فاجعني وأتعب نفسيتي خبر إنتشر علي مواقع التواصل عن قيام تلميذ بالصف الخامس الإبتدائي بمدرسة في إحدي قري مركز زفتي بمحافظة الغربية، بسب مدرسته التي هي في سن جدته عدة مرات داخل وخارج المدرسة وسط تشجيع من أسرته وإصرارهم علي أن التلميذ الصغير من حقه أن يدافع عن نفسه وبمبدأ البلطجة الغريب المكتسب خلال السنوات الماضية منذ ثورة يناير والمستمد من المسخ الذي يشاهده الشباب الذين يربون اولادهم عن طريق مواقع الخراب الإجتماعي ونجوم السبوبة والباحثين عن التريند علي حساب كل وأي شيء والكلمة التي أسأل الله ان ينتقم ممن صدرها إلينا إلا وهي "ياخد حقه بإيده"، وطالما تكلمنا وناشدنا وطالبنا أولياء الأمور بضبط النفس في مثل هذه التصرفات والأفعال وتفعيل أدوار اصحاب العقول ومدربي التنمية البشرية بل ومدربي فن التعامل مع البشر وفنون ما يسمي بالإتكيت والحرص علي تعليم الكبير والصغير معني الحرية ومعني الوطن والمواطنة والإحترام المتبادل في وقت إختلط فيه الحابل بالنابل وظهر أسوأ ما في أخلاقنا وطفي علي السطح وأعتقد أننا وصلنا لزمن وصفه نبي الله محمد بزمن الرويبضة حين قال: "سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، أعتقد أننا قد وصلنا لهذا الزمن خاصة عندما أري من يبرر الوقاحة والسفالة وقلة التربية بحجة الحق والحرية وما شابه، لذلك ننتظر قرارات رادعة لأمثال هؤلاء وأعلم ان صديقي المهندس ناصر حسن وكيل وزارة التعليم بالغربية لن يترك هذه الواقعة تمر مرور الكرام، ونصيحتي لأولياء أمر هذا التلميذ ومن علي شاكلته ممن كبروا خلال تلك الحقبة الزمنية التي تلت 25 يناير وإكتسبوا أخلاقهم خلالها دون وعي وتوعية أن راجعوا أخلاقكم وتصرفاتكم فأنت تهدمون بيوتكم ومجتمعاتكم بأصراركم علي تصرفات أبعد ما تكون عنا نحن المصريين أصحاب الفضائل والأدب والأخلاق ومصدري الأصول والعراقة والحضارة للعالم اجمع.
لك ان تتخيل عزيزي القارئ موافقة أسرة طفل علي سبه لمعلمته أيًا كان السبب فأي أسرة تلك وأي تعليم ننتظره عندما يتم السكوت عن هذا بل تبرير البعض له متناسين أن المعلم هو ذاك الشخص الذى أرثى معالم الحضارة حاملًا رسالة مكافحة الإرهاب والعنصرية والتمييز، الشخص الذى يحتضن الإنسان منذ صغره إلى بلوغه ليغرس فيه معنى الخير والأمانة والثقة والحب والانتماء والنخوه وهو الشخص الذى لن توافيه الكلمات ولا الحروف مدى امتناننا له على ما قدمه ويقدمه للبشر وانا هنا اعني بالطبع هذا المعلم المؤمن برسالته الذي يتفاعل مع قضايا الناس والمجتمع ويتعايش معهم ومع معاناتهم ولا يغفل عنها عند القيام بواجبه الوظيفي وهو الذي يستطيع دمج فنه ومهارته وعلمه وتدريسه ويوجه طلابه إلى الاهتمام والتفاعل ولا يربط بين جهده وعطائه وبين ما يحصل عليه من مردود مادي ومعنوي، بل يسير نحو تحقيق هدفه الرسالي وتسخير كل طاقاته وإمكاناته لذلك.
وتعد رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات فالشعوب لا تنهض إلا بالعلم والمعرفة والمعلم المثقف الأمين العاشق لوطنه يكون اهم وسيلة لصنع المجتمع المتطور القوي الناهض فكريًا وإقتصاديًا وصناعيًا ذلك المجتمع القادر على حماية إنجازاته ومكتسباته ومصالحه الحيوية فرسالة المعلم ليست مقصورة على التعليم بل تعدت إلى دائرة التربية فالمعلم مرب أولاً والتعليم جزء من العملية التربوية ويومًا بعد يوم يتأكد هذا الدور في ظل هذه المتغيرات الزمنية العديدة وفي ظل تقنية المعلومات المتنوعة التي نشهدها هذه الأيام مما يفرض على المعلم أن يواكب عصره فكما أن له حقوق نعترف بها عليه أيضًا واجبات لابد منها فالإخلاص في العمل والولاء للمهنة والالتزام بها والاهتمام بنمو طلابه من جميع النواحي المختلفة وغرس القيم والاتجاهات السليمة من خلال التعليم فالمعلم هو القدوة الحسنة لطلابه في تصرفاته وسلوكه وانتمائه وإخلاصه وتوجيه الطلاب وإرشادهم وتقديم النصح لهم باستمرار.
أريد أن أُبرز وأُذكر -من خلال هذا المقال- دور صاحب هذة المهنة السامية في صنع الأجيال وبنائها بناءً نفسيًا وعلميًا وفكريًا سليمًا، لتتمكن هذه الأجيال من الارتقاء بأمتها وبوطنها إلى المستوى اللائق فتتمكن هذه الأجيال من بناء الوطن والمجتمع فمن منا ينكر أننا جميعًا من صنع يديه -بعد الله- ولذلك فإن رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات، وأمانة من أعظم وأثقل الأمانات لأن المعلم يتعامل مع النفس البشرية التي لا يعلم إلا الله بعد أعماقها واتساع آفاقها فالمعلم يحمل رسالة سامية يعد فيها جيلًا صالحًا مسلحًا بالعلم والمعرفة فرسالة المعلم يتشرف ويشرُف حاملها وعلينا ان ندرك تمام الإدراك أن ضمير المعلم اليقظ وإيمانه الصادق بعظم وعظيم رسالته هما مصدر الإلهام لمعرفة كل متطلبات المهنة التي شرفه الله بها وهي أمانة ورسالة سامية وهي مهنة ليست بالسهلة علي الإطلاق اذ تقف عليها اجيال ننتظر منها أن تكون أجيالًا تتربى على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة وواجبنا الوقوف مع هذه الرسالة وهذه المهنة السامية وعلينا دعم المعلم الذي يخلص في عمله لأبعد الحدود نحن كمواطنين واولياء امور أولًا فيجب علينا ان نُفهم ونربي اولادنا علي ان التعليم رسالة وليس مجرد مهنة وعلي الدولة سرعة إعادة النظر في رواتب أهم من يجسد ويُشكل شخصية شبابها علينا إعلاء قيمة المعلم فهو الأحق من جميع الوظائف مع إحترامنا للجميع فرسالة المعلم أهم لبنة في المنظومة التعليمية التي تحاول الدولة تطويرها وعليه مسئوليات جمة حتمتها عليه تنامي هيكلية التعليم وأتساع نطاقه من طرق تدريس ووسائل متنوعة ناتجة عن ثورة المعلومات، والانفجار المعرفي الهائل الذي يمخر المعلم أمواجه بهدف إيصال الطالب لمواكبة العصر وفي الدول المتقدمة تعليميًا نجد ان راتب المعلم من اكبر رواتب العاملين بالدولة بل ان هناك دول تمنح المعلم حصانة وصلاحيات في كافة نواحي الحياة.
وسيبقي المعلم ركنًا أساسيًا في عملية التخطيط والتنمية فان أرادنا ترسيخ دعائم الأمن فهو رجل الأمن الأول وأن أرادنا إصلاحًا اقتصاديًا فعلى يديه يتجدد ويتحدد النجاح أو الفشل وإن كان من الأولويات التنمية الدينية والخلقية والاخلاقية فمن خلال المعلم المربي لا من خلال الوعظ فقط بل القدوة الصالحة اهم من الكلام المرسل فمن اجل المعلم نقف تقديرًا واحترامًا لكل معلم أدرك رسالته وقام بها كما ينبغي، وأكرر المعلمين اصحاب مهنة سامية ورسالة كبيرة لا بد من الجميع ان يعى ذلك بما فيهم بعض المعلمين انفسهم ممن نسوا وتناسوا عظيم رسالتهم وراحوا يبحثون عن الدنيا في مهنة رسالتها تهدف الآخرة والجزاء من رب الدنيا والآخرة فمهنة التدريس رسالة وليست مجرد مصدر رزق او وظيفة فكرامة المعلم يجب أن تُصان لأن كرامته من كرامة الدولة وصيانهتا والحفاظ عليها من الجميع واجبة.