الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

 

 

عندما تنتشر الظواهر الغبية والخزعبلية والمتخلفة، في مجتمع فإعلم أن هذا المجتمع تم تجهيله وتجريفه وتفريغه من العلم والفكر فالإنسان الجاهل ضعيف، يسهل تخويفه والضحك عليه واقتياده كما تساق الأنعام، بل ويُصبح عرضة لاي مؤثر مهما بدي ضعيفًا وغير مؤثر، وهي حقيقة لا ينكرها إلا مغيب أو منتفع.

 

 طفت خلال الأيام الماضية بل خلال السنوات الماضية بمناسبة العام الجديد إستضافة برامج التوك شو لمنجمين ومتوقعين ودجالين من أجل التنبؤ وإخبارنا بما سيحدث في العام الجديد وكأنهم والعياذ بالله يعرفون الغيب من دونه سبحانه ورغم أن بعض هذه الأمور كانت موروثات خاطئة تناقلتها الأجيال دون مراجعة او تدقيق إلا أنه آن الأوان أن نتوقف عن تشيجع ممارسة أعمال السحر والدجل بل ومازاد الطين بلة ذاك الدجل الجديد الوارد إلينا من الخارج وكأننا المجال والمناخ الخصب لأي خزعبلات وهي تلك الألعاب الي تم تصديرها إلينا ألا وهي الألعاب الضارة والتي منها (الحوت الأزرق – اتشارلى – وتحدى كتم الأنفاس -وبيتتر سبرايز والعديد من الألعاب الأخرى التي تهتم بعالم الأرواح والجن)، ما هي إلا تشجيع واستفزاز لعقول وفكر أبناءنا محاولة منهم لاستكشاف حقيقة هذه الألعاب، وهو دجل ليس ببعيد عن دجاليين الوطن العربي المنتشرين ولكن هؤلاء نجحوا في الوصول لأطفالنا داخل غرف نومهم، والنتيجة واحدة تفيريغ العقول والقلوب ومسخ الشخصية وربما الوصول للموت بأيدينا وبإصرار مقيت.

 

وبكل أسف نحن من نعطي أطفالنا جهاز المحمول أو جهاز الكمبيوتر على الألعاب لإبعادهم عنّا حتى نستطيع قضاء أشغالنا، ولكن فى هذا السن الصغير يعتاد عليها الطفل ويتأثر بها، خاصة الحركات والأصوات المصاحبة لهذه الألعاب، فهي تؤثر على عقله وجميع حواسه وتجعل منه هدفًا سهل السيطرة عليه، كما أن هذه الألعاب تعتبر من حروب الجيل الرابع التي تستهدف الشباب وتدفعه للإلحاد والكفر بكل وأي شئ حتي عادتنا وتقاليدنا فتجد الشاب وقد تغير سلوكه وأقبل علي ما يشبه بعبادة الأصنام وكأننا عودنا إلي زمن كفار الجاهلية الاولي حين غرقوا في الضلالة والخرافات التي كانت قد سيطرت على عقولهم وقلوبهم وجوارحهم لفترات ليست بالقصيرة، وجاءت الشرائع السماوية وخاصة الشريعة الإسلامية لتمحو كل تلك الصور المنحرفة لتؤكد على منهجية الإسلام المبنية على التوحيد الخالص لله تعالى، وترك كل صور الإشراك بالله، والخرافة التي لا أصل لها ولا حقيقة، والشعوذة التي مدارها اللعب بعقول الناس والتغرير بهم.

 

نشأنا علي الإعتقاد أن السحر موجود نقره ونعترف به ومذكور في القرآن ولكنه من أكبر الكبائر التي حرمها الله وتوعد فاعلها بالعقوبة الشديدة، ومن صور السحر والشعوذة هؤلاء الذين يأتيهم الناس من العرافين والمشعوذين من أجل معرفة الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله، أو من أجل الإضرار بالغير -والعياذ بالله- بعمل الأحجبة أو المكائد، أو الاعتقاد أن هؤلاء المشعوذين والعرافين يمكن أن يبطلوا عمل السحر الذي لا يبطل إلاّ بالوسائل الشرعية كقراءة القرآن الكريم وترديد الأذكار والإعتماد فقط وأبدًا علي الله ليس إلا، والساحر هو كافر هالك لا محالة، نعم نحن المسلمين والمصريين نعترف بالسحر وبشره ونؤمن به حسب نص الكتب السماوية ولكن إيماننا الأقوي بقدرة الله علي الشفاء من كل داء وبأن النجاة من اي شر بيد الله وبإتباع شريعته وحسب نص كتابه الحكيم او السنة المُطهرة، وأن الله هو صاحب القدرة المُطلقة التي بلا حدود وصاحب الغيب وحده لا شريك له ولا يُطلع عليه أحدًا.

 

وفي نفس الإطار والمنهج الشبيه نجد زيارة الأضرحة والأولياء للتبرك والتقرب إلي الله، بحمولة ثقافية متخلفة منافية لما جاء به الدين الإسلامي لهي أم المهازل التي تعيشها مجتمعاتنا في هذه الأيام، فالطقوس والسلوكات والتعاويذ والأقوال التي تمارس داخل هذه الأمكنة ما أنزل الله بها من سلطان ولا يمكن لأي عقل يتبنى العقلانية والمنطق أن يؤمن بنتائجها وحتى دوافعها، فماذا يمكن لهالك قد ووري التراب منذ مئات السنين أن يقدمه لأحياء ضعفاء يشكون الفقر والحاجة ؟! وهل حقق لنفسه هو شيئا في الدنيا قبل مماته ليحققه للآخرين؟ !، والمضحك المبكي في هذا الأمر، أننا نجد الكثير من مرتادي هذه الأماكن هم من النخب السياسية والثقافية، في تقليد لطقوس البوذيين والهندوسيين والماويين وغيرهم ممن يعبدون غير الله.  

 

وهذا الجانب وذاك هو نفس القبح الفكري والثقافي الذي أحيانًا تجدنا غارقين فيه فتجد أحد الرجال ممن اعطوه لقب "شيخ" واطلقوا عليه "مبروك" يمنح البركة من عند الله والعجيب أيضًا انك ترى خلف هذا الشخص مئات المريدين (من بينهم رجال دين ومدعين علم بكل أسف) في حفلات ومناسبات كثيرة، تجدهم يهرولون لتقبيل يده والتمساح به، في مشهد مُخجل ومهين لكل من لديه ذرة إيمان او انتماء لديننا الإسلامي العظيم، ولهذا انساق البسطاء من أهلنا خلف هذا الجهل، آخرهم هذا الشخص الذي اسمي نفسه العارف بالله، وظهر له اتباع ومريدين يقبلون يده ورأسه، وأصدر هو تعليمات وتشريعات وكأنه يمتلك الدين الجديد وفسر القرآن حسب هواه ورؤيته مدعيًا نورانيته، واتبعه بعضًا من المُجهلين نسأل الله لهم السلامة والعودة عقب إيداعه المكان الذي يستحقه، فمن هذا الشخص او هؤلاء الأشخاص.

 

ناهيك عن استمرار اعمال الزار والمندل والتمائم وماشابه من خرافات آن الأوان ان تنتهي ففي أي زمن نحن ألسنا في القرن الواحد والعشرين؟!، وفي مصرنا الغالية بلد العلم والعلماء؟!، وكيف نتقدم ويحترمنا العالم ونحن نصنع ونغذي ونكرس الجهل؟!.

 

وبكل اسف حين تكون الثقافة متوغلة في متاهات التخلف، فهي شديدة التمسك بذاتها والإلتفاف حول نفسها، معتقدة أنها الثقافة الوحيدة التي تحمل الحقيقة، متجاهلة كل الثقافات التي لا تتوافق معها، وما تتصف به من خصائص، لذلك يقع ممثلوها في عمى وجهل متوارث، ولا يكترثون إلى أي تغيير فكري، أو ظهور تيار يسهم في حركة المجتمع ثقافيًا واجتماعيًا وفكريًا، لهذا تكون العتمة والظلام مسيطرًا على هذه الفئة ومن خلفه هذا المجتمع، وما يؤلم أن يتبع الأطفال والنشئ نوع جديد من الدجل يمكنا تسميته الدجل الإلكتروني جاء من بعيد ليدمر ما نحاول مقاومته من سنين ونحن السبب الأول حين تركناهم لتطبيقات  ومواقع وبرامج دون رقابة ومراجعة وعلينا سريعًا مراجعة ما يتعامل معه الأطفال واللعب معهم وتقديم الألعاب المشتركة التي تزيد من قدرتهم اللغوية والرياضية والفكرية ووضع البدائل والحلول المفيدة.

 

عزيزي القارئ قضية مصر الأولى، بعد ثورات عشنا فيها أعظم حلم هي: إستعادة الإنسان المصري المتعلم المثقف الواعي القادر علي العمل والإنتاج ولفظ الجهل والتكاسل والإعتمادية والعودة كالأجداد الأوائل لقيادة العالم وتثقيفه من جديد، ولكننا نري جهل يُضاف للجهل الذي نعيشه ونمقته ليُصبح هناك جهل قدبم وجهل حديث وكلاهما يريد القتل…. ويبقي الجهل هو عدونا الأول فإقتلوه.

تم نسخ الرابط