الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

تعددت أشكال الخيانة في حياتنا وظهرت بشكل يدعو للزعر علي مستقبل الأسر والأوطان والأديان فتجد الخيانة جلية ولكنها متخفية تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان وبحجة التحضر والتمدن ومجاراة العصر أو الظروف الإقتصادية الطاحنة التي أجبرت الساقط في هذا البئر السحيق للوقوع فيه، وشجعت ومكنت لهذه الصفة تلك الأفكار التي نستوردها من الخارج دون فهم ونطبقها دون وعي فنقتل ضمائرنا بحجة أن سبقنا إليها الكثرين ونحن لن نكون الأول أو الأخير، وتجمع الخيانة كل معاني السوء فهي الخلق الذميم والصفة السيئة التي حذرت منها الأديان وهي عَكس الأمانة التي أوصت بها كل الأيان والأعراف والقيم والمثل فالخيانة هي نقصان الوَفاء وتفريط في حقوق الغير ماديَّة كانت أو معنوية أو تبديدها أو إفشاؤها وإذاعتها وهو أمر بشع مذموم في شريعة الله وتنكرها الفطرة وتلفظها الطبيعة السوية، وهي نقض لكل ميثاق أو عقد بين إنسان وخالقه أو إنسان وآخر أو بين الفرد والجماعة، وجاء قول الله تعالى فاصلًا حين قالها رب العزة صريحة "إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ"، وكذلك "وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ"، والخيانةَ كبيرة من كبائر الذنوب وقد قال النَّبي الكريم "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"، والخيانة متى ظهرت في قوم فقد آذنت عليهم بالخراب فلا يأمن أحد أحدًا، ويحذر كلُ أحد من الآخر فلا يأمن الصديق صديقه ولا الزوج زوجه، ولا الأب ولده وينقطع المعروف فيما بين الناس مخافة الغدر والخيانة، والخيانة من سمات النفاق فالخائن بالضرورة منافق وإلا فكيف سيُخفي خيانته إلا بالنفاق؟! ، وأشد الناس فضيحة يوم القيامة هم الخائنون والخيانة مرفوضة ومذمومة حتى مع الكفار والخونة، ولقد قال النبي “أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ”، موضحًا أنه لا مبرر مهما كان الوضع والشخص للخيانة.

 

وللخيانة في حياتنا صور متعددة وأشكال كثيرة فلا يقتصر معنى الخيانة على خيانة بين الجنس والجنس الآخر كالزوجين والحبيبين وماشابه ولكن هناك أنواع عَديدة من الخيانات يقَع فيها الناس أحيانًا إستهانة بأمرها وأحيانًا أخري جهلًا بها وهم لا يُدركون أنَّها من أبشَع أنواع الخيانة كخيانة الله ورسولِه من خلال تعدِّي الحدود وتعطيلِ الفرائض وانتهاك الحرمات  وخيانة العقيدة بحجة الوسطية وقال العلم الفلاني والشيخ العلاني، وتعطيل فرائض الله أو تعدي حدوده أو انتهاك محارمه وأنت مؤمن بها هو خيانة لله وعدم تطبيق الشرع والشريعة في أهلك خيانة وتبقي أحد أحط الأنواع أن يكون الفرد مطية لأعداء الله والوطن في تنفيذ مخططاتهم وما فيها من دمار للبلاد والعباد أو دليلاً لهم على مشاكلها وعيوبها وتأجيجها وأشر الخيانة هي خيانة الوطن بموالاة أعداء الله تعالى ومداهنتهم والميل والركون إليهم. 

وأعود وأكرر أن الخيانة لا تقتصر علي الخيانة الزوجية أو بين الحبيبين فهناك خيانة الودائع والديون بعدم ردِّها أو بإتلافها أو بالمماطلة في أدائها، وخيانة تضييع الأهل عن طريق إهمالهم وعدم تعهدهم بالتربية والنصح والإرشاد وتضييع الزوجة والأولاد فتجد الخائن لأمانة أهله لا يؤدبهم ولا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر، ناهيك عن خيانة الأعراض وإفشاء الأسرار الزوجية، وخيانة المجالس وإفشاء أسرارها، وقد فردنا لها مقالًا من قبل تحت عنوان “إياكم وخيانة المجالس”، وهناك ما اريد أن أركز عليه اكثر في مقالي هذا خاصة في ظل الظروف الإقتصادية العالمية وإنخفاض مستوي الدخل للفرد وإرتفاع الأسعار وهي الخيانة في البيع والشراء والكسب غير المشروع بأيِّ وسيلة كانت برفع أسعار سلع رغم عدم زيادتها والتحجج بأن الأسعار قد إرتفعت وأن شرائه من المصادر في المرة القادمة سيكون بسعر أعلي فيرفع سعر بضاعته من الآن دون وعي وعلم وتيقن من خبرات سابقة أن التجارة قد تخونك فإن لم تحسن فى تجارتك وتتصدق منها بالحلال فانها خادعة قد تعطيك فى ما يغريك ولكن بلا فائده لان الحرام لا يدوم وهذه أحد صور الخيانة المقترنة بالجشع فالمتمسك بدينه المحب لوطنه بحق يحرص على الحلال في مطعمه ومشربه فلا غش ولا خداع ولا كذب من أجل مكسب حرام ذائل وسخط الناس ومن قبله غضب وسخط الله في الدنيا والآخرة.

 

وهناك خيانة جامعة شاملة تعد أصعب وأبشع وأشمل انواع الخيانة ألا وهو خيانة المرء لنفسه عندما يُعدم ويعدم ضميره أمام كل شىء فموت الضمير يعنى موت كل الأخلاقيات والفضائل وإنتحار الانسانية التي بداخلنا فإزهاق وكتم صوت الضمير هو إزهاق لكل المعاني الإيجابية بأرواحنا وينتج عن موت الضمير غياب أول من يقام النفس البشرية من ان تخون دينها ونفسها ووطنها ومجتمعها وأسرها وكل ما يتعلق بنواحي الحياة فالضمير اليقظ يفرض علي صاحبه أن لا يخون ولايكذب ولذلك علينا مراعاة ضمائرنا فى كل أمورنا المختلفة صغيرها وكبيرها لأن بموت الضمير يصبح داخل الإنسان وبين جنبيه عدو خائن لصاحبه قد ييسر ويهون لك أمور الدنيا ويسهلها عليك ولكن للٱسف سرعان ما يخونك فى ميزان حسناتك ويتخلي فى الاخرة، فأبواب الخيانة مُتعددة ومداخلها مُتشعبة وعلى كلِّ عاقل أن يحترز لنفسه حتى لا يورِدها المهالك والخيانة لا تتجزأ فهي صفة مَذمومة ومشؤومة بكل المقاييس والأحوال ولكن تخف حدتها حسب ما هو مترتب عليها ولفَداحة هذه الآفة وشناعتها وبشاعتها توارثَت الأجيال أقوالًا وحِكمًا وأمثالًا للتَّحذير منها ومن مغبة الوقوع فيها أو التلطخ بأوحالها، وتبقي الخيانة هي عدو الضمير الحي فإذا ظل حيًا غابت كل أشكال الخيانة عن الفرد وإن قتلته عمت الخيانة كل تصرفاته فإحرصوا علي بقاء ضمائركم علي قيد الحياة.

تم نسخ الرابط