الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

لغة الأرقام تشير إلى وجود ازدياد فى أعداد المتقدمين للصف الأول الابتدائى بالأزهر بنسبة تقترب من ٣٠ وتحديدا زيادة ٤٤ ألف تلميذ ليصل إجمالى المقبولين إلى ٢٣٧ ألف تلميذ وتلميذة.. ليس هذا فقط بل شهدت أعداد طلبات التحويل من مدارس التعليم العام إلى الأزهر قفزة غير مسبوقة لتصل تقريبا إلى ٧٠ ألف طلب تحويل ولم يقبل منها إلا ٢٠ألفا بعد إجراء الاختبارات اللازمة وحرصا على عدم زيادة الكثافة بالأزهر والتي تدور حول ٥٠ طالبا بالفصل وربما أقل أحيانا.. وفى المقابل تقدمت أعداد أقل للغاية للتحويل العكسى أى من الأزهر إلى التعليم العام.

ولكى نفهم دلالة الأرقام وارتفاعها الكبير خلال السنوات الخمس الماضية علينا أن نعود بالذاكرة إلى الأرقام أيضا.. ومن خلال ما تابعته  منذ أقل من ١٠ سنوات، فإن عدد من سحبوا أوراقهم من الأزهر إلى التعليم العام وصل إلى ٨٦ ألف طالب….فماذا حدث إذن لكى تنقلب الأوضاع إلى العكس؟ بل ويرتفع عدد المقبولين بالابتدائى الأزهرى بما يقرب من من١٠٪ ممن هم فى عمر ٦ سنوات.

تعود أسباب التفضيل للتعليم الأزهرى لأن خريطة معاهده تنتشر بكثرة وبالتحديد فى النجوع والقرى بالريف والصعيد وأن عدد المبانى التعليمية فى ازدياد مستمر، يضاف إلى ذلك أن حالة العجز بالمدرسين مازالت محدودة بالأزهر ويتم حل مشكلة العجز بالانتداب من المعاهد الثانوية وبسعر مرتفع للحصة بـ ٥٠ جنيها بينما يشهد التعليم العام عجزا خطيرا فى أعداد المدرسين ووصل إلى ٣٠٪ من أعداد المدرسين بل ويشكو المعلمون الآن من تكدس جداولهم بحصص زيادة عن النصاب المقرر بالضعف أحيانا، وبعضهم يفكر جديا فى اللجوء إلى المعاش المبكر، ولا يمكن تفسير واقعة ضرب مدرس الدقهلية من تلميذ وولى أمره فى إطار غياب الأخلاق فقط وإنما أيضا لأنها عرض لمرض العمل بالتطوع شبه المجانى بالمدارس فهو غير معين وبلا راتب على مدى عامين فكان منطقيا أن يصبح بلا حقوق أو احترام؟

تضاف إلى ذلك حالة الاضطراب الشديد فى القرارات التعليمية وتغييرها والتجريب المستمر بالتعليم العام لاسيما فى السنوات الأخيرة فى مقابل ثبات القرارات فى المعاهد الأزهرية، مما أنتج حالة من القلق لدى أولياء الأمور خاصة أن التعليم الأزهرى يوفر لطلابه فرصة بالتعليم الجامعى بجامعة الأزهر ومعاهده مقابل انخفاض هذه الفرص بالتعليم الجامعى العام وتصبح ضعيفة للغاية لطلاب التعليم الفنى.

يضاف إلى ذلك أن التعليم الأزهرى شبه مجانى تماما لذلك أصبح ملاذا للفقراء والطبقة المتوسطة الدنيا، فالمصروفات السنوية للابتدائي تبلغ ٥٠ جنيها أى ٥جنيهات شهرية وترتفع إلى ٦٠ جنيها فى الإعدادي و٧٣ فى الثانوى مقابل ٣٠٠ بالابتدائى الحكومى العام و٥٠٠ بالثانوى ، ورغم دخول التعليم الخاص واللغات إلى الأزهر واقتراب المصروفات لبعضها من ٢٠ ألف جنيه سنويا ولكن مازال عددها محدودا ومتروكاً أمر إنشائها إلى القطاع الخاص فقط، بينما وزارة التعليم تنشئ بنفسها مدارس حكومية بمصروفات وتتعدى فى أقلها ١٠ آلاف جنيه ويتجاوز بعضها ٣٠ألف جنيه بحجة أن الشهادة دولية.

وذكر زميل لى أنه تقدم بطلب تحويل لابنته الصغيرة من العام للأزهر خوفا من التغيير المستمر للقرارات ولارتفاع تكلفة الدراسة واستخدام النت وكذلك أسعار المجموعات أو الدرس الخصوصي والدفع وبالحصة وليس بالشهر مثل أخيها بالتعليم الأزهرى، مما يؤدى إلى تقليل فرصها مستقبلا للالتحاق بالجامعة بينما فرصها شبه مؤكدة للالتحاق بجامعة الأزهر ومعاهده. وأضاف أن الأزهر قد طور مناهجه فى السنوات الأخيرة وحذف الكثير من الحشو ودروس التراث.

تقول أوراق التاريخ إن التعليم الدينى والأزهري قد شهد مراحل من الصعود والهبوط خلال القرن الماضى، فبينما انخفض عدد طلابه قليلا بعد قرارات مجانية التعليم قبل ثورة يوليو، ولكنها عادت للارتفاع أيضا مرة أخرى عقب قرار الرئيس عبد الناصر بتحويل جامعة الأزهر لتصبح جامعة عامة شاملة تدرس الطب والهندسة والعلوم واللغات، بعدما كانت مقصورة على دراسة العلوم الدينية والشرعية، ثم ارتفعت الأعداد أكثر منذ السبعينيات ولكنها عادت وشهدت انخفاضًا قبيل عقد من الزمن ولكنها الآن تشهد صعودا متدرجا وكبيرا فى السنوات الخمس الأخيرة طبقا لأرقام الجهاز المركزى للإحصاء.

‎نحتاج لنظرة أكثر عمقا وشمولية للتعليم بأكمله بما فيه التعليم الأزهرى فرغم جهود التطوير الكبيرة به مازال يتصف بأنه يتجدد وفى الأغلب من داخله، بمعنى أن أولوية التعيين للعمل به تتاح لخريجى الأزهر، فيعيد إنتاج نفسه… إن تعدد الأنماط فى التعليم وتحديدا للأغلبية العظمى من الشعب لا تجعل من التعليم بابا للترقى والحراك والصعود الاجتماعى بل أصبح بابا للتحايل للحصول عليه وليس الحق فى التعليم ذاته.

تم نسخ الرابط