◄الاتفاق يسهم فى ضمان تحصيل الدولة الضرائب المستحقة على شركات الاقتصاد الرقمى متعددة الجنسيات
◄تحسين نظام التحصيل الضريبى فى مصر يمكن أن يساعد فى تخفيض عجز الموازنة
◄زيادة الموارد المتاحة للحكومة للإنفاق على الخدمات العامة والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية
◄اتفاق عالمى لفرض حد أدنى من الضرائب على الشركات الكبرى فى سابقة تاريخية
◄136 دولة دعمت الاتفاق ولم تنضم إليه بعد كلٍ من كينيا ونيجيريا وباكستان وسريلانكا
◄الاتفاق يغطى 90% من الاقتصاد العالمى وسيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار كعائدات جديدة سنويا
من بين الأنشطة المهمة التى تستحق التوقف أمامها وإمعان النظر فيها بشكل دقيق وإلقاء الضوء عليها هذا اللقاء الثنائى الذى عقده الدكتور محمد معيط وزير المالية، مع منال كورين مدير مركز السياسة الضريبية والإدارة بمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وذلك على هامش مشاركتهما فى الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، بمدينة الرباط بالمملكة المغربية.
فحسب تصريحات إعلامية أعرب د.محمد معيط عن تقديره لجهود منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، فى معالجة التحديات الضريبية الناتجة عن الاقتصاد الرقمى، والحفاظ على الحقوق الضريبية للشعوب، التى أثمرت عن اتفاق عالمى للضرائب، يُسهم فى ضمان تحصيل الدولة الضرائب المستحقة على شركات الاقتصاد الرقمى متعددة الجنسيات وأكثرها ربحية فى العالم، بما فى ذلك الشركات التى تعمل فقط من خلال المنصات الإلكترونية دون وجود كيان قانونى لها داخل مصر.
وحسب تلك التصريحات فإن هذا الاتفاق العالمى للضرائب يعد بمثابة اتفاق دولى يهدف إلى منع التهرب الضريبى وتقليل الفرص المتاحة للشركات والأفراد للتهرب من دفع الضرائب.
وهنا فإننى أتوقف أمام فوائد هذا الاتفاق بالنسبة لمصر حيث تتمثل هذه الفوائد فى عدة جوانب منها: مكافحة التهرب الضريبى خاصة أن هذا الاتفاق يقوم بوضع آليات واضحة لمنع الشركات والأفراد من التهرب من دفع الضرائب عن طريق نقل رأس المال إلى الدول التى تفتقر إلى نظم ضريبية صارمة.
هذا إلى جانب قيامه بتوفير موارد إضافية للدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء حيث تمثل الشركات العالمية جزءًا كبيرًا من اقتصادات الدول المتقدمة والنامية. كما يحصل هذا الاتفاق على موارد إضافية عن طريق تضييق الفجوة الضريبية التى كانت تعيق حفظ الأموال فى الدول التى تحتاجها الشركات وزيادة التدفقات المالية: حيث يساهم الاتفاق العالمى للضرائب فى زيادة تدفق الاستثمارات ورأس المال إلى الدول وهو يخلق جوًا من الثقة بين الدول، ويتيح للشركات والأفراد الوصول إلى أسواق واعدة وتبادل التجارة بشكل أكثر شفافية.. وبالنسبة للتعاون الدولى فإن هذا الاتفاق ينتج عنه زيادة التعاون فى مجالات مختلفة حيث يعمل على الحد من الاحتكار والممارسات التجارية غير النزيهة، ويساهم فى تبادل المعلومات وتقديم الدعم لمكافحة الجرائم المالية والمصرفية .
فضلاً عن ذلك فإن الاتفاق العالمى للضرائب يعد فرصة لمصر لتحسين نظمها الضريبية وتوفير موارد إضافية، بالإضافة إلى زيادة التعاون الدولى والتدفقات المالية. وبالتالى، فإن الاتفاق يعتبر حلًا ضروريًا لتحديات تهديد النظم الضريبية فى العالم.
ومن المتوقع أن تترجم فوائد الاتفاق إلى تحسين الاقتصاد المصرى وزيادة الاستقرار والنمو الاقتصادى.. كما أن تحسين نظام التحصيل الضريبى فى مصر يمكن أن يساعد فى تخفيض عجز الموازنة وزيادة الموارد المتاحة للحكومة للإنفاق على الخدمات العامة والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية. خلاصة القول فإن الاتفاق العالمى للضرائب بمثابة جهد دولى ينتح عنه العديد من المميزات الأخرى والتى من أهمها أنه يهدف إلى تحقيق النزاهة الضريبية عن طريق توفير أدوات فعالة لمنع التهرب الضريبى وتوفير معلومات شفافة حول الدخل والضرائب المدفوعة، وذلك لضمان تحصيل الضريبة بشكل كامل وتقليل الفرص التى تتيحها الشركات والأفراد للتهرب من دفع الضرائب. إلى جانب القيام بتوفير الإيرادات: حيث يساعد هذا الاتفاق على توفير إيرادات إضافية للحكومات من خلال زيادة عائدات الضرائب المحصلة، مما يمكن الحكومات من تمويل خدماتها العامة ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأيضاً تعزيز التعاون الدولى: حيث يعمل الاتفاق على تعزيز التعاون الدولى والتنسيق بين الدول لتبادل المعلومات وتبسيط الإجراءات الضريبية، مما يؤدى إلى زيادة الثقة بين الدول وتعزيز الاقتصاد العالمى وبالنسبة لتحسين مناخ الأعمال فإن هذا الاتفاق يسهم فى تحسين مناخ الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات والشركات إلى الدول، حيث يعمل على توفير معالجة موحدة للضرائب فى جميع الدول الموقعة على الاتفاق، مما يزيد من الشفافية والأمان للمستثمرين ، إلى جانب المساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة: حيث يعمل الاتفاق العالمى للضرائب على تحقيق التنمية المستدامة من خلال تخفيض الفوارق الاقتصادية بين الدول، وزيادة فرص العمل والنمو الاقتصادى المستدام.
وقد أعلنت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية التوصل لاتفاق عالمى لضمان دفع الشركات الكبرى حدا أدنى من الضرائب يبلغ 15%، مما يمنع هذه الشركات من تجنب الدفع.. وأضافت المنظمة أن 136 دولة وافقت على هذا الاتفاق، ووصف الرئيس الأمريكى جو بايدن الاتفاق بأنه أساس لتكافؤ الفرص.
ويهدف الاتفاق العالمى غير المسبوق إلى إنهاء سباق مستمر منذ 4 عقود بين حكومات سعت لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل، وذلك عن طريق خفض الضرائب بشدة للشركات متعددة الجنسيات، مما سمح لتلك الشركات باختيار أقل نسب ضرائب متاحة.
والمفاوضات لإبرام هذا الاتفاق جارية منذ 4 سنوات، لكنها تحولت لتجرى عبر الإنترنت خلال الجائحة، وقد حظيت هذه المفاوضات فى الأشهر الأخيرة بدعم من الرئيس الأمريكى.. الذى قال: "لأول مرة فى التاريخ نؤسس لحد أدنى عالمى وقوى للضرائب سيؤدى لتكافؤ الفرص أخيرا بين العمال الأمريكيين، ودافعى الضرائب وباقى العالم"، وأضاف بايدن الذى ساند الفكرة بقوة" "على مدى عقود، دفع العمال الأمريكيون ودافعو الضرائب ثمن نظام ضريبى كافأ الشركات متعددة الجنسيات على نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج".
ويهدف الاتفاق إلى منع الشركات الكبيرة من جنى الأرباح فى دول تنخفض فيها الضرائب مثل أيرلندا، بغض النظر عن مكان وجود قاعدة عملائها، وهى مشكلة أصبحت أكبر وأكثر إلحاحا مع ظهور شركات التكنولوجيا العملاقة، والتى يمكنها تنفيذ الأعمال بسهولة عبر الحدود مثل جوجل وفيسبوك وأمازون.
ومن بين 140 دولة مشاركة فى المفاوضات، دعمت 136 الاتفاق، ولم تنضم إليه بعد كل من كينيا ونيجيريا وباكستان وسريلانكا. وقالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، التى قادت المفاوضات، إن الاتفاق سيغطى 90% من الاقتصاد العالمى، وإنه سيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار كعائدات جديدة سنويا.
وقال وزير المالية الألمانى: "بالاتفاق نكون قد خطونا خطوة مهمة أخرى فى طريق العدالة الضريبية"، كما أشاد وزير المالية البريطانى بالاتفاق قائلا "أصبح أمامنا الآن طريق واضح المعالم لنظام ضريبى أكثر عدلا، بحيث يدفع اللاعبون الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل فى أى مكان يعملون فيه".. وقال وزير المالية الفرنسى إن الاتفاق سيضمن أن عمالقة القطاع الرقمى سيدفعون قسما عادلا من الضرائب فى الدول التى يحصلون فيها على دخل، ووصفت وزيرة الخزانة (المالية) الأمريكية التوصل إلى الاتفاق بأنه "إنجاز يتحقق مرة فى الجيل للدبلوماسية الاقتصادية".
وقبل أن يجف حبر الاتفاق، أبدت بعض الدول قلقها من تنفيذه، إذ طالبت وزارة المالية السويسرية فى بيان بأخذ مصالح الاقتصادات الصغيرة فى الاعتبار، وقالت إن تاريخ تنفيذ الاتفاق فى 2023 ليس ممكنا.
خلاصة القول فإن الاتفاق العالمى للضرائب يمثل نقلة نوعية فى مجال النزاهة الضريبية وتعزيز التعاون الدولى بشأن ضرائب الشركات والأفراد ، ومن المتوقع أن يؤدى ذلك إلى تحقيق فوائد كبيرة لجميع الدول الموقعة على الاتفاق.