محمود الشويخ يكتب:«عادت سيناء»..يوم الانتصار على الإرهاب فى أرض الفيروز.
- لماذا شهد الرئيس "اصطفاف" معدات تنمية سيناء؟.. وما الرسالة الموجهة لأهل الشر؟
- ماذا جرى فى معركة يوم القيامة على أرض الفيروز؟.. وأسرار تدمير أوكار الدواعش وأبناء المرشد.
- تفاصيل الجولة الأخيرة من الحرب المقدسة.. وخطة القضاء على ما تبقى من العبوات الناسفة.
- شفرة الـ٦١٠ مليارات جنيه مصرى لتحقيق تنمية شاملة وغير مسبوقة فى سيناء.
كان يوما تاريخيا بامتياز.. ما قبله ليس مثل ما بعده.. فلم يكن تفقد الرئيس عبدالفتاح السيسى اصطفاف المعدات المشاركة فى تنفيذ خطة الدولة لتنمية وإعمار سيناء، فى محافظة الإسماعيلية، خلال الأسبوع الجارى - مجرد حدث عابر فى دفتر الوطن.
إنه إعلان لمرحلة جديدة عنوانها "الانتصار على الإرهاب"؛ الإرهاب الذى سعى قبل ٨ سنوات لإسقاط الدولة المصرية وكاد يفعل لولا بسالة رجال القوات المسلحة والشرطة ودعم أهالى سيناء الشرفاء.
فقبل سنوات، وفى نفس المكان بالضبط، كان الرئيس حاضرا لكن ليشهد اصطفاف القوات العسكرية المشاركة فى عملية حق الشهيد للقضاء على الإرهاب فى سيناء.
وها هو يعود إلى نفس المكان ليفى بالعهد والوعد بإعلان مصر خالية من الإرهاب.
لقد كان هذا الحدث بمثابة شهادة وفاة لجماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها من أهل الشر والدواعش.. وكان أيضا تأكيدا على صدق الشعار الذى رفعته مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ألا وهو "يد تبنى ويد تحمل السلاح".
وإذا كنا نحتفل بهذا النصر.. فإننا يجب أن نقف لنتذكر رجالا ضحوا بحياتهم من أجل أن نصل إلى هذا اليوم.
ولا أبالغ إذا قلت "لولاهم ما كنا هنا".
فبتضحياتهم انتصرنا على الإرهاب وأهله.. وبدمائهم فتحنا الطريق نحو التنمية.
تلك التنمية التى تستحق أن توصف بحق بأنها عبور ثانٍ؛ فإذا كان العبور الأول بعد حرب أكتوبر المجيدة ١٩٧٣ بغرض تحرير الأرض، فإن العبور الجديد هو بغرض التنمية الشاملة.
وليس فى ذلك "بيع للكلام" أو "رفع للشعارات" بل هو توصيف لما جرى على أرض الفيروز؛ فلقد صنعت مصر معجزة بحق حين سارت التنمية جنبا إلى جنب مع الحرب على الإرهاب.. حتى إن حجم الاستثمارات المنفذة والجارى تنفيذها فى مشروعات التنمية داخل شبه جزيرة سيناء بلغ نحو ٦١٠ مليارات جنيه مصرى.
ومن هنا فإننى أود أيضا أن أتوجه بتحية خالصة لرجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الذين قدموا - ولا يزالون - ملحمة أسطورية فى التنمية.
تلك التنمية التى انطلقت الرؤية الثاقبة التى انتهجتها الدولة معتمدة على الربط الكامل بين غرب قناة السويس وشرق قناة السويس أو إقليم سيناء، وذلك من خلال رؤية متكاملة للربط بين مجموعة محاور تعتبر شرايين التنمية التى تربط من أقصى شرق مصر إلى أقصى غربها، مرورًا بمجموعة من الأنفاق والكبارى التى أصبحت بمثابة الروابط لعملية التنمية.
ففى الربط البرى، نجد أن لدينا ٥ أنفاق تحت قناة السويس، أضيفت للنفق الوحيد الذى كان متواجدًا وهو نفق الشهيد أحمد حمدى فى السويس، ليصبح اليوم لدينا ٦ أنفاق، كما يوجد لدينا ٧ كبارى عائمة، فضلًا عن مجموعة هائلة من شبكات الطرق التى تمت تنميتها فى سيناء، وتتجاوز ٣ آلاف كم من الطرق.
وقد اختارت الدولة أن يتم تنفيذ الأنفاق التى تصل سيناء بسواعد أبنائها فى زمن قياسى بالتوازى، ما يعد إعجازًا هندسيًا، بدلًا من انتظار الشركات العالمية التى وضعت رؤية للتنفيذ خلال ١٥ عامًا على الأقل بالتتابع.
ومن هنا أصبح لدى الدولة اليوم، بالإضافة إلى النفق القديم (نفق الشهيد أحمد حمدى)، ٥ أنفاق بتكلفة بلغت ٣٥ مليار جنيه، ولو تم حسابها وفقًا للتكلفة المتوقعة اليوم سيصل هذا الرقم إلى ٤ أضعاف.
وتتمثل قدرة هذه الأنفاق فى ربط الحركة بصورة كبيرة على مدار ٢٤ ساعة، فأصبحت الحركة لا تتجاوز ٢٠ دقيقة من وإلى سيناء، سواء من الشرق إلى الغرب أو العكس.
والأهم أنها ليست مجرد أنفاق، ولكنها شبكة طرق تربط أقصى غرب الجمهورية من مطروح والسلوم، فلدينا القدرة حاليًا على الوصول إلى كل أنحاء سيناء والعكس من خلال تلك الأنفاق.
وبمقارنة بسيطة بين حجم الطرق فى سيناء قبل ٢٠١٤، التى نفذتها الدولة المصرية على مدار ٢٠ عامًا، وبين ما تم تنفيذه خلال السنوات التسع الماضية - نجد أن شبكة الطرق فى الفترة قبل عام ٢٠١٤ بلغت ٦٧٤ كيلومترًا، لكنها فى الفترة بعد ٢٠١٤ حتى عام ٢٠٢٢ أصبحت ٣ آلاف كم، أى أكثر من خمسة أضعاف حجمها فى فترة زمنية قصيرة.
هذا بجانب التفكير فى ربط سيناء بالعالم، من خلال ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس، والموانئ البحرية والجافة التى تمت تنميتها، والمطارات التى تشهد طفرة هائلة فى سيناء؛ فكل المطارات فى سيناء تمت تنميتها، بداية من تطوير مطار «البردويل» الدولى الذى يخدم شمال سيناء، ومطار «شرم الشيخ» الذى حدثت فيه طفرة هائلة مع تزامن استضافة مؤتمر المناخ «كوب ٢٧»، ومطارى «طابا» و«الطور».
أما آخر مطار سيتم تطويره والانتهاء منه هذا العام فهو مطار «سانت كاترين».
وقد تسأل عن الموانئ البحرية والجافة، وأقول: "لدينا ٥ موانئ بحرية وجافة تم تنفيذها وتطويرها بتكلفة تجاوزت ٤٤ مليار جنيه، وهى ميناء شرق بورسعيد البحرى، وميناء العريش، وميناء القنطرة شرق البرى، وميناء نويبع البحرى، وميناء طابا البرى".. فضلا عن ميناء «نويبع» البحرى، الذى تمت تنميته وتطويره بتكلفة ٣٥٠ مليون جنيه، علاوة على ميناء «العريش»، الذى وجه الرئيس السيسى بتحويله إلى ميناء محورى فى البحر المتوسط، بتكلفة تتجاوز ٤ مليارات جنيه.
وقد يسأل المغرضون: ماذا استفاد المواطن؟!
والإجابة أن المشروعات شكلت كل القطاعات؛ بداية من قطاع مياه الشرب، الذى شهد تنفيذ ٥٢ مشروعًا بتكلفة تجاوزت ١٥ مليار جنيه، ما نتج عنه الوصول بنسبة تغطية مياه الشرب فى سيناء من ٨٤٪ فى عام ٢٠١٥ إلى ٩٨٪، علمًا بأن الـ٢٪ الباقية هى فقط التجمعات البدوية التى تكون منعزلة ويكون لها أسلوب آخر فى تغطية المياه غير الشبكات.
ولمن لا يعلم فإن سيناء تتميز بأن بها أكبر عدد من محطات التحلية التى نفذتها الدولة من حيث العدد والحجم، حيث يوجد بها ١٢ محطة تحلية، سواء جديدة أو توسعات، بطاقة وصلت إلى أكثر من نصف مليون متر مكعب فى اليوم.
وفى مجال الصرف الصحى، تم تنفيذ ٢٠ مشروعًا بتكلفة تتجاوز ٤ مليارات جنيه، حتى يتم الوصول إلى ضعف عملية التغطية من ١٧٪ إلى حوالى ٤٠٪ فى هذه الفترة الوجيزة من مشروعات الصرف الصحى التى نفذتها الدولة، سواء فى العريش أو الطور أو رفح الجديدة.
أما فى مجال الكهرباء، فتمت إضافة ٤٢٠ ميجاوات من قدرات الكهرباء الموجودة، و«الأهم هو تطوير كل الشبكات والمحولات الموجودة، وبالتالى أصبح لدينا استقرار تام للشبكة والتيار الكهربائى، الذى يعد أحد أهم مقومات التنمية لأى مشروعات تنموية فى سيناء».
فضلا عن أن الاستثمارات فى مجال البترول واكتشافات حقول الغاز بلغت ما يقرب من ١٨ مليار جنيه، وتنفذها الدولة لزيادة الطاقة فى حقول الغاز بشمال سيناء.
وإذا كنا نتحدث عن التنمية الحقيقية فيجب ربطها بإنشاء مستقرات للأهالى الموجودين فى سيناء لتناسب الزيادة السكانية.
لذا فإن خريطة التجمعات التى تعمل عليها الدولة تضم ١٧ تجمعًا تنمويًا متكاملًا لأهالى سيناء، تخدم الطبيعة الثقافية للأهالى، بتكلفة ٦ مليارات جنيه، بحيث يكون التجمع متكاملًا فى السكن والعمل والزراعة والاستصلاح، ومتوفرًا به جميع الخدمات، ولكن فى سبيل زيادة نسبة التحضر فى سيناء، كان اهتمام الدولة فى التوسع بمشروعات الإسكان وإنشاء المدن الجديدة.
وفى إطار تطوير المناطق العشوائية، يتم تطوير منطقة «الرويسات» جنوب سيناء، التى تعد سكنًا بديلًا لإنشاء مدينة متكاملة للأهالى، لتصبح منطقة مختلفة ونقلة نوعية لهم هناك.
بجانب أن نصيب سيناء من مدن الجيل الرابع والتطوير بلغ ٤ مدن جديدة، تستوعب، حتى اليوم، ٥٠ ألف وحدة سكنية، بتكلفة بلغت ١٨ مليار جنيه، وهى قادرة فى مراحلها الأولى على استيعاب ١.٥ مليون نسمة، ومن المقرر فى المرحلة المقبلة العمل فى مدينة «بئر العبد الجديدة».
وبشأن الخدمات التعليمية، فقد تم إنشاء وتطوير ١٥١ مدرسة تعليم أساسى فى سيناء؛ بحيث أصبحت تخدم أكثر من ١٦٨ ألف طالب، وأصبح متوسط عدد الطلاب فى الفصل لا يتجاوز ٢٩ طالبًا؛ فضلا عن الطفرة الكبيرة التى حدثت فى التعليم الجامعى بسيناء، فلم يكن هناك سوى جامعتين فقط قبل عام ٢٠١٤، هما «سيناء الخاصة»، وفرع جامعة «قناة السويس»، إلا أن عدد الجامعات حاليًا وصل إلى ٨ جامعات «٣ حكومية وتكنولوجية، و٥ أهلية».
وقد أنشأت الدولة المصرية وطورت ٥٠ مستشفى ومركزًا، بتكلفة تجاوزت ٤ مليارات جنيه، فى فترة وجيزة، وهناك ١٢ مستشفى بالكامل، بالإضافة إلى ٣٨ مركزًا ووحدة طبية، تقدم أرقى ما وصل إليه العلم.
كما حرصت الدولة على زيادة منافذ التموين والمخابز البلدية والمطاحن، لتصبح موجودة فى كل مكان بسيناء، وكذلك اهتمت بتطوير قصور الثقافة والمدن الشبابية ومراكز الشباب فى كل مكان.
ولكى نحقق تنمية حقيقية ونستفيد من إمكانيات سيناء، تم التركيز على ٣ محاور رئيسية، هى الزراعة واستصلاح الأراضى، والتنمية الصناعية، والتنمية السياحية.
فقد وضعت الدولة رؤية لإضافة ٤٥٠ ألف فدان إلى الرقعة الزراعية فى سيناء، كما أنشأت ٥ مناطق صناعية جديدة، بالإضافة إلى تواصل التنمية السياحية.. وهو ما يعد «معجزة بكل المقاييس»، فنحن «لدينا مشروعان من أكبر المشروعات التى تم تنفيذها على مستوى العالم فى سيناء؛ وهدفهما ضخ المياه لاستصلاح وزيادة الرقعة الزراعية».
ويكفى أن نعلم أن كل الأراضى الموجودة قبل عام ٢٠١٤ كانت ٢٢٤ ألف فدان، وستتجاوز مع التنفيذ الذى يحدث على الأرض ٦٧٥ ألف فدان.
ومن أهم المشروعات فى هذا السياق محطة معالجة «بحر البقر»، التى تضخ ٦ ملايين متر مكعب من المياه إلى سيناء، لخدمة زراعة ٤٠٠ ألف فدان جديدة، علاوة على مشروع مياه «مصرف المحسمة» بطاقة مليون متر مكعب، والذى تم تنفيذه لزراعة ٥٠ ألف فدان جديدة، فضلًا عن استكمال البنية الأساسية بالكامل لمآخذ مياه الرى فى ترعة «الشيخ جابر» لاستكمال استصلاح ٩٠ ألف فدان الموجودة فى مناطق رابعة وبئر العبد.
ثم إن هناك ٥ مناطق صناعية أنشئت على حوالى ٨٣ ألف فدان فى بئر العبد والمنطقة الحرفية بالمساعيد بوسط سيناء أبوزنيمة والقنطرة شرق، إلى جانب المشروعات الكبيرة التى تنشأ فى منطقة شرق بورسعيد ومصانع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، مثل مصانع الرخام فى جفجافة، هناك مصانع للأسمنت يتم تطويرها وزيادة كفاءتها، علاوة على استعراض المنطقة الصناعية الموجودة فى بورسعيد قبل تنميتها وبعدها.
كان هذا كله جانبا مما يجرى على أرض الفيروز.. وهو جهد يستحق أن نشكر كل القائمين عليه.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.