تسيطر حالة من السلبية علي الكثيرين منا خلال الفترة الحالية خاصة مع ما فرضته الحالة الإقتصادية خلال الأزمة الإقتصادية التي تجتاح العالم وعاش أصحاب الدخل المتوسط والذين طُحنت طبقتهم مع إرتفاع الأسعار، في جو عام مملوء بالإحباط ووجدنا بعض الناس وقد مروا بحالة من فقدان السيطرة على المشاعر وسادت التصرفات السلبية واللامبالاة في تابعيات ربما قد تفوق في سلبيتها إنهيار الإقتصاد العالمي نفسه، ورغم ان الازمة التي مرت وبالعالم كله ومازالت أثبتت ان التكاتف والتعاون والإيثار مع التحلي بالصبر والإرادة القوية والإثار هو ما يسرع بالخروج من هذه الأزمة منتصرين، إلا أن بعضنا إما عن جهل أو لا مبالاة تعامل مع الأزمة بسلبية واستهتار وضخ السلبية ووزعها فيما بيننا بل وراح يروج لأفكار وأخبار وتحليلات ونتائج من وحي خياله لا شئ إلا لأنه أصيب بحالة من الاحباط بسبب أو بآخر وجاهد نفسه وجاهدنا لكي يفرض علينا فكره المُحبط، وراح يجلد نفسه ومجتمعه بلا رحمة وكأنه قاضٍ وجلاد يُحاكم نفسه ومجتمعه بأقسي العقوبات دون رحمة، منتقدًا الوضع الإقتصادي رافضًا حتي سماع أبسط الحلول ورافضًا فكرة الترشيد أو التقنين.
و"جلد الذات" مصطلح نفسى يعني المبالغة فى انتقاد الشخص لذاته ولومه لنفسه وتأنيبه لها لارتكابه سلوكيات خاطئة وهذا النوع من الناس يحملون أنفسهم ما لا طاقة لهم به عن طريق انتقادهم لأنفسهم و لذاتهم وهذا اللوم يكون من أهم أسباب شعور الشخص بعدم الثقة بالنفس، والتقليل من قدراته أمام نفسه فيُصدر الفشل الذي حدث اه الواجهة بينما تتوارى النجاحات التى غالبًا ما تكون صورتها باهتة وضعيفة وغير واضحة فى ذهنه، ويبدأ في تصدير سلبيته للآخرين، وهناك فرق كبير بين مفهوم جلد الذات ومراقبة وتأنيب الذات فجلد الذات يعدُّ من الأمور السلبية حيث يتم التعامل مع الذات بطريقة تُعدِم قيمتها وينتج عنه انعدام الثقة بالنفس أمَّا مراقبة الذات ومحسبتها على الأخطاء فهذا أمر يُعد إيجابيًا وذلك مع عدم الغُلوِّ في التأنيب مع العلم أنَّه بين جلد وتأنيب الذات شعرة ويجب التفرقة بينهما.
ولكن يجب علينا جميعًا أن ندرك في حلكة الظلام تبقى المشاعر الإنسانية مصباحًا منيرًا وشعاعًا من الأمل وأن كل شخص مهم بالنسبة لنفسه ولمن يحيط به، فما أعظم اهميتك لوالديك وعائلتك وأبنائك ومجتمعك بل ووطنك، فلا تكن عنصرًا سلبيًا محبطًا، كن عنصرًا فاعلاً إيجابيًا في كل تصرفاتك، فالإيجابيون يشعرون بقيمتهم وأهميتهم ويتصرفون بنجاح على هذا الأساس، فها هو نبي العالمين في أحلك الظروف حين هاجر من مكة إلي المدينة يقول لصاحبه كما اخبرنا الله تعالي"لا تحزن إن الله معنا"، وكذلك قوله "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة"، ولذا وجب علينا أن نكون إيجابيين، ونسعد الآخرين ونحمي وطننا، وننظر إلى المستقبل بتفاؤل وأمل ونتطلع نحو الأفضل.
نعم الظروف الصعبة التي مرت بنا ومازالت كانت من أصعب ما مر علي أغلبنا في العصر الحديث عقب تبعيات فيروس كورونا -والي كان الأبشع علي الإطلاق- ولكن حال العالم اجمع وعلينا بدلًا من الصريخ والولولة والبكاء علي مافات القيام بأعمال إيجابية نحو ذاتنا ومجتمعنا، وأن نمارس ونفرض جو من السعادة والفرح والمرح، علي اسرنا ومجتمعاتنا ونُحسن علاقتنا مع من حولنا، محافظين علي صحتنا وصحتهم النفسية قبل الجسدية نرتقي ويرتقون معنا للأفضل لما فيه مصلحة وصلاح الجميع، علينا وواجبنا ان نرسم ابتسامة ونمسح دمعة ونخفف ألآمًا تسببنا جنيعًا بسلبيتها فيها فالغد ينتظرنا، والتاريخ لن يرحم من تسبب في تصدير الاحباط لهذا الشعب العظيم،
فالإيجابية نعمة من الله عز وجل على الإنسان، من تمسك بها حصل على الخير والسعادة والتفاؤل والنجاح، فالإنسان الذي تنعدم من حياته الإيجابية تصبح حياته سلبية، وهو ما يعني انها ستكون مليئة بالهم والحزن والاكتئاب، ورغم اي محن وتحديات يجب أن تكون نظرتنا للحياة إيجابية، وربما يتطلب الامر تغيير طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا وذلك مع خبرات الظروف والمواقف، وألا نترك انفسنا وأهلينا والمقرببن للخوف والقلق ونردد دائمًا كلمات إيجابية بيننا وبين أنفسنا لكي نصدرها لمن حولنا فنقوم بالتوجيه لنا ولغيرنا بإيجابية فنحول حياتنا وحياتهم من السلبية إلى الإيجابية.
لذلك مطلوب منا تقدير الذات وتعزيز موقفها ضد كل واي شئ، والتوقف الفوري عن جلد الذات واتهامها بالتقصير ومحاربة الشعور السلبي من نقص او عجز والكف النظرة السوداوية التي تجعلنا نري السلبيات دون أي إيجابيات وان قلت او كثرت فعلينا ابرازها لان الإيجابيات هي احد اهم مسببات استمرار الحياة، حتي وإن وجد قصور واقعي في القدرات والإنجازات، فيجب استثمار الطاقات المكتسبة من اي إنجاز ولو كان صغيرًا، فتقدير الذات استثمار، يرفع قدراتها ويزيد مكتسباتها ويعزز إيجابيتها ويُعظم الاهداف والطموح ويبني شخصية قادرة علي العطاء، فقليلًا من التفاؤل المدعوم بالايمان بالله ثم بقدراتنا هو الطريق نحو السعادة، ولنكن علي ثقة بالله أن الابتلاءات في ظاهرها تكون بواطنها مُحملة بالخير والرحمة ولكن تغفل عقولنا عن الإدراك، فلتكن قلوبنا على يقين بذلك ثقة في الله تبارك وتعالي.
اري انه علينا تغيير طريقة تفكيرنا، ونظرتنا للأمور والمتغيرات من حولنا، فالأفكار التي يحملها الإنسان عن نفسه ومن حوله تنعكس على حياته وحياتهم وبيئته وبيئتهم وقدرات جميع افراد المجتمع على التأمل والتخيل وتغيير الواقع والعمل بإيجابية وتوقع الأمور الإيجابية، علينا فورًا الكف عن معاقبة انفسنا علي تقصيرنا نعم لابد من ان نُحاسب أنفسنا ولكن لا نفرط في ما يسمي بجلد الذات فيكفي الاعتراف بالخطأ والتعهد بعدم تكراره والعمل والجد والاجتهاد علي عدم الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري، وكذلك علينا التوقف عن اساليب الجلد لاولادنا واسرنا التي قد تصل أحيانًا لـ"المعايرة"، ما يُكسب اسرنا تلك النظرة السوداوية للامور ويسهم في نشر الطرق السلبية في التعامل مع الامور، ورغم ان المعاتبة علي الخطأ وربما المعاقبة واجبة، إلا ان تناسي الامر والنظر في ايجابية ما فيه او حتي البحث عن إيجابية لشئ آخر والحديث عنه يسهم في تحقيق الأهداف والطموحات وتسود الايجابية وروح التسامح والمحبة بين افراد الاسرة والمجتمع وتختفي مظاهر القلق الضغط العصبي وما يصاحبها من مشاعر سلبية ودعونا نتعامل مع الخطأ بحديث النبي "كل بني آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون".
فيجب التركيز على المساندة الاجتماعية لأولادنا ومرؤسينا وطلابنا وبجوانبها كافة لما تلعبه من دور في تعزيز المزاج الإيجابي، وتحسين الصحة النفسية، وتساعد الفرد على مواجهة أحداث الحياة الضاغطة بشكل إيجابي، وتعمل على اشباع حاجات الانتماء والاندماج والاحترام، وزيادة تقدير الذات والثقة بالنفس، فالتمادي في جلد الذات وتصدير هذا الشعور والتصرف ينعكس سلبًا على تقديرنا لانفسنا، ويشعرنا بالحزن واليأس لسلبه منا ثقتنا بأنفسنا ويفقدنا الاهتمام بالعمل ويشعرنا اننا غير قادرين على تخطي اي أزمة لذلك وجب علينا مواجهة هذه الضغوط بالأمل والتفاؤل والتوقف الفوري عن جلد انفسنا واسرنا ووطننا فلنعيش بإيجابية ونراقب ونُأنب ونعاتب أنفسنا ونبتعد عن جلد الذات.