث الشرفاء إما بادعاء السيطرة عليهم أو حتى بالنيل منهم، فليس لديهم أى مشكلة أن يشوهوا سمعة شريف لأنه اختلف معهم أو وقف فى جانب الحق عندما كانوا يساندون الباطل معتمدين على مواقع التواصل فى رسم شعبية زائفة متسلحين بجهل متابعيهم من أصحاب المصالح من المستفيدين أو المضحوك عليهم، أولئك الذين أظهرت مواقع التواصل الاجتماعى أن العديد منهم فى حاجة للعودة للمرحلة الابتدائية أو ربما الكُتاب ومعرفة أصول اللغة العربية وكيفية الكتابة وربما قريبًا نتحدث بالتفاصيل عن بعضهم وإن كنت أعتقد أنهم لا يستحقون.

ونجد أيضًا إصرار البعض على وجهة نظره من باب العناد والمكابرة وهو ما يجعله غير قادر على رؤية الحقيقة والتعامل معها حتى ولو كانت واضحة وضوح الشمس،كأن يتحدث عن جاهل وكأنه أديب.. عن نكرة وكأنه شهير ويصر البعض الآخر على رأيه من باب المعارضة وكأن عليك أن ترفض وتعترض بغض النظر عما ترفضه أو ما تعترض عليه وحتى وإن كان مفيدًا وجيدًا ومناسبًا للوطن والمواطن ولكنك ترفض من أجل الرفض، وتوافق على صنع أبطال هلاميين بالمعارضة للجميع، وتجد أبطال الرفض والمعارضة ودائمًا يختبئون خلف شاشات وسائل التواصل الاجتماعى ما جعل الناس تُطلق عليهم (الفيسبوكيين) والمعارضة والرفض هنا من باب (خالف تُعرف)، وبكل أسف بات من الصعب تثبيت الحقائق والتعامل معها فى ظل (ثوار فيس بوك) و(مجاهدى تويتر) و(محاربى انستجرام) أولئك الذين من الممكن أن يكونوا يساريين أو يمينين متقاعدين قد يكونون إسلاميين أو قوميين يتأرجحون حسبما يقرأون فهم لا يفقهون وبالأغلب يعانون من الفشل والإحباط وعدم القدرة على تحقيق أحلامهم ولهذا تجدهم يعيشون فى عالمهم الافتراضى الذى يمنحهم الفرصة ليكونوا أبطالًا فى عدد "اللايك" وفقط من خلال قاعدة خالف تعرف التى لا تعترف بحقائق، فكل مواقف أبطال التواصل الاجتماعى هى لإرضاء الذات وللهروب من حالة الفشل والإحباط والعزلة على قاعدة خالف تعرف وربما تُشهر، فيجدون فى هذا العالم الافتراضى مساحة لكى يستعرضوا إنجازاتهم ويتحدثوا عن أحبتهم ونوعا من التفاخر فيما حققوه من إنجازات تافهة وأحيانًا وهمية أو إعلان الحب لصديق افتراضى وحتى التعبير عن آراء فكرية وسياسية وهو ما يُنتج لهم نتائج على عكس الحقيقة وتجعلهم يعتقدون ما ليس لهم فتجد أبطالا وهميين أبطالا من ورق إن جاز التعبير يعتقدون ما ليس فيهم بل وينصبون من أنفسهم أبطالًا لا علينا بل على أتباعهم.

وبما أن الجميع يجلس خلف الشاشات يتابع الأحداث فما المانع من المشاركة الفعلية فى صنعها ولكن بعد أن تتعلم كيف تشارك فمن غير المعقول أن تبنى حياتك ومعتقدات وقناعاتك من خلف شاشة على موقع افتراضى لتُقنع نفسك بأنك أصبحت صديق المشاهير أو ربما معشوق الجماهير ولعل تجارب عديدة قد حُكم عليها بالفشل لأن صاحبها ظل خلف شاشته حبيسًا ثم قرر فجأة النزول لأرض الواقع دون تعلُم وتدرب كما فعل خلف شاشته بل وتوقع أن الأمر بسهولة نيل إعجاب أو تعليق، وأهله نفسه وأصدقاؤه ليكون ممثلًا لهم فى البرلمان ونتيجة خوضه الانتخابات محسومة قبل خوضها بسنوات فقد خاض الانتخابات من قبله شخصيات صفحاتها صاحبة تفاعل كبير وفشلوا حتى فى الحصول على أصوات أولئك من حامل لواء دعمهم على التواصل الاجتماعى، ناهيك عن أن ليس لديهم حسابات من الأساس فهناك فرق كبير بين أولئك الذين يمنحون لغرض ما الإعجابات والتعليقات والمتابعات من خلف الشاشة وربما مُنح هذه الأشياء ينقله فكرا آخر لمجرد أنه قرأه وهو لا يعلم عنه شيئا -فما أكثر سرقة الأفكار فى عصر السماوات والأقمار المفتوحة- وربما تجده يدافع عنها باستماتة رغم أن صاحب الفكر الأساسى قد عدل منه أو نسخه بآخر من الأساس لا لشيء إلا لأنه أحضر فكرة وفكرا أعجبه هو، والطبيعى أن هذا سيفشل فى جذب أناس حقيقيين، ومن يفعل ذلك خاصة فى عالم السياسة فهو مصاب بالعمى السياسى ومصيره الانكفاء والتراجع والخسارة والبقاء خلف الشاشات باقى حياته.

ومواقع التواصل الاجتماعى هى حياة افتراضية وبخاصة على صعيد المشاعر حيث يعيش الإنسان كينونته الاجتماعية بطريقة غير حقيقية وهذا من شأنه أن يقلل من الإنتاجية الحقيقية على حساب الإنتاجية الافتراضية الوهمية والتواصل الافتراضى تواصل كمى لا نوعى والمقارنات عبره تفتقر إلى الشفافية والطبيعية لأن الشخص يبحث عن طريقة يظهر هو من خلالها أعدها وأدارها وكونها بنفسه لتكون خيارات متاحة أمامه يختار منها ما يُحب أن يُظهره للناس أما على أرض الواقع فالأمر مختلف، وخاصة فى غياب للقواعد خصوصًا فى المجتمعات العربية، ومواقع التواصل وُضعت بأصول لاستخدامها ولها طريقة فى التعامل معها وغياب العلم بهذه القواعد فى أى مكان يؤدى لتكوين ملامح شخصية لا يعلم حقيقتها الآخرون لأنهم مرتبطون عبر الشاشات وبالوقت وعند التعامل على أرض الواقع تكتشف جوانب سلبية فى هذه الشخصيات حيث ارتبطت الشخصية بالحصول على تعليقات ومتابعة وتفاعل وليس بالضرورة أن يحصلوا على انتباه من أصدقائهم الحقيقيين فالمهم هو دغدغة عواطف من لا يعرفهم شخصيًا فنشر الإنجازات والأنشطة الاجتماعية والحياة اليومية والخدمات الوهمية يحصل على أكثر عدد من الإعجاب والتعليقات وهو شيء يعزز الإيجابية (الفيسبوكية) وتنمية ما يسعون إليه من انتشار وهمى فالواقع البديل أو الافتراضى يأتى بعقلية ولغة مختلفين ولكن المجتمع لا يزال كما هو فى مشاعره وتواصله وطريقة تعامله ومن هنا فأى مشاعر من الواقع لهذا العالم البديل تبتعد عن الحقيقة وعن المواجهة والمصارحة، وتصبح أشبه بطريقة هرب وتجنُب للمواجهة.

وعلى كل مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى عمومًا و"فيس بوك" على وجه التحديد أن ينتبهوا إلى تأثيرهم على التفاعل المحيط بهم وبالعائلة والأصدقاء وحسن اختيار منشوراتهم وأبطالهم والتوقف عن مدح من لا يستحق فورًا حتى نتمكن من إيقاف ضخ المشاعر السلبية وتدنى احترام الذات الذى يمكن أن ينجم عن مقارنة الإنجازات الخاصة بأشخاص مع آخرين ما يجعل هذه الوسائل مصدرًا للمعاناة بدلا من الفائدة والترفيه.. هذه المواقع والبرامج مجرد واجهة غير حقيقية فالعالم الافتراضى يختلف عن الحقيقة وهو مجرد أداة للتواصل ليس إلا وإن صنع أبطالًا سيكونون أبطالا افتراضيين أشبه بـ"أبطال من ورق".

 

 

 

تم نسخ الرابط