رحل عن دنيانا الفانية الإبن الغالي فقيد الشباب فتحي نجل الأخ والصديق محمد فوزي فودة، بمدينة زفتي بمحافظة الغربية، وتعرفت علي صديقي العزيز وأخي الأكبر ونسيبي محمد فوزي فودة رئيس مجلس إدارة مركز شباب زفتي، من خلال صداقته بأخوتي الكبار ومن خلال أقاريه من ناحية الراحلة الغالية والدته وتوطدت العلاقة من خلال الحقل الرياضي من خلال تواجده داخل مركز شباب زفتي ما بين عضو جمعية عمومية حتي أصبح بمجلس الإدارة ثم رئيسًا له وأحد أطول مدد رؤساء مجلس إداراة الهئيات الرياضية في مصر، وزادت العلاقة عندنا تزوجت من زوجتي وأم أبنائي -خير متاع الدنيا "الزوجة الصالح"- وهي أبنة خاله المرحوم حمدي الزفتاوي، ليكون أبو فوزي أحد أقرب الأصدقاء من قلبي وهو يستحق أن يكون فهو الوفي النقي صاحب صاحبه الذي يتشرف من يعرفه وهما اختلفت أو أتفقت معه فلن تختلف علي كونه راجل جدع وأبن أصول، وكي أحكي مواقفي معه ومزاقفه معي أحتاج لعدة مقالات يستحقها عن جدارة ولكني أكتفي بوصفه الذي ذكرته وهو يستحق الأفضل بكثير.
وفي منتصف التسعينات ومع وصول أبو فوزي لرئاسة مركز شباب زفتي إستعان بي لأكون فريق لكرة السرعة وكنت وقتها أحد أبطال مصر ولاعب ضمن صفوف المنتخب المصري وألعب للنادي الإسماعيلي منتقلًا من نادي ميت غمر، وبالفعل كونت الفريق وكانت تجربتي الأولي كمدرب ووقتها ودعمًا منه لي أحضر لي أبنائه الثلاث وقتها - قبل مولد أمينة وأسماء- ليتعلموا اللعبة هم فوزي وفتحي وشقيقهم الأصغر أحمد، لتبدأ علاقتي بهم منذ هذا الحين، وتتوطد العلاقة بعلاقة النسب فـ محمد فوزي يجمع الأحباب دائمًا، وهم شباب لا خلاف علي أحد منهم إلا ان فتحي هو الأميز بشوش الوجه سريع البديهة محب الجميع والجميع يحبه ويشهد له بأدبه وأخلاقه وحنانه المُفرط وأدبه الجم ومنذ ما يقرب من أربع أعوام إنخرط في العمل العام فإنضم لحزب حماة الوطن وأصبح عن جدارة أمين الشباب وعضوًا لمجلس إدارة مركز شباب زفتي ويكسب حب وود وإحترام جميع من عاملوه علي المستوي الشخصي وفي العمل العام والسياسي ويصبح أكثر أسماء الشباب بريقًا داخل المدينة ليأتي الموت فجأة ويغيبه ويخطف منا هادم اللاذات ومُفرق الجماعات زينة شباب جمهورية زفتي بمحافظة الغربية.
فتحي محمد فوزي فودة، والذي أسماه أباه علي أسم الغالي فتحي فوزي فودة الشقيق الأصغر له والصديق العزيز مدير عام العلاقات العامة والإعلام بوزارة الكهرباء، شاب لم أراه مُطلقًا ينطق السوء أو يجهر بالفُحش أو القبح كان يناديني بـ الكابتن حسام أو أبو تقي وكلاهما بقرون بلقب الغالي لم أسمع عنه ولا منه إلا كل خير وفي مساء الجمعة الماضية ودون أي مقدمات وصلني مكالمة تخبرني أن الموت قد زار بيت محمد فوزي فودة وإختار أجمل وأنضدر ما فيه حبيبي فتحي توفي فتحي بأزمة قلبية مفاجئة تاركًا الألم يعصر قلب كل محبيه فكل من عامله كان من محبيه، ويقرر والده الدفن ليلًا ليدخل قبره في تمام الساعة الثانية عشر وخمسة وأربعون دقيقة من صباح السبت الماضي الموافق 25 من فبراير المنقضي، وتودعه جموع من الناس من الرجال والسيدات حتي والأطفال في مشهد يُبكي القلوب والعقول وفي صبر وثبات لوالده ووالدته وزوجته وأشقائه أسأل الله أن يثبتهم عليه وأن يعينهم علي القادم وأن يبارك في أبنائه محمد وياسين ويامن أكبرهم بالصف الثالث الإبتدائي، جاءت مصيبة الموت لتحرمهم أباهم نسأل الله أن يحفظهم بحفظه ويشملهم برعايته وأن يجعلهم في كنفه سبحانه وأن يرزق والدهم الأبن والأخ والصديق فتحي فودة الفردوس الأعلي بفضله وكرمه ومنته إن شاء الله.
خالص عزائي لحبيبي وحبيب الكل محمد فوزي فودة ولشقيقه فتحي فوزي فودة وللأخوة والأبناء فوزي وأحمد وأمينة وأسماء وللغالية الست أم فوزي، ولكل آل فودة بزفتي والقاهرة وعلي رأسهم الأخ والصديق العزيز الكاتب الصحفي والإعلامي محمد محمد فودة، وأسأل الله أن يجعلها آخر الأحزان وأن يعوضهم الخير كله وأن يعوض الفقيد الغالي الجنة بفضله ورحمته، وأبشرهم فالله يُحب الطيبين ويتجلى رضاه عنهم في وضع حبهه في قلوب الناس ووضْعِ القبول لهم في الأرض وكلنا يشعرُ في قرارة نفسه أن الله رضيَ عن فتحي محمد فودة، ورزقَه من حب الناس أعلى منازل.
نعم الموت هو الحقيقة الجلية فى حياتنا وهو مهلك العباد وموحش البلاد وميتم الأولاد ومُذل الجبابرة الشداد، لا يعرف الصغير ولا يميز بين وضيع وعظيم، فسيف الموت مُسلط على رقاب العباد، ورماحه على صدورهم مشروعة، وسهامه لا تطيش عن المقصود ولقد وصف الله تبارك وتعالى الموت فى كتابه بالمصيبة كما قال "إذا أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِى الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ" نعم الموت مصيبة ولكنه شرع الله الذى أصاب من قبلنا الأنبياء والمرسلين والأولياء المتقين والمقربين، فلن ينجو منه أحد من المخلوقات جميعًا وكما قال القائل "الموت كأس وكل الناس شاربه والقبر باب وكل الناس داخله"، ولكن عزيزى القارئ أتعلم ما المصيبة الأعظم؟ المصيبة الأعظم من مصيبة الموت هى الغفلة عن الموت ونسيانه وعدم العمل من أجل يومه وما بعده، نعم المصيبة الأكبر هى عدم تذكر الموت وعدم الاستعداد للموت، موت الأحبة مدمٍ للقلوب نعم ولكنه أبلغ مواعظه تلين القلوب القاسية وتقظ الضمائر من سباتها وتدعو إلى المحاسبة وتذكرنا بهادم اللذات، جميعنا غفلنا عن الموت وسكراته والقبر وظلماته والسؤال وشدته ويوم القيامة وكرباته والصراط وحدته، فقست القلوب وظهر الفساد وتمسكنا وتعلقنا بالدنيا رغم يقيننا فى الرحيل، تخيل أنك أنت من كنت مكان الغالى الذى رحل تخيل نفسك على فراش الموت تعانى سكرات الموت، وتخيل ممشاك إلى القبر، وتخيل مبيتك فيه وحيدًا فى حفرة ضيقة مظلمة مغلقة محكمة، تخيل أول ليلة تبيتها وأول نزلة تنزلها وأول سؤال تسمعه فى القبر فهل أنت مستعد للإجابة؟! وتخيل حالك وكيف ستكون وقتها عند هذا الخطب الأفظع والأمر الأشنع والحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأجلب للكربات أليس هذا هو الأمر الأعظم والخطب الأجسم، إنه كأس الموت وهو حكم الحى الذى لا يموت تبارك وتعالى، شربه من سبقونا وهو ينتظرنا لنشربه ونتجرعه حتى نهايته لا مفر من شربه وتجرعه والارتواء به، فلا أجد أى شيء يشغلنا عنه وعن الاستعداد له، علينا التأهب والاستعداد لهذا اليوم الأهم من كل الأيام كفانا جميعًا تسويفًا للتوبة والعودة إلى الله…. الوداع يا فتحي يا حبيب الكل