رحمك الله أخى الحبيب " الدسوقى " وجعل كتابك فى عليين وجمعنا بك فى جنات النعيم. يا سادة رحيل الأخ غصة قلب لا تموت حتى نموت، لم أعِ ما يعنيه موت المكان، موت الأشياء، موت الحياة ونحن على قيد الحياة إلا بعد رحيلك يا أخى. أخى كيف حالك بين القبور.. حنينى إليك يؤلمنى.. يا فقيدى اشتقت لك.. مكانك الفارغ الذى لم يملؤه أحد.. لم يكسرنى شىء سوى غيابك عنى وخبر رحيلك حتى الآن عالق فى أذنى وكأنك رحلت منذ ساعات.. رحمك الله وجعلك بجنات الفردوس. رحيلك كان صعبا على نسيانه، كان مرًا قاسيًا مبكيًا أبكى دومًا ومازلت أنتظر عودتك ولكن أحد العابرين أخبرنى أن الراحل لن يعود مجددًا وأصبح حلمى عقيمًا لا بأس يا فقيدى فإنى مع ذلك أحبك بحجم استحالة عودتك لى.
يا سادة ، لا يوجد هناك قسوة أكثر من أن نسمع خبر وفاة من نحبهم، فيكون الخبر صدمة كبيرة لنا تؤثر فى حياتنا ولا نستطيع أن نعود كما كنا من قبل، صحيح أنّ الموت حق على كل إنسان فى الحياة إلّا أنّه مفجع ويترك ألماً لا يمحى مع الزمن، ولا يبقى لدينا إلّا ذكرياتنا معهم والدعاء لهم فى قبورهم بالرحمة. لماذا يا أخى؟ لماذا ذهبت بهذه السرعة؟ لحظات وكأنّك لم تكن هنا، كأنّك لم تأتِ ولم أعرفك، وكأنّك لم تدخل إلى هذه الدنيا، آلمنى فراقك يا غالى، كل ليلة تأتينى ذكرياتك، فى لمح البصر تمر كل المشاهد دفعة واحدة، ولا أدرى هل تتسابق لتواسينى، أم أنّها تخشى من أن تطول لحظات الألم فتقتلنى. لا أدرى هل رمانى القدر فى طريقك لأكون السبب فى نهاية حياتك، أم أنه رماك فى طريقى لتزيد مِن عذابى وآلامى. لا أدرى بما أعزى به نفسى. يا ترى إن خرجت من هذا العالم هل سألتقى بك؟ يا لهذا العالم، ويا لهذه الدنيا، لحظات وانقطعت كل صلة لك بهذا العالم، أدعو الله أن تكون مِن أهلِ الجنة. أعلم بأنّك لن تكلمنى، أعلم أنّك لن تأتينى، لكنى أتمنى من كل قلبى أن تعود اللحظات ولو لساعة فقط، لدقائق، لثوانٍ قليلة، لأقول لك أن تنتبِه لطريقك، لأقول لك سامحنى، لأقول لك أحبك أخى وصديقى وإنى لن أنساك، وإنى وإنى وإنى إلى أن ترضى وتسامحنى. رحمك الله رحمة واسعة يا أغلى من كان فى الكون. لو كان أحد غيرك ربما ما حزنت بهذا القدر، دائماً تأتينى هواجسى، تأتى لتؤرق منامى، أحس أحياناً أننى مجرد جسد حاولت روحه الخروج لكنه يأبى أن يتركها تفارقه، متشبت بها رغم علمه أنّه لا نفع من ذلك، آمنت بالله الواحد الأحد. لعل الله أراد أن يفهِمنى بك أمراً به صلاح أمرى. أفتَقدك كثيراً صديقى، يا أَرق وأَنقى قلب عرفته، أنا أتألم بلا ألم، وأبكى بلا صوت، نار فى صدرى بلا لهب وقودها ذكرى، فتيلها لحظات أنهت حياة إنسان لم تكتمل فرحته فى هذهِ الدنيا، إنسان عاش للناس، فرح لَهم وواساهم وأَعان الكثيرين منهم، إنسان قلبه كريشة الطائر الأبيض.
كم أفتقدك، وكم أشعُر بالوحدة، كل من هم حولى ليس فيهم من يساوونك. عبارات عن فراق الموت أشعُر وكأنى فى أرض غريبة، أسرح للحظات أتأمل فيها الماضى، يوم كُنت تدخُل على وأنت مبتسم، اشتقت لأسمع منك الكلمات التى كنت تواسينى بها، اشتقت لأسمع منك تلك الكلمات التى كنت تشجعنى بها، يشهد الله أننى لم أرافق أحداً من قبلك له مثل ما فيك من سعة صدر وحسن خلق. رحلت من بينِ كل الملايين، وتركتنى وحدى أصارع أمواج المآسى، والله لا يمكن أن أنساك ولو بعد حين، ما دام الهوى يشمه بالعمر رأسى، ليتنى رحلت قبلك وعشت بعدى سنين، وترى كيف الفراق يسبب أحزانى. ها أنا اليوم بعد رحيلك أعلم أنّه لن أسمع أجراس الموت تدق فى شفتيك بعد اليوم، أعلم منذ احتضنك القبر تحت التراب وقفت كذاكرة تقف على شفير النسيان، أعلم ستمنحك أفواه المتملقين الواقفين على أرجل الخطيئة فى أرض انطلت عليها خدعة الحياة المقحلة نياشين السلام، والمحبة، والصدق، والطهر، والوفاء، سيقولون: عظيم اغتاله الموت فى غلس الشباب، الذكر يبقى زماناً بعد صاحبه، وصاحب الذكر تحت الأرض مدفون. مات الذى أحبه وسيموت غَيره الكثيرون، وسنموت نحن عن قريب أو بعيد، وننزل منازل كما نزلت، ونقف بين يدى الملك يوم الوعيد، وهذه سنة الله تعالى فى خلقه، أنه لا باقى سواه والكل سيرحل إلى الفناء. سألتُ الدار تخبرنى عن الأحباب ما فعلوا، فقالت لى أناخ القوم أياماً وقد رحلوا، فقلت فأين أطلبهم، وأى منازل نزلوا؟ فقالت بالقبور وقد لقوا والله ما فعلوا.