لا أجامل إذا قلت إن الدولة المصرية تعيش حالة من الاستقرار وتتخذ من الإجراءات الصحيحة لامتصاص واحتواء تداعيات الأزمة العالمية.. وقد شاءت الأقدار أن تهب رياح تداعيات الحرب «الروسية- الأوكرانية» بعد تعافى الاقتصاد المصرى من أوجاع الفوضى والانفلات والانهيار.. ونجحت إنجازات ونجاحات 8 سنوات فى إكساب الاقتصاد المصرى القدرة على مقاومة الأزمات والصدمات، والقدرة على توفير وتلبية احتياجات المواطنين.
والحقيقة أن الحديث عن زيادة الأسعار لدى بعض النخب وليس المواطن العادى فيه مزايدات وعدم فهم ووعى وإدراك للتداعيات التى جاءت بفعل الحرب الروسية- الأوكرانية وما يشهده العالم من ويلات وأزمات.. والمفترض أن حالة الفهم والوعى تتيح للمتحدث أن يلتمس الأعذار للمسئولين، بل ويشيد بما تعيشه الدولة من توافر السلع والاحتياجات فى الأسواق دون حدود أو قيود، فالمواطن يذهب ليشترى ما يشاء بعكس دول كبرى متقدمة تعانى من حالة نقص وعجز فى السلع الأساسية. نعم هناك تحريك للأسعار بفعل تداعيات الأزمة العالمية، لكن السؤال، هل ما يحصل عليه المواطن هو السعر الحقيقى للسلعة؟ قولاً واحداً لا، فالدولة قررت منذ بداية الحرب الروسية- الأوكرانية وأعلنت ذلك أنها تتحمل الجزء الأكبر من ارتفاع السعر.. ولذلك يجب التأكيد أن العامل الضاغط على الدولة أو الحكومة لتحريك الأسعار هو تداعيات الأزمة العالمية وارتفاع تكاليف الإنتاج ومستلزماته ومكوناته، وأيضاً ارتفاع أسعار الطاقة، وأن المعروض عالمياً أقل من المطلوب بسبب تعطل سلاسل الإمداد والتوريد وهو ما أحدث خللاً كبيراً فى الأسواق العالمية. دعونا نعترف بشىء مهم للغاية، أنه لولا جهود وإنجازات ونجاحات الدولة فى جميع القطاعات والمجالات وفى القلب منها المشروعات القومية العملاقة فى مجال الأمن الغذائى سواء الزراعة أو الثروة الحيوانية أو مزارع الأسماك أو الصوب الزراعية والدواجن والألبان لواجهت مصر صعوبات كارثية فى مواجهة أزمة عالمية طاحنة نالت كثيراً من دول العالم المتقدم. منذ اليوم الأول لنشوب الحرب الروسية- الأوكرانية، ووجود أزمة عالمية بسبب تداعياتها خصصت الدولة 130 مليار جنيه لاحتواء الآثار السلبية للأزمة العالمية وتخفيف الأعباء والمعاناة عن المواطنين رغم أن الإنجاز والبطولة فى هذه الفترة ليس زيادة أو نقص الأسعار ولكن فى توفير السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين وتمكينهم من الحصول عليها فى ظل حالة النقص والعجز العالمية، فى المعروض والمتاح.. لكن ورغم ذلك تسعى الدولة بكافة الوسائل لكبح جماح زيادة الأسعار بزيادة المعروض منها أو دعمها أو توفير البدائل الأقل سعراً والأكثر جودة أو الدعم المباشر لبعض السلع، والحفاظ على دعمها للفئات الأكثر احتياجاً.
أتذكر قول الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حوار قبل سنوات مع رؤساء تحرير الصحف القومية بأن مصر تستورد 65٪ من احتياجاتها بما يعنى أن ثلثى احتياجات المصريين تعتمد فى توفيرها على الاستيراد، وفى اعتقادى أن هذا السبب كان الدافع الرئيسى والأساسى لحالة السباق مع الزمن فى تنفيذ وإنجاز عشرات المشروعات القومية العملاقة فى مجال الأمن الغذائى سواء من خلال التوسع الزراعى الرأسى والأفقى بإضافة 6 ملايين فدان للرقعة الزراعية، والتصدى لظاهرة التعديات على الأراضى الزراعية أو زيادة إنتاجية الفدان، والتوسع فى الصوب الزراعية لتكون مجالاً للتوسع.. لذلك المشروع القومى فى هذا المجال على حد علمى يضم 100 ألف صوبة زراعية تعادل فى إنتاجها مليون فدان من الزراعة الطبيعية بالإضافة إلى المشروعات العملاقة فى مجالات الثروة السمكية والحيوانية والدواجن لذلك لا أبالغ إذا قلت إن احتياجات المواطن المصرى من الخضراوات والمحاصيل والفواكه متوافرة وبأسعار ما قبل الأزمة، فعلى سبيل المثال وبالسؤال عن أسعار الخضراوات والفاكهة وجدت الآتى : إن البصل من جنيهين ونصف الجنيه إلى 3 جنيهات للكيلو والبطيخ الآن وصل من 15 إلى ٢٠ جنيهاً للواحدة والبطاطس من 3 إلى 4 والخوخ من 6 إلى 7 جنيهات والمشمش قبل أن يقارب على الاختفاء من 8 إلى 9 والطماطم من 2 إلى أربع جنيهات، إذن كل الخضراوات والفواكه متوافرة وبكثرة فى الأسواق وعلى حسب ما قيل لى ممن لهم دراية بهذا المجال إنها أرخص بنسبة 30٪ عن العام الماضى.
بعض الخطابات الإعلامية فى مصر عن زيادة أو ارتفاع الأسعار، أحاديث عرجاء تعانى من غياب الفهم والوعى وعدم الموضوعية وتتجاهل أسباب وتحديات وتداعيات وجهود على مدار الساعة لتخفيف تداعيات وحدة الأزمة العالمية على المواطن، تتشدق هذه الخطابات وتتاجر وتدغدغ مشاعر الناس، وكأنها أكثر حرصاً من الدولة على شعبها وكان لابد لهذه الخطابات الإعلامية أن تنظر بعين الموضوعية أو حتى الثقافة العامة والمتابعة للأحداث والأزمات العالمية، وكان يجب أن تتحرك أو تنطلق فى تناولها لقضية الأسعار من الآتى: أولاً: التعريف والوعى والشرح لتداعيات الأزمة العالمية، والآثار السلبية التى خلفتها الحرب الروسية- الأوكرانية على دول العالم خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار فى العالم، وأنه أزمة نالت من الجميع.. وتأثيراتها تنعكس على حياة الشعوب فى الدول المتقدمة والنامية.. وشرح ما هى هذه التداعيات ومن أين جاءت ولماذا تؤدى إلى رفع معدلات التضخم والأسعار؟ ثانياً: من المهم أيضاً أن يتناول الإعلام إجراءات وجهود الدولة.. وشرحاً وتفسيراً للوضع فيها، وما علاقة ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية بتخفيف تداعيات الأزمة العالمية، وما السلع التى تستوردها من مصر وتعتمد فى جزء منها على الخارج، وكيف تتحمل الدولة جزءاً من زيادة الأسعار تخفيفاً عن المواطن.. بدلا من اللطم على الخدود وشق الجيوب والنواح، والمتاجرة بالأسعار لكسب بطولات زائفة… وللحديث بقية.