كثيرًا ما نطلب من أبنائنا أن يكونوا حسنوا التصرف وأن يكونوا مثاليين في التعامل مع الناس وأن يقدموا المعروف ويصنعون الخير ولا ينتظرون مقابل بل ويتفوقون في التعليم والدين والرياضة والحياة الإجتماعية وكل أمور الحياة نريد أن نراهم أفضل منا نعم وبكل تاكيد ولكن هل نريد بهم تحقيق ما فشلنا نحن فيه أو بمعني ادق هل نريد أن نحقق طموحنا نحن بهم أم فيهم فالأمر مختلف، فطموحنا نحن فيهم نساعدهم عليه وندعمهم فيه، أما طموحنا نحن بهم فيجب أن يتوقف عليهم لا علينا علينا الإعتماد علي الله وعمهم وترك الامر لهم بعد ان نغرس فيهم القيم الأخلاقة اللازمة لوقف تلك "الردة الأخلاقية" التي طالما نتحدث عنها، لذلك أريد أن أوضح أن أولادنا لابد ان يروا النموذج فينا حتي نستطيع أن نغرس فيهم قيمًا قابلة للتنفيذ فإن كنت أنت المثل الحي أمامه فلن تجد إلا نشء تربي علي صالح الأعمال خاصة عندما ننشئهم علي مراقبة الله في كل الأشياء والقناعة في كل الأشياء إلا فعل الخيرات والراضا في وبي كل شيء إلا كرم وفضل الله علموهم أن الطمع في الله ليس لهم حدود وأي طمع آخر مُحرم، ولكن علينا تقديم المثل الحي لهم قبل أن نطالبهم بأي شيء علي الإطلاق.
بداية علينا ان نجلس مع أبنائنا ونحثهم على حسن السلوك مع الأقران والأقارب والجيران والمعلمين، وحسن الإستماع أثناء الدرس والمحاضرة وحديث الكبار والصغار علي حد السواء علينا تعليمهم فن الإستماع وتقب الرأي وإن كان مضادًا لأفكارنا، وكذلك حسن التعامل مع الزملاء في المدرسة والنادي والحي علموهم حسن التعامل والتأدب في حرم المدرسة علموهم المحافظة على الأثاث المدرسي من المقاعد والأبواب وحتى الجدران علموهم المحافظة على مرافق المدرسة والمرافق العامة، ولنتذكر دائمًا أن أبنائنا هم سفراء لنا في كل مكان يذهبون إليه هم عناوين لنا ولبيوتنا ولتربيتنا فليكونوا خير سفراء وعناوين يشار لها بالبنان، لون يتم كل هذا إلا إذا تعلم منا عمليًا كيف يحترم الناس ويتأدب في الحديث معهم ويقدرهم منا نحن في البداية لا من أنفسهم ولا من التوجيهات والتعليمات والعقاب بل من نموذج يراه منك فيحاكيه ويقلده بعيدًا عن تلك العوامل الخارجية والتي طلما نادينا بإبعاد أبنائنا عنها من مواقع الخراب الإجتماعي ودراما السبوبة وأشباه النجوم والتريندات التي تُصدر كل أنواع التفاهات بلا هوادة، دعونا نغرس في قلوبهم وعقولهم حب الوطن والعلم واحترام الكبير والحرية المشروطة بضمان حرية الآخرين، وترك حرية الإختيار للأبناء مع معاونتهم وعدم فرض أي رأي عليهم، فالمساحة الشخصية للأبناء مهمة جدا في التربية الإيجابية، فعلينا إكسابهم مهارة صنع القرارات والتي تعتبر من أهم المهارات التي يحتاج الأبناء أن يكتسبوها في سن مبكرة ليصبحوا ناضجين في الوقت المناسب يثقون بأنفسهم وبقراراتهم وسيجعلهم يتعلمون كيف يعبرون عن آرائهم، وعلينا تقبل خطأهم وهفواتهم فحين نقوم نحن بفعل شيء للمرة الأولى فمن المحتمل بشكل كبير أن تحدث بعض الأخطاء دون قصد ونقوم بأكثر من محاولة حتى نصل إلى النتيجة التي نريدها لذا فعلى الآباء أن يواجهوا أخطاء أبنائهم بصبر وهدوء بل ويجب أن يشجعوهم على القيام بمحاولات أكثر بدلا من انتقادهم فالنقد يجعل الأبناء يرسمون صورة سيئة لأنفسهم ويشعرون أنهم غير قادرين على فعل أي شيء في حين أن التقدير الدائم لكل ما يقومون به يجعل ثقتهم بأنفسهم تزداد أكثر.
دعوني أذكر نفسي وحضراتكم أن رب العزة عز وجل قد أنعم على الإنسان بالحرية والعقل والإرادة والتأكيد أن العقل هو أسمى نعم الله على الإنسان زوده الله بمقومات هذا العقل كما جاء في قوله سبحانه: "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون"، ومن هنا فإن الإنسان مطالب بالحرص على حريته التي أكرمه الله بها والدفاع عنها مهما كلفه ذلك لان الانتصار للحرية انتصار للدين وتحقيق لعدل الله الذي كرم به خلقه حينما وهبهم العقل والعلم ومن ثم فعلينا ان نعلمهم ونساعدهم ونغرس فيهم القيم الدينية والإجتماعية الصحيحة والسوية ثم نتركهم بعد أن نطمئن لحسن تربيتهم ولا نختار لهم بل نخيرهم فيما يريدون ويفعلون ما يشاؤن مراقبين الله ثم الوطن والمصلحة العامة بعد ان نعلمهم ان المصلحة العامة هي المفهوم الأشمل والمظلة الكبيرة التي نجتمع تحتها، ولنعلم أن الانسلاخ عن الأسرة أمر فطري وطبيعي فكل الأفراد في المجتمع يحاولون رسم علاقات مع البيئة الخارجية المحيطة بهم فنرى أن الآباء اليوم في حالة من الصراع والتحدي بين ما هو مسموح وما هو مرفوض لأبنائهم فَنجدهم في حيرة بين منح الثقة وبناء شخصيات سليمة وبين مخاوف المخاطر المحدقة بأبنائهم من الرفقة السيئة والإدمان وغيرها من السلوكيات غير السوية في ظل عالم السماوت المفتوحة المنفتح على الثقافات الأخرى وعليه نشخص عدة عوامل تحكم قرارات الآباء بالسماح للأبناء بالخروج بمفردهم لعل أهمها هو السن المناسبة للخروج، فنلاحظ قرار الآباء بالسماح لأبنائهم بالخروج بمفردهم يتناسب مع تقدم الأبناء في السن فكلما تقدم الابن في السن زادت مساحة الثقة والحرية الممنوحة له في ضوء المراقبة والتوجيه غير المباشر وذلك عقب ما نقدم نحن له النموذج في التعامل مع البيئة الأكبر خارج محيط المنزل، فنكون نحن المثل والمثال الحي لما نتمناه منهم من سلوكيات في المجتمع.
فمن واجب الآباء التحري عن رفقة أبنائهم ومتابعتهم لتفادي السلوكيات والمواقف السلبية التي قد تعرضهم لأي مخاطر كالتحرش أو التنمر وبدون الثقة المتبادلة لن يعترف أبنائنا بمثل هذه الحوادث لنا وهنا يكمن الجدار الكبير الذ نبنيه بيننا وبين أبناءنا دون قصد وكذلك يجب أن يحرص الآباء على متابعة المواقع الإلكترونية التي يستخدمها أبناؤهم خوفًا من اكتساب أفكار تحررية خاطئة تشجع الأبناء على الانقياد خلف رغباتهم في الاستقلالية الزائفة على حساب صحتهم النفسية والجسدية وعلاقاتهم مع أفراد الأسرة وهويتهم الجنسية التي نري الآن محاولات المخابيل حول العالم في طمس الهوية الجنسية والسماح بأبشع الجرائم داخل أُطر شرعية تسمح بها الدول ونسال الله أن ينجي شبابنا من هذه الأفكار والتصرفات الشاذة، فلو احسنا الغرس من الصغر في أبنائنا وشاورناهم في أمورهم وتركنا لهم حرية الرفض والقبول والتعبير عن النفس مع منحهم الثقة والدعم وتقبل أخطائهم ومن قبل كل هذا تقديم مثل يحتذي به لهم وإظهار أن نجاحنا في الحياة لم يكن إلا بتوفيق الله ثم السعي مستعينين به سبحانه معتمدين عليه وحده، سنمر بهم بفضل الله وتوفيقه من ما نراه هذه الأيام من تراجع أخلاقي نرصده في كل نواحي الحياة ونأمل أن يكونوا أولادنا من أسباب عودة أخلاقنا وقيمنا لما كانت عليه قبل تلك الرد الأخلاقية التي نعيشها في عصر التوك توك ومهرجانات الردح ومواقع الخراب الإجتماعي وأشباه النجوم ومدعي الفضيلة، لذلك علينا أن ندعمهم ونثق بهم ونقف خلفهم وقبلها نُقدم لهم مثالًا يحتذي به