يشتكي اغلبنا من نمو أطفالنا في عالم محاط بوسائل إعلامية مختلفة يمكنهم الوصول إليها بسهولة ويسر وقد يجد بعض أولياء الامور صعوبة في مواكبة التطور المتسارع في المحتوى والتطبيقات الجديدة التي تُقدم باستمرار وعلى الرغم من أنه يمكن أن يكون هذا التقدم السريع مثمرًا ومفيدًا لأجيال المستقبل إلا أنه يثير القلق فنجد أن الاطفال قد تعلقوا بهزة الادوات والوسائل اكثر من تعلقهم بنا شخصيًا بل وأحيانًا تجد الاطفال وقد إنعزلوا تمامًا داخل جهاز من الاجهزة الالكترونية كما الحال مع التابلت والموبايل الحديثة ومن الممكن ان يقضون اليوم كاملًا مُعلقين بشاشات لا تُدخل هقولهم معلومة واحدة مفيدة وربما مستحيل أن تجد معلومة ذات قيمة حياتية في بعض الالعاب والبعض الآخر تكون معلومات موجهة تدفع الاطفال تجاه حب أشياء وأماكن ليست لنا ولا من بيننا فنجد أبنائنا وقد وُضعوا أمام مصدر غير أمين ولا آمن في تلقي المعلومات.
وخرجت علينا مجموعة من الافكار والنظريات والتعليمات التي علينا اتباعها لمواجهة هذة الظاهرة جاءت في المراقبة والمتابعة المستمرة من دون إشعار الطفل بذلك ودون منعه واستخدام برامج المراقبة الأمنية للأبناء ومن المعلوم انه يمكن للآباء مراقبة بعض أجهزة أبنائهم عن طريق تحميل برامج خاصة في أجهزة الابناء تربط اجهزتهم ببعضها البعض وطالب بعض المتخصصين الوالدين تحديد ساعات معينة تسمح للطفل باستخدام الأجهزة الإلكترونية مع المحافظة على غرف النوم وأوقات الوجبات وأوقات للعب علي ان تكون كل هذة الاوقات خالية من الأجهزة الإلكترونية مع التوقف عن استخدام الشاشات قبل ساعات من وقت النوم وإزالة الأجهزة من غرف النوم وإشراك الطفل نفسه في وضع قوانين وضوابط لاستخدام الأجهزة الإلكترونية حتى يسهل عليه تطبيقها والتزامه بها.
وكل هذة النصائح والتعليمات والاساليب قد تساعد بشكل كبير علي العودة بأطفالنا من غياهب الالعاب الالكترونية الغارقين فيها والتي قد تذهب بهم بلا عودة كما حدث في حالات كثيرة من بعض الالعاب التي تدفع الشباب للانتحار وماشابه ولكن هل قومنا نحن انفسنا في إستخدامنا لاجهزتنا امام اولادنا حتي لو علي سبيل العمل ويحضرني هنا الآية الكريمة "أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم" نعم هل نُطالب الاطفال بما لا نقوم به وهم يشاهدوننا ونحن متعلقون ومُعلقون بشاشات اجهزتنا وهم لا علاقة اهم هل هذا عمل ام لعب فالمهم ان المنظر العام امامهم اننا ممسكين بأجهزتنا فكيف سنوجههم إلي تركها وننصحهم ونبين لهم أضرارها.
فالأولاد الذين يكبرون أمامنا جسمًا يصغرون دينًا وادبًا نراهم فقط يأكلون طعامًا ويجوعون حُبًا وإحتواءً وحنانًا ووئامًا نبحث في داخلهم عن ما افقدناهم ونطالبهم بما لم نعلمهم ولم نقدم لهم المثل منا في البداية فماذا نطلب منهم وكيف سمحنا لانفسنا ان نطلب ونحن لم نُقدم لهم المعطيات التي ستؤدي لنتائج فكأنما نطلب من ماكينة الغزل ان تُنتج لنا ثوب دون ان نضع لها خيطًا واحدً ففي اليوم الذي نغفل فيه عن ابنائنا يهجم على عقله الكثير من الافكار الخاطئة وعلى عينيه العديد من المقاطع السيئة ويشغل وقته كما يريد ويري فحسب معطيات ومكتسبات يومية يشغل أطفالنا أوقاتهم بها خاصة ونحن غائبون ومغيبون عن تربية وإرشاد اهم وأعز مالدينا منشغلين بالعمل خارج المنزل وهذا امر طبيعي واحيانًا العمل داخل المنزل ولكن علينا ان نبدأ بأنفسنا ونهمل هذة الأجهزة التي اصبحنا جميعًا نعيش عليها ونعامل معها اكثر من تعاملنا مع كل واي شيء وحتي أؤلئك الذين ارتبطت أعمالهم بهذة الأجهزة عليكم التوقف عن البقاء عليها داخل المنزل بالساعات علكم كسر روتين الجلوس علي الأجهزة البعد عن الدخول داخل الجهاز ونسيان المحيطين داخل المنزل إلا للضرورة علينا العودة لصنع حياة اجتماعية حقيقية داخل بيوتنا وفتح مجالات الحوار والنقاش والتفكير في كل شيء يخص المنزل بإشراك الابناء فيه علينا جذبهم وشدهم إلينا علينا الاستمتاع بأبوتنا وإمتاعهم ببنوتهم نعم هي دعوة ان نترك الأجهزة المحمولة داخل بيوتنا لعدة ساعات يومية يكون شغلنا الشاغل في هدة الساعات الحديث في الابناء في كل وأي شيء كبير وصغير.
الجميع يُقدر دور الأب الهام في توفير الملبس والمأكل والمسكن وكل نواحي الحياة الابناء ولكن إذا لم تؤسسه بحرصك وإقبالك على حب الله ومراقبته وتجلس تكتشف مواطن الخير فيه فتتعهدها وتنميها وتعرف مكامن الشر في نفسه فتنتزعها وتنقيها فلا داعي لمأكل أو ملبس او مسكن فليس لهم اي قيمة وانت لم تنجح في أهم وأسمي رسائل حياتك وهي تربية ابنائك فغرس القيم والمبادئ والخوف من الله ومراقبته في كل كبيرة وصغيرة هي اهم واسمي ما ننشده في تربية اولادنا ليس توفير مستلزمات الحياة المادية فقط فهناك الأهم والذي لن يحدث إلا بالتخلي عن المراهقة المتأخرة التي أصابت الآباء كثيري الإعتذار بضيق أوقاتهم فيكونوا كمن يضحك على نفسه ويصبح جهازه المحمول بدلوا من عامل مساعد علي العمل والمعرفة إلي عائق بينه وبين رسالته التي سيحاسبه الله عليها غلو ترك الرجل برامج التواصل الإجتماعي لعزة ساعات ان يحاسبه الله -علي العكس- بينما تركه لأولاده علي هذة المواقع ذاتها وغيرها فهو تقصير في حقهم سيحاسبه الله عليه.
فصحابة رسول الله كانوا يفتحون العالم ثم يعودون إلى أولادهم فيفتحون قلوبهم ويحسنون تربيتهم ويورثونهم دينهم وأخلاقهم ولا يعتذرون او يتحججون بضيق الوقت فالبيوت تحتاج للرجال لتربية الابناء جنبًا إلي جنب مع النساء ولا غنى للأبناء عن كليهما والسعي على الرزق ليس عائقًا ابدًا فالزمان صعب وأولادنا يحتاجون منا أضعاف ما كنا نأخذ في مثل أعمارهم في ظل هذة الفتن والمغريات التي لم تكن موجودة بهذا الشكل أيام طفولتنا ونشأتنا لذلك علينا إنهاء اعمالنا وتخصيص وقت يومي للجلوس داخل المنزل كإجتماع عائلي يومي يُمنع فيه استخدام الأجهزة الحديثة إلا كجماعة ووسط الجماعة علينا العودة إلى بيوتنا لنشبع ضمًا وقُربًا من أولادنا نعود لنكتشف اولادنا وبكتشفوننا وأولادنا نعود لنحكي ونسمع علينا ان نترك من أجلهم هواتفنا وتنتفرغ لهم نُشعرهم بأبوتنا لننعم ببنوتهم.
دعونا نلتقي في المنزل ونتحدث من قلوبنا ... دعونا نعيش في منزل ولو لساعات بدون سوشيال