الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

◄مشاركة كافة القوى السياسية دون إقصاء أو تمييز فى "الحوار الوطنى".. نقلة نوعية فى حالة الحراك المجتمعى 

◄الدفع بتعزيز مبدأ "التشاركية فى صنع القرار" خطوة مهمة لتحقيق نجاح الحوار

◄يجب البحث عن القواسم المشتركة بين مختلف الأطياف والعمل على إعلاء المصلحة العليا على حساب المصالح الحزبية الضيقة

◄لا بد من وضع حلول واقعية وبدائل أمام صانع القرار وأن تقوم الأحزاب بتحديد أجندة للقضايا التى تضعها فى أولوياتها وتعمل على تدشين حوار بشأنها

◄الرئيس عبد الفتاح السيسى أعلن دعمه الشخصى لإنجاز الحوار السياسى.. ووعد بحضور المراحل النهائية من جلساته

 

يوماً بعد الآخر، تتزايد أهمية وقيمة الحوار الوطنى الذى دعا إليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى.. والذى يستهدف فى المقام الأول تحقيق نقلة نوعية فى حالة الحراك المجتمعى التى ترتكز عليها مبادئ الجمهورية الجديدة، فقد أكدت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات أن  دعوة الرئيس السيسى إلى إجراء حوار وطنى موسع بين كل القوى السياسية دون استثناء أو تمييز اتسمت بالشمول وابتعدت عن الإقصاء، ولا يمكن أن تنفصل تلك الدعوة عن السياق العام والمناخ المصاحب.

ورصدت الدراسة خطوات الحوار الوطنى وأهدافه، والتى لخصتها فيما يلى: النجاح فى تثبيت أركان الدولة، فلم تكن مصر بعيدة عن تلك المخاطر فى السنوات الماضية، حيث شهدت الفترة التى أعقبت ثورة 30 يونيو جملة من التحديات المتمثلة فى القضاء على الإرهاب، بجانب التهديدات الحدودية التى ارتبطت بالتفاعلات التى تشهدها دول الجوار، وعليه كانت الأولوية فى تلك المرحلة تصب فى صالح تثبيت أركان الدولة، وتجاوز المصير الإقليمى الذى تعانى منه دول عدة، علاوة على تبنى مسار البناء الداخلى وإطلاق مشروع للتنمية الشاملة لمقاومة تلك التهديدات التقليدية وغير التقليدية.

ومن هنا، قاد نجاح الدولة المصرية وقدرتها على تجاوز تلك التحديات والتعاطى معها بفعالية فى التقدم نحو بلورة دعوة لإجراء حوار سياسى، وفتح عدد من القضايا والملفات التى تشغل الرأى العام والنخب السياسية، ما يعُد منطقيًا فى ظل الظروف سالفة الذكر ، إذ أن الحوار فى تلك البيئة الضبابية وغير المستقرة لم يكن مؤهلًا للنجاح لافتقاده السياق والمناخ المُحفز، وعليه يمكن القول إن تهيئة الظروف والنجاح فى تخطى وتجاوز التحديات كان لابد أن يكون سابقًا لأية ترتيبات أخرى.

من ناحية أخرى فإن الدعوة للحوار السياسى بما يتماشى مع فلسفة الجمهورية الجديدة، وما صاحبها من تنمية شاملة وإصلاح فى مختلف المجالات، وتُظهر الدعوة طبيعة المرحلة وتوجه القيادة السياسية فى بحث سبل الوقوف على أرضية مشتركة والتفكير الجماعى فى صياغة حلول ورؤى تستهدف بالأساس المصلحة العليا للدولة المصرية وتبتعد عن المصالح الضيقة، بجانب الدفع تجاه تعزيز مبدأ التشاركية فى صنع القرار والذى يمثل أساسًا لإنجاح الحوار، وهو ما عبر عنه الرئيس "السيسى" قائلًا: " إن الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية"، وعليه يُنظر لطرح مختلف الآراء والمواقف كونه ضرورة حتمية ومقدمة للتوافق بشأن القضايا العالقة والخلافية.

فضلاً عن ذلك فإن  الدعوة إلى الحوار السياسى تتواءم مع جملة من التحولات الكبرى التى تشهدها الدولة المصرية فيما يرتبط بالمجال العام، ولا شك أن أحد أبرز تلك التحولات إعلان 2022 عامًا للمجتمع المدنى، ما يُشير إلى الرغبة فى إشراك مكونات المجتمع المدنى فى كافة جوانب التنمية، الأمر الذى يعزز من التعاون بين الدولة وتلك المكونات، ما يسهم فى تحقيق أكبر قدر من المكاسب؛ إذ أن إدماج المجتمع المدنى من شأنه أن يُزيد من مساحة التوافق بينه وبين الدولة، ما ينعكس على استدامة مسار التنمية بمختلف أبعاده. 

ومن هنا يمكننا فهم التعاطى الإيجابى من قبل منظمات المجتمع المدنى والنقابات والكيانات الأخرى مع دعوة الحوار السياسى.

كما تدخل دعوة تدشين وإجراء حوار سياسى شامل ضمن خطة الدولة الأوسع وإستراتيجيتها للنهوض بحقوق الإنسان على كافة الأصعدة؛ إذ تأتى الدعوة تعبيرًا عن الرؤية المصرية المتكاملة التى تم الإعلان عنها خلال الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى مهدت الطريق للانفتاح المتوازن بين الحقوق والواجبات، وكذلك بين حقوق الفرد والمجتمع، فارتكزت الإستراتيجية على أربعة محاور من بينها ما يتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، وما يتضمنه من دعم وتعزيز المشاركة فى الحياة السياسية والعامة كأحد المكونات الأساسية لترسيخ دعائم الديمقراطية وسيادة القانون، ومن هنا يُنظر إلى دعوة الحوار السياسى كإحدى الأدوات التى انتهجتها الدولة المصرية لتعزيز حقوق الإنسان والانتقال بالإستراتيجية ومحاورها لأرض الواقع، وترجمتها لواقع ملموس.

والحق أن هناك ثمة عوامل تساعد فى إنجاح الحوار السياسى وتحقيق المأمول منه، خاصة فى ظل التعاطى الإيجابى والتفاؤل فى مختلف الأوساط السياسية، والحزبية وبين النخب المؤيدة والمعارضة:

أولًا) دعم القيادة السياسية للحوار، أعلن الرئيس "عبد الفتاح السيسى" دعمه الشخصى لإنجاز الحوار السياسى ووعد بحضور المراحل النهائية من جلساته، فى إشارة واضحة لرؤية القيادة السياسية وعزمها على إنجاح الحوار وتطبيق مخرجاته. ويعد الحوار ضمن محاور حركة الرئيس "السيسى" خلال السنوات الماضية، ما تجلى بشكل واضح فى دورية انعقاد مؤتمرات الشباب أو عبر منتدى شباب العالم.

واتضح هذا المبدأ كذلك فى ظل الأزمة السياسية وحالة الاستقطاب التى سيطرت على المشهد المصرى فترة حكم الإخوان حيث دعا وقتها حينما كان وزيرًا للدفاع إلى ضرورة عقد حوار يجمع كافة شركاء الوطن للخروج من المأزق القائم حينها. وعليه يمنح الدعم المباشر وإيمان القيادة السياسية بجدوى وأهمية الحوار فرصًا لإنجاح الحوار السياسى.

ثانيًا) جدية الطرح، اتضح من مضمون الدعوة وبنودها والترتيبات اللاحقة لها مدى جدية الطرح والرغبة فى دفع الحوار للأمام، وقد تجلت مظاهر جدية الطرح فى عدد من المؤشرات من بينها: الإصرار على طرح مبادرة الحوار السياسى؛ إذ أن الإعلان عن دعوة الحوار خلال إفطار الأسرة المصرية، جاء بعد أيام من طرح الفكرة خلال أيام من زيارة الرئيس إلى توشكى ليشهد بدء موسم حصاد القمح. وعليه يدل الإعلان بهذا الشكل على دخول مبادرة الحوار الوطنى مرحلة الشروع فى تنفيذها بحيث بات ضمن أولويات القيادة السياسية.

يضاف إلى ذلك الإفراج عن عدد من المحبوسين، علاوة على إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى وتوسيع نطاق عملها وإعادة تشكيلها بإضافة عضوين من المحسوبين على المعارضة وهما المحامى "طارق العوضى" والحقوقى "كمال أبو عيطة"، فضلًا عن التحركات التى أعلنت عنها الأكاديمية الوطنية للتدريب بوصفها الجهة المنوط بها ترتيب الحوار.

ثالثًا) التمثيل الشامل المتنوع، أبرزت ردود الفعل من قبل الأحزاب السياسية والنقابات وتعاطيها مع دعوة الحوار لحدود المشاركة المأمولة ومستقبل الحوار بشكل عام.

واختتمت الدراسة أنه أصبحت الفرصة مهيأة ومتاحة بشكل رسمى لمختلف القوى السياسية المنخرطة فى المشهد، وكذا للنخب المؤثرة فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى باقى المؤسسات والكيانات للعب دور حقيقى فى إنجاز الحوار الوطنى، ما يجعلنا أمام جملة من المتطلبات الضرورية والتى يمكن أن تسهم فى إنجاح الحوار من بينها: ضرورة البحث عن القواسم المشتركة بين مختلف الأطياف والعمل على إعلاء المصلحة العليا على حساب المصالح الحزبية الضيقة، بالإضافة إلى أهمية المشاركة الفاعلة والنشطة مع عدم تفجير المشكلة دون وضع حلول واقعية وبدائل أمام صانع القرار، وأن تقوم الأحزاب السياسية بتحديد أجندة للقضايا التى تضعها فى أولوياتها وتعمل على تدشين حوار بشأنها، والخروج بورقة سياسات تُحدد سبل التعاطى الجاد مع تلك القضايا. وكذلك قد يكون من المهم تحديد مدى زمنى واضح تلتزم به الأطراف المشاركة فى الحوار، مع ترتيب الأولويات والذى يمكن أن يؤدى إلى نتائج واقعية وقابلة للتنفيذ.

تم نسخ الرابط